عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 3404 - 2011 / 6 / 22 - 00:17
المحور:
الادب والفن
الرسالة الأولى
_____________________
تملكين أسباب أن أعيشَ في كل العصور ، وأن يتناوب الأمل واليأس في جعل حياتي ، كما سفينة نوح ، سوى أنها مثقوبة من كل جانب : تصفرُ الريح في الثقوب ، أو منها يتدفق هذا التضرع الذي يختصر آهات العالم كله .
احبكِ
هذه الكلمة التي أكتبها تعني أنها مجرد دمعة ، ربما بقيت من مياه الطوفان ، فأنا من هناك : من تلك الينابيع التي تفيض غرقا ، كما تفيضُ عطشا ..
احبكِ
وأنتِ تقرأين بصمت ، يعتقده سواي حصنا تحتمين خلفه ، فيما هو الحصار الذي يسبق سقوط المدينة بيد الغزاة ، أو هو الهدوء الذي يسبق زلزالا ينتظرُ أن يأمنه القراصنة ، قبل أ، يضربَ فجأة ، فيبتلع كل شيء : كل شيء هذا يتضمن اللاشيء الذي يجعلكِ لغزا ، لا تفكه كتبُ السحر ، وتعجز أن تصل إلى تخومه القصائد .
تملكين أسباب أن تصفعي الجميع .
أن تميطي اللثام عن السر في أنكِ امرأة جدا .
تملكين أن تكشفي عن الهيكل العظمي للزمن ، لأنه لغزكِ أنتِ المقيمة أبدا في نسغه :
هو الشجرة وأنتِ الجذور التي يتشبثُ بها من أجل أن لا تعبث الفصول بدفاتره أو بأوراقه .
آه ،
تملكين أسباب أن أحبكِ بهذا اليأس .
أن أتخلل الثمرة ، وأن اخترق بَشَرة الرعشة ، أن أتشاجرَ مع الجَمال ، وأن أتبهذل في حروب تبعثني ، بعد كل صلب ، لأكون جنديا غامضا لا يذكره أحدٌ في سِفر تجلياتكِ : من سقوط اور ، إلى حريق روما .
من طوفان نوح إلى آخر برق يضرب عمود كهرباء ، كنتِ أنتِ اليد المعجزة التي توقظ الجندي بعد سقوطه مضرجا بالدماء .
ابتسامة منكِ التقطها ، من وراء زجاج نافذة ، مرسومة على شفتي امرأة عابرة ، تؤكدكِ
حاضرة في كل عصر .
اغنية تبعثني لحنا .
وترتيلة غامضة تعيدني إلى عصور لا يعرف التاريخ كيف يكتبها ، لأنها ايماءات .
لا يعرف الفلاسفة تفسيرها ، فهي عصية على المنطق .
لا تعرف الأديان كيف تطردها من مراسم التضرع ، لأنها صافية كقلب الطفل .
لا يعرف كنهها إلا الشِعر ، هذا الذي لا يمنح نفسه إلا لمن هو فاقد الوعي من فرط الدهشة ..
.......................................
يتبع
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