أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - ماذا عن وحدة اليسار















المزيد.....

ماذا عن وحدة اليسار


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 17:51
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ماذا عن وحدة اليسار؟

طلب إلي الرفيق رزكار عقراوي أن أكتب عن رأيي في دعوى " وحدة اليسار "، وحيث أنني لا أستطيع أن أتقاعس عن تلبية طلب إنسان يشعر دائماً أنه مدين بحياته للإنسانية جمعاء فيوظف كل طاقاته لتسديد هذا الدين الثقيل، فها أناذا أصدع للطلب رغم أنني كنت كتبت كثيراً ومراراً عما يوصف باليسار وعن دعوى وحدته الوهمية.

لا يجوز أن نتعرض لأسانيد وحدة اليسار قبل أن نتعرّف على اليسار نفسه؛ فما هو اليسار؟ نسأل مثل هذا السؤال الغريب، كما قد يبدو، ونحن نرى اليسار أشتاتاً لا لون لها ولا يجمعها جامع. فلو سألنا متفقهاً في علم السياسة أن يدلنا على مدلول اسم "اليسار" لما زاد باعتقادي على أن اليساري هو الناشط السياسي بهدف التغيير نحو مساعدة الأقل حظاً في المجتمع ــ هذا أفضل تعريف يمكن أن يقترحه اليسار في تعريف نفسه.

في مثل هذا التعريف لليسار، وهو الأفضل والأدق، يكمن المرض العضال والداء الأخطر، ألا وهو افتقاد النتيجة المتوخاة والهدف الواضح المحدد لليسارية. أشتات اليساريين يختلفون فيما بينهم حول المساعدة المقترحة للضعفاء وهي هدفهم الوحيد المزعوم. أقول المزعوم لأن ادعاءهم بخدمة الضعفاء لن يخرج من حدود الخطاب الرنان الأجوف إلى التطبيق العملي والفعل على الأرض. اليساريون بأطيافهم المتباينة يؤكدون جميعاً أن التغيير الذي يعملون من أجله يهدف إلى إقامة العدالة الإجتماعية (وليس الاشتراكية!)، أي توزيع الثروة توزيعاً عادلاً على جميع أفراد المجتمع ــ علماً بأن الرأسماليين يدّعون بأن نظامهم الرأسمالي هو الأكثر عدلاً في توزيع الثروة بدعوى أن السوق الحرة هي التي توزع كل الثروة بكاملها وفق قانون القيمة الذي لا يخطئ أبداً. لا يمكن الإدعاء بأي توزيع عادل للثروة دون أن يسبقه، أو يقترن معه، توزيع عادل للسلطة، وهذا من الأمور التي عجز ويعجز عن تحقيقها الإنسان عبر التاريخ. الآلية الوحيدة التي توصل لاستخدامها الإنسان في أفضل توزيع للسلطة هي الانتخابات العامة، حيث ينتخب الشعب نوابه في البرلمان الذي يتولى مطلق الصلاحيات في إدارة شؤون الأمة وتقرير سيروراتها.

الإشكال الذي يكتّف اليسار ويسلبه الروح هو أن الديموقراطية (الليبرالية) المثلى هي أعجز من أن تنتج برلماناً يمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً وكاملاً. ومثالنا على ذلك هو بريطانيا وهي أعرق الديموقراطيات البورجوازية الليبرالية إذ عمر الديموقراطية فيها زهاء عشرة قرون، منذ الماغنا كارتا (Magna Carta) عام 1215. فهل مجلس العموم الذي يمتلك تقرير كل شؤون الأمة يمثل في أحسن حالاته شعوب بريطانيا تمثيلاً حقيقياً وكاملاً؟ الجواب بالطبع هو بالنفي. في أفضل انتخابات عامة في بريطانيا ينتخب 60% ممن يحق لهم الانتخاب ليس أكثر بسبب أن 40% من الناخبين لا ينتخبون نظراً لوثوقهم بأن الإنتخابات لا معنى لها ولن تغير شيئاً. وينقسم الذين انتخبوا عادة إلى ثلاث تيارات ــ يتقاسم الحزبان الكبيران 50%، أي 25% لكل منهما و10% للحزب الثالث. وهكذا فإن الحزب الذي يحصل على 25 أو 26% من أصوات الشعب يغدو الحاكم المطلق محتكراً كل السلطة ويبقى 75% من الأمة بلا أية سلطة. ليتطوع أحد اليساريين لأن يحدد توزيعاً عادلاً للسلطة كي يؤخذ به فيتحقق بذلك توزيع عادل للثروة، وهو وحده ما يؤكد ثلماً للماركسية وتكريساً لليسارية وللديموقراطية البورجوازية من بعد. رب أحدهم يقول بالانتخابات النسبية، ولعل النسبية في هذا السياق تتحقق فقط في توزيع مقاعد البرلمان على الطبقات الاجتماعية بنسبة ما تملك الطبقة من ثروة وعوامل أخرى من عوامل القوة بالعكس تماماً من نسبة أعداد الطبقة. لم يحدث قط عبر التاريخ أن جرى إعادة توزيع الثروة عن طريق الانتخابات وليس أدل على ذلك من أن سقوط حكومات "الإشتراكيين" اليساريين في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا واستبدالها بحكومات يمينية يأتي غالباً بسبب الإضرابات العمالية.

