أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - المنصور جعفر - أسامة بن لادن















المزيد.....



أسامة بن لادن


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 3362 - 2011 / 5 / 11 - 23:42
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الحكم الدقيق على طبيعة موقف إنسان جهة شأن عام يقتضي من الساعي إلى إصدار الحكم أن يتحرى في كم ونوع من المعلومات والمعارف والتحاليل والمقارنات والإفتراضات والبحوث والتحققات والتجارب والتلخيصات عنه مما تنوء به كل جامعات العالم ، أما الحكم بدقة على طبيعة تصرف بلايين الناس جهة شؤون عامة كأعمال أسامة بن لادن فأصعب من ذلك .

ولأن من الصعب القيام بكتابة شمولية موضوعية عن أسامة بن لادن في زمن تحوق بأكثر أعماله كثير من الدعايات والتفاخيم، وكثير من الإدانات والتباخيس وعدد غير قليل من الإدعاءات والتهم والتخرصات و الدعاوى القضائية غير المحكوم فيها أو الاحكام المتنازع حول قسطاسها وعدلها، وتحوق بتفاصيلها كثير من الأسرار، فعلى هذا المنوال يكون صعباً على الإنسان الحكم على طبيعة موقف بلايين المناصرين لأعمال أسامة بن لادن أو بعضها أو موقف بلايين المعارضين لهذه الأعمال بعضها أو كلها، ومن السهل قيام ناقد عجول بإستسهال الحكم ضد الجماعتين المؤيدة والمعارضة: أنهم جميعاً في مراكب إستلاب وضباب تنغبش نظراتهم إلي أعماله بوميض شاشات الإعلام، أو إن آذانهم وقرة بهسيس الإشاعات، وإن وعيهم غائب عن ذهنهم وعقلهم بفعل الطبيعة العامة لـ (تغطية) هذه الأعمال بغطاء موجب أو سالب!

لذا فتسهيلاً لسير محاولات المعرفة في مجال الحركة الإجتماعية الثقافية السياسية لإقتصادات العالم وسط هذا الضباب والرمال المتحركة فإن هذا المقال البسيط يتناول بالتأثيل بعض النقاط المعروفة والمتفق عليها في سيرة أسامة بن لادن محاولاً منها سبر بعض المجالات الموضوعية المرتبطة بها، تاركاً -بشكل نسبي- مهمة التلخيص العام لهذه النقاط للقارئي الكريم.



1- كاللوا وزنجبار و... زنجبار:

القصة والملامح الأفريقية في وجه أسامة بن لادن تعزز الطبيعة الزنجبارية لأصله اليمني الحديث حيث كانت بلاد كاللوا ثم زنجبار قبل ثورة 1964 في تنزانيا مطة ثم مكة لحكم العرب ساحل شرق أفريقيا من مومباسا حتى موزمبيق حوالى ألف سنة، وهو حكم إرتبط بأصله في سلطنة كاللوا الأفريقية وبسلطنات الجنوب العربي (= جنوب شبه الجزيرة العربية) إرتباطاً نضحت (حضارته) في أول تاريخ زنجبار بثلاثة علامات تؤشر إلى الطبيعة الإقطاعية في علاقات الإنتاج والتعامل في تلك البلاد:
1- الجيوش السلطانية والمليشيات القبائلية العربية ذات الحملات المدلهمات والعوائد المجزيات الأموال و...الرقيق البشر،
2- تجارة الذهب والنحاس والعسل والبهار والعطور والزنجبيل والعاج وريش النعام والطواويس واللؤلؤ وجلود النمور والأسود،
3- القصور المعشقة بالخشب والزجاج الملون والمشرئبيات المكحلة بالذهب والعاج والحدائق الغلبا ذات الفاكهة والأبا، و..الأكواخ.

بينما كان تاريخ مناطق كاللوا وزنجبار في جزئه الثاني ينضح بثلاثة علامات على طبيعة الصراع فيه:
1- تضخم أعداد الأمراء وزيادة عدد سكان المدن والحرفيين (نساجين وحدادين ونجارين وبنائين وصيادين وصيادلة وربابنة إلخ)
2- زيادة التمركز في المدن الأكبر، وتضاعف التهميش والضنك والتخلف السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي
3- الخضوع بالتدريج للإستعمار الاوربي الذي همش المحكومين وهمش الحكام العرب، بتفاوت في قدرات التعامل والتحمل.

في ذين الجزئين من تاريخ زنجبار كان التزاوج والإختلاط بين الأفارقة (وهم أصول العرب جهتي هاجر وأبراهيم) وبين أحفادهم العرب الغزاة والمهاجرين القادمين من الجنوب العربي خيمياء توالد بشري جديد شمل كل من شرق أفريقيا ومناطق الجنوب العربي، وهو التوالد الذي أنتج زهرة قومية أفريقية عربية أو عربية أفريقية جديدة بلغت ذروتها القديمة في شرق أفريقيا خلال القرون الخامس عشر، والسادس عشر، والسابع عشر، مزامنة على قرب منها تأسيس أول الممالك العربية الأفريقية في غرب السودان ووسطه.

في هذه القومية الممتدة بين شرق أفريقيا وآسيا عبر بحر الهند وبحر العرب كانت الثروات والتمردات والثورات هي ميسم الحياة بين الحكام والمحكومين في جهة عامة كدولة واحدة، وفي داخل كل قسم منهم في جهة متوالية مع الجهة الأولى، فالحاكم أو المتمول العربي في زنجبار أو أحد أقاليمها أو مدنها كان يطالب الناس بالسمع والطاعة له في تلك النواحي الأفريقية بينما تجده متورطاً في تنظيم إنقلاب أو ثورة ضد الإمام اليمني أو السلطان العماني في المركز الآسيوي للدولة!!، كذلك تجد الأمير في المركز الآسيوي للدولة في حصرموت أو صلالة يوالي ويحشد حكام الجزء الأفريقي لتمكين نفسه ضد حكم هذا الإمام أو ذاك السلطان! إذ كانت الدماء والأموال وأمور الحكم تتراوح جدلاً بين "الإخضاع" والإستعباد في جهة جغرافية، و"الحرية" في الجهة الجغرافية الأخرى !

من زنجبار أفريقيا هذه ولدت مدينة زنجبار في يمن الجنوب العربي بميسم خليط بين الثورة والثروة والدين، ومنها جاءت عائلة إبن لادن بذهب أفريقيا وتجارتها الثمينة وخبرتها إلى الدولة السعودية الحاضرة حينما كانت دولة صحراوية وليدة كاسبة من تشييد القصور الاولى فيها ومن عقود بناء الطرق والمواني وتوسعة الحرمين المكي والمدني. ومن هذا الخليط الأسيوي الأفريقي بين الدنيا والدين، والتجارة الدولية والحرمات المقدسة، والدولار والعبادة، نبتت بعض الأصول الثقافية لأسامة بن لادن خلطمزج بين الروحين المدينية والريفية الأفريقية لزنجبار، والروح البدوية والروح الحضرية لعرب اليمن، والروح العملية الإخضاعية للحاكم الأصيل والخلاسي، والروح التجارية المنفلتة من رهق الضرائب للحرفي المتكسب، وكلل الدين الإسلامي كل هذه الأرواح في شيماءاته الحنبلية الوجسة، والشافعية المتأخرة الوجلة، والوهابية الضاربة المهاجرة والقتالية.

