أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الجباري - الثورة الخلاقة ضد الفوضى الخلاقة














المزيد.....

الثورة الخلاقة ضد الفوضى الخلاقة


كامل الجباري

الحوار المتمدن-العدد: 3268 - 2011 / 2 / 5 - 20:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لقد شاع مصطلح "الفوضى الخلاقة " في الأدبيات السياسية باعتباره الإستراتيجية المفضلة لقوى الهيمنة العالمية بقيادة الولايات المتحدة لتفتيت بلدان العالم و تجزئتها ، و بالتالي إدامة الهيمنة و ضمان أفضل الشروط لتحكم الرأسمالية العالمية بالشعوب و مصائرها و جعل هذه الشعوب و اقتصادياتها الزيت اللازم لمحركات النظام العالمي "الجديد" الذي تعصف به الأزمات البنيوية التي لا يستطيع ألفكاك منها .
يلعب هذا المصطلح دوره التحريضي في قطع الطريق على أي نشاط ثوري جماهيري للجماهير نتيجة لخلط الأوراق في محاولة لخلق حالة من التماهي بين الاحتجاجات التي تنتجها ماكنة الفوضى الخلاقة ، و بين الاحتجاجات الثورية الساعية لتقويض أنظمة اللبرلة الاقتصادية المتطرفة، المفروضة من النظام العالمي الجديد ، و ما أنتجته من طبقات سائدة من اللصوص و الطفيليين ، الذين يستغلون السلطة لتكوين ثروات هائلة، أو من أصحاب رؤوس الأموال الذين ينمون ثرواتهم عن طريق الزواج الكاثوليكي بين السلطة و الثروة، مكونين حلفاً فاشستياً ضد الشعوب التي تزداد فقراً حيث يواجهون أبسط مطالبها بالقمع الوحشي.
و من هذا المنطلق تأتي الماكنة ألإعلامية الضخمة ، سواء الإعلام المصري الرسمي أو سائر الإعلام المشابه، من أشاعة هذا الخلط و تنسيب الثورة المصرية إلى نمط من أنماط الفوضى الخلاقة "لتخريب مصر" باعتبارها القوة الإستراتيجية الأهم في العالم العربي و أفريقيا ، بينما تأتي أفكار أخرى من المسكونين بعقلية المؤامرة بمنح أمريكا قدرة ألآله الذي يتحكم بكل شيء،فينسبون خروج هذه الملايين في الشوارع إلى العصا السحرية للساحر الأمريكي ؛ و يمكننا أن نشير بين قوسين أن عصي سحرة فرعون التي أخافت الناس و شلت قدراتهم قد أبطلتها عصى موسى في لحظة ، و هكذا تفعل ألآن الجماهير المحتشدة في ساحة التحرير.
و لمزيد من الوضوح من أجل فك ألاشتباك و إنهاء حالة التماهي الزائفة بين الفوضى الخلاقة و الثورة الخلاقة لبيان ماهية كل منهما ولنأتي أولاً على آليات عمل الفوضى الخلاقة .
تعتمد الفوضى الخلاقة على أشياء غير واقعية في الصراع فتستلب الإنسان – الإنسان و تحوله إلى الإنسان- العنصر أو الإنسان –الطائفة أو الإنسان – القبيلة و غير ذلك من التوصيفات الإنصهارية و تجعله متصارعا على هذه الأسس ، و هذا ماتراه في الصراع " الإسلامي – القبطي" مثلاً ، أو ما تراه من شعارات مفرغة من المحتوى كحقوق الإنسان و الحرية بشكل عائم " و هي اللهجة المفضلة للخطاب الأمريكي ، و قد شاهدناه على الأرض بشكل مباشر في العراق و أفغانستان ، حيث تسخر هذه الشعارات ضد الأنظمة المعادية لها فيما تصمت صمت القبور إذا ما كانت هذه الشعارات تضر بمصالحها (الحالة التونسية كمثال).
و الملاحظ أيضاً ترافق ذلك مع أعمال همجية و صراعات مسلحة غير مفهومة تدرك قوى الهيمنة تفوقها في ذلك و أنها لا تنتج سوى الرعب و الخراب و إدامة الصراع لتكون ألأوكسجين الذي يسري في عروقها و يمدها بالحياة و كما هو معروف فأن البوم تهوى المناطق الخربة .
هنا يأتي السؤال الخطير : ما هو الجديد الذي جاءت به الثورتان التونسية و المصرية ؟
السمة الأولى المهمة هو الانخراط المليوني الواسع للشباب الذي استطاع تنظيم ذاته بشكل غير تقليدي و بحيوية مذهلة ، و أثبت كفاءته و كفاحيته و إصراره و وعيه و مدنيته و تحضره، مما أذهل الأنظمة الحاكمة و جعلها تتخبط عاجزةً في محاولاتها التعامل مع الإحداث حيث لجأت إلى أساليب القرون الوسطى و إلى المافيات ألإجرامية في مقابل الطابع السلمي الحضاري للثورة . و رغم كل الاستفزازات و الأعمال الوحشية لحكم أنظمة الطبقات الطفيلية، فقد حافظت ثورتي تونس و مصر على طابعهما السلمي المتحضر و حمايتهما لأمن المرافق الحيوية و المدن و ألأحياء بينما كان ممثلوا الأنظمة يحاولون تخريب كل شيء.
هنا تبرز صورتان: الصورة الأولى ، النظام الجديد الكامن في رحم الاحتجاجات الشعبية و هو يبشر بالأمان و الحرية و المجتمع المدني و العدالة الاجتماعية . تقابله الأنظمة السائدة المتخلفة بالتعامل مع الجماهير بكل و حشية.
السمة الأخرى هي سيادة مفهوم الإنسان المواطن مقابل الإنسان المنصهر في فئة او جماعة مغلقة ، و بالتالي المجتمع المتساوي في الحقوق و الواجبات و من ثمة إلغاء الصراعات الوهمية.(لم تشهد مصر أي صراع طائفي منذ اختفاء السلطة الأمنية في مصر.)
السمة الثالثة ، إن التحرك الجماهيري الجذري لم يطال النظام فقط و إنما أيدلوجيته السائدة حيث نشاهد رفضاً و واضحا و مراً للأحزاب التقليدية المعارضة للنظام أو التي تشكل ظله ، و قد قيمتها الجماهير بأنها بدائل تعيد أنتاج النظام بواجهةً أخرى ، أي بتعديلات لا تمس الجوهر.
كخلاصة ختامية، فأن الوعي الجديد ما زال غير متبلور ، و يرجع ذلك إلى أن تراكمات الوعي الكمية لم تنتقل بعد إلى القفزة النوعية ، حيث تطرح الجماهير الثائرة إنها غير سياسية ، و في الحقيقة هي تمارس نشاطاً سياسياً من نوع جديد ينسجم مع الحقيقة الجديدة في التاريخ.إن هذا الاعتراض الجماهيري الكبير عمل سياسي من طراز رفيع. أنه مفهوم جديد للسياسة يحتاج إلى بلورة فكرية و أنماط تنظيمية جديدة سيفرزها هذا الحراك الجماهيري.



#كامل_الجباري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس – مصر
- ثورة تونس - قراءة أولية
- ثورة تونس وخطر الالتفاف
- عندما يفهم السيد الرئيس !
- الانسان واساطيره-2-
- ليس شتما سيدي النقيب
- واقع الطبقة العاملة العراقية
- أبناء الاجواد
- الارهابي
- الرفيق بوش والراسماليون الجدد
- شجرة الصفصاف
- الإنسان وأساطيره
- هلوكوست غزة
- إشكالية كركوك
- شاهد من الزمن الجديد-4-
- مشاهد من ‘‘الزمن الجديد’’ -1-
- الإشكال اللبناني
- قصص قصيرة جدا -الحكاية الرابعة عشر لهلكان العريان
- رسائل (هلكان العريان)الثانية والعاشرة
- وقيدت ضد مجهول-الحكاية الثامنة لهلكان العريان


المزيد.....




- هاجمتها وجذبتها من شعرها.. كاميرا ترصد والدة طالبة تعتدي بال ...
- ضربات متبادلة بين إيران وإسرائيل.. هل انتهت المواجهات عند هذ ...
- هل الولايات المتحدة جادة في حل الدولتين؟
- العراق.. قتيل وجرحى في -انفجار- بقاعدة للجيش والحشد الشعبي
- بيسكوف يتهم القوات الأوكرانية بتعمد استهداف الصحفيين الروس
- -نيويورك تايمز-: الدبابات الغربية باهظة الثمن تبدو ضعيفة أما ...
- مستشفى بريطاني يقر بتسليم رضيع للأم الخطأ في قسم الولادة
- قتيل وجرحى في انفجار بقاعدة عسكرية في العراق وأميركا تنفي مس ...
- شهداء بقصف إسرائيلي على رفح والاحتلال يرتكب 4 مجازر في القطا ...
- لماذا يستمر -الاحتجاز القسري- لسياسيين معارضين بتونس؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الجباري - الثورة الخلاقة ضد الفوضى الخلاقة