|
دولة القانون : بين الحزبية والتيارية ...
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 3193 - 2010 / 11 / 22 - 17:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دولة القانون ـــ بين الحزبيـة والتياريـة ـــ ليس في الأمر انتقاصاً من حزبية الأحزاب ’ التي نحترم تاريخها الوطني ’ بقدر ما هو الأشارة الى دورها الذي سيكون فاعلاً في انجاح العملية السياسيـة والقضيـة العراقية بشكل عام ’ هذا اذا ما كسرت اطر ركودها الأيديولوجي التنظيمي والتحقت جزأً او طليعـة في مجرى التيار الوطني العراقي’ فالأحزاب في افضل حالاتها ’ تمثل مصالح واهداف شرائح قوميـة ودينيـة ومذهبيـة وطبقيـة محددة ’ ولكونها محكومة داخل ايديولوجيتها ومركزيتها المطلقة ومقيدة بتقاليدها التنظيمية الصارمة ’ فحتماً ستكون مغلقة على الآخر ’ تخافه وتتجنب فهمه وتحاول الغاءه ’ حيث ليس بأستطاعة الحزب القومي ( العربي مثلاً ) ان تتحمل بيئتـه قضيـة الأنسان الكوردي او التركماني والعكس ايضاً ’ او حزب اسلامي يجد فيـه المسيحي تقبلاً صادقاً لعقيدته وشعائره والعكس ايضاً ’ وهكذا بالنسبة للأحزاب والمنظمات الأخرى ’ وهناك خطورة اخرى ’ اذا ما تضخمت الذات الحزبية حد التوهم بأمتلاك الحقيقة ’ فتدفع بالحزب الى ان يختزل فيه مصالح واهداف المكون الذي يمثله ثم المجتمع بكاملـة وبفردية مطلقـة تنتهي بـه الى الصقوط في هـوة الشموليـة والعنصرية والدكتاتورية ’ وتلك ظاهرة عاشتها ودفعت ضريبتها اغلب شعوب العالم . التيار الوطني’ يشكل فضاء غير محدود ’ يتسع الى اكثر من شريحـة ومكون وملتقى لمنابع جميع الأفكار والبرامج الوطنية والأنسانيـة ’ وفيه ما يميزه عن تيارات المشاريع القوميـة والطائفية ’ فالحديث هنا سيدور حصراً عن التيار الوطني للمشروع العراقي الشامل ’ وبكل مكوناته وتنوعاتـه واطيافه ’ والتيار’ هو مجرى مستقبلي جارف لايمكن لحبال الأيديولجيات الماضويـة ان توقفه او تحاصره في مربعها الذي تجاوزه حراك الواقع العراقي ’ فهو حالة تغيير وتجديد ثم تغيير متواصلة لايمكن للقوى المتزمتة عقائدياً وايديولوجياً وتنظيمياً ان تتعايش معـه ’ فسيكون مصيرها التخلف والركود ثم الأرتماء في مربع الردة . عندما تندمج القيم والأفكار ومصالح الأنسان في حالة وعي وحراك شامل ’ وتكسر حالة الركود الماضوي وتضغط بأتجاه ولادة التغيير والتجديد ’ يكون التيار الوطني قد ادرك وظيفتـه ’ فيندفع طليعة باسلة للحتمية التاريخية التي لايمكن لرئتها ان تتنفس الا في فضاء المشروع الوطني العراقي للتحرر والديموقراطية والتغيير وتحقيق الرغبة الشعبية في التحضر والمساواة والعدل وسيادة القانون ’ هذه الحالة بمجملها ’ تخلق نقيضها عنيداً بليداً في الحفاظ على مؤسسات القديم التي استسلمت لقوة العادة المدمرة ’ وقد تسبب موجات من الأنشطارات والتشظيات والأفرازات المحكوم عليها بالهزائم والتراجعات والتخلف ’ تكون حصيلتها تجارب وعبر وذكريات يتعلم منها التيار الوطني ’ دروساً في الثبات والأصالة والتقدم . الأمر الذي نحن بصدده والذي يتعلق في التطورات اللاحقة لأئتلاف دولة القانون ’ فالأئتلاف حقيقة يقف الآن على مفترق الخيارات الصعبة ’ فاما ان يتحول الى تيار وطني ديموقراطي ’ واما ان تعيد امتصاصـه اسفجـة التحزب والحزبيـة ’ فالسنوات القليلة القادمـة ستكون سنوات الأختبارات والقرارات خاصة وان الوعي العراقي سيكون حاضراً بقوة ’ الى جانب ذلك ’ رغبة الناس في ان تتحول احزاب ومكونات دولة القانون مـن واقع الحزبيـة الى التيارية ’ خيار يتقدم بحيوية نحو تحقيق الحلم العراقي في المشروع الوطني ’ مستقبلاً زاهراً لأهل العراق ’ وهذا سوف لن يحصل ’ اذا ما كانت قوى الأئتلاف على استعداد نفسي وروحي وثقافي وفكري وسياسي ’ للأندماج مع كل قوى المشروع الوطني من داخل المجتمع العراقي’ فتيار المشروع الوطني العراقي ورغبة الملايين في التغيير والتجديد ’ لايتسع لها جيب الطائفة والقومية والمذهب والحزب والعشيرة ’ ومن يحاول ايهام نفسه بغير ذلك ’ فسيرى صورة مستقبلـه على مرآة صناديق الأقتراع للأنتخابات التشريعيـة القادمـة . الجمهور العريض الذي منح ائتلاف دولة القانون في الواقع اكثر من ( 100 ) مقعداً ’ لايمكنه ان يصمد بوجه تحديات الحراك العراقي وضغوط قوى الردة ’ ان لم يتحول الى تيار وطني ديموقراطي واضح الهويـة ’ يترجم الشعارات والبرامج الى انجازات وطنية عابرة لروح المساومات والتنازلات التي ستلحق اضراراً وانتكاسات فادحـة بذات المشروع والقضيـة العراقيـة بشكل عام التحولات والأنعطافات وحالات التغيير ’ لم يكن طريقها دائماً سلساً معبداً بالتسهيلات والترحيب والورود ’ بل هناك عوائق وحواجز وردود افعال عكسيـة عنيدة ’ سواء من داخل التيار او من خارجه ’ ينتج عنها صدامات ومعاناة وعسر ولادة ’ وتلك حالة لايمكن تجنبها ’ ويجب العبور عليها ’ لكنها وفي جميع الحالات ’ ليس بأستطاعتها ايقاف او حرف الضرورة التاريخيـة للتغيير ’ هذا اذا ما احسن التيار استعمال ادواتـه الفكرية والسياسية والتنظيميـة بشكل جيد ’ وقد تتراجع بعض التجمعات وقسم منها يتأثر بثقل التراكمات الأيديولوجية وتحجر الغايات وارتباك الوسائل ’ لكن بعكسه ’ تلتحق بصفوف قوى التغيير كتل جماهيرية هائلـة لا ترغب التراجع عن انجازاتها التي تحققت وتتحقق ’ لأن الحالة تشكل واقعاً جديداً خرج من رحـم الحراك الحاصل داخل المجتمع العراقي . ينبغي الآن وبشكل ملح ’ النظر ببصيرة سليمة الى المتغيرات الهائلة النشيطة الحاصلة في العمق العراقي ’ وتجنب النظر بنصف عين الى سطحهـا ’ تلك مهمـة كل من يطمح ان ينال شرف الطليعة ضمن الحالـة الأيجابيـة الراهنـة للحراك العراقي المتغير ’ فمحاولـة الأمساك بثوبـة والأدمان على حماقـة ايقاف قاطرتـه ’ انه امر فقد اخر مبرراتـه . التيار الوطني للمشروع العراقي ’ لايمكن له ان يكون حكراً على حزب او ائتلاف او مكون ’ بل انه كما اشرنا ’ فضاء يتسع لجميع الأطراف والمكونات والشخصيات التي تجعل من الوطنيـة العراقيـة دليل عمل وهدف لها ’ ( ولا يصح الا الصحيح ) . 22 / 11 / 2010
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاوي : وسائل بعثية في زمن غير بعثي ...
-
ذبحوا النجاة في حضن سيدة النجاة ..,.
-
وصلت مبادرة خادم الحرمين ورسائله ...
-
شر الأمور في مبادرة ( .... ) السعودي
-
مفخخة ويكليكس .. والعراق المنصر
-
مجازر بحق المواقف المنصفة ...
-
الأشاعات الناسفة ...
-
دولة القانون والخطوة الأهم ...
-
من عمارتلي الى تكريتي : رسالة مفتوحة ...
-
الطريق الى تشكيل الحكومة ...
-
بيداء سالم النجار : موقف في الذاكرة ..
-
المجلس الأعلى : الى اين ... ؟
-
دمع السوالف ...
-
سبعة ايام لأنتخاب الرئاسات الثلاثة ...
-
عادل عبد المهدي ... في الطريق الى العراقية !!!
-
الأنتهازيون : لا انتماء لهم ...
-
رفقة البعث ... ليس طريقاً للعراق الجيد ...
-
منظمات المجتمع المدني : بين التبعية والأستقلالية ...
-
الذات التالفة : تنتج الرذائل ...
-
الحياد : انتهازية او احتيال على الحقيقة ...
المزيد.....
-
صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان
...
-
ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
-
مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان -
...
-
روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب
...
-
في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين
...
-
عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب
...
-
هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
-
بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس
...
-
نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع
...
-
لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|