نشأت أسامة بن لادن في هذه الأصول المتناقضة إختلطت أيضاً بنمط الحياة في السعودية حيث التسوق والتكاثر في الإستهلاك العبثي خارج البيت هو النشاط المركزي لحياة الإنسان المتوسط الدخل، وهم أكثر الناس هناك، بينما الثرثرة والكلام ومشاهدة الأفلام والبرامج التلقينية هي نمط الحياة داخل البيت، حتى تحورت الجماعات الرئيسة في ذاك المجتمع وهي جماعات "العائلة والقبيلة"، وجماعة "شؤون التقديس"، وجماعة "الحكم"، وجماعات "العدل"، تحورت إلى مجرد قطعان إستهلاك للسلع والخدمات، ومنابر كلام ساكت، في وقت تزيد فيه الفروق والمظالم الطبقية، وتتباعد وقائع الحياة اليومية والعامة عن المثل والقيم العليا، بينما تنحسر المكانة الوطنية والقومية للكيان السياسي للدولة ليضحى مجرد عبد أو خادم للمشروع الإستعماري العالمي الانجلوأمريكي: حيث ينتج السعودي النفط للخواجة بثمن -يتركه السعودي خاضعاً في حيازة المشتري- بينما يشتري (السعودي) من (سيده) كل شيء بسعر نقودي أغلى يدفعه السيد لنفسه مباشرة من رصيد الخادم ولكن بعد قيام (السيد) بإضافة وإحالة مصروفات تنظيمه هذا الحساب إلى جانب (الخادم) الممنوع من التصرف في أمواله!؟ هذه العلاقة الطغيانية الإستغلالية البشعة تشمل كل التعاملات العربية الإسلامية مع المؤسسات الأوربية الأمريكية و(ملة اليهود والنصارى) المالية فيها، شمولاً يبدأ من شراء عبوات الماء القراح والماء المزخرف وليس نهاية بخدمة تنظيم أموالــ(ـه)، وهي علاقة سماها فقه المعاملات الإنجليزي ((علاقة السيد والعبد)) ثم حسن تلك التسمية فحولها إلى ((علاقة السيد والخادم))! وهو أمر على تفاوته، فإن ما فيه من ظلم بين يدفع الشخص العياري صاحب النظرة الى القيم والمتطلع إلى سؤددية الحق والعدل إلى الإتجاه إما إلى فرز ما حوله من قيم وجماعات ومعاملات ونتائج، مع إختلاف في ظروف وطبيعة هذا الفرز شكلاً أو موضوعاً سعةً أو دقةً، أو يضرب في الأرض مهاجراً من الطاغوت هجرة النبي إبراهيم (ع) راجعاً إلى ديار أجداده في شق من زنجبار ذلك الزمن في اليمن أو السودان حيث تزوج الأميرة السمراء هاجر.

من هنا يمكن فهم نفور كثير من البدو واليمن وعرب الخليج وأشياعهم في بلاد أفريقيا وآسيا من حالة الإستغلال والخضوع الربوية وما يتعلق بها من تنظيم سياسي ملكي مطلق لشؤون الدولة، ولكن العصي على الفهم إرتباطهم بحرية بعض الأفراد في تملك الموارد!؟



2- زواج "الحهاد" والــ"CIA"

كانت أفغانستان قديماً وسطاً بين ثلاثة حضارات: الحضارة الصينية، الحضارة الهندية وحضارة الخزر اليهودية. وككل الحضارات التي عجزت عن تجديد علاقات الإنتاج فوقعت ضحية للتخلف والتنازع والإستعمار آلت أفغانستان بذلك التخلف ونزاعاته إلى خراب كان يتزعمه ملك، قبل أن يجلس على تلته رئيس. ولكن في فبراير سنة 1978 مع التململ ضد أمريكا في مصر(1977) وفي تركيا، حدثت الثورة التقدمية في إيران ضد الشاه والنفوذ الأمريكي المهول في ذلك البلد ثم إستولى االإسلاميون الأكثر تأثيراً على تلك الثورة وحرموها من رفض ديكتاتورية السوق، ولكن كان واضحاً إن حصار أمريكا لجنوب الإتحاد السوفييتي يضعف، فكذلك في سنة 1978 حدثت في أفغانستان -الموالية لبريطانيا وأمريكا- ثورة تغيير بقيادة الضباط الأحرار من حزبي الشعب والعلم (خلق وبارشام) الذين بدأوا بها تغييرات جذرية في طبيعة الحياة الأفغانية شملت: تشييد الطرق، وبناء المدارس والجامعات، وتوليد الكهرباء وتوفير مياه الشرب النقية، وبناء المساكن، تأسيس أو توسيع أنشطة الثقافة الجماهيرية (الإذاعة والتلفزيون والصحف والسينما والمسرح)، وصناعة الأحذية والملابس وبعض اللوازم الطبية، مفتتحين ذلك التغيير بإلغاء الإقطاع، توزيع الأراضي على الزراع الأفراد الفقراء (ضد تحكم شيوخ القبائل)، ومنعهم زراعة وتجارة الأفيون التي كانت مصدراً لتجدد ثراء ونفوذ بعض شيوخ القبائل.

بعد سنتين من بداية هذا النضال بدأت حملة إعلامية وديبلوماسية وعسكرية مشتركة بين الإمبريالية العالمية والرجعية العربية والصهيونية العالمية ضد حرية وإستغلال أفغانستان، وكان أقوى حلفاء تلك الحملة في داخل البلاد بعض الإقطاعيين وشيوخ القبائل الذين صادرت الدولة تملكهم أراضي المجتمع، وبعض المسيطرين منهم على تجارة الأفيون، وككل كان كبار شيوخ القبائل وتجار الأفيون يمثلون قوة داخلية رهيبة في بلد متخلف يكسبون كثيراً من المال والجاه من أفينته وتخلفه، ومع تزايد العدوان دعى الثوار حكومة الإتحاد السوفييتي وفق معاهدة التعاون والصداقة إلى حماية الأمن والنظام في تلك الجمهورية البائسة في العالم، فدخلت القوات السوفيتية أفغانستان سنة 1980 مع بداية الحرب العراقية الإيرانية، ومن ثم تأججت الحملة الإمبريالية الرجعية ضد أفغانستان.

كان الوجود العربي هناك بقيادة المرحوم: عبدالله عزام وهو -في تصور معين- قائد رجعي عربي من لدن الكيان البريطاني لمشروعات وتنظيمات "الجامعة الإسلامية" و"الجامعة العربية" ثم "المؤتمر الإسلامي" وقد تحور عزام برعاية أجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية والسعودية والباكستانية والإردنية والإسرائيلية إلى (زعيم) جهادي عربي إسلامي يخدم آيات القرءآن وصنوف الأحاديث النبوية للتغرير بالشباب في الدول العربية اللغة، ذات الوجود الإقتصادي والعسكري الأمريكي البريطاني الكبير، يجمعهم منها ومن فلسطين للتخريب والقتال ضد الحكم التقدمي في بلاد أفغانستان المتخلفة الممحوقة برأسمالية القبائل والأفيون وبريطانيا.

كان أسامة بن لادن الذي أتهم فيما بعد بإغتيال عبدالله عزام، في ينوع الشباب وتفتحه حينما أتى إلى معسكر عبدالله عزام، أمين سر الجهاديين العرب، الذين عرفوا في بداية إنتشار الكمبيوتر بإسم "قاعدة البيانات" المصنفة لهم (= سجل بيانات أفراد الجماعة) بينما كانت المخابرات الأمريكية بعد ثلاثين سنة من قيادة الحرب العالمية الباردة ضد الشيوعية في قمة نشاطها المباشر ضد الشيوعية هناك وكان الامريكان إضافة إلى التخطيط والدعم والتحريض والتمويل والتسليح والتنسيق العام للحرب ضد الحكم التقدمي وجنوده الأفغان والسوفييت تقدم للـ(مجاهدين) حسب طبيعة وجغرافية تواجدهم صور الأقمار الصناعية عن الوحدات والآليات العسكرية القصية عن بقية الجيشين الأفغاني والسوفييتي،’ ليقوم المجاهدين بقذفها وقتل من فيها، ثم تحمل وكالات الإخبار والإنباء الصهيونية أنباء إنتصاراتــ(هم) وصورها المفخمة إلى العالم تخذل بها المستضعفين عن (ويلات) التقدم الإجتماعي في أفغانستان، تنادي شباب المسلمين في العالم إلى إنقاذه من الإشتراكية في الموارد وهيئات تنظيم النفع بها، وتحرضهم بها ضد حرية أفغانستان من التخلف والأفيون، ملقية بهم في تهلكاتها المحلية والعالمية!!

وإن كانت عمليات الجهاد العربي في أفغانستان قليلة العدد ضعيفة الأثر سواء لتأخر العرب الأقرب إلى فلسطين في الحضور إلى أفغانستان نفسها، أو لغربتهم عن معرفة أرض المعركة، إلا إن العمليات الجهادية من بعضهم أسهمت مع العمليات الكثيرة للجماعات الأفغانية الكبرى في دفع الحكومة الأفغانية بالقوة سنة 1987 إلى أن يطلبوا من السوفييت سحب قوة مساعدتهم، مما أدخل في نفوس قلة الجهاديين العرب بداية من سنة 1988 شعوراً أسطورياً بالقوة والزهو.

