أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سلامة كيلة - من أجل المقاومة العراقية الشاملة- 3 - الحركة الشيوعية و مشكلات الإحتلال















المزيد.....

من أجل المقاومة العراقية الشاملة- 3 - الحركة الشيوعية و مشكلات الإحتلال


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 894 - 2004 / 7 / 14 - 07:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


وضع العراق الراهن يفرض التساؤل حول موقف الحركة الشيوعية و حول دورها. و لاشك في أن الحركة تعرَّضت لحملة تصفية شرسة من قبل النظام السابق، الأمر الذي دفع معظم كادرها إلى التشرّد في المنافي، مما جعلها تعمل –في الغالب- من الخارج، مع تواصل محدود بالداخل. و لقد كانت ضد الحرب الإمبريالية على العراق، و عادت بعد الإحتلال، حيث شارك الحزب الشيوعي في " مجلس الحكم" ( عبر تمثيل أمينه العام ضمن الكوتا الشيعية) و في الوزارة، المعينين من قبل سلطات الإحتلال. و تراوحت مواقف الأحزاب الشيوعية الأخرى بين رفض الإحتلال و الدعوة إلى مقاومته ( الحزب الشيوعي- القيادة المركزية)، و بين رفضه لكن مع التركيز على أولويات أخرى تتحدّد في تحقيق النظام الديمقراطي ( إتحاد الشيوعيين)، و تحقيق الثورة الإشتراكية ( الحزب الشيوعي العمالي). و بهذا إختلف الموقف من المقاومة بين الرفض المطلق بإعتبار أنها تمثّل عصابات إرهابية ( الحزب الشيوعي)، و قوى ظلامية ( الحزب الشيوعي العمالي)، و بين تأييدها ( القيادة المركزية).
و أعتقد بأن دوراً مناهضاً للإحتلال كان سيجعل الحركة الشيوعية قوّة حاسمة، و ستكون قيادة نضال حقيقيّ من أجل الإستقلال. لكن تشوُّش الرؤية جعل معظم أطرافها تتخذ مواقف خاطئة، تضرُّ بها و بالشيوعية من جهة، وتسمح لقوى السلطة السابقة أو لقوى ظلامية أن تصبح هي المقاومة، أو تترك فراغاً يعزِّز من النشاط العفوي لقطاعات هامة من قوى المقاومة، الأمر الذي يبقي المقاومة مشتّتة، و بلا برنامج، و بالتالي غير قادرة على أن تصبح مقاومة شعبية شاملة. دور هذه الحركة هو الذي كان سيمنع قوى السلطة السابقة لأن تبدو هي البديل من جديد، لأنها القوّة المقاومة للإحتلال. و سيوحِّد كل قوى المقاومة العفوية، و كذلك سيقطع الطريق على كل القوى الأصولية. و في الوقت نفسه سيفتح الأفق لتطوّر النضال الشعبي بالتوازي مع المقاومة و بما يعزِّز من قدراتها، و من ثمّ من قدرات المقاومة الشعبية الشاملة.
و أعتقد بأن دور الحركة الشيوعية هو الذي سوف يؤسس لمقاومة شاملة، فهي الأقدر على توحيد الطبقات الشعبية و على ربط مواجهة الإحتلال من أجل تحقيق الإستقلال ببرنامج لعراق ديمقراطي يحقِّق مصالح تلك الطبقات، و يفتح الأفق لتحقيق تطوُّر حقيقيّ. لهذا تبدو مناقشة الحركة الشيوعية كمهمة ملحَّة، و ضرورة يفرضها السعي لهزيمة الإحتلال الإمبريالي، من أجل أن تلعب دوراً مقاوماً، و أن تتجاوز " عقد" الماضي و الرؤية و التكتيكات الخاطئة، و تتجاوز الأوهام التي تؤسس لتحديد أهداف ليست من الواقع، و بالتالي تُدخل في مشكلات ضارّة.
