أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رباح حسن الزيدان - خوارق اللاشعور















المزيد.....

خوارق اللاشعور


رباح حسن الزيدان

الحوار المتمدن-العدد: 3305 - 2011 / 3 / 14 - 08:35
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


( خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة ), كتاب ظلمه عنوانه كثيراً, والعيب ليس في العنوان بحد ذاته, ولكن في بعض الكتب الأخرى التي تحمل عناوين قريبة من هذا العنوان, ولا تتجاوز الهرطقة بخصوص اللاشعور, أو العرض السطحي المكرر بخصوص وصايا النجاح, بعكس هذا الكتاب الذي يبحث, في موضوعه, على مستوى عميق جداً في نفس الإنسان, ونطاق واسع جداً على صعيد المجتمع.
يصف الوردي كتاب (خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة) بأنه بحث في غوامض العبقرية, والتفوق, والنجاح, وما يسمى عند العامة بـ (الحظ), وأثر الحوافز اللاشعورية فيها في ضوء النظريات العلمية.
الكتاب عبارة عن خمس فصول, وسوف أستعرض بسرعة أفكار كل فصل منها:
في الفصل الأول ( الإطار الفكري), يوضح الوردي طبيعة العقل وطبيعة الحقيقة, فيخلص إلى أن عقل الإنسان ليس حراً تماماً, فهو محصور بإطار فكري متغلغل في أعماق عقله الباطن, هذا الإطار مكوّن من قيود نفسيه, واجتماعيه, وحضارية, وهو موجود عند كل البشر ولكن بنسب متفاوتة, ثم يقدم الوردي وجهة نظره في ما يسمى بـ ( الحقيقة), ومفادها أن الحقيقة فيها جانب مطلق (موضوعي) وجانب نسبي (ذاتي), وسبب وجود هذا الجانب النسبي في الحقيقة هو وجود الإطار الفكري على عقول البشر, فبسبب وجوده يرى الناس نواحي مختلفة في الحقيقة الواحدة, فلو حدثت “مظاهره” فسوف يرى بعض الشباب, في هذه المظاهرة, جمال الفتيات المشاركات, والأدباء سوف يرون فيها الأخطاء النحوية في الشعارات, والنساء سوف يرون ملابس الأخريات, والصحافيين سوف يرون عدد القتلى والجرحى .. وهكذا.
في الفصل الثاني (المنطق الأرسطوطاليسي), ينتقل الوردي لنقد طريقة التفكير القديمة, والمتمثلة بمنطق أرسطو, فطريقة التفكير القديمة لا تواكب الحقيقة؛ لأنها لا تعترف بالجزء النسبي فيها, ويؤكد الوردي أن هذه الطريقة القديمة هي سبب ازدواجية وفشل المتبع لها؛ فهو يفكر بطريقة مجردة بعيدة عن الواقع, بينما كان من المفروض أن يعمل بطريقة نسبية تتكيّف مع الحياة, هذا بالإضافة أن طريقة التفكير القديمة لا تسمح لومضات العقل الباطن بالانبثاق.
في الفصل الثالث ( الإرادة والنجاح) , يقدم الوردي قانون “الجهد المعكوس”, مفاد هذا القانون أنه إذا تغلغلت فكرة في أغوار عقل الإنسان الباطن فإن كل الجهود الواعية التي يبذلها الإنسان في مخالفة تلك الفكرة تؤدي إلى عكس النتيجة المبتغاة؛ فلو كان أحدهم يسير على حافة جدار مرتفع, وكان يخاف السقوط بشدة, لدرجة أن خوفه رسّب فكرة السقوط في عقله الباطن, فأن كل الجهود التي يبذلها كي لا يسقط سوف تؤدي لسقوطه, هذه الحالة تسمى (بتنازع الإرادة والمخيلة) أو تنازع ( الشعور واللاشعور)؛ معنى هذا الكلام أنه ليس ( كل من سار على الدرب وصل) بل معناه أن كل من سار على الدرب قد يصل للجهة المعاكسة.
في الفصل الرابع (خوارق اللاشعور), وبعد استعراض قوة اللاشعور في الفصل السابق, ينطلق الوردي لاستعراض بعض خوارق اللاشعور, في البدء كان هناك منهجان علميان لبحث هذا الموضوع, المنهج الأول هو منهج جمعية المباحث النفسية البريطانية والذي ينص على بحث كل حادثة يحدث فيها عمل خارق, والمنهج الثاني هو منهج العالم الأمريكي “جوزيف راين” وهو ينص على فحص عينات كبيرة من الناس بحثاً عن قدرات خارقة عند العامة, تصل نتائج المنهجين لنتيجة واحدة مفادها أن لكل إنسان قدرة على الإحساس الخارق, بدرجات تتفاوت من شخص لأخر, وفي بعض الحالات قد يخترق هذا الإحساس حجاب الزمان والمكان, بعد ذلك يخصص الوردي جزأً كبيرا من هذا الفصل في التفسير العلمي لهذه النتيجة الغريبة.
