أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خلدون جاويد - يوميّاتي 2 ...















المزيد.....

يوميّاتي 2 ...


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 16:19
المحور: المجتمع المدني
    



يوم الإثنين 13/ 6/2011 ، كتبت في دفتر مذكراتي : عندما يأتون بنا الى قفص الحياة ، فاننا مثل طائر الحسون ،الطائر الذي يرفرف في أيامه الاولى متبرما غاضبا عاصفا مدميا جناحيه وقد اكتست القضبان بالأحمر القاني إثر رفرفاته الجنونية لكنه سرعان ما ينصاع لحقيقة سجنية لاترحم فيهدأ وقد خضب المكانُ شكلـَه بالتشوّه . كذلك الحال إزاء عمرنا الذي دخل في العقد السادس وراح ينتبذ المكان القصي لينعم بزاوية هادئة بعد كدمات وعثرات وجنون حارق مرّ في مكانه وغير مكانه . ها أنا اذن اُخطط لعزلة كبيرة تستغرق المتبقي من عمري . في المتبقي ساحاول صياغة ذكريات ستة عقود ماضية من سياط على ظهري . قراري بالعزلة كما يبدو لي ، يتسم ببوادر نجاح إذ لااطيق الاستمرار في الصخب . ويخيل لي أن هذه الحالة حالة مرضية لكني لست متأكدا تماما . المهم لقد لطـّـخت قضباني بمافيه الكفاية بالأحمر والأسود والأصفر وكل الألوان ! .
يوم الثلاثاء 14/6/2011 ها أنا أختار المكان البعيد عم يتكلم بصوت مرتفع . في المدينة أختار أهدأ المقاهي التي إما تعزف الموسيقى الكلاسيكية أو تعزف الصمت !. مع الأصدقاء الذين أتحاشى أغلبهم ، أهفو الى صديق ودود لايحطم رأسي بالعنتريات وحب المهاترة والسجال العنيف أو الطلبات المقرفة التي يستعملني فيها مراسلا له أو سكرتيرا . بدأت أبتعد عن أصدقاء الخديعة التاريخية ! اليوم كنت وحيدا وفي صراع مع وحشة المدينة : " إني لأفتح عيني حين أفتحها ... على كثير ولكن لا أرى أحدا " لبشار بن برد . لكن الوحيد يستطيع أن يرافق نفسه أحلى مرافقة . بالقراء والكتابة يستطيع الإنسان أن يعيش عالما حالما ومثمرا " وخير جليس في الزمان كتابُ ". الذهاب الى السينما والجلوس للقراءة في صمت المكتبة القدسي . والسفر الى مالانهاية في بهاء العالم وغرائبياته . والتأمل على الضفاف وفي فراديس الخضرة الراتعة بالبهاء المادي والروحي . يمكن أن يكون أبنائي أصدقائي .
لا أتذكر من قال : " الشوارع شِعر ! "ربما ريلكه . كل الأشياء تتجه في هذه المرحلة من العمر الى الهامس والناعس الى اللجوء الى أحضان بحيرة الى الاستلقاء مع كتاب على شاطئ البحر . ماعادت الحياة لنا ، أقصد ماعدنا مقبلين عليها بل مدبرين منها . ولذا نتعلل بالحكمة والتوءدة والرَويّة " ونقول مع الشاعر أحمد الصافي النجفي : " ولولا المزعجات من الليالي ... لما ترك القطا طيبَ المنام ِ " والكلام إعتنينا به عندما كبرنا ! الكلام الأنيق الموزون لابد من الحفاظ على طقوسه .. كان صديقي قحطان العطار فنان الشعب العراقي الكبير ينبه صديقا له بكل ود : ـ فلان ـ إنتبه عندما تتكلم إنتبه للنقطة والفارزة ! . وكونفوشيوس كان يحذر بأن الكلام إذا لم يكن دقيقا يؤدي الى حروب . والكلام أيضا يجب أن يدفع الى النمو والدعم والتشجيع . الكلام طاقة لو أمنحها لإنسان قادم فأنا خالد به عبر الأزمان . وأيضا فان الكرم لو نجود به فانه يجعلنا نموت ، يوم فراق الحياة ، بسعادة ، والمنح والعطاء فرح ، فرح كبير ...جرّبْه !.
