أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - ألبوم بلاد














المزيد.....

ألبوم بلاد


ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 3332 - 2011 / 4 / 10 - 18:02
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
تحرص بلاد على تعليم ابنها كفاح لغتها الأم. تزق في رأسه صور أهلها والأمكنة التي ترعرعت فيها قبل هجرتهم إلى أمريكا. تحقنه بذكريات منقوعة بنهر ومطر وحر وبرد وضجر وغبار مدينتها.
تزرع في خصوبة رأسه غربة تعيشها الآن، فصار يحن إلى وطن لم يره قط، كأنه ورث الحنين جينيا. يبتلع معاني جذور أبويه كحصى. تستقر في أحشائه العادات والكلمات والأسماء وصور الأماكن والأقارب، صلدة، كاملة، عسيرة الهضم. تجمدت ذاكرته على صور ثابتة، يراها على هيئة واحدة لا تشيخ ولا تتحرك، عديمة الحياة كمومياءات.
تجمع ما يأتيها من صور أهلها في ألبوم قديم جلبته معها من بلادها. تُجلسُ ابنها كفاح في حضنها وتفرجهُ على الصور. تُسمي له الشخوص، وعلاقته بهم، وتاريخ الصورة ومكانها. تُريه ألبومها كلما حنت لأهلها. رغم أنه قد شاهد الصور مرارا، إلا أنه يسألها نفس الأسئلة، وأحيانا يزيد عليها.
-1-
- هذا أبي، جدك، وهو واقف على ناصية الطريق. التقطها قبل خمسة أعوام عندما كنت أنت في بطني. انظر ما أحلى الزي الذي يرتديه.
- لمن هذا الحمار يا ماما؟
- لا أعرف. ربما للمصور!
- ولماذا لا يضعونه داخل قفصه في حديقة الحيوانات؟
- في البلاد لا يقيدون الحيوانات، هي تسرح وتمرح على راحتها في الشوارع كي يتفرج عليها الناس مجانا، والذي لا تراه في الشوارع تجد صورته معلقة في كل مكان. ليس كما هو هنا، حيث تحجز الحيوانات في أقفاص داخل سجن كبير، وعليك الدفع مقابل مشاهدتها.
تنهد كفاح: "ما أحلى البلاد!".
-2-
كان خالها يجلسُ في عربة عبارة عن خزان اسطواني، يعلق عليه خرطوما أسود ملفوف بشكل دائري. يجر العربة حصان بني اللون. يمنح خالها المصور ابتسامة تفضح أسنانه الصفراء المتناثرة. يلامس أصبعين طويلين من يده اليسرى النحيفة جبهته، كمن يؤدي تحية عسكرية.
- هل هو في استعراض؟
- لا يا بني. هو يبيع وقود المازوت للناس ليضعوه في المدافئ. هناك نستخدم مدفأة واحدة في البيت ونتجمع حولها، وهذا ما يمتن أواصرنا الأسرية ويزيد محبتنا لبعضنا البعض. هو أفضل من نظام التدفئة المركزية هنا الذي يفرق أبناء العائلة الواحدة حيث يحصل كل فرد على تدفئته في غرفته.
ما أحلى البلاد!، قال متحسرا.
-3-
يبدو على ملامح أخيها الهم والغم وهو ينظر إلى المصور بلا أبالية، بينما ينتظر في طابور ليملئ خزانه الصغير. كل من حوله يبتسم للمصور. البائع أيضا وحصانه.
- هل هذا بائع المازوت الأبيض يا ماما؟
- لا. أنه بائع الماء. هذا خالك نضال وهو يشتري الماء. في بلادنا يا بني نحرص على الطبيعة ولا نبذر. فنشتري ماء الشرب يوميا على قدر حاجتنا. ونستخدم الحنفية للغسل فقط. ليس مثل ما تراه هنا، إسراف في الماء الصالح للشرب، واستخدامه في كل شيء. هذا حرام.
ما أحلى البلاد!، قال فاضحا رغبة جامحة لزيارتها.
ظلت متمعنة في الصورة وسط دهشة ابنها. قبلت الصورة فقبلها هو أيضا. تفجرت عبراتها. كرر استفساره عن سبب حزنها.
- لقد تذكرت نضال.
- كلميه على هاتفه النقال.
- هو غير موجود في عالمنا.
- أين ذهب؟
- أبتلعه ملك الغابة.
- لا تحزني يا ماما فما زال في الألبوم صورا لأناس غيره.


http://maithamsalman.blogspot.com/



#ميثم_سلمان (هاشتاغ)       Maitham_Salman#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- No More War
- ملحمة الفيسبوك
- مجرد لعبة
- مدينة العكازات
- مخاوف
- جلد الوقت
- أسئلة الغاز
- قشور بحجم الوطن (رواية 8)
- قشور بحجم الوطن (رواية 7)
- قشور بحجم الوطن ( رواية 4-5-6)
- قشور بحجم الوطن (رواية 3)
- قشور بحجم الوطن (رواية 2)
- قشور بحجم الوطن (رواية1)
- غرائبية معقولة
- نصوص
- نص
- قنينة صور
- القراصنة مازالوا هناك
- قصص قصيرة جدا
- تقديس الأشخاص عند المسلمين


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - ألبوم بلاد