في الفصل الخامس ( النفس والمادة), يتطرق الوردي لمعضلة ( الفكر والبدن ), فالأفكار, وبالرغم أنها من ماهية أخرى, إلا أنها تؤثر على المادة, فعندما يخجل الإنسان تحمّر وجنتاه, والمادة أيضاً تؤثر على الفكر, وهذا جلي في تأثير المشروبات الكحولية على أفكار الإنسان, من هذا المنطلق يوضح الوردي في هذا الفصل كيفية تأثير أفكار الإنسان على بدنه, بل وعلى والمادة الخارجية أيضاً, موضحاً أفكاره ببعض الطوائف الدينية التي يأتي أفرادها بالخوارق, ثم يشدد بعد هذا التوضيح أن إتيان هذه الطوائف بهذه الخوارق ليس ناجماً عن صحة اعتقادتهم بل هي نتيجة لقوة اعتقادتهم؛ فقوة الاعتقاد – بغض النظر عن صحته – سبب قوي لإجتراح بعض الخوارق, وتصبح النتيجة هنا أن الفاصل بين الوهم والحقيقة قد تلاشى .. ولو جزئياً.
إن الأفكار التي تم استعراضها حول الفصول الخمسة في هذا الكتاب لا تتجاوز كونها العمود الفقري للفصول, فكل فصل منها مشحون بأفكار وأراء وحقائق كثيرة أخرى, وما ميّز كتاب الوردي هو انه شدّد في مقدمته أنه سوف يتخذ المنهج العلمي وسيلة له في التحري والبحث, وأنه سوف يتجاوز أي أمور غيبية أو روحية, وأيضاَ شدّد الوردي في مقدمته أنه سوف ينهج أيضاً المنهج العملي التطبيقي, فكل هذه الأفكار المذكورة, وغيرها, لا يتركها الوردي إلا بمحاولة استشفاف فائدة عملية, وتطبيقية, منها.
إن ما يجعل كتاب “خوارق اللاشعور” فريداً جداً هو أن كاتبه هو الدكتور الوردي عالم الاجتماع, فهو إذا بحث نفسي يكتبه عالم اجتماع, عالم اجتماع مطلع إطلاعاً رائعاً على حقل الفيزياء؛ فنحن إذا بصدد بحث نفسي, ينتهج المنهج العلمي, ويقدم نفسية الفرد في ضوء سلوكيات الجماعية.
كتاب (خوارق اللاشعور) صدر عام 1952, وهو ثاني كتاب للدكتور الوردي, بعد كتاب (شخصية الفرد العراقي) سنة 1951, وقد بدأ الدكتور الوردي البحث في موضوع هذا الكتاب, ولمدة عامين, بعد قراءته كتاب ( The Personality of man ) للدكتور البريطاني ((G.N.M. Tyrrel؛ وهو الكتاب الذي حفزه للبحث في هذا الموضوع.
علي الوردي من مواليد 1913, وتوفي سنة 1994, وهو أستاذ ومؤرخ وعالم اجتماع عراقي, حصل على الماجستير 1946, والدكتوراه 1950 من جامعة تكساس الأمريكية, وعمل أستاذاً في كلية الآداب في جامعة بغداد.
أسلوب الوردي في الكتابة سلس ومتين, تشعر أثناء القراءة له أنه يتحدث إليك أكثر من كونه يكتب لك, ففي كتابته حرارة وصدق, وهو لا يبالغ في اهتمامه بالجانب التنظيري والأكاديمي, بل يطرح أفكاره بأكبر قدر ممكن من العفوية والبساطة, وفي نفس الوقت بأكبر قدر ممكن من العمق والتأثير, ما يلاحظ على الوردي هو: التكرار, فتجده يكرر الفكرة الواحدة في مواضع كثيرة من الكتاب, ورغم ذلك, فأنه بدا لي أنه في كل مره يكرر الفكرة فهو يرسخها من جهة, ويوضحها أكثر من جهة أخرى, لأنه وإن كان يكررها, فهو يأتيها من عدة مواضع؛ مما يجعل وقعها جديداً في كل مرة على القارئ .



#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر التنوير : ظهور مفهوم جديد للدين
- الأنا العربي والأخر الأوروبي
- الاخر في الثقافة العربية الاسلامية (في صدر الاسلام)
- ها كاكا حمه
- انت تتظاهر ... اذن انت كافر !
- ظهور الخوارج في الاسلام
- اكتشاف مربع برمودا في العراق
- الدين والسياسة في الإسلام (3)
- الدين والسياسة في الإسلام (2)
- اخوان الصفا وخلان الوفا
- الدين والسياسة في الإسلام (1)
- قراءات في المشهد السياسي العراقي
- السبئية بين الحقيقة والخيال
- دعاة السلفية بين مطرقة الوردي وسندان الجابري
- اين الطريق ؟ أعلمانية ؟ أو أسلام ؟ أم توفيق ؟
- الديمقراطية في الأسلام كما يراها علي الوردي
- بذور العلمانية في الأسلام
- مقالة / المد والجزر بين علي ومعاوية
- مقال / من شب على شئ شاب عليه


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رباح حسن الزيدان - خوارق اللاشعور