أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قحطان محمد صالح الهيتي - مقدمة في تاريخ القانون















المزيد.....

مقدمة في تاريخ القانون


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 21:35
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مابين الحضارة, والقانون تاريخ طويل, ورحلة شاقة، يطوف الإنسان في خلالها بين الماضي، والحاضر في طريق ينحرف بالظلم، ويستوي بالعدل، والنظام، ويبدأ التاريخ، ولاينتهي, فالحاضر قد ولد من الماضي، وسيولد المستقبل من الحاضر، وكما تمتد جذور الحاضر إلى الماضي، سينمو المستقبل من بذور الحاضر.
ومابين هوى القانون، وحب التاريخ نبض القلب عشقا لان اكتب في تاريخ القانون, لان في النفس حاجات لان اقرأ, واكتب, وأتعلم، وكنت على يقين بأن الأمر صعب، وشاق ، ولكني تمثلت بقول أبي الطيب المتنبي: على قدر أهل العزم تأتي العزائم، فعزمت، وصغرت في عيني العظائم، وعقلت راحلتي، وتوكلت على الله ورحلت...
ومن سومر من حيث بدأ التاريخ بدأت, وفيها مع (كريمر) قرأت ألواح سومر, فعرفت السومريين تاريخا, وحضارة، وركبت أول عجلة في التاريخ طفتُ فيها بين أور, ولجش, وشورباك, وفي (قاره) دخلت أول المدارس, ومن على زقورة أور رأيت وجه تلك السومرية العاشقة، والمعشوقة, وفي معبد أنليل عرفت الطاعة في وجه (ايتانا) وفي سَحَر(أورك) سمعت صوت السومري، وطربت مع أغانيه، وموسيقى قيثارته الشجية، وعندهم تأكد لي بأن السومري يحس أحساسا عميقا بحقوقه الشخصية، ويكره أي تجاوز عليها سواء أكان المتجاوز ملكا، أم مواطنا من منزلته، فلا عجب في أن يكون السومريون أول من سن القوانين، والشرائع, وأنهم أول من مارس الحرية في حدود القانون, وتمنيت لو يطول بي البقاء هناك, ولكن حروب المدن، وعدم الاستقرار اجبراني على أن احمل متاعي، وارحل إلى شمالها إلى أكد، وفي أكد نزلت سهلا عند سرجون، وأهلا عند حفيده نرام – سين, فعشت مجد أول إمبراطورية في التاريخ، اعتمد ملوكها نظام المركزية في الإدارة، والتنظيم، فنشأ أول نظام إمبراطوري في تاريخ العالم السياسي، وقد يكون ما تحت ارض أكد الكثير مما ستبديه لنا الأيام، ومثلما يبدأ التاريخ ينتهي عندما تنهار دولة، وتقوم أخرى, انتهت إمبراطورية ألأكديين بعد هجوم الكوتيين، لتمر البلاد في فترة عدم الاستقرار، وعدم الأمان، ومن رحم هذه الفترة ولدت سلالة كيش الثانية، وكبرت في عهد ملكها (كوديا ) الذي كان فخورا في نشره العدل، والمساواة، والأمن، والاستقرار لشعبه، وأهل مدينته.
ومرت السنون، وكان الموعد مع فجر جديد في تاريخ الحضارة الإنسانية عندما خلد اور-نمو اسمه في أول شريعة مدونة في التاريخ, قرأتها، وكان فخري بها أكثر من فخر المشرع نفسه.
ومن الغرب هبت رياح التغيير لتضع نهاية لكيان السومريين السياسي، وبداية لعهد بابل القديم الذي تميز بخصائص سياسية، وعرقية، واقتصادية، واجتماعية، ودينية.
وفي بلاد مابين النهرين، ومن (ديلابورت) عرفت حضارة بلاد الرافدين التي تميزت في هذا العهد بتعاقب أكثر من سلالة على حكم البلاد، ففي الجنوب من عفك حكمت سلالة آيسن، واشهر ملوكها لبت- عشتار الذي أصدر القانون المعروف باسمه، وبالقرب من الناصرية كانت السلطة لمدينة لارسا, وهناك، وعلى الجانب الشرقي من دجلة أقامت سلالة أمورية مملكة عرفت بأسم أشنونا، واليها يعود القانون المعروف بأسم قانون أشنونا، وعلى وفق طبيعة الحكام، وحبهم للسيطرة كان الصراع قائما, ولابد من انتصار القوي، وانهزام الضعيف، وهكذا أراد التاريخ أن ينتصر حمورابي، وان يقيم أعظم دولة، وان يشرع أكمل، وانظم شريعة في العالم، فكان بحق رائد العدالة الأول. لقد كان حمورابي يحاكي أحدث القوانين, والتشريعات من حيث الترابط الموضوعي بين مادة، وأخرى، وان كان في بعض مواده نوعا من الدستور الموجز.
ودارت الأيام، واضطربت الأحوال، وعمت الفوضى، ومابين هذه الفوضى وضعف السلطة هجم العلاميون على بابل, فدمروها, وسلبوا قصورها، وسرقوا شريعتها، وبعيدا عن الوضع السياسي المرتبك، وغير المستقر في بلاد بابل, رحلتُ، وقادني سفري إلى بلاد آشور، ولم أنسَ أن احمل معي هويتي، وتاريخي، وكل حضاراتي وادخل في مكتبة في التاريخ هي مكتبة آشور- بانيبال، وفيها قرأت كتب الطب، و الفلفسة، والأدب, والتاريخ، والفلك، والقانون، وفي بلادهم، ومنها تعلمت الكثير.
ولم يدم المجد الآشوري, فلكل زمان دولة، ورجال, فانتهت دولتهم، وولدت دولة أهلها، وبُناتها من الأقوام الجزرية النازحة من شبه الجزيرة العربية عرفوا بالكلديين, واليهم كانت رحلتي, ومن باب عشتار، وعبر شارع الموكب دخلت قصر أشهر ملوكها نبوخذ نصر الثاني, وهناك حيث النخيل، و أشجار السرخس، التقيته قُبالة أسد بابل، وفي واحدة من عجائب الدنيا السبع عرفت عظمة بابل، ومثلما تشرق الشمس، وتغيب, تقوم الدول، وتنهار مابين حقد عدو، وطمع جبار, وهكذا اشتعلت الدار نارا, فأحرقت البيوت، وجنائنها, وسقطت بابل, ودخل كورش ليطفئ شمعة الفكر، والحرية، ويدمر حضارة امة، وتراث دولة.
ومضى التاريخ، وخضعت بلاد الرافدين لحكم الساسانيين ولم يكن حظها بأحسن مما كان عليه في عهود التسلط، والغزو الأجنبيين، فكل المتسلطين سواء.
هذه رحلتي في بلاد الرافدين, ولابد من رحلة أخرى في بلاد النيل لنتعرف على تلك الديار، ولعلنا في سفرنا نجد عوضا عمن نفارقه, وبدأت الرحلة من القاهرة بزورق, وصعدت النهر جنوبا، وبعد رحلة هادئة وصلت الكرنك، والأُقصر، بعد أن مررت بموقع (منف) أقدم العواصم المصرية، وفيها قامت مراكز الحضارة في الزمن القديم، وفي الأقصر رأيت اكبر العواصم المصرية، وأغنى مدن العالم القديم (طيبة).
ومن الضفة الشرقية لنهر النيل رأيت الشمس تغرب على ضفتها الغربية, فسطعت من بعيد أعمدة هيكل الملكة حتشبسوت، وفي صباح اليوم التالي عبرتُ النيل إلى الصحراء عبر طرق جبلية متربة، وفي طريقي، وأنا راجع شاهدت تمثالين يمثلان أوفر ملوك مصر نعمة، وهو الملك امنحوتب الثالث, وعلى بعد ميل منها في جهة الشمال آثار حجرية من عهد رمسيس الثاني، وهو من أروع الشخصيات في التاريخ، وكان حقا على نابليون أن يُحّيهِ ويقول: هو ذا الرجل( ).
ومن حولنا في هذا المكان على شاطئ النيل الغربي مدينة الموتى، حيث قبر الملك (توت عنغ آمون)، هذا ما رأيته في الضفة الغربية، أما في الضفة الشرقية فهي مزدانة بأحسن الآثار وأجملها، وما بين الأطلال القديمة طريق يؤدي إلى هياكل الكرنك آخر ما احتفظت به مصر من آثارها، وقد اشترك في تشيدها نحو خمسين من الفراعنة أواخر الدولة القديمة إلى أيام البطالمة.
وعبر رحلة طويلة، وفجأة على حافة الصحراء تواجهنا الأهرام عارية منعزلة في الرمال، ضخمة، شاهقة، تسمو قممها في سماء مصر الصافية، والى جوارها يربض تمثال أبي الهول، نصفه أسد، ونصفه إنسان. ألا ما أعظم ما كان يتمتع به أولئك المصريون الاقدمون من ثراء، وما أقوى سلطانهم، وأعظم حذقهم في بناء التاريخ.