إن هزيمة الإحتلال باتت هي المهمة الراهنة، التي يجب أن تُبنى عليها كل المهمات الأخرى، لأن الإحتلال بات أمراً واقعاً، كما بات وجوده هو المؤسس لكل التناقضات الواقعية. و عدم رؤية ذلك سوف يقود إلى الإنطلاق من تناقضات وهمية، أو من تناقضات ثانوية لا يوصل الخوض فيها إلى شيئ، رغم أن الخوض فيها في سياق الخوض في التناقض الأساسي يجعل تأثيرها أجدى. فإذا كان التناقض مع النظام السابق هو الرئيسي بالإستناد إلى طابعه الإستبدادي الشمولي، فإن إنهائه بقوّة إحتلال، باتت هي الحاكمة، يؤسس لتناقض جديد، أي يحوِّل من طبيعة التناقض. لأن الإحتلال هو الذي يوجد الآن مفاعيل التناقضات، لأنه بات الطرف الرئيسي المحدِّد لكل الوضع العراقي ( و العربي و أيضاً العالمي). حيث أنه لا يهدر السيادة فقط، رغم أهمية هذه المسألة، بل أن هدر السيادة يهدف لأن تصبح الدولة الأميركية هي الضابط لكل التكوين العراقي و هي المؤثِّر فيه بما يحقِّق مصالح إحتكاراتها، إنطلاقاً من كونها، 1) قوّة قمع و سيطرة، و 2) قوّة نهب و إستغلال، و 3) قوّة تدمير ليس للبنية الإقتصادية الإجتماعية الموجودة فقط، بل و تدمير لكل إمكانات التطوّر الذي يسمح بإعادة إنتاج المجتمع في وضع مستقرّ، و 4) قوّة توجد الفوضى و عدم الإستقرار.
و هذا ما يجعل السعي لتحقيق الإستقرار و التطوّر يمرّان عبر تحقيق السيادة و إنتصار قوى إجتماعية معنية بتحقيق مصالح الطبقات الشعبية، و بتحقيق النظام الديمقراطي، و بالتالي بفتح مفاعيل التطوّر الداخلي الذي ينمّي القوى المنتجة، التي هي وحدها التي تسمح بتحقيق التطوّر العام، و بتطوير وضع الطبقات الشعبية. لهذا تكون الحاجة إلى بلورة " قطب بديل" مسألة ضرورية لكي يتصاعد التناقض، و من ثمّ يفضي إلى تحقيق حلٍّ " تقدمي". و سنلحظ هنا بأن المفاعيل التي وُجدت مع وجود قوّة الإحتلال هي التي حوّلت تدريجياً من موقف الطبقات الشعبية من الإحتلال، فإذا كانت قد بدت محيَّدة، و ربما مؤيدة لإسقاط النظام السابق لحظة حدوث الإحتلال و بعدها، فقد أصبح رفض الإحتلال في إتّساع متتالٍ ( وكذا نشاط المقاومة) إلى أن بدا الآن و كأن كل الشعب يرفض الإحتلال، و إنْ لم يصبح كله مع المقاومة ( و ربما نتيجة إشكالياتها التي يجب أ، تناقش، و لكن من هذه الإشكاليات أيضاً غياب دور الحركة الشيوعية). هذا التحوّل هو نتاج تبلور التناقض الجديد، حيث سنلحظ الظواهر التي أوجدته و التي تتمثّل في ، 1) إنهيار المستوى المعيشي و تضخُّم البطالة، و بالتالي تصاعد الفقر و الجوع، و 2) الفوضى الشاملة و إفتقاد الخدمات الضرورية الناتجة عن تدمير البنية التحتية، و الفشل في إصلاحها، و 3) الإرهاب و القتل العشوائي الممارس من قِبل قوّات الإحتلال، و 4) النهب المكشوف لإقتصاد العراق عبر ما يسمّى " إعادة إعمار" من قِبل الشركات الأميركية، و السيطرة على النفط و نهب عائداته، و 5) تدمير القوى المنتجة، الصناعية خصوصاً، و بالتالي تقليص الإنتاج القومي و فرص العمل، و هيمنة الطابع الإستيرادي على "الإقتصاد الجديد".
هذه كلها هي أساس تصاعد الرفض الشعبي، و " تمرّد" الطبقات الشعبية و ميلها لمقاومة الإحتلال، رغم أن لقطاعات منها موقف من أ, ملاحظات على المقاومة الراهنة، حيث ليس من السهل أن تقبل بإعادة سلطة سحقتها طيلة عقود و شوّهت بنيتها، و حيث ليس كلها يمكن أن يقبل القوى الأصولية ( لسبب حداثي أو لسبب ديني/ طائفي). و ربما يقبل بعضها المقاومة لأنها فقط مقاومة للإحتلال بغض النظر عن كل ملاحظاته عليها أو رفضه لأفكارها.
و في هذا الوضع ستكون أية قوّة لا تعتبر مقاومة الإحتلال هي المهمة الأولى معرّضة للتهميش و الموت، لأنها ستصبح خارج مفاعيل الصراع الواقعي، و بالتالي عاجزة عن إستقطاب الطبقات الشعبية، المفقرة و المهمّشة و الرافضة و من ثمّ المقاومة، لأنها باتت تعتبر أن الإحتلال هو مصدر أزماتها، الأمر الذي يجعل الفعل المقاوم هو الذي يستقطب نشاطها.
و إذا كان الحزب الشيوعي ( القيادة المركزية) هو الذي يمكن أن يعبِّر عن ذلك، لأنه ضد الإحتلال و مع المقاومة، فإن وضعه الصعب نتيجة الضربات الهائلة التي تعرّض لها منذ سنة 1967 حينما إختطّ طريقاً مقاوماً( بخلاف الحزب الشيوعي الذي أعلن التحالف مع حزب البعث و قرّر أن يبنيا الإشتراكية معاً)، و من ثمّ تشتته خارج العراق منذئذ. فإن وضعه يجعل إمكانات دوره محدودة الآن، لأنه يحتاج لأن يعيد بناء ذاته، و الأهم لأنه لم يطرح تصوّراً للمقاومة بعد، و لم يقدِّم برنامجاً للإستقلال و التغيير، الأمر الذي يحدُّ من فاعليته و لا يجعله مركز إستقطاب للشيوعيين، و للطبقات الشعبية، هذه المسألة التي تفعِّل من دور الشيوعيين في المقاومة و تعطيها طابعاً جديداً. و بالتالي يجب أن يتأسس على رفض الإحتلال برنامج و رؤية تحتاجهما المقاومة.
لكن سياسات الأحزاب الشيوعية الأخرى هي التي تحتاج إلى نقاش و إنتقاد، لأنها تقوم على أساس معاكس ( الحزب الشيوعي)، أو جزئي رغم أن ذلك يُطرح مكلللاً بشعارات كبيرة ( الحزب الشيوعي العمالي)، و من ثمّ تضع كل الحركة الشيوعية على المحكّ. حيث سيكون الوضع إشكالياً حينما يكون النشاط الشعبي العام موجَّه ضد الإحتلال و الحركة الشيوعية إما مشاركة في سلطته و تدين أعمال المقاومة، أو تركِّز على ما هو مطلبي " تحضيراً لتحقيق الإشتراكية".
لقد إنحكم الحزب الشيوعي لمنطقه الأساسي القائم على التكيُّف مع الأمر الواقع، إنطلاقاً من إمكانية " تحسينه" و "تطويره" من داخله. هذا المنطق الذي أسس كل سياساته الخاطئة منذ خمسينات القرن العشرين ( و التي كان قد إنتقدها كلما تحوّل الوضع)، خصوصاً حينما أصبح جزءاً من سلطة البعث ، تأسيساً على إستراتيجية "بناء الإشتراكية معاً". ثم في الخضوع لسياسات الأحزاب الكردية بعد تعرُّضه للملاحقة من قِبل سلطة البعث، ثم رفضه الحرب " الإمبريالية" على العراق و قبوله بنتائجها.
