أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - منفيون من جنة الشيطان/ 4














المزيد.....

منفيون من جنة الشيطان/ 4


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3311 - 2011 / 3 / 20 - 00:39
المحور: الادب والفن
    



ألقيتَني غضّاً في صَحْرَاء
وَقلتَ لي : أنتظرْ!
ثم أرسَلْتَ في أثَري
الحروبَ وَالكوارثَ
وَالزلازلَ وَالفيَضاناتِ
وَالأمراضَ وَالأوبئةَ
إذا كنتَ تريدُ قتلي
اقطعْ عنّي الهَواءَ
إذا كنتَ تريدُ اختِباري
فلا قيمةَ لِذلكَ عِندي!..
لأني نبيّاً لا أريدُ أنْ أكونَ
وَلا خليفةً لَكَ
بِدونِ اختياري
لأنني غريباً عن الجّميعِ وُلِدْتُ
وَوَحيداً في شاكِلتي بقيتُ
رغبةٌ لم تكنْ لي..
وَهدفاً لم أجِدْ
الصّدفةُ لا تمنحُني أملاً
وَالحياةُ لا تُعطيني مَعْنى..
لِذلِكَ لا أريدُ أنْ أكونَ نبيّاً..
أو خليفةً،
سِوى نَفْسي
فلِماذا تريدُ أنْ تختبرَني
عِندَما أذكرُ
أنّني عَارياً أمْلَسَ كنتُ
تعرّضْتُ للبردِ وَالحرَارةِ
حتّى نبتَ شعرٌ عَلى جسَدي!..
ظَهْري نحيفٌ وَعِظامي رَخوةٌ
أعْمى وَضعيفُ السّمْعِ..
أشياءُ كثيرةٌ أسمعُها وَلا أراها
حتّى صِرْتُ أرَى أشياءَ تستَفزّني
وَلا أستطيعُ التعبيرَ عَنْها
يتَحَدّثونَ عنّي وَلا اسطيعُ الإجابةَ
جُلوساً لا أستطيعُ
انقِلاباً عَلى الجّنبِ لا يمكنُني
إذا جعْتُ لا أستطيعُ أنْ آكلَ
وإذا أردْتُ شيئاً لا يمكِنُ أنْ أمدّ يَدي
ضَعيفاً وَحقيراً كنتُ
عَورَتي مكشوفةٌ أمامَ الأعيُنِ
وَلا أستطيعُ شيئاً
انظُروا أنّهُ صَبي
ثمّ يضْحَكونَ
نهْرُهُم لم يكنْ بِوِسْعي
وَوُجوهُهم نسيتُها الآنَ
ثمّ نمَتْ حوَاسي وَفتحْتُ عَيْني
تعَلّمْتُ أنْ أجلِسَ عَلى مؤخّرتي
وَياماً ضرَبْتُ الأرضَ
ضَرَبتُها بأطْرافي
وَضَربتُها بِرأسي
لماذا عانيتُ كلَّ ذلِكَ
لمجرّدِ الجُلوسِ
ثمّ زَحَفْتُ عَلى مؤخّرتي
فَقالوا.. انظُروا..
انّه يزْحَفُ عَلى مؤخرَتِهِ!..
زَحَفْتُ عَلى بَطني..
فَقالوا أنظُروا
انّه يزحَفُ عَلى بطْنِهِ
مَشيتُ عَلى أربعَ
فَقالوا انظُروا
أنّه يمشي عَلى أربعَ
أمْسَكْتُ الجدارَ وَوَقعْتُ
أمْسَكْتُ طرفَ البَابِ وَوقعْتُ عَليها..
قالوا.. مسكين
انظُروا أنّه يقَعُ
انّهُ يتعلّمُ المشِي
كلّهُم عَانوا ذلِك
كلّهّم زَحَفُوا وَوَقًَعُوا وَتألمَوا
وَعَوراتهًمْ كانَتْ فرْجَةً لِلسّفَهَاءِ
مخاطينًهُمْ عَلى خدُودِهمْ وَشِفاهِهِمْ
وَكلّهُمْ نَسُوا ذلِكَ
أنَا وَحْدي لمْ أنسَ
وَكُلّمَا رَأيتً طَفلاً أعُودُ طفلاً
وأبْكي لَهُ
وَكلّما رَأيتُ فرخاً
أفكّرُ بما سَيَحْدثُ لَهُ
أتذكرُ الأمّ التي تقولُ:
"ربع لحم ربيتك.."
لأن ابنَها فضّلَ عليها زوجاً
وَلكنّهُ عندَما ماتَ في الحرْبِ
عندَما ألغَتْ شظيّةٌ غبيّةٌ
كلّ سَنَواتِ عُمْرِهِ وَآلامَه وأحلامَهُ
خافَتْ أنْ تقولَ ذلِكَ
فِداءً لِلقائِدِ هُوَ ابْني
وَليسَ لِلوَطَنِ
سيّانَ كلّ ذلِكَ