زهو الإنتصار على الحكومة التقدمية في أفغانستان الذي أضرم القتال الضاري بين جماعات الجهاد الإسلامي الأفغانية كل حسب طبيعة تكوينها القبيلي وتمولها وتاريخ وجغرافية تمركزها، يقتلون ويذبحون بعضهم للتحكم أو للحرية في تلك البلاد القبائلية ذات الثروات، زامن في تلك الثمانينيات والتسعينيات مع تقدم وسائل الإتصال وإرتفاع شعارات العولمة وقيام الرئيس الامريكي جورج بوش الأب في خطاب أمريكا في هيئة الأمم المتحدة في نيويورك في 11 سبتمبر 1990 بإعلان قيام نظام عالمي جديد! زامن كل ذلك قيام المقاتلين المصريين "أيمن الظواهري" و"سيف العدل" بإستقطاب وتنظيم الشاب الجديد المفرط الثراء المشحون بروح جهادية غالى في تصور تبيينها الحق والباطل، فأدخلوا هذا الشاب (= أسامة بن لادن) في دعوة (عالمية) لإخراج الأمريكان من شبه جزيرة العرب!!، وسموا حركة الإخراج هذه تنظيماً قاعدة للجهاد ضد الصليبية واليهودية العالمية ووفق تنظير(المال والسلاح والإعلام) فبالإمكان تخيل إنهم تعلقوا أيضاً بوشائجهم مع الشيخ القرضاوي أستاذهم في تنظيم الإخوان المسلمين والإحتفاء به وبأراء جماعة الإخوان المسلمين في برنامج الشريعة والحياة وفي الأسلوب الفعال لقناة الجزيرة في صياغة أكثر الأخبار السياسية المتعلقة بهذه أو تلك من الحركات الإسلامية السياسية بصورة موجبة لهذه الحركات وسالبة جهة المختلفين معها. محتفين ولا شك ببعض المواشجين لهما في سجون مصر وفي قناة الجزيرة وفي مجتمعات بعض المساجد، صورا له إنه سيركب فيلاً عظيماً !!

مع نشاط إعلام التنظيم في نشر بياناته وإحتفاء تلفزة الجزيرة بها صدر مرسوم ملكي أو أميري بحرمان سليل حضارتي كللوا وزنجبار والجنوب العربي اليمن من (تابعية) الدولة السعودية!! وبين الهجرة والحرمان نفرت منه عائلته بعدما كانت محتفية به!! ولم يفلح للشاب أسامة لجوءه من الحرب الإسلامية (الأهلية) في أفغانستان إلى السودان الإسلامي للإستمرار في حياة إستثمارات بدأ يعيشها، حيث قرر الحكام الإسلاميين في الخرطوم،الذين نهلوا من خيره، قرروا إبعاده، فإستقل طائرة خاصة عادت به من الخرطوم إلى أفغانستان عبر دول عددا، بينما سلموا المدرب العظيم لأجهزة الأمن السودانية الرفيق الفنزويلي العربي الإسلامي الإنتماء "كارلوس" بلاحياء ولارحمة إلى سلطات الإمبريالية الفرنسية!! مثلما سلموا مئات الملفات والمعتقلين إلى طائرات المخابرات الامريكية في مطار الخرطوم بعد حوادث 11سبتمبر 2001

كان تلاميذ القرضاوي أو تلامبذ فكره أيمن الظواهري وسيف العدل هما المنظمان الأشهر للحركة الجهادية الجديدة مخلصان لها حيث لا معيشة لهما بدونها، فذهب الظواهري إلى تدبير الأمور السياسية والإدارية العامة وذهب الضابط المصري السابق سيف العدل للتلغيم والطعان حتى إغتياله بقذيفة أمريكية موجهة، بينما كانت لأسامة بن لادن مهمة التزعم، وهي مهمة رئاسة ومظهر وخطب، وتمويل، وفي كل أمر هذا التنظيم فإن أسامة بن لادن لم يكن صاحب الفكرة السياسية أو التنظيمية أو الخبرة العلمية أو العملية في الموضوع بل كان في التنظيم صاحب الإمتياز المالي والعائلي. فأهل حضارة وادي النيل لايرئسون أو يأمرون عليهم بدوياً إلا لمال.

حين بدأت الدعاية الإمبريالية وقناة الجزيرة في الترويج لعمليات القاعدة ضد السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا وه بعض زنجبار القديمة لم تلق أمريكا بالاً إلى الأصوات التي ناشدتها 1- إلتزام الحكمة والسياسة في التعامل مع الخصوم الفكريين و2- التعامل بأحكام القانون مع المتهمين بالقيام بهذه الهجومات، وحتى 3- تنظيم حربها الدعائية أو العسكرية وفقهما( = السياسة والقانون).
فإتبعت الدول الخمسين المكونة للإتحاد الأمريكي منطق القوة الغشوم وحكمها الأحمق مشكلة بنفسها أدوار الخصم والقاضي والمنفذ!

كان منطق الحرب الصليبية القادم من القرون الوسطى إن بإمكان مثل هذا التنظيم يوماً ما تسميم مياه مدينة أو بث غاز الأعصاب ضد تجمع سكاني، وهو أمر قائم في كل جماعة ضد، ولذ لا يمكن للظن أو للخيال أن يكون سبباً موضوعياً لشن الحرب، ولكن في تفاصيل هذه الخصومة، جاءت حوادث 11 سبتمبر 2001 التي دمر فيها مركز التجارة الإمبريالية العالمي في نيويورك وجزء من وزارة الحرب الأمريكية، وتهدد بها وجود الكونغرس والبيت الأبيض.

وإذ نسبت الأجهزة الامريكية فعل الحادثة إلى 19 شاباً ربطوا بـ(تنظيم) القاعدة، بينما الأصح أن ينتبه الناس إلى زيادة نمو أفكار الجهاد والتداخل بين أصحابها وتفجرها إثنى عشر عيناً في كل قارة وبلد من بلاد العالم خاصة مع زيادة الطغيان الامريكي الإسرائيلي وتوافق الديكتاتوريات العربية الإسلامية على ترضيته بل والتودد إليه بعدد من أعمال القمع ضد أعدائه الرئيسيين منها:
1- شن الحرب النفسية في وسائط الإعلام والمساجد والكنائس ضد الشيوعية وعلى فكرة إشتراكية الناس في السلطة والثروة،
2- قمع الحركة النقابية في كل مجال عمل بكل أدوات وأشكال العنف المادي والمعنوي
3- تحجيم وتدوير وتمويل المطالبة بالحقوق الوطنية والإنسانية ... مناديل لاتجرح خداً،
4- قمع وتعهير الحركات القومية الجادة،
5- تنمية وتفريخ العنف الديني كفزاعة ضد المعارضين السياسيين وكسلاح للإمبريالية ضد الشيوعية (ذو حدين).

خارج القمع الصريح بالعنف البدني للإعتقال والحبس والتعذيب والفصل من العمل إلخ تأتي أيضاً نتيجة الإمبريالية والديكتاتورية المالية في العمل السياسي حالة إفلاس إمكانات التعبير والتغيير السياسي والمدني الفعال مع وجود سيطرة رأس المال المحلي والعالمي على الإمكانات السياسية والإعلامية، وكلها مع النقاط الخمسة أعلاه أمور تزيد في المستضعفين المحرومين من الفاعلية نزعة أو حمية الإتجاه إلى الله حيث بإمكانهم التعبير (الحر) عن وجودهم وفلسفة بطريقة تثمن وضعهم وتعلي نفسهم أم نفسهم بإيمانهم بالله وأسماءه الحسنى الكريمة ـالتسعة وتسعون- بطريقة يرونها صحيحة وهي كثيراًً ما تكون صوفية شكلية، أو إعتزالية شكلية مضطربة مخاتلة، أو تكون جهادية عسكرية وهي كثيرة في مناطق الصدام الطبقي أو الثقافي أو الدولي!!