اليوم قضيته مع ديوان تاريخ الأسى لشاعر أحببته هو طالب عبد العزيز وكنت قد قرأت له قبل أكثر من عشرين عاما قصيدة سجلتها على شريط كاسيت وكنت اسمعها الى أصدقائي فخورا بهكذا شجن شعري صادق ومبدع وكانت تنتهي بشطر من قبيل " وفتحت النافذة ... وبدأت أثغو " وهذا ماعلق منها بذاكرتي المعطوبة .
كنت ولا أزال لاأعرف الشاعرشخصيا لكن الأصيل يُعرف ويُحب وينطبع في الذاكرة . والغثيث والرثيث يُهجر ويُقرف حتى لو كرمّه الامراء والوزراء ووكلاء أمن الثقافة الدولية وشيوخها الأثرياء !.
الأربعاء 15 /6/ 2011 كنت افكر بنماذج من شعراء ، افكر بهم بقرف شنيع .. أحدهم يذكرني بامرأة متسلقة في رواية انجليزية قرأناها في الستينات في كلية الآداب ، كان اسمها ريبيكا . انها تتسلق في الأوساط المتبرجزة وهي ذاتية أنانية لايهمها أي إنسان في الوجود على الإطلاق إنها تصعد وتصعد عبر علاقات مع رجال كبار في السلطة . مالها رصيد من نبالة رصيدها جسدها . ومثلها قد سقط آخر الأمر كذلك هذا الشاعر الذي صعد سلما لايليق بأي أصيل بل يليق به لعدم أصالته . تراه منشرحا باسما لأنه يقف مع حثالات السلطة أقصد الشخصيات الكبيرة في دول عديدة يجزلون له العطاء وكما يقول المتنبي : " ولا ودٌ بلا سبب ِ" وسواه من شعراء اُباة يتنحون حزانى وهم يناطحون عالما رديئا يريد تصعيدا على يد صفوت الشريف ـ على سبيل المثال ـ وأضرابه . شعراء ومفكرون اُباة قال الجواهري الكبير بحقهم : " وللكآبة ألوان وأفجعها ... بأن ترى الفيلسوف الحر مكتئبا . وبدلا من أن يقف شاعر مثل هذا التيس الذي يزداد انتفاخا الى جانب المعارضة راح يعجب بذاته في تصاوير له ولقطات تذكارية مع الجرابيع وقرب الموائد التي يسيل لعابه لها . إنه الحفيد المخلص لأبي الشمقمق القائل للخليفة : " الناس تحتك أقدام ٌ وأنت لهم ... رأس ٌ وهل يتساوى الرأس والقدم ُ " . لايعلم هذا البائس أن هذه الإحتفاءات المدفوعة الثمن من كرامته ـ اذا كانت لديه كرامة ـ لاتخلده بطاولات الطعام . ماخلد السياب سوى شعره حتى لو افترضنا انه كان يرقد في فندق 5 نجوم ويأكل الكافيار . السياب خلدته إبداعات طاهرة مثل روحة وخلقه النبيل في إصالة كتاباته التي لم ينتحل حرفا واحدا من سواه ليلصقه بخرائده وقصائده .
الخميس 15/6/2011
أعجب لتاجر في آخر عمره ، لايخطط للإسترخاء والتأمل ، للاستمتاع بالسفر وحب المشاهدة . أعجب لسياسيين كبار السن يتهارشون كما لو كانوا سيعيشون الى الأبد . أعجب لخطباء لايقرؤون الحكمة في تحبيذ المحبة بين الناس . ترى أغلبهم شيوخا دمويين يزعقون من المنابر في أننا نحن الأفضل وسوانا كفار وعار وشنار . وأن هناك دائما الكفار الذين يجب أن نحاربهم ... هكذا يربون الأجيال بأنهم أبدا في حالة حرب ويعبؤونهم بالكراهية والحقد على سواهم .
أعجب فيما أعجب لمن لايشيع الدفء في بيته ويمنح أغلى الحنان لزوجته الطيبة الجميلة التي يعاملها كما لو تكون ممسحة أرض . وأولاده العذبون الأبرياء يعاملهم بكل قسوة وكسر خاطر . أعجب لمن في يده " إمرأة جوهرة " يدوس عليها بحذائه كل يوم !. قال جلال الدين الرومي :

" واأسفاه أن تعزف على الطنبور أمام أصم
ويغدو يوسف مساكنا للأعمى
وأن تضع السُكـّر في فم مريض
أو أن يتزوّج مخنث ٌ حورية . "

أعجب لأحزاب لاتعلم رفاقها الوفاق الاجتماعي بل تحشـّدالى التناحر والصراع الدموي ويغدو كل رفيق مشروعا لإعداد المجرم ! بينما نحن بحاجة الى السلام السلام السلام .
أعجب لصديق ـ بسبب من تطرفه ، الحزبي العشائروي الطائفي الإقليمي القوماني ـ يحيل مجلس أصدقائه وسويعات الهناء بينهم الى مشاكسة تغتال الضحكة وتمهد لشجار يستلب سمر المساء الجميل .
أعجب لمن لاينتبه لجمال شاطئ البحر وهو يجلس أمامه !!! وللوردة في هفهفات نسمة عاطرة .. لبلبل على جدول ..لنجمة قصية ، لقمر على نافذة ، لهديل لزقزقة ، لنداء طفولي هو أحلى وأثمن من كل سوناتات الأرض .. لغنج صوت انثى .. لهمس من بعيد .. لنواح قطار بعيد . لشعاع خافت من كوكب ناءٍ . لاُغنية من قبيل سهران لوحدي وأنا في انتظارك ودارت الأيام !
ولا أعجب ولا أعجب ولا أعجب للمجرمين عندما لايتطلعون بتأمل الى ضفاف الأنهار . مجرمون يمتلكون أرقى أجهزة الصوت ولا يستغرقون بخشوع روحاني لسماع رنة قيثار ونغمة كمان . " اُفا ً ثلاثا ً " و " ليت للبراق عينا ً فترى " !

*******
2011/6/21
توقٌ أخير :
حكمة : " إن حيوانا من ذوات الأربع عليه عدة كتب ، لايكون محققاً ولاعالما " .
حكمة : " ذهبت الى زاهد في أرض بيلقان وقلت له طهرني من الجهل بالتربية . فقال :إذهب ايها الفقيه وتحمل كالتراب ، أو إجعل كل ماورثته جملة ً تحت التراب.
حكمة: " أيها البلبل هات بشرى الربيع، ودع الخبر السيء للبوم". من كتاب جنة الورد للشيرازي .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغزل بجدار قديم ...
- صورة - سيدتي الجميلة - ...
- إهدأ يا اُستاذ ! ...
- رحيم الغالبي وعجالة الرحيل المفجع !!! ...
- قصيدة غزلية لم اُمزقها ! ...
- منحة لراحة وإستجمام العراقيين !!! ...
- مدخل ومخرج الى أدونيس والأدنَسة ...
- قصيدة مهداة الى الشاعرة البحرينية السجينة ...
- قصيدة الى شاعرة البحرين السجينة...
- بساطة أم تعقيد ، إستعلاء أم تقبُّل ؟
- - المستشار هو الذي شرب الطِلا - ...
- يوميّاتي 1 ...
- عشقتك يا أبا ذرّ الغفاري ...
- - خوطوا ولوطوا - السوناتا السابعة !!!
- - لستُ أنساكَ وقد أغريتني - ...
- قصيدة هزيمة النسر لكاظم جهاد ...
- عودة ترينتي الى مدن التيْ أنتيْ !
- إنتقل العراق الى رحمة الله !!!
- نتقل العراق الى رحمة الله !!!
- ثقافة الثريد ...


المزيد.....




- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون
- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خلدون جاويد - يوميّاتي 2 ...