حمامات اشبه بوطن

سامي المغربي

الحوار المتمدن-العدد: 3300 - 2011 / 3 / 9 - 15:51
المحور: كتابات ساخرة
    

وانا اشاهد احد البرامج الوثائقية، حول الحمامات الرومانية التي شيدها الرومان في القرن الاول من الميلاد، اثار انتباهي الشبه الكبير حد التطابق بين تلك الحمامات العضيمة، و بين اوطاننا المنسية. سيتبادر الذهن للوهلة الاولى الى ان الشبه يتعلق بالهندسة المعمارية، او الاعمدة الرخامية، او الزخرفة المنقوشة على الجدران الذهبية، و الابواب البرونزية..........

لكن الشبه يتعدى ذالك......فتلك الحمامات كانت تتالف من طابقين: طابق ارضي، و طابق تحت ارضي.

الطابق الارضي هو مكان الاستحمام، يضم صهاريج ضخمة من المياه الساخنة، صنابير ذهبية يتدفق منها الماء البارد و الساخن، مسابح دافئة، اماكن مخصصة للتدليك، اعمدة رخامية، ابواب من البرونز، نقوش و رسوم على الجدران.

اما الطابق التحت ارضي، فهو اشبه بفرن كبير، يحتوي على افران ضخمة، اكوام من الحطب، سراديب مضلمة.....

في الاعلى رجال قليلون، من علية القوم، يتمتعون بالمتعة......
في الاسفل الالاف من العبيد، وسط المعانات يسهرون على تحقيق المتعة......

في الاعلى رجال نضيفون، تنبعث منهم رائحة الصابون المعطر، و مستحضرات التجميل الرومانية.
في الاسفل رجال متسخون، يتصببون عرقا اسود، تنبعث منهم كل انواع الروائح القدرة.

في الاعلى نساء شهيات، نساء حسناوات، تسهر على تدليك السادة، بانامل رقيقة و جميلة.
في الاسفل حراس غلاض شداد, يحملون سلاسل و سياط، تنزل على الاجساد الهزيلة، كلما حاولت التقاط الانفاس......

في الاعلى رجال يتجادبون اطراف الحديث... احاديث في السياسة و الرياضة، في النساء و الخلاعة، في الدسائس و في خيانة الامانة.........
في الاسفل عبيد محرومون من كل شيئ.........محرومون من الكلام و الانين، ، لا يسمع عندهم الا صوت السياط المنهمر على الاجساد الفتية، و صوت اللهب المشتعل الذي ياكل الحطب و الانسان.

في الاعلى الهة و انصاف الهة، و في الاسفل اشباه انسان......

و اين الانسان ???

#سامي_المغربي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات