مأساة نبيل فياض و التجمع الليبرالي في سوريا

فراس سعد

الحوار المتمدن-العدد: 995 - 2004 / 10 / 23 - 14:24
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

قد لا نكون مع نبيل فياض الأيديولوجي المتحمس دفاعا عن أفكاره و معاديا للأسلاميين و الأسلام مثلما نحن نرفض دعوته الأنفتاح على الأكادميين الأسرائيليين ... لكننا مع ذلك نرفض بشدّة عملية اختطافه من مكان عمله – صيدليته التي يحصّل منها رزقه – في بلدته الناصرية القريبة من جيرود في ريف دمشق يوم 30 أيلول المنصرم , اختطافه الذي تم بسبب أبدائه الرأي في قضايا عديدة منها انتقاده الشديد لحزب البعث الحاكم و لأحد أهم أقطاب الحكم في سورية السيد عبد الحليم خدام في مقالات نشرت على موقع صحيفة السياسة الكويتية .
نبيل فياض الباحث الأجتماعي الذي يدين القمع و الأرهاب لكنه يمارس أرهاباً فكرياً ضد كل من يؤمن بالأسلام ثم هو يفاخر – نكاية بالشيخ البوطي كما يقول – يفاخر أن رئيس وزراء العراق أياد علاوي ينتمي إلى عشيرته – عشيرة فياض – ثم هو يشكك بالأكراد و يتهمهم بالعمالة في أكثر من كتاب و مقال فقط لأن السيد محمد سعيد رمضان البوطي من أصل كردي ؟!
بالرغم من كل ذلك و سواه نرفض اعتقال السيد فياض ونريد الحرية له و لكل المعتقلين السياسيين في سورية وندعو جميع دعاة و عمّال الحرية في سورية و خارجها لأطلاق حملة لجمع التواقيع و الأتصال بالمنظمات المحلية و العربية و الدولية للضغط على النظام السوري من أجل أطلاق سراح الكاتب و الباحث السوري نبيل فياض .
ذكرنا سلبيات الرجل – من وجهة نظر محددة- بقي أن نذكر فضائله . أهم فضيلة للرجل قيامه بتأسيس التجمع الليبرالي في سورية و الذي كان أحد أهم أسباب اعتقاله إضافة لكتاباته التي هاجمت البعث و السيد عبد الحليم خدام , التجمع الليبرالي الذي أعلن عن حلّه في وقت لاحق لاعتقال الأستاذ فياض , حيث تم حلّه بالرغم من وجود أحد مؤسسيه و الناطق باسمه – السيد فياض نفسه – في السجن , و كان يقتضي لياقة ممّن فرط عقده التريث إلى حين أطلاق سراحه,لأن غياب أحد المؤسسين عن قرار الحل يضعف مشروعية القرار ومن ثم يلغي مشروعية تنفيذ الحل .

قد تكون إحدى غايات اعتقال نبيل فياض تهيئة الأجواء لحل التجمع الليبرالي بهدوء دون اعتراضات أو مشاكل كان لابد أن يثيرها السيد فياض و بالتالي ربما ما كان بالأمكان حل التجمع من قبل مؤسسيه , و من ثم كان يتعين على السلطة أن تلعب لعبة أكثر تعقيدا و أكثر وقاحة في ظرف أقليمي و دولي لا يسمح لأمثال هكذا ألعاب ؟ّ!
كان الهدف الأساسي لاعتقال فياض ابعاده عن قيادة التجمع و تغييبه ريثما يتم لأصحاب الحل و الربط حلّه بهذه السهولة و السرعة التي تشبه شرب كأس ماء , بهذا يوجه هؤلاء طعنة لنبيل فياض في الظهر ربما لأنهم يخجلوا أو يخافوا من توجيهها لصدره لأنه كان سيرفض بالتأكيد حل التجمع بهذه السهولة و المجّانية التي تم حلّه بها فنبيل من النوع الذي لا يتراجع عن مبادئه و مواقفه بسهولة على خلاف الكثيرين و هو لن يرضخ للضغوط و الأبتزاز الذي ربما تعرض له أعضاء التجمع , لأجل ذلك و انطلاقا من محبتنا لنبيل فياض و أصحابه في التجمع و تقديرنا للموقع الذي تمكن من الوصول إليه- التجمع - لدى الرأي العام المثقفاتي و السياسي السوري و العربي ربما , نطالب مؤسسي التجمع تعليق قرار الحل إلى إشعار آخر لاسيما أن الأتصالات الخارجية معهم و التي بحجتها تم الأعلان عن حل التجمع - كما صرّح بذلك أحد المؤسسين السيد جهاد نصرة -لا بد أن تكون قد توقفت , و اعتبار التجمع ما زال في طور الأنعقاد و العمل و لو من الناحية النظرية ريثما يتم الأفراج عن الأستاذ نبيل بغضّ النظر عن الحجّة أياها - حجّة الأتصالات الأقليمية مع بعض أركان التجمع و التي أبدت استعدادها لتقديم المساعدة للتجمع - و بذلك صون لكرامة و موقف نبيل فياض الشجاع و المخلص لقضيته ؟!
هنا لا بد من تسجيل موقف لأعضاء التجمع الذين رفضوا الدعم الخارجي مفضلين الأعتماد على الدعم الذاتي , موقف سياسي جريء و شهم , لكن الدعم الذاتي هو أمر خيالي في رأينا و غير قابل للتحقيق في سورية بالنسبة لأحزاب المعارضة على خلاف بلاد أخرى – منها بلد عربي أو أكثر- حيث تقدّم الدولة لأحزاب المعارضة كما لأحزاب الموالاة الدعم المادي سنويا , و من اللحظة و حتى ترقى الدولة السورية إلى مستوى ترى فيه المختلف عنها و معها ابنا لها أو أخ لها في الوطن , إلى ذلك الوقت الذي نرجو ألاّ يطول يبقى الحديث عن الدعم الذاتي لأحزاب المعارضة أمرا طوباويا و سيبقى موضوع الدعم الخارجي للمعارضة مشرعا و حاضرا لدى نخبة ثقافية و سياسية سورية ترى فيه خيانة و عمالة بينما لا ترى فيه نخبة السلطة سوى مجرّد مساعدات أخوية و صديقة " في الظرف التاريخي الصعب الذي تمر به الأمة " في حال كان الدعم مقدما لأحزاب السلطة و الحزب الحاكم على الأخص ؟!

#فراس_سعد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل