|
حسن النواب ...ثمالة أجادت فهم الحلم والقصيدة
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 08:24
المحور:
الادب والفن
حسن النواب ...ثمالة أجادت فهم الحلم والقصيدة
نعيم عبد مهلهل
ما جدوى .. أن تختبئي وأنا آخر قلب يؤويك . حسن النواب في قصيدة ( قصائد حب ساذجة )
خُلقَ الشاعر من أجل أن يمسك عنق الحصان ويمضي معه إلى حربه المفتعلة من هاجسه المختفي في اللحظة المتوثبة والتي تأتي عندما يقرر وجودنا لتكون الكلمة هي التي تقودنا إلى متاهة من لذة وثمالة وعبادة وكشف. وعلى مدى خليقة هذه الحروب المسكونة بدهشة ممزوجة بوعي وخيال واسطرة لاتمت للحياة بصلة سوى عنبر الحلم قلد الشاعر أخيلته وشرائعه وصومعاته واصلبته ودموعه ليؤسس مجد الممكن وليتميز عن الآخرين كما تتميز العصافير السعيدة عن الأشجار المبتلاة بخريف أعمارها ..! حسن النواب المولود قرب ضفاف الدمعة المبتلاة بأناشيد السيف في كربلاء ( الطف ) يمثل جزء عميقا من المقدمة أعلاه . لقد وعى هذا الشاعر وجوده من خلال أنتباهة غريزية إلا ما يشعر فيه أنه غرابة في الإحساس بما حولنا بدءاً من صباه وحتى أزمنة الحرب والتمرد والثمالة وإعلان القصيدة مشروعا اقتحاميا للتعامل مع ما يعتقده حسن النواب قدرية صعبة على وجودنا وانتماءنا حتى انه في قصائد الحرب التي كتبها في ثمالة الدبابة والتمرد على أوامر العرفاء والضبط كانت تمثل وجدانا مغلوبا على أمره وحين يراها البعض مدائح لحزن وبطولة .فهي كانت أصلا مدائح للذات وبطولتها فقط كان يقول لنا النواب :في الحرب كتبت القصيدة لأشعر بعاطفتي حية بعيدا عن عذابات تلك الحجابات المعتمة بالشظايا وحيرة الجنود والخوذ المثقوبة..! حسن النواب يمتلك جملة حماسية بنوع خاص من مارشات حزنه التاريخي مع انتماءه إلى ذاكرة المكان ولغز الأصل بين حقيقة أن يكون هو آت من فصول ملاحم الكريشنا الهندية أو هو المنتمي إلى أهل فجيعة المكان الكربلائي .وكان يلح في بداية تسعينيات القرن الماضي على إظهار هذا الإيحاء .وكان يستغل شطحت الثمالة الفارة في إيوان المقاهي ورواق الألفة الجميلة مع شاعر آخر كان يمثل بالنسبة له وجدان المشاركة في صناعة قصيدة منفلتة إلى فطرة عالميتها وتميزها هو المرحوم الشاعر كزار حنتوش الذي ترينا مرثية حسن النواب من اجل هذا الإمبراطور الخجول بفطرته الشعبية واتزانه الحكيم في صناعة مشابه حقيقي للشاعر الفرنسي جاك بريفير ..فيما كان حسن يمسك اللجام من قوة الكلمة وفوضويتها العابثة في المعنى المضيء وكأنه يمسك مجداف سفينة رامبو السكرانة ليخلصه من عذابات النزع الأخير في اعترافه أمام كاهن الكنيسة . اعترافات حسن النواب أتت في صورة المنفى تجسيدا لمتن العبارة القوة وقراءة لهاجس الشاعر في تكوين طريقته الرؤية من اجل الوصول إلى مطلق حلم ثمل ولكنه يشتغل بفلسفة العقل الناضج والحالم والذي تسكنه فكاهة العبارة عندما تشد من خاصرة حركاتها لتعطي القارئ والشاعر المهمين الدائم لوليمة الحلم في دمعة المكان النائي في نهاية الأرض ( ولاية بيرث ــ قارة استراليا ) حيث يجمع هذا الشاعر كناغر ثمالته في سطور وجع وترقب وتأمل ويقفز بها اسيجة الخمول ليقول لنا وبجرأة محارب خمرته طروادة وأناشيد التيه في عبث الأصدقاء الراحلين : أنا شاعر القصيدة الجيدة والتي جمع أزمنتها كلها في بودقة القراءة المدهشة الشاعر نصيف الناصري ليصف لنا هذا ( النواب الأسمر ) بحقيقة كونيته الشعرية وتمرده اللاذع .وقدرته على إمساك الكلمة من نبض القلب .والناصري هنا .تكلم لنا عن شعرية الموقف وتجربة الحرب .وهاجس القصيدة المتعلقة بغرام ما .وأشياء عرفها عن هذا الشاعر المصبوغ بحنين قباب الذهب في مدينته المقدسة وبهارات دلهي الآتية من أزمنة يعتقد فيها أن جدهم الأكبر حملها ومعها اشتياق المذهب ليؤسس في مدن الأئمة الحالمين ، الذاهبين كما محاربي أساطير الذات التي خلدها سان جون بيرس في قصيدته الملحمية اناباز . بحث عن وجود في معنى القصيدة ودهشتها .لهذا ترينا قصيدة نصيف عن حسن النواب رؤى لاتبتعد كثيرا عن انطولوجيا قراءتنا لهذا الشاعر: (( سائق دبابة وفارس أحلام المعلمات شظايا قذائف في جيوبك ، وفي جيوبك موت يخيم على أيامنا ، أواه ، يا حسن النواب، أواه ، أنت في الفندق تنام معلقا في غرفة النمور ، وأنا في البيت أتوسد أشجار وشظايا قصائدك...)) لا يحتاج هذا الانطباع الأثير من شاعر يعي الشعر بشكله الميتافيزيقي المفتوح على مديات المدائح المتأملة لحركة الأشياء كما نصيف الناصري لا يحتاج إلى تعقيب أو استدراج ولكنا هنا فقط لنعرف بما نشعر انه ( النواب ) يمتلك وبرؤانا القدرة على صناعة موضوعه الحسي والروحي في آنية من تحكم الجنون العاقل في لحظة الثمالة بدرجاتها المتعددة بين الممتع المنتشي والفائق التوهان .وفي أي حال كان النواب يسيطر على إرادة ما فيه حين يسكنه هاجس الكتابة ويملي عليه امتدادات لاتحصى من رؤى الفلسفة والبوح والتذكر والأناشيد المغرمة بسلوكها أي كانت عبثيته وجنونه وعربدته وقداسته. لهذا هو مثل أي شاعر يبحث عن القداسة في ثوب الجرأة والبوح يرينا قضيته ورسالته ونبؤته أيضا ولكن في تحدي كما يحلم فيه أي قيصر لايخشى الخسارة أبدا : ( أنا إنسان مسلم لكن أحب المسيح كثيرا أكثر من الأنبياء الآخرين والسببان الأنبياء الآخرين علموني أن أدافع عن نفسي بواسطة السيف بينما يسوع علمني أن أدافع عن نفسي بواسطة الغناء...) أنها قوة الشعر وفرادة التحدي يرتديها حسن النواب لإيضاح مفاهيمنا كما يظن يانيس ريتسوس أو كما يقول عنه غاستون باشلار :إخراج الجمال من رداء المختلف ...!
*فصل من كتاب ( محطات شعراء المنفى البعيد ) وهو مقدمات لانطولوجيا شعرية ل20 شاعرا من شعراء المنفى العراقي وممن يعرفهم الكاتب شخصيا .نشر منه لحد اللحظة عن الشعراء نصيف الناصري وصلاح حسن وبرهان الشاوي.والكتاب يطبع في مطابع بيروت ...
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
برهان الشاوي ....القصيدة من الكوت إلى البولشوي والملكوت...!
-
يحيا نبي المندائيين.....!
-
الروح والجسد ما قبل الموت وبعده ...!
-
صلاح حسن الجنائن الشعرية ونخل الحلة .....!
-
نصيف الناصري ... القصيدة نثر من نهر الغراف
-
الترجمة وإيقاع القصة والعقل المعرفي العراقي .!
-
صدام حسين ورومي شنايدر ....!
-
المعدان* ورومي شنايدر ....!
-
الصابئة المندائيون وأعيادهم ..!
-
أور أول المدن المقدسة على الأرض....!
-
مسيحيو ويهود مدينة العمارة العراقية ...!
-
المعدان وبابا نوئيل ......!
-
الأسكندر ومعدان سمرقند ...!
-
الناصرية ...مدينةٌ يليقُ الغرام لها..
-
المعدان ...عطش ودشاديش مقلمة .........!
-
حياتي التي أتخيلها ...
-
مدينة البصرة وزفاف الأمير وليام وكيتي...!
-
سورية حسين ...ياسمينة تذبح ذبح........!
-
المحظور في ممارسة الغرام.......!
-
البابلي قاسم عبد الأمير عجام ...!
المزيد.....
-
قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
-
مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
-
محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
-
إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري!
...
-
ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع
...
-
كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا
...
-
شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش
...
-
-الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل
...
-
-أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر
...
-
-مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
المزيد.....
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
المزيد.....
|