وفي جهة ضد القول بقاعدية أحداث 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطون، فإن كثير من الامريكيين قالوا وكتبوا وظاهروا ونظموا الجمعيات وعقدوا المؤتمرات وأصدروا البيانات والنشرات عن إنها حوادث ذات قيادة أمريكية موكدين ذلك بدلائل شتى مادية وعملية.

كان قيام الإمبريالية الأمريكية- البريطانية و(الأسترالية والكندية) والأوربية بغزو وإحتلال أفغانستان ثم العراق مرتكبة الأكاذيب والفظائع، وما واكب ذا االغزو والإحتلال من إصطناعات فلسفية وتبرير وتأييد ديمقراطي ليبرالي للعدوان الأمريكي نهاية تاريخية لزخم شعارات "الحرية" و"الإخاء" و"السواء" التي رفعتها البرجوازية في حربها ضد الإقطاع في عصر تنوير أوربا وإنتقالها إلى الرأسمالية. وإذ كانت البرجوازية الثورية في أوربا التنوير قد مهرت طرح هذه الشعارات بدماء غزيرة حين إصدارها، وإنتهت بها إلى حروب كرومويل ثم حروب وليم البرتقال الثالث ومن بعده في بريطانيا 1689-1710 ثم الثورة الفرنسية وعهد الإرهاب الفرنسي فإنقلاب نابليون وحروبه الدموية المدافع، لنشر الحرية والديمقراطية في العالم الاوربي وحربه على الآيديولوجيا كفقه محصحص لمدى علمية الدراسات والبحوث والطروح العامة، فإن دماء المسلمين والمسيحيين التي أسست في القديم عبر إخوان الصفا وجماعات الإشراق هذه الشعارات قد مهرت سقوط هذه الشعارات في ختام دورتها الرأسمالية في حرب إمبريالية صهيوصليبية النزوع شنتها أمريكا وحلفاءوها في أفغانستان وفي العراق مهد التبلور القديم لهذه الشعارات.

سقطت شعارات الليبرالية والديمقراطية وحقوق الإنسان في خضم نهاية دورة الحياة الرأسمالية حيث معدل الخسائر أكثر من معدل الأرباح وطبيعة صناعة الجديد تختلف عن طبيعة تكاثر الحاجات، وقد ألقيت هذه الأيدي الفكرنظرية إلى التهلكة بقرارات ديمقراطية مصدرة من مجااس حكم الرأسمالية (البرلمانات) وضعتها عملاً في الهامش محكاً للأزمة والخيارات الرأسمالية العالمية التي تفجرت في بلايين الناس بالحروب والضنك بالطغيان الإمبريالي العالمي.

كان ذا الإحتلال والقهر العالمي مارافقه من تضليل وسلخانات تعذيب ونهب وإغتصاب وفساد جزءاً من حالة قيام الفيل العسكري الأمريكي الإمبريالي بالتمدد ضد حقوق المجتمعات والدول بإسم حالة "الحرب ضد الإرهاب" في ما يشبه في عالمنا الثالث تشكل ووجود "حالة الطوارئي" وهي حالة في القانون العام للدول كافة تبيح لقيادة أجهزة الدفاع والأمن في الدولة إتخاذ أي إجراءات يرونها ضرورة لحفظ الأمن و(النظام) حتى ولو كانت ضد كرامة وحرية وحقوق الإنسان أو ضد حقوق مجتمعات ودول أخرى!؟

لقد إنتهى زواج "الجهاد" مع المصالح والمخابرات الامريكية الذي إستمر منذ سنة 1953 إلى سنة 2001 إلى حالة حرب متنوعة بعضها عسكرية صريحة وبعضها حرب قذرة فيها التلبيس والتبليس، ومن المزج بين الحرب الطويلة ضد الشيوعية (1920-1991) والحرب ضد الإرهاب (2001-2011) وديالكتيكهما كان قيام أمريكا بفرض "إتفاقات الشراكة في الحرب ضد الإرهاب" (بين أمريكا وأحاد دول العالم الثالث) نوعاً من "عقود الإذعان" التي لم يك في وسع أنظمة الحكم والإقتصاد التابعة لأمريكا سوى توقيعها والرضوخ لما فيها من بنود. كما كان التمدد والطغيان الأمريكي المسلح قبل وبعد 11 سبتمبر 2001 جزءاً أصيلاً من تمدد مشروع العولمة والخصخصة كوجوه جديدة للإستعمار الحديث بإسم "التعاون الدولي" و"حماية الإستثمارات"، تعود بالأمور في أكثر دول العالم الثالث إلى حالة التبعية الإقتصادية المالية والتجارية المباشرة المرفقة بالإحتلال أو(الوجود) العسكري الأحنبي في أراضيها لسبب من ثلاثة أسباب أو منها ككل:
1- حالة "الحرب ضد الإرهاب"
2- "حماية الإستثمارات"
3- "ضمان مناخ آمن لإستثمارات قادمة" !؟



3- من (الحرب الجديدة في الصين) إلى الحرب الجديدة ضد الصين:

مؤشرات سيف المعز الأمريكي وذهبه وضحت لجمهور كثير في عوالم المسلمين والنصارى واليهود إن شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان وخلطها بمسآئل التعاون والتنافر الدولي خرجت في سياقها السياسي الإقتصادي عن طور حدوث التحالفات الدولية وفق بعض المصالح الجزئية الموقوتة، وإن شكلها العسكري خرج عن نطاق عمليات عسكرية مفردة تقوم بها مجموعة عسكرية ضد أبنية أو حنود نظام معين ترفضه وخرج حتى عن شكل الحرب المألوف بين دولتين، منتقلاً إلى طور وشكل جديد للحرب العالمية والصراع الطبقي العالمي بين القوى الإمبريالية والشعوب والقوى المضطهدة.

كان ماركس وإنجلز قد صكا إصطلاح "الحرب الجديدة" في مقالات لهما في صحف نيويورك في عقد الخمسينيات من القرن التاسع عشر وذلك لوصف أعمال المقاومة الشعبية في الصين ضد القوى المدنية والإقتصادية والعسكرية للإستعمار والإمبريالية البريطانية والأوربية دون تمييز بينهم، حينما خضع إمبراطور الصين وحكومات أقاليمها وجيوشها للإمبريالية بعد حرب الأفيون الأولى والثانية، وهي الأعمال القاسية التي كان الإعلام الأوربي والأمريكي يصفها بـالإرهاب !!

الآن مع سطوع نجوم الصين فإن الحرب العالمية الجديدة تقودها قوى ديكتاتورية النظام الرأسمالي المعتل لهدف إحكام سيطرتها على أمور السلطان والتمول العالمي في أكثر دول العالم التي أضحت بفضل التعليم والمعرفة والوعي والتعاملات الصينية أكثر إتجاهاً إلى الإستقلال والكسب والتمول خارج دائرة العملات الأوربية والأمريكية.

منذ قيام الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب في هيئة الأمم المتحدة يوم 11 سبتمبر 1990 بإعلان قيام نظام عالمي جديد راكز إلى ديكتاتورية (حرية السوق) وتنظيمه السياسي للموارد وهيئات تنظيمها والتعامل معها بمنظمات مجتمع مدني (جمعيات خيرية تتسول تمويلها من القوى الإمبريالية) مذاك، ظهر في بعض وسائط الإعلام إن قوى المحافظين الجدد الصهاينة وغير الصهاينة (فاشست ونازيين) بمشروعهم المشترك المسمى: "القرن الواحد العشرون قرن أمريكي" يقودون هذه الحرب بصورة يومية في داخل هيئات المخابرات والتشريع والإدارة والحرب والديلوماسية والإعلام الأمريكية في نمط إمبريالي عدواني للسياسة، بينما تقاومه أو ترفضه مجموعات شتى في الجهة (الضد) وغير قليل من بعض قوى الحلفاء.

من القوى المقاومة لمشروع السيطرة الأمريكية بفعل الظروف الأمريكية الجديدة التي وجدت فيها نفسها: القوى الإسلامية السياسية التي رعتها وضخمتها أجهزة التحكم والديبلوماسية والدعاية الأمريكية بما فيها مؤسسات المعرفة والتعليم والإعلام، لتجني من وراء حالات الخوف منها أو الطمع إليها مكاسب فكرية وجيوسياسية جديدة تتحول بها أمريكا من دولة رد فعل إلى دولة قيادة فعل!

