أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرثا فرنسيس - المرأة والحب والمعجزات















المزيد.....

المرأة والحب والمعجزات


مرثا فرنسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3364 - 2011 / 5 / 13 - 21:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المرأة والحب والمعجزات
وُلد ابنها الثاني وهو يعاني من اعاقة ذهنية، وكانت من اقسى التجارب التي يمكن لانسان ان يجتازها، طلبت من الله الشفاء لطفلها بمعجزة وهي تؤمن ان طلبها ليس مستحيلا، ولكن لم يحدث تغيير البتة وظل ابنها بإعاقته.
شعرت ندى وهي تراقب ابنها الأصغر -الذي تم تصنيفه تحت مسمى ذوي الاحتياجات الخاصة- شعرت بحيرة وبعلامات استفهام وبأسئلة مستمرة لله لماذا يكون طفلها بهذا الشكل؟ هل ستسطيع ان تقبله وتفكر فيه؟ كيف سيكون مستقبله؟ وتمنت لو انها تستطيع مساعدته ومساعدة اكبر عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة ومساندتهم، ليس فقط في التجاوب مع المجتمع ولكن في ان يؤدي كل منهم دورا فعالا في المجتمع وينال حقوقه المشروعة في الرعاية والنمو. ووُلد داخلها شعاع من الامل، وتحول مسار هذه الأم ومسار حياة الكثيرين معها بعد ان قرأت أن الله يدير العالم بالقوانين وليس بالمعجزات التي لا تأتي إلا لتثبيت إيمان الناس. فايقنت ان المعجزات ليست هي فقط الأمور الخارقة للطبيعة التي تهب الشفاء من الامراض؛ ولكن أيضا الايمان والثقة وانتصار الارادة القوية وأن مساعدة الغير في تخطي الامهم هو بالتاكيد انتصار على الالم والتجربة القاسية ويمكن أن تجترح المعجزات والأعاجيب. لم يشأ الله ان تحدث معجزة لشفاء فرد بل ان تحدث معجزة لعشرات من حاملي اعاقات مختلفة؛ فينالون حقهم في الحياة وحقهم في التعلم والحب، اراد ان تحدث معجزة مغزاها انه لا يوجد مستحيل ولا صعب امام العزيمة والارادة، وكما تقول هذه الام العظيمة ان المعجزة هي التحدي لكل انواع الاعاقات المختلفة بالحب والتعاون والمشاركة بين اشخاص ليس بينهم تبادل مصالح ولكن رغبة في العطاء وبدافع الانسانية ؛ لتحقيق حياة افضل ودمج هذه الطاقات في المجتمع، ومن هنا نبتت فكرة استغلال قطعة ارض تمتلكها اسرتها في انشاء قرية الأمل لرعاية متحدي الاعاقة.
كان هدفها ان يعيش هؤلاء الاولاد والبنات-من ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم ابنها- حياة كريمة ويتعلمون مهارات الحياة مثل القراءة والكتابة وقبول الذات واطلاق الطاقات في اعمال بسيطة ولكن مؤثرة. فكرت السيدة ندى في مشروع الصوب الزراعية لانتاج محاصيل مختلفة على مدار العام وتصنيع بعضها، وارتاحت للفكرة قائلة في داخلها: ان الزرع ينمو ببطء وهؤلاء الاولاد ايضا يفكرون ويستوعبون ببطء ولكن في النهاية ياتي الثمر ويفرح القلب.وبدأ فجر الأمل يشرق ببداية خروج المشروع للنور، وبدأ المشروع بحجرة واحدة على الارض التي تملكها في منطقة برج العرب، واتمت اجراءات اقامة القرية بمساعدة بعض الاصدقاء في انهاء التراخيص والاوراق المطلوبة وكانت البداية بستة اطفال فقط في عام 2000 وزادت مساحة الارض خلال سنوات قليلة الى الضعف وازداد عدد الاولاد، ، كان تجاوب الاطفال مذهل، تعلموا الحب، من خلال تجاوبهم مع حبها لهم، ليس فقط كيف يستقبلونه في قلوبهم ولكن ايضا تعلموا كيف يمنحون الحب لبعضهم وللآخرين، يفرح هؤلاء الاطفال بالتشجيع، وبتلقائية شديدة يحتفظون بابتسامة رائعة كل الوقت، وفي احد جولات السيدة ندى فى شوارع الاسكندرية لفت نظرها مخبز لانتاج انواع شتى من المخبوزات ولمعت الفكرة امام اعينها ولم تستطع التوقف عن التفكير في التفاصيل ولكن مع محاولة حساب التكاليف والاحتياجات المطلوبة لتنفيذ الفكرة اصابها الاحباط وقالت لنفسها غدا صباحا سأترك كل هذا.
وتتابعت المفاجآت من معونات ومساعدات من بعض رجال الاعمال وغيرهم، فتم شراء احدث الاجهزة لبدء انشاء المخبز وانتاج ارقى انواع المخبوزات وتغليفها بشكل لطيف وملفت للنظر، ، تجاوب الاولاد وتعاونوا وتحمسوا للعمل، ولم يصدق الجميع النتيجة المفرحة والمشجعة، وامتلأت المحال التجارية بانتاج بنات قرية الأمل واولادها الرائعين، وكان الاقبال على هذه المنتجات غير مسبوق، أحست ندى بمشاعر الفرح والنجاح تملأ قلبها وتيقنت انها مع هؤلاء الابطال قد استطاعوا هزيمة الاعاقة الى الابد، وتعلم الاولاد والبنات العمل داخل المخبز، وتلى ذلك الصوب الزراعية ورعاية وتربية الطيور والدواجن. وتعلموا بعض الاعمال اليدوية والفنون والاشغال التي ينافسون في دقتها وجمالها نظراءهم الاسوياء.
فقد تم تنفيذ مشروع الصوب الزراعية ايضا في القرية وبلغ عددهم 6 صوب زراعية، بالاضافة الى ارض زراعية بها اشجار ونباتات مختلفة، ويوجد في القرية 4 فصول دراسية موزعة طبقا للعمر العقلي وورشة نجارة، بجانب المخبز الآلي بكامل محتوياته.
ندى الفي ثابت مؤسسة ومديرة قرية الأمل رشحتها هيئة السلام السويسرية لجائزة نوبل للسلام الاجتماعي؛ فما توصلت اليه لمعالجة مشكلة ابنها وابناء آخرين هو حل مبدع لمشكلة يعاني منها على الأقل 8.5 مليون مصري تقريبا. ومنذ عام 1901 لم تحصل سوى 12 سيدة على جائزة نوبل للسلام مقابل 80 رجلا و20 جمعية، وكانت ندى المرشحة المصرية الوحيدة ضمن 1000 سيدة لجائزة نوبل عام 2005


