أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الجباري - بلاد الرافدين .. شيئ من التاريخ














المزيد.....

بلاد الرافدين .. شيئ من التاريخ


كامل الجباري

الحوار المتمدن-العدد: 3300 - 2011 / 3 / 9 - 21:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يختلف اثنان في كون العراق أو بلاد الرافدين واحدا من أهم وأقدم حضارات الاجتماع الإنساني ، وكذلك فهو من البلدان الأكثر ثراءا طيلة تاريخه ، سواء بثرواته وموارده الطبيعية أو بثرواته البشرية . لقد نشأت فيه ومنه انطلقت حضارات كبرى وثورات فكرية وحركات اجتماعية بارزة شكلت علامات هامة في سجل التاريخ . وبسبب ثرائه وخيراته وموقعه الاستراتيجي ، فقد كان دوما عرضة للتدخلات الأجنبية في شؤونه . كما حكم في عديد من الأدوار السياسية من سلالات من خارجه ، وإن كان العديد منها قد ذاب وأندمج في نسيجه الاجتماعي . وبسبب هذه الأمور ، من بين أمور أخرى ليس هنا محل بحثها ، طبعت الشخصية العراقية بطابع الشعور بالحيف والتمرد والشخصية الديناميكية القلقة والمتطرفة ، سواء في مراحل نهوضها أو في مراحل تراجعها ، وفي علاقاتها السياسية و الاجتماعية و الفكرية .
ومن خلال هذا الإرث الطويل من الصراعات والتدخلات الخارجية فقد كان للعوامل الخارجية وما زال دور مؤثر وفاعل في تشكيل بنى المجتمع العراقي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحديد مساراتها .
لا أريد من هذا الطرح القول إن المجتمع العراقي ، وبالأخص في أدوار تراجعه ، كان عبارة عن بيادق شطرنج يناقلها العامل الخارجي ، فإن الشخصية الاجتماعية العراقية لم تستكن ولم تخضع لمحاولات كسر إرادتها وتهميشها ، يشهد على ذلك تاريخ الاضطراب السياسي المعروف في العراق ، وإن لم تصل هذه الحركات في الأغلب إلى غاياتها المنشودة .
استنادا إلى ذلك فقد شاعت نظريات وتفسيرات خاطئة بل ومغرضة وبنيت عليها استنتاجات قشروية حول عدم قدرة العراقيين على أكمال ما بدؤوه وعدم إمكانيتهم في أقامة دولة مستقرة ، كنتيجة طبيعية تتعلق بطبيعة الشخصية العراقية ، وإن العراق لا يمكن حكمه أو المحافظة على وحدته إلا بأساليب الإكراه والاستبداد وإلا تفكك إلى وحداته الأولية ووصل الأمر بالبعض إلى اعتبار العراق كيانا مصطنعا ؟! وفي الحقيقة إنها نظرات مسطحة ووحيدة الجانب ، لا ترى سوى قمة الجبل الجليدي الغاطس في عمق البحر .
يتناسى هؤلاء إن العراق هو الحضارة الأقدم في الكون ، ويتناسون الدول المهمة التي قامت على أرضه . وإن حدوده الحالية هي جزء من حدوده القديمة ، أي إنها دولة حافظت على كيانها آلاف السنين ، هذه الحقيقة التي تنقض جذريا كل هذه الطروحات . ولكي نقترب بمقاربة موضوعية لفهم الاضطراب السياسي في الاجتماع العراقي فأن هنالك إشكاليتين رئيسيتين قد تكمنان خلف ذلك .
الإشكالية الأولى هي التناقض بين الثروات الهائلة التي تمتع ويتمتع وسيتمتع بها البلد ، مقابل الفقر المدقع واللامساواة والتهميش التي تعاني منها أغلبية الشعب العراقي .
الإشكالية الأخرى هي تركز السلطة والنفوذ والجاه في أيدي أقليات (أوليغارشيات) اجتماعية ضيقة : اقتصادية ، قبلية ، دينية ، عسكرية ... وكثير منها من الجماعات الوافدة الذائبة في المجتمع العراقي وغير المتجذرة بعيدا في عمقه التاريخي مقابل حرمان أغلبية الشعب من سيادته على مصائره وتهميشه . ويبقى السؤال قائما : ما الذي يفعله شعب حيوي مثل الشعب العراقي كثير الاعتداد بذاته سوى التمرد والاحتجاج والثورة ؟ حتما سيبقى ذلك قائما ما دامت الإشكاليتين المذكورتين قائمتين وفاعلتين .. وبحل هذين التناقضين وتجاوزهما عن طريق بناء دولة مدنية علمانية حديثة تمهد لبناء الدولة ـ الأمة عندها سنرى أي نموذج مبدع الذي سيقيمه الشعب العراقي ويستعيد من خلاله دوره المبدع في رفد الحضارة الإنسانية بالانجازات المتميزة . في الوقت ذاته علينا أن نعترف بأننا لم نتجاوز هذين التناقضين لحد الآن ، وأن عناصر الدولة ـ الأمة لم تتبلور سياسيا وفكريا واقتصاديا واجتماعيا .
لقد تركت المرحلة المتخلفة للسيطرة العثمانية على العراق ، والصراعات العثمانية الفارسية على أرضه ، بلدا متخلفا يعيش حالة المجتمع الأهلي ، كعامل أساس ، حيث يعيش بعضه منعزلا عن البعض واقعيا على صعيد السياسة والاقتصاد والمجتمع ، كتجمعات محلية ، حيث يضعف المشترك الوطني لصالح ولاءات ضيقة على أساس العرق والطائفة والمنطقة والعشيرة والمحلة والزعامات المختلفة والعوائل وما إلى ذلك . ما الذي يمكن أن تنتجه بنية كهذه سوى إيديولوجية وقيم وعادات لبها التعصب لهذه الروابط وبذلك كان مجتمعا أيديولوجيا غير واقعي يمثل استلابا حادا للمجتمع المدني الحديث ومعوقا لنشوء دولة مدنية حديثة تمثل الأساس المادي لبناء الدولة ـ الأمة ، إذا فهمنا الإيديولوجية بمعنى الوعي الزائف للمجتمع الواقعي . من الظريف إن الأدب كان أكثر وعيا من الفكر السياسي ففي رواية قرأتها منذ زمن بعيد جاء على لسان فلسطيني مقيم مخاطبا أحد العراقيين : عجيب أمركم أيها العراقيين تموتون في التظاهرات من أجل الوطن وتسجنون وتضحون ولكنكم تهدمون اقتصادكم بتهريب الأغنام إلى الدول المجاورة .
لقد عبرت هذه الرواية عن جوهر هذه القصة ... إن معظم قيمنا وأهدافنا تقع في المستوى الإيديولوجي ألشعاراتي المنفصل عن المستوى الحقيقي الواقعي ، بل المضاد لهذه القيم والأهداف في الكثير من السلوك الاجتماعي ، وفي مثل هكذا ظرف تنموا و"تزدهر" روابط المجتمع ما قبل المدني وممثليه الديماغوجيين الذين يلعبون دورا كبيرا في التأثير على شرائح اجتماعية واسعة تعاني من الاغتراب .
حتما لا يمكن اختزال التاريخ في مقدمة ، ولكننا أردنا من خلال ذلك الخلوص إلى ومضات قد تلقي الضوء على جوانب إشكالية فيها الكثير من العتمة ، من خلال قراءة الخلفية التاريخية لمجتمعنا وأزمته الحالية ، من أجل قراءة الحاضر بشكل أفضل .



#كامل_الجباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سندباد العراقي
- مرثية للوطن
- زمن يحتضر .. زمن يولد
- الأيام الأخيرة
- الثورة الخلاقة ضد الفوضى الخلاقة
- تونس – مصر
- ثورة تونس - قراءة أولية
- ثورة تونس وخطر الالتفاف
- عندما يفهم السيد الرئيس !
- الانسان واساطيره-2-
- ليس شتما سيدي النقيب
- واقع الطبقة العاملة العراقية
- أبناء الاجواد
- الارهابي
- الرفيق بوش والراسماليون الجدد
- شجرة الصفصاف
- الإنسان وأساطيره
- هلوكوست غزة
- إشكالية كركوك
- شاهد من الزمن الجديد-4-


المزيد.....




- -أوهام سياسية-.. بيان للأزهر يرد على تصريحات نتنياهو عن -إسر ...
- استدعاء ماهينور المصري للتحقيق في قضية جديدة أمام نيابة أمن ...
- لماذا قررت قطر والأردن حظر روبلوكس؟
- مستشفى شيبا الإسرائيلي: ارتفاع حاد في استهلاك المواد الأفيون ...
- العراق: كفاح لإحياء فن رقص الباليه
- التدمير الممنهج يحيل حيي الشجاعية والتفاح بغزة إلى أطلال
- الصومال يعلن قتل قيادي بارز في حركة الشباب
- مجلس الشيوخ الأميركي يطارد -ميتا- بسبب روبوتات الذكاء الاصطن ...
- أمريكا تتصدر قائمة أكبر 10 دول مانحة للمساعدات إلى أوكرانيا ...
- تطورات الحالة الصحية للفنّانة الكويتية حياة الفهد


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الجباري - بلاد الرافدين .. شيئ من التاريخ