وعلامة العجب السابقة لأن التغيير في موقف بعض الأفراد والقوى داخل تيارالإسلام السياسي وداخل مؤسسات التحكم والقيادة الأمريكية يتجنب فحص ونقد الأساس الإقتصادي للطغيان الأمريكي وطبيعة إصابته بالترهل ومعرفة كيفية توالي إصابات دولته بإنسدادات الدماغ المالي وإضرابات القلب الصناعي العسكري، وبتصلب الشرايين التجارية، في خضم المواجهة المستترة القائمة مع نجاحات الصين وروسيا والهند والبرازيل ..إلخ في التجدد بلا إستعمار قديم أو حديث. فإعتقاد مراكز الإمبريالية الرجعي في إن سيطرتها الشاملة على موارد السوق وآلياته (ديكتاتورية قوى السوق الكبرى) ستنتج لها أرباحاً حقيقية مستدامة، يناقض حقيقة إن حالة السيطرة الشاملة على أكثر موارد السوق هي نهاية لأسس عملية تكوين الأرباح بما تتطلبه من حريات إقتصادسياسية وتنوع في أنماط تملك الموارد يكون إنتقال المواد والجهود بينها بقيم محسوبة هو أساس تكوين الأرباح، فبدون وجود ذي الحريات النسبية المحدودة في أشكال التملك والإستثمار يخرج الأقتصاد المعني من طبيعته التداولية الرأسمالية لتكوين أرباح حقيقية إلى كونه نظاماً للإستعباد.

إن الطرف الظاهر الآن في هذه الحرب العالمية المجال بين الإمبريالية والقوى المختلفة المقاومة لها، أي الولايات المتحدة الأمريكية طرف عاجز بطبيعة بنية حياته عن تقديم بديل موضوعي لحالة الإحتكار الإمبريالي لأكثر موارد العالم وآليات تعاملاته وتغيير النمط التراتبي للنفع بموارد البيئة وبحياة البشر، وما يرتبط بذا التراتب والترابي الكامن فيه من عنف مادي ومعنوي كامن في بنية حياته.

كذلك فإن الطرف الجهادي المقاوم بحكم ما ألف عليه آباءوه من عادات ذهنية وتقاليد ثقافية في التفكير عاجز عن إدراك جزء كبير من علاقة السبب والنتيجة في تعينها الإقتصادي بين حالتين:
1- حالة "ربا العمل" (= إستفاضة قيم نقودية من عمل الناس في وسائل الإنتاج المملوكة لأفراد منهم) و
2- حالة "ربا المال" و"الطاغوت": حيث الطاغوت والطغيان في الإنتاج ومراباة شُغل الناس فيه هو الذي يخلق كل صور التَرابي في كل التعاملات بما يجعل بعض الناس -مادام حاكماً موارد وآليات وأحوال معيشة أكثرهم- يقول لأكثر الناس حيناً بالعمل وأحياناً باللسان: كونوا عباداً لي من دون الله.

بالإمكان القول بموضوعية إن (الجهاد) في أفغانستان وجملة العالم إنتهى في الجانب الظاهر من صولات الوغى والإعلام المتداخلة إلى كشف الطبيعة الطاغوتية للدولة الأمريكية من حيث شكلها السياسي العسكري الإمبريالي وزيف الدعاوى والشعارات التي تحاسب بها أكثر دول العالم، وإن هذه الأفكار والشعارات السياسية هي مجرد أصنام فكرية تأكلها عند الحاجة، لكن هذا الجهاد بقى بعيداً عن مس الأصول الإقتصادية لهذا الطاغوت سواء في جهة الأفكار المؤسسة للإمبريالية وطاغوتها (فكرة تملك بعض الافراد موارد ووسائل حياة المجتمع وحريتهم في حيازتها والمتاجرة بها والتربح منها) أو في جهة إستغلال موارد وعمل الناس وإنتاجهم الذي تعيش وتنمو منه الإمبريالية. فهاتين الجهتين بقيتا سالمتين من أي أعمال جهادية فكرية أو نقابية أو سياسية أو إعلامية أو بيئية تنفع أكثر الناس وتسلم كينونة وجودهم وبيئتهم من مخاطر الربا والترابي والتوالى معه: وأولها الظلم والإستغلال الطبقي والفقر وموبقاته التهلكات (= الجوع، والعطش، والتشرد، والجهل، والمرض، والتسول، والطمع ،والخوف، والعنف، والخيانة، والنهم، والإلتهاء) .

ذا الفقر في التفكير الإسلامي والجهاد يزيد كل يوم على أكثر المسلمين حيث تؤجج وسائط الإعلام الإمبريالية الفهم العسكري للجهاد مغلبة إياه على أنواعه وصنوفه الأخرى النفسية والإقتصادية الإجتماعية والثقافية والعلمية والسياسية، بينما تواصل بث العداوة والبغضاء بينه وبين الفهم الإشتراكي العلمي للتاريخ الإقتصادي لأمور التعاملات السياسية الإجتماعية، تغلق في وجهه كل الأبواب حتى باب ((المال عصب الحياة)).



4- من أزمات التترس إلى أزمات الإستتار:

كان أشد ما نفع أمريكا وأولياها في حربها الظاهرية والشكلية ضد تيار العنف الديني الإسلامي العالمي الذي تسميه "القاعدة"، هو قيام هذا التيار بنفسه بإعلان مركزي عن وجود وأهداف تنظيم عصب له في وقت كانت فيه أفكاره وإدارة أعماله لامركزية: فمن مراقبة منطقته المركزية في باكستان- أفغانستان عرفت قوى الإستكبار كثير من أفراد هذا التيار وأفشلت بعض خططه بل حتى معرفتها بعض إتجاهاته إستثمرتها لمصلحة الإمبريالية في لجم الناس عن التفكير في أمور معاشهم بمنطق الطبيعة: (نمو وتطور الأشياء من القلة والبساطة إلى الكثرة والتعقد، وتغير كم الأشياء يغير طبيعة وجودها، ووحدة العالم وتفاعلاته) غير حربها الظاهرية عليه أفادت القوى الإمبريالية من الإعلان عن وجود هذا التيار في ضرب وحدة المستضعفين في الأرض، وأكثرهم من المسلمين والنصارى الذين يمثلون ¾ ثلاثة أرباع العالم الثالث الذي بدوره يمثل ¾ ثلاثة أرباع العالم.

يذكر خطر هذا الإظهار والتخفي بما كان من محن وإحن حاقت ببعض مذاهب آل البيت عليهم السلام جعلت بعضهم يتحولوا من التترس ويلجأوا للإستتار فكانت مخابرات الدولة العباسية تلبس عليهم وعلى الناس الأمور حيث يتخفى واحد منها في سمت يوحي لآخرين بإنه إمام مستتر أو ولي له وبإطمئنانهم إليه ثم يؤدي بهم وبفكرة الإمامة إلى مهالك عدداً.

والآن لا يدري أحد حقيقة الذي كان يوجه الزرقاوي حين قصم بفظاعاته العملية واللفظية بعض التناسق والوحدة في النضال والمقاومة ضد الإحتلال الأمريكي للعراق!! ولا يدري أحد حقيقة من كان يوجه بعض السلفيين الوهابيين إلى نسف مساجد الشيعة في العراق أو باكستان أو أفغانستان أو تفجير الكنائس الشرقية في العراق وفي مصر أصل المسيحية لمصلحة دعاوى وكنائس أوربا وأمريكا وتياراتها الصهيومسيحية!! ولا يدري أحد حقيقة من يوجه بعض السلفيين الوهابيين إلى تركيز نهجهم في التعلم والتعليم خارج علوم الحساب، والفيزياء، والكيمياء، والطب، والزراعة، والإقتصاد، والفلسفة، والعلوم النفسية والإحتماعية، والحقوقية والسياسية، ومدى المصيبة والخطر في قوم يفهمون القليل من العلوم الضرورة للحياة، ويلمون بقليل من تاريخ الأدب والفن والموسيقى، كيف لهم أن يصنعوا جمالاً حقاً أو أن يطلبوه؟



5 - في الحساب والتصوير والحوار :

لا يمكن حساب الأحوال الإجتماعية السياسية والثقافية والدينية لوضع إقتصادي عالمي معين ببضعة أعداد جافة، كما لا يمكن تصوير الحياة البشرية وأحوال التعاملا ت الإقتصادية والسياسية والثقافية فيها دون تحديد معالم رئيسة في كيفية إجتماع الناس ومعالم تحكمهم كلهم أو بعضهم في موارد ووسائل حياتهم زراعة وصناعة وتجارة وطبيعة إقتسامهم وتوزيعهم جهودهم فيها وتوزعهم خيراتها أطواراً وطبقات بعضها فوق بعض في سعيهم وكدحهم إلى مآلاتهم المختلفة وإلى جلالة المئآل الأعظم لكل منهم.