ينظم المسئولون في القرية دورات تدريبية للمعاقين وللأسر ، وندوات وورش عمل لتوعية المجتمع والأسر بالجوانب الاجتماعية والصحية الهامة لذوي الاحتياجات الخاصة.
ما اكثر واقوى المعجزات التي صنعها الحب ومازال يصنعها، يستحق متحدي الاعاقة ان يعاملوا بكل كرامة واحترام وحب، وان تكون لهم كل حقوق الانسان العادي ولا يجب عزلهم عن المجتمع بل تدريبهم على التعايش داخله، عندما يقبل الانسان نفسه سيقبله الآخرين، وعندما نتعامل مع متحدي الاعاقة بلطف وحب وقبول سيحققون المستحيل.
ندى الفي ثابت مثال للمرأة الصلبة الراسخة الايمان بأن الحب يصنع المعجزات، امرأة استطاعت ان تحول مأساة حياتها وحياة ابنها الى ملحمة بطولية رائعة تجدد الأمل لدى كل من اصابهم اليأس والاحباط من الحياة بسبب اعاقتهم. علمت ابنها السباحة واتقنها وركوب الدراجات بالاضافة الى الاعمال والمسئوليات الأخرى التي يقوم بها في القرية.وتعتبر البيئة النفسية الصحية التي ينشأ فيها هؤلاء الاولاد والبنات- حيث يتعامل معهم جميع العاملين في القرية بالحب والحنان والرعاية ولا يتم تمييز اي منهم على اساس الدين او المستوى الاجتماعي- تعتبر حافزا رائعا لتقدمهم ونموهم نفسيا بشكل طبيعي ومفرح.
محبتي للجميع



#مرثا_فرنسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضرب بيد من حديد
- سأحلم من جديد
- كيف لا أحبك؟
- محافظ قنا ومحافظ اسوان
- لقطات بعد الثورة
- انا من الأقلية
- سأفضي لك بأسراري
- الجلسات العرفية واحترام القانون
- الثائر الحق
- رسائل قصيرة
- أمهات لم يلدن
- أنا المرأة: هل تعرفني؟
- متى ينتهي حظر قيادة المرأة للسيارة
- دكتور علاء الأسواني: لحظة من فضلك
- تعديل أو تغيير؛ أنا أرفض المادة الثانية من الدستور
- البنت المصرية والثورة
- توظيف الدين والمجتمع الذكوري
- أجمل وردة لمصر في عيد الحب
- هل الشهداء أفضل حالا؟
- نتائج ايجابية لثورة الشباب


المزيد.....




- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرثا فرنسيس - المرأة والحب والمعجزات