هذه السياسات التي لا ترى التناقضات و ترى فقط الطرف المسيطر فيها ( و هو عادة الطرف الظاهر)، مما يجعلها تسعى لأن " تندمج" فيه على أمل أن يكون ذلك مدخلاً لدور "نقدي" أو " تنويري" أو " معقلن" أو " مرشد"، يتحوّل لأن يصبح دوراً إستشارياً/ تبريرياً. إلا حينما يجري النبذ فتتشدَّد اللهجة و يغلب التطرّف و " الثورجية". و لقد كانت هذه السياسات تفضي إلى تسعير التناقضات الداخلية في الحزب و الإنعزال عن الطبقات الشعبية، و بالتالي التهميش. إن منطلق هذا المنطق هو " موازين القوى" كما بدت في "اللحظة الراهنة" من جهة، و " التناغم" مع الطرف المسيطر إنطلاقاً من أن " الحوار" و " التفاهم" هما أساس العلاقة " الطبقية" و ليس تصعيد التناقض و تطوير الصراع من جهة أخرى. وهنا يقوم المنطق الممارس على ممارسة " لعبة الضغط" من أجل التفاهم، و بالتالي ضبط حركة الصراع الطبقي في حدود " الشدّ و الرخي" من أجل الوصول إلى تفاهمات، لأن المنطق الأساس يقوم على أن دور الحزب الشيوعي هو "التعبير عن مصالح الطبقة العاملة" و ليس تحقيق مطامحها بأن تصبح هي السلطة. لهذا تغيب الإستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق التغيير و تسود إستراتيجية تقوم على الضغط التي سرعان ما تتحوّل إلى إستراتيجية للتكيُّف.
و إذا كان الحزب الشيوعي ضد الحرب الأميركية ( كما أعلن)، فقد ظل يعتبر أن التناقض مع النظام هو التناقض الأساس، الأمر الذي جعله لا ينظر إلى الدولة الأميركية و للأحزاب الملحقة بها على أنها " خط أحمر"، إنطلاقاً من التناقض الأساسي ( و المبدأي) مع الإمبريالية ( و بالتالي مع مصالحها و سياساتها و حروبها)، مما جعل إمكانات " التنسيق" ممكنة، و من ثم المشاركة الفعلية في " مجلس الحكم" و الوزارة، و تركيز السياسات ضد " الإرهاب الصدّامي" و الأصولي، و تعزيز الوجود في مؤسسات الدولة ل" تكريس وجود الحزب" و " التأكيد على عدم تجاهل دوره النضالي ضد النظام الدكتاتوري". وبالتالي فرض تأثيره من خلال الدولة التي يصنعها الإحتلال. إنه هنا لا يرى إمكانية لدوره إلا عبر التكوين السياسي الذي يقيمه الإحتلال، و يرسم نشاطه في حدود السياق الذي يؤسسه الإحتلال من أجل الوصول إلى " الإستقلال"، الأمر الذي يجعل سياسته تقوم على أساس " ترتيب الوضع الداخلي" و " وقف الإرهاب" لأنه يؤخّر من إنسحاب القوّات الأميركية.