وما كان لإشارات القرءآن الكريم إلى فائدة حركة الأفلاك والنجوم في العلم بعدد السنين وحساب عناصر وجود وحركة أشياء الطبيعة وماكانت لإشارات النظر إلى خلق الإبل أو رفع السماوات عن التفكير وتدحية الأرض للإنسان ووضع الجبال كرواكز ومعالم لحركة طبقات الأرض وفائدتها في وزن حركة دوران الكوكب حول نفسه وحول الشمس وكذلك الإشارات القرءآنية إلى تأثير الماء في خلق أطوار الحيوات نباتاُ وحيواناً ومجتمعات كلها تشكل في ثقافة المتدينين المسلمين معالماً للتفكير في قوانين الطبيعة أو تزكية لمحاسبة الإنسان لنفسه بالتفكر في ما حوله فكلها إشارات ما كان لها أن تكون ذات معنى أوفر إن لم يخدم المسلمين حكمتـ(ـهـا) أو حكمتـ(ـهم) منها في قسط أمور حياتهم وإسلامها من تناقضات الظلم الطبقي بأشكاله المثاني: تناقض (الكادحين المستضعفين والرأسمالية)، والظلم الإقليمي في علاقة(الأرياف- المدن)، والمظالم النوعجنسية (النساء-الرجال)، وفي جهة الأجيال (أطفالاً وشباباً وكهولاً وشيوخاً). فدون الحساب الطبقي لأطوار التعاملات والمظالم, يتحول حساب النفس في التعاملات الإجتماعية إلى إستهبال مادام يقصر الميزان في آية ((وأوفوا الكيل والميزان)) قصراً مخلاً بإجتماعية الإسلام وكتابه على ميزان الدكان مبعداً عن الآية معنى ميزان الإنتاج الزراعي أو الصناعي وعلاقات الإنتاج المشكلة لأحوال المجتمع وأكياله وموازينه الصغرى,

في هذا السياق لا يمكن القيام بتناول موضوعي للجزء الظاهر من الصراع الطبقي العالمي بين الإمبريالية والذين يرفضون بعضها أو كلها بمجرد عرض أرقام يابسة كما لا يمكن الإستغناء عن دالات الحساب في أي مقال أو حوار يتناول الطبيعة العامة للحرب الجديدة في العالم منذ رفع العلم الأحمر على قمة رايخستاغ ألمانيا النازية فجر اليوم الأول من مايو سنة 1945 بواسطة الجنود السوفييت لديكتاتورية (= سلطة) الطبقة العاملة العالمية. الحرب للسيطرة الامريكية على العالم التي سبقت ذلك اليوم تجددت بعده بقيام قوى الصهيونية والتعاون السلمي بتسميم الرفيق ستالين (1953) مدخلين إتحاد السوفييت في حالة تناقض بين تعامل مجتمعاته بالقيم المتنوعة للعمل ثقافة وإسكان ومواصلات وكهرباء ومياه وعلاج وملابس وتموين مجاناً بصيغة (خدمات مقابل عمل) في مجال الإنتاج ، و التعامل بقيم النقود في مجال الإستهلاك مما أدى مع الحصار إلى تسمم الإتحاد وفضه.

كان المظهر الأول لذلك الصراع وحروبه المركزة القديمة ظاهراً في حالات الإنقلابات المدنية الكبرى داخل الأحزاب والبرلمانات، ثم تحور إلى حالات الإنقلابات الدموية ضد الحكام الشيوعيين والإشتراكيين والتقدميين والوطنيين، وإنتهى ضمن غلبة الفهوم البرجوازية لإصطلاح "الثقافة الجماهيرية" وتنظيرات "السياسة الشعبية" و"الواقعية السياسية" إلى زيادة وتائر التدين السياسي والتفتيت الإستخباري والإعلامي لتحالفات القوى القومية والقوى الشيوعية وضربها ببعضها لتصعيد التدين الإسلامي السياسي ونقله بالتدريج من حالة العصبية في النشأة والعسكرية في الفعل إلى حالة الإعتدال والسياسة والكلام بالإتفاقات التي هي أحسن للطرفين، وفي كلا الحالتين المتداخلتين كانت قوى الإسلام السياسي -ولم تزل- تبشر بتحرير العالم من المظالم وهي تقف مع ديكتاتورية السوق!! وكل دولها في ممالك الملايو والخليج والمغرب أو في جمهوريات باكستان وإيران وأفغانستان موريتانيا وغزة والصومال وجزر القمر حافلة بأسس المظالم الطبقية وأشكالها في السياسة والمجتمع والثقافة!؟ فضد حكمة لزوم شكل الظل شكل أصله، تريد قوى الإسلام السياسي إقامة الظل المعوج وهو شكل الحكم (أو حتى إسمه ) دون أن تُقوِم أصله الكامن في طبيعة التعاملات الإقتصادية وبالذات في أطوار وموازين ملكية موارد ووسائل الإنتاج العامة (أراضي، مصانع، بنوك، تجارة خارجية)، وتوزيع جهود العمل، وإقتسام خيراته، بينما لا يستقيم الظل والعود أعوج.

كان نشاط المقاتل أسامة بن لادن في قراءة أو خطابة بعض التحليلات السياسية أو العسكرية المعجونة بالقرءآن والسيرة في هدوء مطمئن يمثل وجهاً جديداً للحرب صكه البلاشفة ومن بعدهم كثير من الفرق الثورية في العالم وهو وجه "الإعلام المسلح" وهو سلاح باتر الحدين حيث السيف [أشد] إنباءاً من الكتب، ولكنه سلاح لا تملكه وحدك. ولأن التاريخ لا يكرر نفسه إلا كمهزلة مؤلمة، فإن المزية العارضة لخطب أفلام (DVD) التي توهجت بكلمات أسامة إبن لادن في قناة الجزيرة سرعان ما أضحت مع إنفتاح الفضائيات مطية ً للمخابرات والعصبيات والعبثيات حيث يقوم بعض ملثمين أو متنكرين بشن هجوم خطابي على جماعة معينة يبخسونها.. أو يقومون بإعدام شخص حاضر أمام الناس تخويفاً لهم من مصيره أو جراً لهم إلى العنف ضد الجماعة القائمة بدور (البطل) في الفيلم كذلك الكلام ضد شخصية تاريخية قضيت قبل قرون، وبكل يهيجون بالتبخيس والإغتيال: التفكير الجزئي الشخصي والعنصري الطوائفي أو العنصري القبائلي!، وبتأثير مشاهد الدماء المهرقة بالسكاكين والمثاقب الكهربية، ومناظر الروؤس والأطراف المقطوعة (مثلما فعل البريطانيين في الملايو، والبلجيك في الكونغو، والفرنسيين في الجزائر إلخ) وصور المذابح وأشلاء الأجساد الممزوقة بفعل القنابل المتفجرات والقنابل الكلمات، وصور التعذيب، وباقي ذخيرة وحيل الحرب النفسية يوقظون بها بل يهيجون الفتن النائمة فتقوم الفتن من المس متخبطة في الناس خبطاً يظنونه كله عشواء وصدفة وأفعال فردية وأخطاء متكررة في الحروب، وينسون معنى رواتب ومهمات: جامعات وكليات وأقسام علوم الحرب، وأقسام تخطيط عمليات الحرب السرية الخاصة، ووحدات التخريب المنظومة في جيوش المخابرات الإمبريالية، وأدوار شركات الإستراتيجية، وشركات الحروب، وشركات الدعاية، وشركات وحدات الإرتزاق التي يبلغ عدد أفرادها في العراق حوالى مائة ألف ((تخفض أمريكا عدد جيشها النظامي وتزيد عدد جيش المرتزقة وأكثرهم من الذين هزمتهم النضالات الشيوعية في بلاد أمريكا الجنوبية)) كما يهمل الناس في ضجة الإعلام وإرتفاع حمى العصبيات تأمل طبيعة مهام العملاء بين الأقارب والأصدقاء، وكيفية أداءهم لمهام التخريب ضدهم بينهم.

في هذه "الحرب الجديدة" التي تشنها الإمبريالية على مركز العالم القديم ترهقه بالأزمات البنيوية في إقتصاده وفي حكوماته وفي ثقافته وبالتالي في تعاملاته، وما تبثه من المهلوسات والمخدرات الفكرية والعملية، وما تنتجه من حملات القمع والحروب المتواصلة، وتسبيب التهميش والدونية والهجرات، والصخب والمن بقوافل الإغاثة، وإثارة هوس المباريات الصخوب والإعلانات الكثيرة و بث عشق التكاثر في الإستهلاك، وترويج الآداب والأغاني المغشوشة، والفلسفات الفراغ، والأخبار الأكاذيب بما فيها أخبار عن ظهور أو قمع فرد من تيار أو تنظيم قاعدة الجهاد، كلها توكد بقياس التأثير إن عملية الجهاد الإسلامي العسكري ضد الإمبريالية ليست على ما يرام، ولن تكون كذلك ما دامت تغفل تأثيرات الحياة بهديرإطلاق رصاص هنا... أو ... بتفجير قنبلة هناك.

في سوء الحرب يبدو من الشائع من الأرقام أن أمريكا تكبدت حوالى 20 عشرون ألفاً من المدنيين الجنود بين قتيل وجريح ومثلهم من المرتزقة الذين إستقدمتهم من جيوش الحروب القذرة ضد الشيوعية في أمريكا الجنوبية، بينما خسر المسلمين حوالى مليون من البشر فيهم كفاءات كثيرة... وأطفال وناشئة أكثر عدداً ..ومشروعات إقتصادية وإجتماعية عددا تبددت شذر مذر.... ولكن من الحسن في هذه الحرب إن الشعارات التي كانت القوى المركزية في العالم الرأسمالي وفي أطرافه في الدول الإسلامية تمارس بها التضليل والتدجيل وتبرر بها العنف ضد التفكير في الشيوعية وإشتراك الناس في السلطة والثروة قد تطايرت وإحترقت وإنكشفت سؤتها باللهيب المشتعل من جلود الاطفال ولحومهم وتقطعت مع أثداء وأرحام الأمهات ومع تفثوء قلوب الرجال، خاصة وإن القوى الإسلامية السياسية مع نجاحها تولي حكم المشرق (إيران، تركيا، العراق) مستعينة بالقوى الإمبريالية وهذه الشعارات لتحقيق الإنتقال السياسي -بواسطتها- من حالة تحالف الرأسمالية التجارية والبيروقراطية الحزبية إلى حالة جديدة أرحب مالاً تضم الرأسمالية المصرفية ذات البنوك ...هذه القوى الإسلامية السياسية تنجح الآن في مغرب شمال أفريقيا في تحقيق هذا الإنتقال مجدداً وأيضاً بمعونة الإمبريالية....متخيلة وواهمة إن تمام إمساكها بزمام الحكم في نصف آسيا ونصف أفريقيا سيكون هو الخطوة التي تسبق قضائهاعلى إسرائيل!! بينما الحالة إن إسرائيل وآلها هي التي تمسك بعناصر حسابات نفط وعيش وسلامة الدول الإسلامية. وتستخدمها إسرائيل بذكاء ضمن مشروع إمبريالي كبير يضغط ب الإسلام على روسيا والصين والهند لفتح مناجمها ومجتمعاتها للإستثمار والإستغلال الرأسمالي (العالمي).

في الماضي المعروف قامت إسرائيل بتخديم نشاط القوى الإسلامية السياسية لضرب حرية وإستقلال مصر في عهدي أنور السادات وحسني مبارك مخضعة مصر وإياهما لمشيئتها في خصخصة الإقتصاد المصري، وبصلاتها أيضاً نجحت إسرائيل في حصار وإضعاف الإتحاد السوفيتي وإرغامه بواسطة ضغط (أصدقاءه) العرب والمسلمين على فتح أبواب الهجرة لإنتقال يهوده وغيرهم إلى إسرائيل ومنها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.. فتأمل. كذلك خدمت إسرائيل ممالك وجمهوريات العرب والمسلمين في حصار وتفتيت وتدمير يوغوسلافيا صديقة العرب والمسلمين مهدرة بالتفكيك كل إمكانات تلك الدولة في النفط والغاز والذهب والفضة والصناعات والزراعة والطاقة والتقنية.التي كانت تضعها بسخاء تحت تصرف العرب والمسلمين في حروبهم مع إسرائيل، أيضاً إستخدمت إسرائيل نفس العرب والمسلمين في حصار وحرق صديقتهم أفغانستان، وفي حرق الجزائر، ثم في حصار وحرق العراق ونسف مقوماته ومقومات الإسلام فيه، وكذلك تخدم إسرائيل ممالك وجمهوريات العرب والمسلمين الآن ضد ليبيا .. فقط لمحاولتها تغيير وضع أرصدة النفط الليبية و.... الأفريقية من البنوك الإمبريالية إلى بنوك صديقة!!

الخلاصة إن تواشج الصهيونية والإمبريالية العالمية الآن مع توفر الدعاية الإسلامية والليبرالية في قنوات "الجزيرة" و"العربية"، و"الحرة" وفي صحف "الشرق الاوسط" و"الحياة" وسيطرتهما على المشهد الإعلامي العربي الإسلامي، أقدر على حماية وجود إسرائيل كون الصهيونية والإمبريالية العالمية بالدعاية الإسلامية والليبرالية مع تغييب التفكير الإشتراكي العلمي أكثر قدرة على إستعمال مفردات وعناصر موضوعات "الثقافة الشعبية" و"الواقعية السياسية" على تفتيت العرب والمسلمين إلى شيعة وسنة، وإلى ثوار وحكام، وإلى مسلمين ومسيحيين، وإلى علمانيين وسلفيين، وإلى مؤمنين وكفار، وإلى عرب وأفارقة، وإلى أهل مدن وأهل ريف، لا يحتاج أمر التفجير سوى مجموعة من فنيي التلفزة وبضعة أشخاص يلعبون أمام كاميراته مشاهد معينة، ما دام الحكام ومادامت القوى السياسية الإسلامية التابعة لهم أو المناوئة لهم ترفض التعامل العقلاني مع التاريخ السياسي الإقتصادي الإجتماعي لتعاملات أكثر الناس في بلادها وترفض حتى التفكر في خلق الاطوار الطبقية لأزماته أوحلولها، إذ يسوق الإسلاميين الناس بالعاطفة الدينية والعصبيات سوق القطيع من تهلكة إلى أخرى ومن وضوح إلى ضلال إلى دجل ... تحت شعار "الله أكبر"!! يسوقون الشعار كما ساقت أمية الناس بالمصاحف على الرماح .

في هذا الخضم: إذا صح إن الولايات المتحدة الامريكية لم تقم بإغتيال أسامة بن لادن بل قامت ب(الإحتفاظ) به مباشرة ... لسبب من تغير علني في تركيبة وأسلوب قيادة المخابرات الأمريكية حدث قبل أيام من نشر الأخبار المتضادة من نوع (( فبضنا عليه))، ((جبن وإختبأ))، ((لم يختبي بل واجهنا وقاوم))، ((لم يكن عارياً فخفنا النسف فقتلناه!)) ((قالت إبنته الصغرى إنه أغتيل بعد القبض عليه حياً))، ((زوجاته الثلاثة وأبناءه الثلاثة وعشرين))، ((مرساله الكويتي))، ((قصره، قيادته))... ((كان يخشى الهواتف وتقنيات الإتصال)) ((عثر في المنزل على سبعة هواتف)) .. ((لا لم يكن يفعل شيئاً مهماً بل كان يشاهد نفسه!! .... نعم كان بيته مركز تنظيم وإدارة!!)).... أنباء تثير الريبة في كل شيئ متعلق بهذه المسألة الإمبريالية - الجهادية خاصةً مع عدم أو منع نشر أي صور (تفيد) أو (تؤشر) مجرد إفادة أو إشارة ولو طفيفة إنه أعتقل أو إنه قتل، وبهذا الأسلوب فإن الجولة القادمة من "الحرب الجديدة" ستكون أكثر غموضاً من الجولة السابقة التي بدأت سنة 1953 بلقاء قادة الأحزاب الإسلامية والرجعية العربية بقيادة نسيب حسن البنا ((الأستاذ)) سعيد رمضان بالرئيس الامريكي إيزنهاور في جناح ومكتب الرئاسة الامريكية في البيت الأبيض.

