|
ثقافة الغضب ...
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 3304 - 2011 / 3 / 13 - 18:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ثقافـة الغضب ... ثقافـة الغضب ـــ لسلفيي السرب ـــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الغاضب لايمكن له ان يكون محاوراً موضوعياً ومسالماً ’ في الأغلب يكون مسيئاً او يخرج عن طوره فيشتم زوجته ويضرب اطفاله او يهن صديقاً لـه ’ ’ والغاضب احياناً ترتجف شواربه او خده او حاجبيه ’ وعلى صعيد الثقافة’ فالغاضب يرتجف قلمه وشعاراته وهتافاته وتصريحاته ’ وقد يصفع بلسانه ومقالته وكفه احياناً الغضب يولد الأخطاء ’ ومنها الأكثر فداحة ’ واغلب حلات العنف والأقتتال بين الجماعات والعشائر والأحزاب وحتى الحكومات ناتجة عن اصرار الغاضبون على صحة مواقفهم ’ ثم يتواصل الغضب همجياً حتى النهاية المأساوية . الغاضب دائماً يستعين بمخيلته المعطوبة ’ فيستحسن الشتيمة والتسقيط والتخوين والألغاء ’ ولا يرغب الحوار الهاديء اطلاقاً ’ أنـه مشحوناً بالغضب تجاه من يحاول اثبات اخطاءه ’ واسوأ ما في الغضب هو المفتعل منـه ’ انه يعتمد الأثارة والتهويل وتضخيم الأشياء وانتقاء مفرداته لترويج بضائع الأتجار بالأحقاد والكراهية والردح الجنوني ’ لكن وكما يقول المثل حتى " تستقر الفأس بالرأس " وتقع الكارثة وتسقط الضحية ’ يسحب الغاضب نفسه متفرجاً ناقداً وشامتاً احياناً ’ ثم يواصل البحث عن سوق آخر لعرض ذات البضائع . لو اخذنا مظاهرات يوم الغضب في 25 / شباط / 2011 ’ حيث كانت اكثر من 70 % من جماهيرها امتداد لما سبقها من تظاهرات وطنية في ساحة الفردوس وشارع المتنبي ومحافظات عراقية اخرى ’ مسالمة مشروعة المطاليب ’ حريصة على سلامة الناس وامنهم وممتلكاتهم ’ هدفها الأصلاح العام ’ وهتفت " لا للمحاصصة .. لا للفساد ... لا للطائفية ... لا للأرهاب البعثي ’ وكانوا حريصين لمنع اندساس المخربين والكيديين ’ يحملون الورود والشموع ومظاهر الود تجاه الأجهزة الأمنية’ لكن مع الأسف ’ تسربت اليها نوبات الغضب من خارجها وحاولت ان تشوه هويتها ’ فما كان من بين شعارات الجماهير " ثورة الغضب وانتفاضة الغضب ويوم الغضب والثأر والزحف الغاضب لشباب ( الفسبوك ) الثائر وجمعة يوم الندم المخضب بلون الدم " ( ندم عن ماذا . ؟؟؟ ) ولا توجد في مخيلة الجماهير الشعبية حتى مجرد التفكير في مشروع اسقاط الحكومة انهم وبمسؤولية عالية كانوا يتحركون ضمن اطار الأصلاح السلمي ’ انها ثقافة الغضب تلك التي اخترقت صفوف الجماهير المقهورة والتي اساءت الى حقيقة الشعارات المطلبية والحقت الضرر بالأهداف الوطنية والأجتماعية للمتظاهرين ’ وفتحت ثغرة في حسن نواياها ومشروعية مطاليبها . هياكل ثقافة الغضب لا يرغبون رؤية الحقائق على الواقع العراقي’ وليس من السهل اقناعهم ان الزمن قد تغير والعهد الملكي لا وجود له والجلاد صدام حسين قد سقط نظامه واعدم وان البعث اصبح زمر ارهابية ستختفي بضربات التحولات الديموقراطية ’ وبأستطاعة الجماهير ان تحصل على رخصة التظاهر والأحتجاج والأدانة في الساحات العامة من قبل الحكومة وضدها وبحمايتها ’ ولا يوجد في عراق اليوم ورغم كل المآخذ سجناً للوطنيين ’ يضطرون فيه لحفر نفقاً للهروب ’ او معتقل للنهاية وآخر للأمن العامة والأستخبارات ’ تقلع فيه الأضافر وتسمل العيون ’ او عقوبات بقطع اللسان والأذن وبتر الأيدي وتغييب الاف الضحايا في مقابر جماعية ’ وابادة المدن بالمواد السامة ’ انهم لا يرغبون رؤية ذلك بالتأكيد ’ لأنهم غير مؤهلين ولا يستطيعوا خلق تاريخ وطني جديد بديلاً عن تواريخ اختفت بقضها وقضيضها ’ هم تماماً كجنرالات الأتحاد السوفيتي السابق للحرب العالمية الثانية ’ عندما يستيقظ احدهم من نومه يرتدي بدلته العسكرية المثقلة بالمداليات ليحدث احفاد ابناءه اثناء الفطور عن صمود ستالين كراد واختراق الحدود البولونية وعبور الأودر ودخول برلين ورفع العلم السوفيتي على الرايشتاغ وكأن الحرب مشتعلة حول طاولة الفطور من دون ان يدركوا ان الساحة الحمراء محتلة بأعلانات الكوكو والببسي كولا والماكونالد والهمبركر والدسكوات وافلام رامبو وجيمس بوند’ وان لينين وستالين قد انسحبا الى المتاحف والأحفاد يتهيأون لدروس الفيزياء والكيمياء وعلوم الأتصالات ’ مضطرين لألتهام وجبتهم على عجل او يحملوها معهم هروباً من الثرثرة الثورية الغاضبة لجدهم الجنرال . كيف لنا ان نقنع سرب مثقفي الغضب الثوري واصحاب المقالات السريعـة ’ بأن الواقع العراقي قد تجاوزهم ... ؟ مرة قال لي الدكتور عبد الحسين شعبان عندما كان صديقاً " اننا ولكثرة ما كتبنا من التقارير الحزبية ’ نستطيع الآن ان ننجز مقالة بدقائق " اصدقه بذلك ’ لكن ليس العبرة بكثرة المقالات ’ بل بحجم قيمتها الوطنية والأنسانية ’ فكتاب السرب لثقافة الغضب ’ ان لم يتجددوا ويتغيرو من داخلهم ’ سيستمروا مياه راكدة لن تغادر مربع صفرها ان لم يحركها تيار جديد . وصلني نداء يدعو لفصل الدين عن الدولة ’ وهذا امر جيد ’ لكن عندما استعرضت اسماء المبادرين ’ رأيت من الأفضل ان يدعوا اولاً الى فصل دين علمانيتهم وليبراليتهم وحتى يساريتهم عن المجتمع العراقي ’ فدينهم لا يقل تكفيراً وتخويناً والغاءاً للأخر ’ انهم الوجه الآخر للسلفيـة ’ وعليهم ان يمنحوا فرصة للثقافة الوطنية العراقية لمعالجة الأشكالات الملحة داخل المجتمع المدني ومنها فصل الدين عن الدولـة ’ لا ان يضعوا حبل سلفيتهم في عنقها . ثقافة الغضب ( ثقافة السرب) محكومة بأسباب المركزية المطلقة والطاعة المطلقة والخوف من تفكيك الذات ’ تماماً كما هي الروابط بين افراد العشيرة والمذهب ’ محصنين ضد اختراقات الوعي والتغيير’ فتراهم ذات الوجوه تتكرر في تبني موقف ما او التوقيع على نـداء تضامن او ادانـة ’ انهم سريعيوا الأنفعال والأستنفار ضد كل من يحاول التغريد خارج سربهم ’ انهم جيل متبقي من ذلك الزمان ’ لا يروا ابعد من ظلهم او ما يتخيلوه ويتمنوا ان يحصل حالاً حتى وان كان متخلفاً عن حراك الواقع ’ ومثلما يريدون فصل الدين عن الدوله ــ ونحن معهم ــ نطالبهم ان يكونوا معنا بمطالبتهم فصل سلفية دينهم عن المجتمع . 13 / 03 / 2011
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسان جيتج عشك ...
-
نتضامن مع الحزب الشيوعي العراقي ...
-
ثورة الغضب : الى اين ... ؟؟؟
-
دروس من مظاهرات الغضب ...
-
الغضب في الأتجاه المعاكس ...
-
وزراء بدون ( وايرات )
-
دار السيد ليست ( مامونه ... )
-
نتمناك : يا زمن شرطة مهاوش ...
-
معكم : مستقلون من اجل العراق ...
-
المرأة في الزمن الذكوري ...
-
معارضون من ذلك الزمان ...
-
لوعة في عيون سومرية ...
-
لن نرتدي الظلام فالنور اجمل ...
-
بعث الجماجم والدم : هل يكفي معه الأجتثاث ... ؟
-
اين الوطنية من تلك المشاركة ... ؟
-
دولة القانون : بين الحزبية والتيارية ...
-
علاوي : وسائل بعثية في زمن غير بعثي ...
-
ذبحوا النجاة في حضن سيدة النجاة ..,.
-
وصلت مبادرة خادم الحرمين ورسائله ...
-
شر الأمور في مبادرة ( .... ) السعودي
المزيد.....
-
إسرائيل تدرس توسيع نطاق حرب غزة مع وصول المحادثات إلى طريق م
...
-
انطلاق انتخابات مجلس الشيوخ في مصر.. والسيسي يدلي بصوته وسط
...
-
السيدة الأولى للعراق تبين لـCNN سبب تركيزها على البحث عن الم
...
-
نتنياهو يعلن أنه سيصدر هذا الأسبوع تعليمات للجيش حول أهداف ا
...
-
عقود مرنة وتكاليف منخفضة: شركات النفط الصينية توسّع نفوذها ف
...
-
شجار داخل القصر الملكي؟ الأمير هاري يوضح الحقيقة
-
عقب إقالة مفوّضة الإحصاءات العمالية.. البيت الأبيض يُدافع وت
...
-
هل إعادة فتح ممر بصرى الشام المؤدي إلى السويداء تشير إلى انف
...
-
مدينة الفاشر المحاصرة.. الجوع ينهش السكان والمقابر تزداد اتس
...
-
ليبراسيون: إجراءات السلطة تخنق المؤسسات الصحفية الخاصة بالسن
...
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|