لكنّ الانسانَ ليسَ فِداءً لأحَدٍ
لأنّهُ ليسَ خَروفاً
وَلا شتلةَ طماطمَ.
مَنْ يبني لا يهدِمُ بناءَهُ بيدٍهِ
فلِماذا لا تقولُ شيئاً
وأنتَ القادرُ
عَلى كلِّ شيءٍ..
أخرَساً كنتُ
تعلّمتُ النطقَ وَالكلامَ
تعلّمْتُ الجلوسَ والمشيَ والعَدْوً
اشتدّ ساعِداي! وَظهري..
فوَضَعوا عَلى عاتقي جبلِ الحَياة
في الصّباحاتِ البارِدةِ
وَالطّرقِ العَرْجاءِ
الموحَلَةِ..
ذهبْتُ لِلمَدْرَسَةِ
التقيتُ ناسَاً كثيرينَ
وَتحمّلْتُ مُعَامَلَةً سَيّئةً
تغَرّبْتُ في المدُنِ
سَعيتُ وَسعَيتُ وَسَعَيتُ
تعَلّمْتُ وَتعَلّمْتُ وَتعَلّمْتُ
تهَذّبْتُ وَتفَكّرْتُ وَوَعَيْتُ
وَعِندَما عَرَفْتُ كلّ شيءٍ
وَاخْتبَرْتُ كلّ شيءٍ
وَامْتلَكْتُ كلّ شيءٍ
اكتشفْتُ غبائي وَحُمْقي
وَاكتشَفْتُ عَبَثَ وُجُودي
فلِماذا تسَلّطُ عَليّ الحروبَ
وَالأزَمَاتِ
الأمراضَ وَالأوْبئَةَ
وَالفيَضَانَ وَالزّلْزالَ
وَالخوْفَ وَالقَلَقَ وَالألمَ
كلّ ذلِكَ عَانيتُ
الخوفَ لم يخِفْني
والألمُ لم يعُدْ يؤثّرُ فيّ
القلَقُ اعتدتُ عَلَيهِ
في الحياةِ جَعَلوني
لِلمدْرَسَةِ أرسَلوني
لكلّ عمَلٍ سخّروني
للحرْبِ جنّدُوني
لقضاءِ أعْمَالِ النّاسِ كلّفُوني
كلّ شيءٍ أنجزتُهُ بنَجَاحٍ
لا الموتُ انتصَرَ عَليّ
وَلا التَعَبُ أقنَعَني بالتّراجُعِ!..
ورَغمَ قناعَتي بالعَبَثِ
أكمَلْتُ كلّ الأعمَالِ
وَمشَيتً الطّريقَ حتّى النّهايةِ..
أليسَ هَذا اختِباراً كافِياً
وَرَغْمَ ذلِكَ
لنْ اكونَ نبيّاً..
لكنّني لو مرّةً أتيحَ لي ذلِكَ
لأمَرْتُ بِالحروبِ وَالكَوارثِ
وَالأمْراضِ وَالأوبئةِ
وَالزّلازلِ وَالفيَضاناتِ
لأنّني في حَياتي تعذّبْتُ
وَبدونِ قناعَةٍ عِشْتُ
وَمعْنى مَا وَجَدْتُ
هَذا هُو أنا
يَا قدَري الذي أوجَدَني
فَلِمَاذا أنتَ تأمُرُ بِالحروبِ
وَالزّلازلِ وَالأوْبئةِ
هَلْ وُجِدْتَ رَغْماً عَنْكَ
وَمَعنَى مَا وَجَدْتَ
فسَلّطْتَ انتقامَكَ عَلى الجميعِ
أنا أيضاً أريدُ أنْ أعرِفَ
لأنّني أتعذّبُ
وأدْفَعُ ثمنَ أخطاءِ غَيْري
وَلا أعرِفُ لماذا..
وَأنا لا أريدُ
أيّ شيءٍ..
أي شيء!.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منفيون من جنة الشيطان/3
- منفيون من جنة الشيطان/2
- منفيون من جنة الشيطان- 1
- المخفي والمستور وما بين السطور..!
- آراء وانطباعات عن الثقافة الكردية
- مقاطع من أغنية كردية
- اللحظةُ ليستْ تاريخاً
- 13×7
- الإصغاء إلى نداء الغابة وخطاب الطبيعة في القصة الليبية
- أصل الشرّ.. (2)
- أصل الكلام.. كلمة
- عندما ندم الله.. (25) الأخير
- عندما ندم الله.. (24)- ما قبل الأخير
- الاطفال.. طريق إلى أنانية الأنثى
- عندما ندم الله.. (23)
- أصل الشر..(1)
- عندما ندم الله.. (22)
- عندما ندم الله.. (21)
- عندما في الأعالي.. (20)
- عندما ندم الله.. (19)


المزيد.....




- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - منفيون من جنة الشيطان/ 4