في ذلك الزمن بدأ قيام الحلف الإسلامي الإمبريالي ضد الشيوعية والإشتركية العلمية، وكانت أولى عملياته الفاشلة محاولة إغتيال الزعيم المصري العربي جمال عبدالناصر في ميدان المنشية سنة 1954.وبعدها قامت الإمبريالية ومواليها الإسلاميون بتوجيه جهودهم إلى الملايو في الخمسينيات وإلى أندونيسيا واليمن في الستينيات وإلى السودان في مارس 1970 و يوليو 1976 ثم إستراح الجميع في صراعات باكستان وظهروا من جديد في مصر السادات الذي تحالف معهم أولاً قبل أن يستدير ضدهم في نهاية التحالف، ثم إتجه النشاط الرئيس لقوى الحلف من جديد إلى باكستان ضد ذوالفقارعلي بوتو وضد الحكم التقدمي في أفغانستان ومع إنهم يقولون بلادينية الدولة في الإسلام نشطوا (ضد العلمانية) في تركيا ومنها تمددوا في البلقان ثم حاربوا السلطة الفلسطينية وحاربوا العراق.

هذا النشاط الإسلامي السياسي كان مزامناً في جانب أخر من الكرة الأرضية تخديم ذات الإمبريالية للتيارات المسيحية الركودية في أوربا وأستراليا وجنوب أمريكا تخديماً بشعاً في بلاد تلك القارات ضد قوى الإشتراكية منعاً للتحرر والتحول والتقدم الإجتماعي من حالة فساد ومظالم توزيع الموارد والجهود والثمرات، كذلك في المحيط عززت الإمبريالية الإتجاهات الدينية في دول حائط أمريكا العظيم في الشرق الاقصى: اليابان، فرموزا- تايوان، كوريا الجنوبية، الفيليبين، وهي دول كانت تحكمها ديكتاتوريات رأسمالية عسكرية مطلقة تحميها أكثر عشرين قاعدة أمريكية تضم في كوريا الجنوبية وحدها أكثر من مآئة ألف جندي أمريكي، وحتى أواخر الثمانينيات في تلك الدول كانت لاتوجد أي حقوق سياسية أو حقوق إقتصادية إجتماعية أو نقابية لأكثر السكان ولا حريات إعلامية لأصحاب الرأي المخالف لرأي الحاكم.!! ...كان الشعار الديني المروج له في تلك المجتمعات الخادمة للصناعة الإمبريالية شعاراً ثورياً في إطفاء حركة تحرر المجتمع مفاده: ((الخلاص بالتأمل)) !!!!! فتأمل...

في عالم الإسلام السياسي في الجمهوريات العربية والإسلامية، تأتي بعض الأسئلة:

كم جامعة شيد؟ كم مشفى؟ كم نظرية في الرياضات أو الفيزياء؟ كم معادلة كيمياوية جديدة؟ كم نظرة فلسفية أنتج؟
الجواب: لا شيء.
أي أزمة إقتصادية نجح في حلها؟
الجواب: لا شيء.
كم أزمة إجتماعية (فقر، جهل، مرض) حل؟
الجواب: لا شيء.
هل أسس نظاماً سياسياً-فعال الإدارة لتنظيم المجتمعات وحل أزماتها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية؟
الجواب: لا.
ما هي الآلآت أو الادوية أو طرق العلاج أو طرق التنظيم والإدارة التي إبتكر؟
الجواب: لا شيء.
هل أنتج أدباً أو فناً جديداً ؟
الجواب: لا
هل أنتج أسلوباً نافعاً في التحقق من الأشياء ومعرفة طبيعة عناصرها وحركتها؟
الجواب: لا
هل نسف جهاديي الإسلام السياسي منشئآت نفط أو عطلوا بنوكاً أو بورصات أو إجتاحوا موكباً ملكياً أو رئاسياً؟
الجواب لا
بصورة عامة: ماذا فعل قادة الجهاد العسكري بعملياتهم الضعيفة الأهداف العكسية التأثير ؟
الجواب: أيقظوا بعض نفوس المسلمين المخمدة برتابة الإستهلاك وبرتابة نمط الحياة برغبة في تحدي جرائم وطغيان الإمبريالية.
ألذلك فائدة؟:
الجواب: لكل شيء فائدة يمكن للبسيط أو للحكيم معرفتها وتقويمها وإستخلاصها.


إن دخول عناصر مختلفة الطبقات والقوميات والثقافات والمرجعيات الفكرية في نوع جديد من الحروب ضد الممارسات الإمبريالية ونشاط هذه العناصر في رفض سيطرة القوى الإمبريالية على أمور الحكم والإقتصاد في البلاد ومقاومة تهميش التفاعلات الطبيعية لبنياتها الثقافية، يؤذن بتكون بعض الحالات الوطنية للجباه الشعبية والتجمعات الوطنية الديمقراطية ضد تحالف ديكتاتوريات السوق المحلية والعالمية. هذا التحالف يتطلب إنفتاحاً من بعض القوى الإسلامية السياسية لمعرفة مقومات صديقهم القديم وعدوهم الحاضر وطبيعة حياته معرفة منظمة بصورة علمية موضوعية تحسب عناصر حياته ونموه وعناصر تناقضه وخسارته وهزيمته، كما يتطلب تكون بعض الحالات الوطنية للجباه الشعبية والتجمعات الوطنية من بعض القوى التقدمية نشاطاً عملياً وثقافياً لإيضاح النقاط التي تزيد أو تقلل التقارب بين أحوال التفكير العلمي في أمور الإقتصاد والسياسة والإجتماع والثقافة وأحوال النمط الديني لإشتغال الأذهان الإسلامية السياسية بطبيعة وأحوال (أمور التعاملات) والبرآءة من (الطاغوت) إن في شكله الإمبريالي العالمي أو في أشكاله الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والثقافية المحلية... فالظلم واحد وإن تعددت فهوم الناس له أو إختلفوا في تسمياتهم لحالاته.
والنصر حتماً حليف الشعوب المتعلمة المنتظمة المقاومة والحسنة التواصل والنضال.
09--05-2011
اليوم الأممي للإنتصار على النازية



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية للبحرين
- حرية السوق بين مؤتمرات الشعب وحرية الشعب، والعنصرية في المجت ...
- الأزمة الرأسمالية العالمية والصراع الطبقي في جمهورية مصر الع ...
- الأزمة الرأسمالية العالمية والصراع الطبقي في جمهورية مصر الع ...
- أخو الصفا: عبدالرحمن النصري حمزة
- 19 يوليو 1971
- التأثيل (1)
- نقاط في تحرير القيمة التاريخية لعَبدُه دهب
- ليبرالية الورى والدنيا في دولة الإنجليز وفئآتهم العليا(3)
- ليبرالية الورى والدنيا في دولة الإنجليز وفئآتهم العليا(2)
- ليبرالية الورى والدنيا في دولة الإنجليز وفئآتهم العليا (1)
- ليبرالية الورى والدنيا في دولة الإنجليز وفئآتهم العليا
- تقاسيم الورد على الغناء المنير
- الهامش .. بين المركزية الأوربية و المركزية الأفريقية
- ضعف مقالات كوش وقوتها
- بسم الله
- آن أوان الفرز والتنقيح .. -الحوار المتمدن- وضرورة التأسيس ال ...
- في -نهاية النقود ومستقبل الحضارة-
- إشراقات على صفاء باريس
- ستون عاماً من النضال الشيوعي في الصين


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - المنصور جعفر - أسامة بن لادن