سنلحظ هنا إنقلاب الأساس و تحوّل النتيجة سبباً، لأن كل الذي يجري هو نتاج الوجود الأميركي، الأمر الذي يرمي مسألة إنهاء الإحتلال في المجهول، لأن النشاط ضده سوف يتصاعد نتيجة وجوده بالذات،وبالتالي فإن معادلة الصراع سوف تبقى متوترة. لهذا ستبدو المطالبة بإنتهاء الإحتلال ليست على جدول الأعمال، خشية أن يعود " النظام الصدّامي" أو تسيطر القوى الأصولية. و إنطلاقاً من هذه الرؤية سوف تتلاشى المطالبة بإنتهاء الإحتلال و يتصاعد الخوف من " الفلول الصدّامية" و تضخُّم دور الأصولية، مما يجعل الحزب أسير قوّات الإحتلال، و في موقع مضاد لحركة الشعب. فهذه الخشية من عودة النظام السابق سوف تتصاعد كلما تصاعدت المقاومة التي توصم بأنها "إرهاب الفلول الصدّامية"، رغم أنها نتاج الإحتلال ذاته. و سوف تفضي إلى ممارسة سياسات خاطئة مادام الحزب في الموقع المعاكس لتفاعل التناقضات، أي في الموقع المعاكس لتصاعد الرفض الشعبي للإحتلال، الأمر الذي يحوّل الرؤية الخاطئة إلى سياسة تدمِّر الحزب، لأنها تعمِّق من تعلُّقه بالمؤسسات التي يشكِّلها الإحتلال، تلك المؤسسات التي تصبح محطَّ رفض شعبي لأنها أدوات إحتلالية، فالدولة التي تتأسس هي دمية بيد الإحتلال.
و وفق ذلك فإن الحزب يبني وجوده في الهواء، مخالف ل" مزاج" الشعب و مطامحه، و ملحق ب"دولة" يقوم كل الصراع من أجل رفضها و تأسيس دولة العراقيين، الدولة المعبّرة عن مطامح الطبقات الشعبية. و الحزب يفترض أن المشروع الأول، أي مشروع بناء الدولة عبر الإحتلال، يقود إلى المشروع الثاني، أي بناء الدولة المعبِّرة عن مطامح الطبقات الشعبية. لكن التناقضات الواقعية تتفاقم بما يجعل المشروع الأول مضاداً للثاني، و في هذا الوضع يتوه الحزب و يصبح مثلوم الصدقية، و محطّ رفض متزايد.
إن غلبة منطق الأمر الواقع و العجز عن رؤية تحوّل التناقضات، يجعلان الحزب أسير سياسة مدمّرة. فهو في " صف" قوى الإحتلال، والقوى الشعبية لا تجد أمامها في التعبير عن رفضها الإحتلال سوى القوى التي كانت ترفضها و التي أمِلت بتجاوزها، لهذا فإما تنخرط أو تقف متردّدة. و بالتالي فإن فِعل الحزب يمكن أن لا يجعل البعث و الأصولية قدراً مفروضاً على تلك الطبقات، لكن فقط حينما يتحوّل إلى قوّة مقاومة، ليس لأن العراق محتلّ فقط، و لا لأنه ينهب فحسب، بل لأن الحزب يجب أن يعبِّر عن الميل المناهض للرأسمالية، لمصلحة الطبقات الشعبية. و بالتالي يجب أن يطرح على نفسه مهمة تغييرية جوهرية، تجعله في صفّ المقاومة و المعبِّر عن مقاومة شعبية حقيقية.
أما الحزب الشيوعي العمالي فهو ينطلق من ربط دور الحزب الشيوعي بتحقيق الإشتراكية فقط ( و هي علة أي حال فكرة تروتسكي التي تراجع عنها أو شذّبها مستفيداً من أفكار لينين)، لهذا فإن " الثورة" التي يعمل على تحقيقها هي الثورة الإشتراكية الآن، الأمر الذي يجعله يناضل في إطار مطلبي. أما الإستقلال فهو من مهمة الأمم المتحدة التي يجب أن تفرض على الإحتلال الأميركي الإنسحاب، و أن تتسلم هي مهمة نقل السيادة. رغم أن الدولة الأميركية تهمِّش الأمم المتحدة و تعمل خارجها إلا في اللحظات التي تحتاج فيها إلى غطاء ما، مما يجعل إنتظار دورها لتحرير العراق وهماً طويل المدى، و بالتالي لتتحوّل الثورة الإشتراكية لوهمٍ أضخم، لأن كل التناقضات الواقعية لا تؤسس لأن تكون الثورة الإشتراكية ممكنة.
