أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد المراكشي - الحطيئة رجل مبدإ..














المزيد.....

الحطيئة رجل مبدإ..


محمد المراكشي

الحوار المتمدن-العدد: 3337 - 2011 / 4 / 15 - 21:18
المحور: كتابات ساخرة
    


يعجبني ذاك الرجل ،الشاعر الحطيئة..هو و أبو نواس أكثر شعراء العرب مثارا للتندر و السخرية ،وهما لم يقولا شيئا غير ما تحسه نفسيهما في دواخلهما..وهي الحال دائما عبر تاريخنا العربي الطويل .. نتمتع بعد عقود أو عصور بما قاله أحدهم ، وهو حين قال تنفس كلامه بمرارة جمر ايامه..
لا نذكر عن الحطيئة سوى رجل هجاء لم يسبقه في هجوه خبط عشواء أي من شعراء العرب،وبلغت به الأمور أن هجا كل من سولت له نفسه إغضابه أو عدم تمكينه من مراده و مبتغاه..هجا زوج امه ,هجا أمه ،هجا مسؤول الزكاة على عهد عمر ،وهجا نفسه في الأخير..فالحطيئة غاية في الديمقراطية التي يفتقدها شعراء و كتاب و صحفيو العصر الحديث...
فهو مارس التشهير الاعلامي بكل معتد على حق له ،أو رآه غير موف له حق قدره في الوجود ،ومارس نقدا لاذعا لمتصرف في الزكاة رأى أن لا مكان له في منصبه ، وهجا أمه التي عاش معها في فقر وقصر ذات اليد حتى بدت له الحياة معها مذ صغره اشبه بجحيم لا يملك له إلا ذما و هجاء..
وحين رأى انه لم يجن من حياته إلا التعب و العناء و كره الناس لرجل يمتطي الحمار بدلا عن حصان ظل يحلم به طوال حياته ،ووجها قليل الوسامة كشفته صورته في الماء لم يعش بسببه عناق فاطم امرئ القيس أو عبلة عنترة أو خولة طرفة ، هجا نفسه... ومات. !
تمتع الحطيئة إذن بنقد لاذع للآخر ،ونقد ذاتي أكثر إيلاما و أقرب إلى جلد النفس..كما تمتع بالصبر و صلابة الرأس..فقد صبر على أذى الآخرين الذي وصل حد السجن..وصلب رأسه فلم يدخل الدين الجديد إلا على عهد أبي بكر...
الحطيئة إذن مناضل قديم وصاحب مواقف ،ومبادئ بقي عليها إلى ان توفي... !
ومن نوادر صدف مجتمعنا ، أن متسولا اختار أن يتسول بالغناء و هو لا يستطيع الغناء ! ويعزف على آلة وترية لا يعرف حتى عدد أوتارها ..أما النغمات فقد اختارت أن تخرج من بين أنامله نقمات لا يستسيغ سماعها أحد..وقد اكتسب هذا المتسول الفريد من نوعه شهرة أكبر من زرياب في المدينة الصغيرة..فترى الناس حين يقف عليهم يطالبونه بقول أغنيات فيهم و في المدينة أوفي أصدقائهم !! يقول أشياء غير مترابطة و بأوزان غير متناسقة ويراهن على ضحك الناس منه و عليه فيجزلون له العطاء !
سماه شباب المدينة بالحطيئة ، و لا أدري من أين نزلت عليهم هذه التسمية إذلا شبه بين الإثنين سوى ما تناقلته كتب المؤرخين عن قبح الوجه !
ثم إنه أقبح حطيئة رأيته في حياتي ،انتهى به الحال أن انهال عليه شباب في متعة السكر و المؤانسة بالضرب بآلته التي كتب عليها أحدهم الحطيئة...
اشتكى لنا الحطيئة المتسول في اليوم التالي مما تعرض له من هؤلاء السكارى بعد أن سألناه عن حالته و سر غياب ألته الوترية...
ثم اختفى ،ولم يعد له اثر..
وفي بلادنا الكثير من الحطيئات المزورين،وإن حاولوا إتقان التقمص أكثر من المتسول. فهم لا يهجون إلا من أشرف على الانتهاء ، ومن يرون أنه ضعف فينهالون عليه بضربة النهاية كما باقي السكاكين التي تنزل من كل حذب وصوب، يبتزون مثل الحطيئة مقابل شراء أقلامهم المنهالة على الناس مع قهوة كل صباح.. أما المبادئ عندهم فهي في حكم المتحول،يناصرون عليا في الصباح ويسامرون معاوية في المساء،أما الليل فهو خاص بحيكة الدسائس... هم أعداء كل من لم يعط ،وكل من له غير الرأي الذي يرونه..
يقدم الحطيئة القديم للحطيئة الجديد صورة في النبل يفتقده زمن النخاسة المقنعة هذا..إذ لم يسبق أن بقي الصاحب الجديد على ملة الانتقاد الصارم ، فهو يلين حين لا يجد حليب بقرة نشيطة لصباح أولاده،ويقسو حين تنتفخ بطنته، فتزول فطنته...
لو أن حطيئات العصر الحديث يرون وجوههم في الماء ، لتنبهوا لكم المآسي التي يجب أن تنتقد ،و لو أنهم قاوموا الظلم فقط و اتخذوا ذلك فقط مبدأ فانهالوا على كل ظالم لما كانت الحال هي الحال...
ثم إنهم لا يهجون أنفسهم التي ترمي الآخرين فقط بالحجر !!
وكأني بالحطيئة يخاطب مسخه الحديث:
حطيئة من لؤمه مات ...



#محمد_المراكشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الويفي مطلب شعبي!!
- البعوضة كائن رأسمالي !
- تصديرثورة و استيراد دستور !
- عقدة المعلم!
- الديكتاتور و المرآة..
- شعب يحب الألوان..
- العصيان الزمني بالمغرب!!
- بلاد لا تستحق الأنوثة
- ثورة أساتذة في الأفق لمن يريد أن يفهم..
- كيف تصبح شاعرا دون معلم !
- تساؤلات تقييم الحركة الاحتجاجية بسيدي إفني.( * )
- يا زمان الوصل بالنحل و العسل!
- -فلنذهب إلى الجحيم....- أو - بداية هجاء-
- أحمد بوكماخ..وبعده لا أحد.. !!
- شكرا لساعي البريد!!!
- عام الفين!!
- قط الصين العظيم!!
- رمضان و الأقنعة
- المغرب المنسي ومغرب الخيال العلمي
- حكايتي مع وزير الثقافة الجديد!


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد المراكشي - الحطيئة رجل مبدإ..