أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - الفصل بين -الرأسمال- و-الصحافة-!














المزيد.....

الفصل بين -الرأسمال- و-الصحافة-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3408 - 2011 / 6 / 26 - 15:06
المحور: الصحافة والاعلام
    


إنَّها لمشكلة حقيقية تُواجِه الصحافة (وعندنا على وجه الخصوص) وتتحدَّى كل من له مصلحة في وجود وتطوير صحافة ديمقراطية حُرَّة أنْ يَجِد لها حلاًّ واقعياً وسريعاً، يساهم، قَدَر الإمكان، في حفظ وصون حقِّ المجتمع في أنْ تكون له صحافة تُعبِّر عن همومه واهتماماته، وتعالج قضاياه الحقيقية، وتستحق فعلاً لقب "السلطة الرابعة".

وأعني بهذه المشكلة، التي لا تَظْهَر بكثيرٍ من الوضوح لدى العامَّة من الناس إلاَّ في أوقات الضيق والشِّدة والأزمات، سيطرة الرأسمال الخاص (الذي يخصُّ أفراداً وعائلات ومجموعات من المستثمرين يتداخَل فيها الرأسمال المحلي والرأسمال الأجنبي) على الصُّحُف، وعلى "اليومية" منها على وجه الخصوص؛ فإنَّ تملُّك الرأسمال الخاص لصحيفة يومية هو بحدِّ ذاته مشكلة، أو مَصْدَر لكثيرٍ من المشكلات، التي تَعْتَرِض حرِّية وديمقراطية الصحافة.

والقانون المعمول به في سوق الإعلام، والمشتق من شريعة السوق الحرَّة، والتي ما عادت بحُرَّةٍ منذ وقت طويل، يعطي الحق لأيِّ مستثمر، أو صاحب رأسمال، في امتلاك وإصدار صحيفة، تساهم مع سائر الصحف ووسائل الإعلام الأخرى في صناعة الرأي العام، والتحكُّم في ما يَدْخُل إلى عيون وآذان الناس، وفي ما يَخْرُج من أقلام الصحافيين والكتَّاب، وتغليب اتِّجاه (سياسي وفكري وأدبي وفني وفلسفي..) على اتِّجاه من خلال التمويل والترويج والتسويق.

والصحافة اليومية، ومن وجهة نظر تجارية واستثمارية واقتصادية صرف، ليست بالسوق التي، بحدِّ ذاتها، يمكن أنْ تُغْري أو تَحْمِل مستثمراً، أو صاحب رأسمال، على أنْ يستثمر ويوظِّف فيها أمواله؛ فهذه "السلعة" أو "الخدمة"، وإذا ما حدَّدْناها بتقديم الخبر والمعلومة والرأي إلى القارئ، لا تكفي، بحدِّ ذاتها، لاستعادة الرأسمال المُنْفَق في صناعتها، ولإضافة ربحٍ إليه، بما يجعل معدَّل الربح في هذه السوق كمعدَّلِه على وجه العموم.

ومع ذلك، نرى أفراداً (وبعضهم مِمَّن لا شأن له بعالم الصحافة والإعلام، ولا يَفْقَه من السياسة إلاَّ ما يكفيه لتسيير أموره التجارية الشخصية) يندفعون في استثمار رؤوس أموالهم في سوق الصحافة، وفي تملُّك وإصدار الصحف؛ أمَّا ما يُزيِّن لهم ذلك، ويحملهم عليه، ويغريهم به، فهو مقاصِد ومآرب سياسية ضيِّقة لا تخصُّهم هُم في المقام الأوَّل؛ وإنَّما تخصُّ جهات وقوى سياسية وحكومية ليست جميعاً محلية، فبعضها أجنبي.

إنَّ الصحيفة اليومية هي بحدِّ ذاتها مشروع تجاري أو استثماري خاسِر (ويبدو أنَّها يجب أن تكون كذلك من وجهة نظر اقتصادية) إلاَّ إذا وَضَعَت نفسها (ومن خلال مالك رأسمالها) في خدمة قوى وجهات سياسية حكومية وفي داخل أجهزة الدولة، لها أجنداتها الخاصة، وتتمتَّع بنفوذ إعلاني قوي وواسع، من شأنه أنْ يُحوِّل الصحيفة نفسها إلى مشروع تجاري واستثماري رابح من وجهة نظر اقتصادية أيضاً.

ومع اشتداد حمَّى التنافس والصراع بين مراكز القوى في داخل نظام الحكم نفسه، والتي أصبح من الصعوبة بمكان تمييزها، في الوقت الحاضر، من مراكز الفساد، تَعْظُم الحاجة (لدى المتنافسين المتصارعين من هؤلاء) إلى الأدوات والمنابر والأسلحة الإعلامية، فيترتَّب على ذلك، بالضرورة، أنْ نرى مشهداً إعلامياً فيه من الالتباس والخداع ما يجعل بعض الناس يظن أنَّ الصحافة الديمقراطية الحُرَّة والتي تتسم بالشفافية قد أخذت تشقُّ طريقها إلى مجتمعنا؛ لكن ما أنْ تشتد حاجة المجتمع إلى معالجة قضاياه وشؤونه الحقيقية في الطريقة نفسها حتى يظهر ويتأكِّد أنَّ المشهد الإعلامي ذاك لم يكن من الديمقراطية في شيء.

إنَّكَ يكفي أنْ تسمع أنَّ مستثمراً، أو صاحب رأسمال، يهمُّ بإصدار أو تملك أو شراء صحيفة يومية حتى يحقُّ لك أنْ تنأى بتفكيركَ عن الموازين والمعايير التجارية والاستثمارية الصرف، وأنْ تتساءل، من ثمَّ، عن الجهة السياسية (وهي ليست "سياسية" إلاَّ لكونها تزاول وتتعاطى السياسة بمعناها الشخصي والفئوي الضيِّق) التي تقف وراء هذا المستثمر، وعن أجندتها الخاصة؛ فإنَّ الشراكة المتنامية والمعقَّدة (والاندماج الشخصي أحياناً) بين عالمي السياسة والبزنس هي الآن، أو منذ بعض الوقت، المَصْدَر الأوَّل لكل مظاهر الفساد المستشري في مجتمعنا، والموضع الذي فيه تتركَّز السلطة والثروة.

و"المُضْحِك" يأتينا، هذه المرَّة أيضاً، من "شرِّ البلية"؛ فإنَّ الرأسمال الخاص المسيطر على الصحف، والذي يديرها لمصلحة قوى وجهات سياسية متحالِف معها، يُصوِّر لنا نفسه على أنَّه القيم والمبادئ الإنسانية؛ فهو، مع أصحابه، لا غاية له تعلو غاية تشغيل وتوظيف الناس، وامتصاص ما يستطيع امتصاصه من البطالة؛ وقد يتطرَّف في "إنسانيته" فيَزْعُم بما يفيد أنَّه أقرب إلى أموال الزكاة والصدقات منه إلى الرأسمال!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الاقتصاد السياسي الإسلامي-.. حديث خرافة!
- -حزب الله-.. هل اختار أنْ يشارِك بشار مصيره؟!
- -حُرِّيَّة الإرادة- بين -الدِّين- و-العِلْم-!
- هكذا تكلَّم الرئيس بشار!
- في الحركة والسكون
- ميثولوجيا عربية تسمَّى -الإصلاح-!
- المشتبهات في حرِّيتنا الإعلامية!
- في فلسفة -الراتب-!
- الأُمَّة بصفة كونها -مَصْدَر السلطات-!
- سورية.. حتى لا يتحوَّل -الربيع- إلى -خريف-!
- -الاقتصاد السياسي- للإعلام!*
- جبريل يقود -الفرقة الرابعة- في مخيم اليرموك!
- ما معنى -أيلول- المقبل؟
- معنى ما حَدَثَ في الجولان!
- -إصلاح- يسمَّى -إحياء عصر الجواري-!
- من يونيو 1967 إلى يناير 2011!
- نظرية -الثقب الأسود-.. كوزمولوجيا يخالطها كثير من الميثولوجي ...
- رد على الأستاذ نعيم إيليا
- كيف نفهم -المفاهيم-؟
- -الربيع العربي- إذا ما ألْهَم شعوب الغرب!


المزيد.....




- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...
- ردود الفعل على قرار بايدن وقف تسليح
- بعد اكتشاف مقابر جماعية.. مجلس الأمن يطالب بتحقيق -مستقل- و- ...
- الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ ...
- حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة ...
- أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - الفصل بين -الرأسمال- و-الصحافة-!