وهكذا فإن طريق اليسار طريق مسدودة وبلا نهاية، وهي حتى بلا نهاية مأمولة أو مقترحة. وعليه فإن السير عليها ليس إلا إضاعة للجهد وللفكر. بل إن اختيارها كمسار سياسي تغييري وإصلاحي إنما هو تضليل لقوى التقدم في المجتمع وخيانة بالتالي للإنسانية وتقدمها على طريق الحضارة والأنسنة. يستحيل أي توزيع "عادل" للسلطة وللثروة بغير "تصفيرهما" أي إلغائهما نهائياً من المجتمع لتنعدم فيه كل السلطات القهرية أو الزجرية، كما تنعدم أيضاً كل قيمة لكل المنتوجات. كذلك هو المجتمع الشيوعي الذي لا تصنعه إلا دولة دكتاتورية البروليتاريا، تلك الدولة التي مقاومتها هي نقطة انطلاق اليساريين بمختلف أشتاتهم، وحتى أنه يمكن تعريف اليساري بأنه ذلك السياسي الذي تتمثل كل سياساته بمقاومة دكتاتورية البروليتاريا. أما سائر دعاواهم الأخرى من مثل مقاومة الاستعمار فهي دعاوى مستلفة من الشيوعيين ومن البورجوازية الوطنية وهؤلاء وأولئك ليسوا من اليساريين على الإطلاق. نعم الشيوعي وحالما يميل إلى اليسار أو اليمين لا يعود شيوعياً؛ الشيوعي هو حصراً وقصراً من يطبق المنهج الماركسي تطبيقا سليماً دون أدنى انحراف، يميناً أو يساراً سواء بسواء.
نعود لنتساءل عن كيف تولدت مفردة "اليسار"، ولماذا يصر اليساريون على وصف أنفسهم باليساريين؟ سبب ذلك كما هو معلوم حتى وبدون إعلانه على الملأ هو أنهم لا يتفقون مع مبدأ أو أكثر من مبادئ الماركسية. تعجبهم في الماركسية مبادئ كثيرة لكن مبدأً أو أكثر يرفضونه رفضاً قاطعا. لربما كان مقبولاً في عصور خلت لكنه باعتقادهم لم يعد مقبولاً في عصر الديموقراطية والتعددية والرأي والرأي الآخر. معلوم أن جميع اعتراضات اليساريين تصب في مواجهة مبدأ دكتاتورية البروليتاريا. يعترضون على مبدأ دكتاتورية البروليتاريا اعتراضاً غبياً حيث أن دكتاتورية البروليتاريا ليست خياراً يستطيع الإنسان أن يتحاشاه أو يقفز عنه، فالتاريخ لا ينتهي إلا به. بدأ التاريخ بالصراع الطبقي، ولا ينتهي الصراع الطبقي إلا بدكتاتورية البروليتاريا. كيف للصراع الطبقي أن ينتهي بغير دكتاتورية البروليتاريا !؟ آخر المجتعات الطبقية التي عرفتها البشرية هو المجتمع الرأسمالي، واليساريون متفقون تماماً على أن التغيير المطلوب لا بدّ أن يبدأ بإسقاط الطبقة الرأسمالية وهو لا يتم إلا بالثورة. وحتى لو تم بغير الثورة كما زعم المرتد الغبي نيكيتا خروشتشوف، فالطبقة الرأسمالية لن تسقط بفعل قوى أخرى غير قوى البروليتاريا التي هي الطبقة النقيض التاريخي لها. يترتب على قوى البروليتاريا، وقد انتظمت في دولة فككت الطبقة الرأسمالية، أن تقضي على كل أشكال الانتاج الفردي البورجوازي الذي هو الرحم الذي تتخلق فيه مختلف الامتيازات الطبقية، ويتمثل مثل هذا الانتاج أخيراً بإنتاج الفلاحين وإنتاج البورجوازية الوضيعة من الخدمات. لا تنحل دولة دكتاتورية البروليتاريا وتتلاشى قبل أن تنهي كل الصراعات بين الناس، البعض ضد البعض الآخر، من أجل توجيه جميع الجهود للصراع ضد الطبيعة وصولاً إلى تحسين مختلف شروط الحياة الأمر الذي لن يستغرق في ظروف السلم الدولي أكثر من ثلاثين عاماً في أكثر البلدان تخلفاً في مناخ التحولات الاشتراكية العالمية مثل ذلك المناخ الذي توفر في العالم قبل وصول المرتد نيكيتا خروشتشوف إلى رأس السلطة في الاتحاد السوفياتي.

