أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمان فارس - مدينة اكشوا السويدية ما بين نار ونار : مسرحية تاريخية تجمع الماضي بالحاضر















المزيد.....

مدينة اكشوا السويدية ما بين نار ونار : مسرحية تاريخية تجمع الماضي بالحاضر


عصمان فارس

الحوار المتمدن-العدد: 3345 - 2011 / 4 / 23 - 00:25
المحور: الادب والفن
    




رحلة مسرحية عمرها اربعة قرون من تاريخ مدينة اكشوا السمولاندية في وسط السويد ذات الطبيعة الخلابة بغاباتهما وبحيراتها ,اننا نؤمن بأن نهوض المسرح يبدأ عندما يكون ويعتبر المتفرج شريكا اساسيا في عملية الابداع الفني ، اي عندما يكف الكاتب والمخرج والممثل عن تقديم وصفات حياة اولية وجاهزة وتقليدية، ويجب ان يدور الحديث عن حياة الانسان الباني لعالم جديد وذلك بالاشتراك مع المتفرج وعلي مستوي تكوينه الفكري والعاطفي، كما ينبغي التحدث مع المتفرج بجدية واحترام كبيرين والاعتراف بانه يشعر ويفكر بثراء اكبر واعمق منا نحن كتاب المسرح والممثلين والمخرجين، واخيرا كان هذا الاتصال الضروري بالمتفرج يفرض علينا بشكل حاسم الاهتمام يمضون فننا المسرحي وبشكله، وهذه تدخل ضمن تصنيف التاريخية انها تتناول قصصا من التاريخ القديم، ولكنها مسرحية قوية العلاقة بالماضي وقوية الاسقاط علي الحاضر، فمثلا في مسرحية (ما بين نار ونار) انها تدخل ضمن مواصفات المسرح العائلي والشائع في السويد وخاصة في فصل الصيف تقوم البلدية المسؤولة عن كل مدينة باقامة النشاطات الثقافية والفنية وخاصة في فن المسرح حيث يجتمع عدد كبير من العوائل من الهواة ويتم تطعيمها مع بعض المحترفين لتقديم مسرحية في فصل الصيف وخصوصا إذا كانت المسرحية تتناول في مضمونها قصة وبطولات مدينتهم او تاريخ السويد ويكون الاشراف علي هذه الفرق من قبل نقابة المسرحيين السويديين وكذلك تلقي كل الدعم المادي والمعنوي والاعلامي . ويكون المخرج من المحترفين ولهم باع طويل في المسرح . ومسرحية ما بين نار ونار شارك فيها اكثر من 150 ممثل وممثلة وهي من تأليف الكاتب السويدي سفين اولوف ومن اخراج المخرج رولاندستين ستروم وهو من المخرجين المعروفين في السويد بتقديم عروض مسرحية جادة تناقش مشاكل الشباب ومعاناتهم وهو فنان محترف ومختص بأقامة الحلقات الدراسية والورش الفنية في عالم المسرح وبالاضافة انه عازف قيتار متمكن ويمتلك موهبة الغناء , وهو خريج معهد الدراما في مدينة مالموا واخرج الكثير من المسرحيات المحلية والعالمية لمسرح محافظة (يونشوبين) يمتاز الفنان رولاند ستين ستروم بالتواضع وشخصية بسيطة ومحبوبة وهو صديق لكل المهاجرين ومعادي للعنصرية ، اما في مسرحيته (ما بين نار ونار) حاول المخرج بناء الاحداث واستمدادها من المسرح اليوناني وذلك باستخدام عربة (تيسبيس) تجد الممثل الاول وقائد المجموعة (ميكيل) وبكل حيوية وشخص سعيد يغني ويرقص ويحادث ويلاطف كل من مر به. وهو قائد الكورس الغنائي وكل المرافقين للعربة من الممثلين والنساء والاطفال، يعلق علي الاحداث ويروي حكاية مدينة اكشوا القديمة والفرقة الموسيقية تعزف مع مجموعة ترقص علي انغام الموسيقي واداء بعض المشاهد التمثيلية والرقص مع شرب الخمر كما في الاحتفالات في المسرح اليوناني القديم احد رجال الحرس في المدينة يسرق احدي النساء من زوجها عنوة والزوج يقدم الشكوى لدى المحاكم لكن دون جدوي وبدون الحصول علي نتيجة عادلة لاسترجاع زوجته واخيرا تقرر المحكمة حكما عادلا باسترجاع زوجته وتطلب الزوجة منه المغفرة وان يسامحهما علي خيانتهما له وهروبها مع رجل الشرطة. والمسرحية مبنية علي عناصر الفرجة وطقوس التمثيل واللعب من الحافات الفاصلة ما بين التاريخ والحدوثة او الواقع والوهم ، اللعبة المسرحية والدرامية تدور احداثهما في اماكن مختلفة ضمن خصوصية مسرح الشارع ، وقد تم تخصيص عدة اماكن لغرض التمثيل المسرحي وكذلك الشوارع الفرعية وشارع المدينة القديم، وفي هذه الاثناء قبل العرض المسرحي يتم غلق جميع المنافذ والشوارع من والى داخل المدينة يوميا قبل ساعتين من موعد لعرض المسرحي، ويتم توزيع جميع الاكسسوارات وبعض الديكورات وكذلك تهيئة عربة تيسبس مع حمولتهما وكذلك اجهزة الاضاءة المخصصة في بعض الاماكن خشية من تساقط المطر، وقبل العرض نشاهد الممثلين بملابسهم الجميلة يختلطون مع الجمهور القادم من عدة مدن سويدية او من السياح الاجانب يجوبون شوارع المدينة ويتم معرفة الجمهور من خلال ربطة العنق الحمراء والمميزة
وتجري الاحداث مع انتقال العربة وقائد المجموعة الممثل ميكيل يعطي الاوان بالوقوف وماذا يحصل هنا وهناك من مشاهد تمثيلية، ففي باحة الكنيسة القديمة تبدأ المسرحية من هناك مع عربة تيسيبس يتم تعريف الفرقة للجمهور مع مشاهد كوميدية وعزف الموسيقي والرقص والغناء والتعريف من خلال الراوي بمدينة اكشوا والحروب التي خاضتها السويد مع الدول الاخري. وما سببته الحروب من مصائب ومصاعب للناس الفقراء، ثم الانتقال مع العربة والجمهور الي الخان القديم لبيع الخمر وبيع الفحم ويتم الصراع ما بين العاملين في الفحم والنساء من الشرفات يصرخن ويشجعن الرجال علي المبارزة
وكذلك بائع الخبز لينارت المشهور ولا زال احد الشوارع في مدينة اكشوا بأسمه، وفي مشهد كوميدي احدى النساء ترمي الخبز في في وجهه وتحرض الجمهور علي عدم الثقه به وشراء الخبز منه لانهما وجدت حجرة سوداء في الخبز. وفي كل هذه الخصومات والمنازعات يتم فصلها وايقافها من قبل قائد العربة ميكيل اي الممثل ومجموعته وذلك من خلال تعليقاته الخفيفة وحواره المستمر والمبتكر مع الجمهور وكل الكورس المرافق له ولعربته، تجري الاحداث بشكل ساخر ولاذع وبطريقة المسرح الساتيري ويقدم ويعرض اشعاره واصبح رمزا للمثل الجوال المعروض في المدينة، وفي الشارع القديم لمدينة اكشوا الكل يغني واذا بفتاة تدخل من احد الفروع تصرخ النجدة، النجدة، احد حراس المدينة يضع قرصا حديديا علي رقبتهما، يسأله قائد العربة ميكيل ماذا يحصل هناك ؟ فيجيبه الحرس انهما مذنبة لانها تدخن كثيرا وسببت حريقا في المدينة والكل يصرخ مع الجمهور انهما مذنبة، والمفارقة هنا ان قائد العربة يسأل الجمهور هل هنا من يدخن ؟ والا سوف ينال نفس الجزاء وتمضي العربة مع غناء الكورس والقائد يهتف ويرقص مع الجمهور . هناك الكثير من المفاجأة الجانبية بين خطورة واخري وبين لحظة واخري والجمهور تغمره السعادة
في الشارع القديم تجد الشرفات الجميلة مع الورود وبيوتات مبنية من الخشب قبل 400 سنة، وفي مشهد وسط الشارع تقف احدي العاهرات وهي تصرخ بقائد العربة انا بالانتظار هذه الليلة وهنا يتم التشابك بالايدي ما بين العاهرة واحدي النساء حول خيانة زوجها والعلاقة الغير شرعية ما بين الاثنين وقائد العربة يصرخ طالبا نهاية اللعبة وإحدى النساء من احدي الشرفات تسكب الماء علي الجمهور وعلي قائد العربة. المسرحية مليئة بعناصر المفاجأة والتشويق التي خلقهما المخرج رولاند ستين ستروم بذكاء وفهم واعي لفن المسرح مع هذه المتعة والعربة تمضي واطفال يتراكضون في الازقة وهم يغنون معلنين قدوم الفارس مع حصانه الي المدينة، هنا تبدأ المشاجرة ما بين الفارس وقائد العربة ميكيل والجمهور يقف الي جانب الممثل والفارس يهرب . والمواقف التمثيلية لا تنتهي في اكثر من مكان، تجد السكارى والمدمنين وهم يطرقون الابواب بحثا عن بيتهم والناس تصرخ فيهم وهم يشاكسون الجمهور، وفي مشهد جميل نجد حكيم الاسنان يحمل الالات الحادة مع ادوية قديمة ويعرض بضاعته وصنعته للجمهور. وفي الحديقة العامة تجري بعض الالعاب البهلوانية مع بعض مشاهد من كوميديا ديلارت يؤديهما المخرج رولاند ستين ستروم مع مجموعة من الشباب المسرحيين، ومسرحية ما بين نار ونار تحوي الكثير من مشاهد مسرح الارتجال الشائع في المسرح الغربي وخاصة في المسرح السويدي، وهذه الاحداث تجري في ازمنة مختلفة وقديمة من تأريخ السويد وبشكل خاص وتأريخ مدينة اكشوا وكل هذه الاحداث مبنية بناء درامي جذاب وذلك لقدرة المؤلف على خلق المواقف داخل النص وقدرة المخرج علي بناء المواقف داخل العرض المسرحي بعضهما البعض وإدارة فنون اللعبة والشغل المسرحي . اما الجمهور يتابع كل هذه الاحداث بشغف ومتابعة كل الشخصيات والقائمة علي روح النكتة والتسلية والقدرة علي اجتذاب الجمهورحقا انها رحلة ممتعة لمسرح يدخل المتعة والبهجة الي قلوب الناس، وكذلك عرض تأريخي لهذه المدينة ضمن مواصفات المسرح السياسي ان صح التعبير
شاهد هذا العرض المسرحي ولمدة 5 سنوات اكثر من مليون متفرج من كافة المدن السويدية وعدد كبير من السياح الاجانب القادمين من الدول الاوروبية . اما المشهد الاخير من المسرجية تجري احداثه في ساحة المدينة الرئيسي وهناك المسقفات والاقفاص القديمة والاسواق للبيع والشراء، ويعلن مالك الدب القوي عن بدء جولة المصارعة ما بين الدب القوي القادم من الشرق مع احد حراس المدينة ويتم انتصار الدب الشرقي وسط التشجيع والتصفيق، وفي السوق تحصل الكثير من المفارقات رئيس الشرطة يعتدي علي النساء ويحاول اخذ الرشوة ويهدد الناس بالضرب والناس تستنجد بالدب الشرقي فيهاجم رئيس الشرطة ليخلص المدينة من شره، وهنا يدخل احد الجنود معلنا ان المدينة تحترق والكل يهرب يمينا وشمالا خوفا من لهيب النار. وتنتهي المسرحية بأغنية للمدينة التي احترقت مرتين ولكنهما صمدت وبقيت خالدة لحد الان بجمال وصمود اهلها وجمال مبانيها وطبيعتها الخلابة



#عصمان_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفارقة فنية : المسرح الأوروبي الحديث ومسرح بريخت
- التجريب والرقص: فن لتطهير الروح
- المرأة والدلالات الاجتماعية في مسرح هنريك ابسن
- روميو وجوليت : إعلان حالة حب في زمن الخوف
- رواية حكاية من النجف
- التأويل والغرائبية وجمالية التلقي في مسرحية هاملت
- مسرحية الرباعي الموسيقي : بهجة الشياب في بيت المسنين
- مسرحية شهر في الريف للكاتب الروسي إيفان تورجنيف في ستوكهولم
- مسرحية العطش وليلة رحيل الكاتبة سارة كين
- لمسة كلاسيكية بثياب معاصرة في. مسرحية من يخاف فرجينيا وولف؟
- مسرحية سوناتا الخريف من السينما الي خشبة المسرح
- بونتيلا وتابعه ماتي... بريخت من جديد
- مسرح الباليه والرقص الحديث في ستوكهولم: معجزة الجسد وسحر الر ...
- مسرحية أنتيغون للكاتب الفرنسي جان أنوي: فتاة في مواجهة البطش
- كربلاء عاشوراء ومسرح الفرجة والتحريض الحسيني
- المسرح النسوي السويدي...حين يحتج الصوت الناعم
- وداعآ جلال جميل عاشق الضوء
- رؤية في ثلاث تجارب مسرحية للمخرجة ايفا برجمان
- فوبيا الانتظار في مسرحية غودو
- روميو وجوليت يلتقيان علي سيرك الحب


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمان فارس - مدينة اكشوا السويدية ما بين نار ونار : مسرحية تاريخية تجمع الماضي بالحاضر