أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - الإنطباع السياسي.














المزيد.....

الإنطباع السياسي.


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 3411 - 2011 / 6 / 29 - 02:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإنطباع السياسي


من جملة الانطباعات الشخصية التي خرجت بها من انخرطي في العمل الحزبي والنقابي لعقود، ما شعرت به وأنا أعايش عن قرب فئات عريضة من جماهير الأحياء الشعبية، التي شاركتني ما اصطلح على تسميته بـ"السياسة" لسنوات ليست بالقليلة، والتي كانت كافية لتكشف لي عن عمق اخلاصهم، وعمق إنتمائهم، وقدرتهم على التحليل، ودقة اهتمامهم بما يحدث من قضايا وطنهم، وتفاعلهم مع وجهات النظر المختلفة، ما يؤكد رقي وعيهم لمدلول الحزبية وتقديرهم لها وللعمل السياسي .
فئات كتلك تعيش حياة غاية في الإعتياد، تؤمن إيمانا مطلقا بأن أمرها خير كله مادام بيد رب عادل رحيم. تحلم، تأكل، تتبادل النكات، تواصل الصلاة، والدعاء بالنجاة والرزق الحلال ، فمن الظلم أن تظل جل الأحزاب مفصولة ومنقطعة تماما عنها ما عدا أيام الإنتخابات حيث تعاملها ككم إنتخابي ، ومخزن للأصوات التي تتصيدها وتستميلها كلما حان موعد أي إستحقاق أو إستفتاء ، فهي تحتاج من هذه الأحزاب أكثر مما يقدم لها تحت الشعار السائد " ليذهب الجمهور إلى الجحيم مع أطيب المتمنيات ، وإلى الإنتخابات المقبلة " .
فالأحزاب التي عرفتهاُ بالممارسة و المشاركة والمصاحبة ، لم تستطع بعدُ أن تكون في المستوى الفكري والسياسي المناسب الذي يجعلها تضع الجماهير في اعتبارها وتعمل برغبة عميقة في تنويرها وتغيير حالها وكشف الغم ورفع الضر عنها من خلال تقديرها وإحترام مشاعرها و التجاوب مع مناشداتها والتفاعل مع مصائبها ، بدل أن تعتبرها عاطفية الميول بسيطة التفكير، فلا تتوجه إليها إلا برسائل موحدة تجعل أسمى أهدافها الإنتخابات ولا شيء غير الإنتخابات ، رسائل تمرر عبرها أنماطا غريبة من الاهتمامات الهامشية والسلبية التسطيحية بأسلوب ومنهج جذابين.
فعندما نمعن النظر في جوهر العمل الحزبي في بلادنا والذي لا يتورع عن التعامل مع الجماهيرالشعبية بتعال وترفع على أنهم رعاع لا يملكون أفكارا، تظهر هذه الأحزاب أقل وعيا بكثير من تلك الجماهير التي تُتهم ببساطة التفكير وهيجان العواطف. وندرك لماذا فُقدت الثقة فيها وتراجعت وانهارت وتضاءلت وانحسر دورها في التغيير والتنوير، ولم تعد بعد قادرة على التأثير في الناس، وإنكمشت وتهمشت وتركت مساحة التأثير للغلاة من دعاة التطرف؛ فتقلص عدد المنخرطات في صفوفها، وفرغت مقراتها من الندوات والأمسيات، فهجرها الناس، وزهدوا في كلام قادتها ورؤسائها العاجزين عن الوصول إلى قلوب وعقول وأفئدة وأخيلة تلك الجماهير، وإستخفوا بأفكارهم المستنسخة المعادة التي لا تعطي أملا ولا تجفف دمعا ولاتخفف مصابا، ولا تبدد أتراحا ولا تحل مشكلا تماما كما قال المفكر عابد الجابري (( الأحزاب السياسية في شكلها الراهن أصيبت بالتعفن ولم تعد صالحة للقيام بتربية الجماهير وتجنيدهم لمهام البناء، بل صارت أداة للتفرقة ووسيلة لإكتساب مراكز شخصية أو الاحتفاظ عليها )) ...
لا أقول أن الجماهير على حق في هذا الزهد في التحزب وهذا النفور من السياسة، ومع ذلك أتعاطف معها كثيرا لما تواجهه في علاقتها مع الكثير من إنتهازيي الأحزاب، لأنه لايمكن أن تكون مشاعر ورؤى السياسيين في بلادنا تجاه الجماهير الشعبية البسيطة على هذا النحو الغارق في العقد النفسية النرجيسية، في الوقت الذي ينبغي فيه أن يكون التعامل معها على قدر من الإحترام لرأيها العام و رغبة صادقة في تنوير وتغييراحوالها من خلال تقديرالمشاعر والأفكار والآراء على اختلافها.. فالأنبياء أنفسهم خاطبوا شعوبهم من دون دونية ولا سخرية منهم أو استهزاء بعواطفهم، وكما قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز"ولو كنت فظا غليظ القلب لإنفضوا من حولك" صدق الله العظيم.
ومن هنا كان الادعاء السائد -والذي تروج له الكثير من الجهات الحزبية، عاملة بالمثل الدارجي الذي يقول "عيبك آلولية رديه لي"- أن الجمهور لم يستطع فهم ومسايرة الأحزاب أو أن ثقافته دون فلسفتها، ادعاء كاذب، وافتراء كبير، لأن الحقيقة تكمن في أن ما يخرج من القلب مستقره القلب، والعكس صحيح، وهو أمر شائع في الحياة العامة، ويظهر بصورة أكثر شفافية في العلاقات الحزبية، حيث تلعب المشاعر دورها الأهم في تقبل الآخر لها واستقبالها وتمثلها، أو رفضها والابتعاد عنها.
ومع كل هذا وذاك، فالدنيا ما تزال بخير بوجود قلة خيرة في صفوف كل الأحزاب، تلك القلة التي تسطر بأعمالها الإنسانية النبيلة ومواقفها الوطنية الرائعة أسمى آيات المحبة والوفاء، والنبل والكرم، وتفريج الكرب، وكشف الغم ورفع الضر، وتبديد اتراح هذه الجماهير الشعبية التي هي في كل الأحوال سند تلك الأحزاب وزادها أيام الإنتخابات حيث تعز الأحزاب أو تهان.
[email protected]حميد طولست



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطباء آخر زمان
- حوار مع كاتب جديد.
- خطباء آخر زمن؟
- لماذا نخاف التغيير في هذا البلد الجميل؟
- التكريم.
- هل للجلادين وقت للكتابة؟؟
- مجرد مساءلة قلم.
- وهكذا تكلم القدافي
- حفل خيري من اجل الأطفال التوحديين.
- الديموكتاتورية؟
- انفلوانزا الكراسي.
- لقد تشابهت الجمهوريات علينا
- ديكتاتورية الشعوب.
- ديكتاتورية رؤساء...
- ذكريات عيد العمال.
- ثورات الناس على دين متفيقهينا
- تزوير التاريخ سخرية سياسية أم استخفاف بالعقول؟
- استقالتي من حزب الاستقلال.
- مطاعم القلب، الصدقة الجارية..
- جسور باريس دليل سياحي بإمتياز


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - الإنطباع السياسي.