اليساريون إذاً هم الذين يعترضون على الماركسية في أحد محاورها الرئيسة وهو بصورة رئيسية محور دكتاتورية البروليتاريا. ومن هنا نستطيع أن نترسم منشأ هذا الوباء المتفشي باسم اليسار. فيما قبل ستينيات القرن الماضي لم يكن لليسار أي قيمة أو فاعلية في عالم السياسة حتى أنه لم يكن له اسم ليذكر. حين كان الصراع الطبقي على أشده في العالم كله كان الشيوعيون الماركسيون هم الذين يحتلون كل الجبهة التي يحتلها اليسار اليوم إذ كان مدلول تعبير اليسار الوحيد هو الشيوعيون. قبل نهاية الخمسيينيات ومع بداية الستينيات طلع علينا نيكيتا خروشتشوف بصيحة تعترض على دكتاتورية البروليتاريا رابطاً دكتاتورية البروليتاريا بدكتاتورية ستالين المزعومة دون أن يشرح لنا هذا النابه، فريد عصره، كيف ميّز بين دكتاتورية الطبقة ودكتاتورية الفرد؛ لا هو ولا أحد أيتامه اليساريين فعل ذلك !! صيحة خروشتشوف تلك لم تكن بسبب غباء خروشتشوف الموصوف فقط، بل كانت أساساً بسبب التكوين النفسي لخروشتشوف كبورجوازي وضيع نشأ وتربى فلاحاً فقيراً، ونضاله في صفوف الحزب الشيوعي طيلة 35 عاماً (1917 ـ 1952) في ظروف صعبة وقاهرة تطلبت تصليب الوحدة بين العمال والفلاحين لم تساعد الكثيرين من قادة الحزب، حزب لينين وستالين، على التطهر من الروح البورجوازية للفلاح. فكان أن انتصر خروشتشوف الفلاح، بوصف البولشفي العريق فياتشسلاف مولوتوف، للفلاحين. فعندما أقر الحزب برنامجاً عاماً للتخلص من طبقة الفلاحين هو برنامج المؤتمر التاسع عشر للحزب 1952 قام خروشتشوف متآمراً مع قيادة الجيش وبعض أزلامه في المكتب السياسي للحزب بانقلاب على النظام في سبتمبر ايلول 1953 وأطاح بمالنكوف الأمين العام للحزب ليلغي برنامج الحزب خلافاً للآصول، ويطبق بالمقابل سياسات تنتصر للفلاحين كما في برنامجه الأضحوكة الشهير باسم " استصلاح الأراضي البكر والبور " عام 1957 والذي بسببه قام بانقلاب عسكري ثانٍ على الحزب، وطرد نصف عدد أعضاء البريزيديوم، وفشل مشروعه فشلاً ذريعاً بالتالي وكشف عن غباء لا يثير السخرية فقط بل والضحك العميق أيضاً أثناء مطالعة تفاصيل المشروع في مذكرات خروشتشوف نفسه.

في الستينيات وامتداداً لانحراف خروشتشوف وشجبه لدكتاتورية البروليتاريا بدأ بالظهور ما يسمى ب " الشيوعية الأوروربية " وهو ما يعني التخلي عن الماركسية بصورة عامة والإقتراب حتى التماس من سياسات ما يسمى بالأحزاب الاشتراكية الديموقراطية الأوروبية والتي سبق لها أن تخلت عن الماركسية في العام 1922 كرد فعل على انتصار البلاشفة الهائل في الحرب ضد أعداء الثورة الاشتراكية في الداخل وفي الخارج عام 1921. من يتخلى عن الماركسية يصبح بصورة آلية يسارياً حيث أن صفة المرتد أو المنحرف وهي الصفة الأدق له من شأنها أن تقضي على مستقبله السياسي. نجاح الطبقة البورجوازية الوضيعة (العسكر والفلاحين) بقيادة نيكيتا خروشتشوف وعصابته في تهديم أعمدة الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي شجّ الحوصلة التي تحوصل فيها خمج البورجوازية الوضيعة داخل الحركة الشيوعية وخاصة بين صفوف قادتها وهم الذين تخلوا عن الماركسية بحجة معارضتهم لدكتاتورية البروليتاريا التي هي في الأساس السمة المميزة للإشتراكية. كل هذا الخمج أعلن عن نفسه يساراً. انتشر في أوروبا الغربية وخاصة بعد التدخل السوفياتي في براغ ثم انتقل إلى آسيا وأفريقيا. وهكذا فإن اليساري هو حقاً ابن خروشتشوف بالمعمودية كما كان ميخائيل غورباتشوف الذي باع ليس الاشتراكية فقط بل والاتحاد السوفياتي بجمهورياته الخمس عشرة براتب تقاعدي مجزٍ وبحراسة دائمة تتكون من جنديين وهو ما مكّنه كبورجوازي وضيع من العمل كوجه إعلاني في إعلانات الوجبات السريعة ومواد التنظيف في ألمانيا. ما نود أن نؤكد عليه في هذا السياق هو أن اليسار الذي لم يكن موجوداً في خمسينيات القرن الماضي أخذ يحتل مساحات متسعة باستمرار بعد الردة الخروشتشوفية (1954 ــ 1964). ومن هنا يمكن القول أن اليساريين هم فعلاً أيتام المرتد خروشتشوف الذي أعلن عن تفكيك دولة دكتاتورية البروليتاريا واستبدلها بدولة هجين سماها "دولة الشعب كله"!! وهي التي تعني حكما دولة البورجوازية الوضيعة، الدولة التي تهدمت في العام 1991 وليس دولة دكتاتورية البروليتاريا التي فككها خروشتشوف في العام 1959 رسمياً. الرجعية ومعها اليسارية تتجاهل هذا التفكيك والاستبدال بغرض النيل من شرف دولة دكتاتورية البروليتاريا.

يتنادى اليساريون بقوة اليوم إلى توحيد أشتاتهم المتباينة، ويعقدون ندوات دولية عديدة ومطولة للوصول إلى أحد الأهداف المشتركة فلا يجدون. لدى الفحص الاكلينكي لحمى الندوات لدى اليسار يتضح أن هذا اليسار يعاني من علتين غير قابلتين للتداوي. أولاهما وهي أن هذا اليسار، وفي غمرة تحرك الشعوب نحو التحرر من حكم العصابات والإمساك بمصائرها بعد السكرة الاستهلاكية المدمرة، يعاني من العزلة الخانقة والانكماش الذي يتهدده بخطر الإنقراض. والعلة الثانية وهي أنه، وهو المفترض فيه أن يكون طليعياً في الفكر السياسي والثوري، يفتقد لأية رؤى سياسية ولأي مشروع اجتماعي تقدمي فيجد نفسه أسير شعارات لا تختلف عن شعارات البورجوازية اليمينية في الديموقراطية والعدالة الاجتماعية وكلا الشعارين فارغان من كل مضمون. تجتمع أشتات اليسار المتباينة لتتوحد فلا تجد ما هو مشترك يوحدها سوى الشعارات البورجوازية التي أولى بها أن تجتذبها لتتوحد مع البورجوازيات المحلية قبل اليسار الأجنبي أو حتى المحلي. كي تتوحد أشتات اليسار عليها أن تجد استراتيجية مشتركة واحدة وما تتطلبه من تاكتيكات لازمة متقاربة. الديموقراطية والعدالة الإجتماعية شعاران يفتقدان لأي مضمون مادي وحقيقي وخاصة في البلدان المتخلفة، ولا يمتلكان أية قوة ذاتية تجتذب أية أشتات للتوحد.