حيث أن هذه التناقضات تفرض أن ينتقل النضال من المطلبي إلى السياسي، و بالتالي أن تكون مقاومة الإحتلال هي نقطة المركز في كل سياسة ثورية، و عبر ذلك و خلاله يمكن الدفاع عن الطبقات الشعبية و النضال معها من أجل تحقيق مطالبها اليومية و الحياتية، و أيضاً تأسيس التكوين السياسي ( الدولة) الذي يضمن هذه المطالب و يطوِّرها.
إذن سيبدو أن الأزمة التاريخية التي تعيشها الحركة الشيوعية لازالت فاعلة، و أنها لازالت تكرِّر سياساتها الخاطئة، و المبنية على رفض أن تلعب دوراً تغييرياً فاعلاً يفرضه الواقع، فتتكيَّف بدل ذلك مع " الأمر الواقع"، لتظلّ مطامحها محدودة، و بالتالي تتهمَّش في الغالب. لقد أقنعت أعضاءها بضرورة ( و حتمية) التحالف مع حزب البعث، ثم مالت لإقناعهم بضرورة " الكفاح المسلح" ضده، و ها هي تقنعهم بأن العمل من ضمن المؤسسات التي تقيمها سلطة الإحتلال هو الساسة " الحكيمة"، رغم أن الخطأ في السياسة الآن هو أكثر إيلاماً من كل الأخطاء السابقة لأنه يتعلق بالموقف من الإحتلال.
يجب أن يلعب الشيوعيون الدور الفاعل ضد الإحتلال، و لاشك في أن المهمة الحاسمة الآن تتمثّل في بلورة برنامج مقاومة جادة، و صياغة تصوّر ضروري لتوحيد نشاط الطبقات الشعبية في سعيها لتحقيق الإستقلال من جديد، و بناء سلطتها المعبِّرة عن مجمل مصالحها، و القائمة على أساس ديمقراطي، و تنطلق من ضرورة تجاوز الرأسمالية و تحقيق التطوُّر المجتمعي. المسألة هنا تتعلق بتغيير الموقع و الدور، عبر تغيير " العقلية" التي تهرب من رؤية الواقع أو تعجز عن ذلك، و بالتالي تهرب من لعب دور تغييري ثوري هو من حاجات الواقع و من نتاجه معاً. الأمر الذي يفرض إعادة صياغة البرنامج و الرؤية إنطلاقاً من رفض الإحتلال و السعي لتأسيس مقاومة مدنية/ عسكرية شاملة.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل المقاومة العراقية الشاملة 2 -3 المقاومة العراقية و ضر ...
- (من أجل المقاومة العراقية الشاملة(1-3 - وضع أميركا في العراق
- الخطاب -الديمقراطي- الأمريكي في -الشرق الأوسط الكبير-
- -g8-ال
- مقدمات الشمولية
- - وعد بوش- و السياسة الأميركية تجاه الصراع العربي الصهيوني
- عفوية الجماهير و دور الحركة السياسية في الوطن العربي
- دراسة الآليات التي تسمح بتحقيق المقاومة والمواجهة
- آفاق الصراع و دور الماركسية بعد حرب الخليج
- التبشير بالخصخصة
- الطبقة العاملة واليسار في عصر العولمة
- اليسار السوري في واقعه الراهن
- مناقشة لفكر ملتبس المادية والمثالية في الماركسية
- المفكر والباحث الفلسطيني سلامة كيلة :المجتمعات المعاصرة تميل ...
- حول مشكلات السلطة والديمقراطية في الأمم التابعة ملاحظات في ص ...
- الاشتراكية أو البربرية
- العراق حدود-الوجود- الأمريكي والاستراتيجية البديلة -1
- نقاش حول العولمة في موضوعات المؤتمر السادس للحزب الشيوعي الس ...
- رحيل الأسد: إطلالة على التغيير المحتمل
- العـولمة آليات إعادة إنتاج النمط الرأسمالي العالمي


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سلامة كيلة - من أجل المقاومة العراقية الشاملة- 3 - الحركة الشيوعية و مشكلات الإحتلال