وعدت والعود أحمد إلى الحيرة، وفي دار ميَّة، وما بين العلياء، والسند أنباني البشير بنصر انتصف فيه العرب من الفرس، وبالرسول محمد نصروا, وفي دينه، ومع المجاهدين أسرجت جوادي, وحملت مع المحررين سيف الحق, فكانت دولة الإسلام، وفي ظلها أصبح المؤمنون أخوة لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى, إنها دولة دستورها القرآن، وسُنة نبيه, شريعة انزلها الله سبحانه وتعالى للناس كافة لتظل فوق كل الشرائع قانونا للدولة، والحياة.
لقد وجدت في رحلتي، و في ما بحثت فيه مجدا عظيما, وتراثا تليدا, ورجالا عظاما, وتاريخا خالدا, و بذلت من الجهد ما يجب, لان أكون أمينا، مخلصا في دراستي, وان أكون صادقا فيها، ولا ادعي بأنني اكتشفت أثرا، ولكنني قد أضفت جديدا على قدر استطاعتي، ويكفيني أنني قرأت، و تعلمت، وحاولت…
لقد اعتمدت في دراستي على المراجع دون المصادر بسبب كون الموضوع من المواضيع التي تُدرَّس، أو ترد في كتب التاريخ، أو القانون التي يعتمدها المؤرخون كمصادر في دراساتهم، أما المراجع التي اعتمدتها، فهي مراجع تاريخية، قانونية تدرس أحوال المجتمعين العراقي القديم، والمصري القديم، بالإضافة إلى تاريخ القانون، والنظم الاجتماعية، والقانونية في بَلََدَي الدراسة، ولعل، أو بإلاحرى فان هناك الكثير من المراجع التي لم تتيسر لي, ولو تيسرت، فان البحث سيكون أكثر رصانة, وأدق بيانا, وقد تبدي لنا الأيام ما كان جاهلا، ويأتينا بالأخبار من لم نزود.
إن خير المراجع التي اعتمدتها في دراستي هي مؤلفات الأستاذ المرحوم طه باقر، فلقد قطفت من ثمار نخلة الرافدين أطيب تموري، ومن مقدمته عرفت حضارة سومر، وأكد، وبابل، وآشور، فعشقت الوطن، وتمنيت الخلود، ومن شرائع فوزي رشيد كان منهلي عذباً, ومع تاريخ مسكوني، والحافظ، وعامر سليمان سكن العلم عقلي، فحفظه قلبي، و عَمُرَا بالإيمان.
لقد التقيت بعلماء الآثار، ورجال التاريخ، اتفقت مع بعضهم، و اختلفت مع البعض الآخر دون أن يفسد اختلاف الرأي للود قضية، اتفقت معهم بان اصل الحضارة، والقوانين بُذرت في سومر، وأكد، وبابل، وآشور، واختلفت معهم في أن الشرائع القديمة لم تأتِ بكل شئ, وأََغَفلت الكثير من الجرائم بسبب ضعف الصياغة اللغوية، وعُجالة التشريع، ولكني اتفق كل الاتفاق مع ول ديورانت فيما قال في قصة الحضارة: " وقصارى القول أن الآريين لم يشيدوا صرح الحضارة، بل أخذوها عن بابل، ومصر, وان اليونانيين لم ينشئوا الحضارة إنشاء لان ما ورثوه منها أكثر مما ابتدعوه, وكانوا الوارث المدلل المتلاف لذخير الفن، و العلم مضى عليها ثلاثة ألاف من السنين, وجاءت إلى مدائنهم مع مغانم التجارة، والحرب, فإذا درسنا الشرق الأدنى، وعظمنا شانه، فانّا بذلك نعترف بما علينا من دين لمن شادوا بحق صرح الحضارة الأوربية، والأمريكية، وكان يجب أن يؤدى من بعيد ".



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نور
- الى الذين في قلوبهم مرض
- مرة لا مرتين
- الأم آزو وبلقيس هيت
- مهرجان الحب والثقافة
- زينب
- عجيب امركم يا حكام العرب
- قصيدة ايمان
- حكومة من أزبري
- ثورة الرافدين
- الليلة التي لم يرحل بها مبارك
- قميص أحمر
- أسئلة مشروعة
- إني قحطان محمد صالح الهيتي
- عيناك هذا العالم المسحور
- اعرفيني أولا
- حبيبتي عمرها حبي
- ولي انت
- الحب والستون
- مدينة ،ورجل ،وتراث


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قحطان محمد صالح الهيتي - مقدمة في تاريخ القانون