السؤال الحدّي والحاسم الذي يطرح في هذا السياق على مختلف أشتات اليسار الكثيرة وخاصة في العالم العربي هو . . ما هو المشروع التنموي الذي على اليسار أن يطرحه على الشعوب؟ هل سيطرح تنمية اشتراكية أم تنمية رأسمالية ؟ أم أن هناك طريقاً ثالثاً يمكن طرحه كبديل عن الطريقين الرأسمالي والاشتراكي؟ ليس ثمة أي مشروع تنموي يمكن طرحه على الشعوب لا من قبل اليسار ولا غير اليسار. فنظام الإنتاج الرأسمالي تفكك نهائياً قبل أكثر من ثلاثة عقود بحكم علاقات دولية مستجدة غير مناسبة ولا يمكن لنظام تهرأ بفعل الزمن والتطور أن يعود إلى الحياة من جديد. أما النظام الإشتراكي فيلزمه أن تقوم طبقة البروليتاريا تحديداً بالاستيلاء على السلطة في مركز صناعي كبير ومتقدم. لم تعد ثورة اشتراكية في بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا قادرة على أن تكون مركزاً لثورة اشتراكية عالمية كما كان الحال في عصر ماركس وذلك لأن العلاقات الدولية تغيرت ولم تعد كما كانت في السابق ولأن القدرة الاقتصادية للدول الكبرى انحطت بصورة ملحوظة. تراجعت طبقة البروليتاريا في سائر دول العالم ولم تعد الثورة الاشتراكية متواجدة في آفاق العالم. أما الطريق الثالث فهي طريق للرجوع وليس للتقدم ونحن نرى أغنى الدول قبل سلوك الطريق الثالث قد انفقرت ولم تعد تجد خبزها كفافها. ونشير هنا إلى أن قادة الدول الغنية، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، اجتمعوا في لندن اجتماعاً مغلقاً لثلاثة أيام متوالية في أواخر أيام القرن المنصرم وانتهوا إلى حقيقة أن الطريق الثالث ليس له معالم محددة وهو ما يعني أنه ليس موجوداً على الإطلاق.

تشكل النظام الرأسمالي من خلال استقطاب الطبقة الوسطى إلى قطبيه المعهودين، الرأسماليين من جهة والبروليتاريا من جهة أخرى وهو ما اقتضى تحطيم وسائل الإنتاج الفردي الخاص بالطبقة الوسطى من مثل الصناعات اليدوية والحرفية. وهكذا بقيت الطبقة الوسطى، طبقة البورجوازية الوضيعة اليوم كسيحة بلا ساقين تقف عليهما وبلا حصة في العمل الإجتماعي سوى الخدمات التي تخدم إنتاج الثروة دون أن تكون جزءاً منها. اليساريون هم تحديداً أولئك الذين يخرجون من تحت مظلة الماركسية، مظلة البروليتاريا، ليكونوا شتّاً من أشتات البورجوازية الوضيعة. لن يصل إلى مستقرٍ معلوم ولن يخدم أحداً سوى أولئك الذين يجهدون في تضليل البروليتاريا والانسانية جمعاء. لذلك تكتسب أعمال تحطيم الحركات اليسارية وإلقائها في مزبلة التاريخ أولى أولويات العمل الشيوعي.

www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإشتراكية والديموقراطية
- لن تكون رأسمالية في روسيا
- إنتهت الرأسمالية إلى الإنحلال وليس إلى الثورة !!
- حاجة العالم للينين مرة أخرى
- ماركسيون بلا ماركس
- لماذا الأول من أيار !؟
- المتلفعون باليسار واليسارويّة
- العقبة الكبرى أمام استئناف العمل الشيوعي
- الحرية ليست إلاّ شرطاً ظرفياً يستوجبه فقر أدوات الإنتاج
- فؤاد النمري في حوار مفتوح حول: القراءة اللينينية لماركس المت ...
- ماذا في مصر وفي تونس
- حزب العمال الشيوعي يعادي الشيوعية
- الكارثة الكونية الوشيكة (انهيار نظام النقد العالمي)
- الدكتور علي الأسدي يغطي على المرتدين والمحرفين السوفييت
- نهاية التجربة الإشتراكية لدى علي الأسدي
- كيف تخلَّقَ عالم اليوم
- - المسألة الستالينية - !!
- العدو الرئيسي للعمل الشيوعي اليوم
- الحزب الشيوعي اللبناني يطلّق الماركسية
- ثورة أكتوبر لم تفشل


المزيد.....




- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - ماذا عن وحدة اليسار