أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طارق الحارس - الثورة ليست الفلوجة ولا سامراء ... انتبهوا يا أهلها قبل فوات الأوان















المزيد.....

الثورة ليست الفلوجة ولا سامراء ... انتبهوا يا أهلها قبل فوات الأوان


طارق الحارس

الحوار المتمدن-العدد: 984 - 2004 / 10 / 12 - 09:02
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الأفكار التي أطرحها في هذه المقالة ليست أفكارا عنصرية أو طائفية، لكنها حقائق أردت من خلال طرحها حماية مدينة ضحت بالكثير وأعتقد أن الوقت قد حان لقطف ثمار تضحياتها التي لايمكن عدها أو حصرها. أنها مدينة الثورة أو مدينة الصدر كما سماها من تسلط عليها بعد سقوط اسمها السابق وهي واحدة من المدن العراقية التي دفعت ثمنا كبيرا في ظل حكم النظام السابق ، بل أستطيع أن أجزم على أنها المدينة الأكثر ضررا بالعراق في ظل ذاك الحكم . لقد أعدم النظام السابق الآلاف من أبناء هذه المدينة ومات منهم الآلاف في حروب النظام وتعوق الآلاف أيضا . أما عن الخدمات في هذه المدينة التي يقطنها حوالي مليوني نسمة فقد ظلت متردية جدا الى حد أن المياه الثقيلة ( مياه المجاري ) أصبحت ضيفا ثقيلا في غرف نوم بيوت هذه المدينة مما اضطر الناس هناك الى النوم فوق السطوح . لانريد أن نتحدث هنا عن الظروف الأخرى القاسية التي كانت تعيشها هذه المدينة في ظل النظام السابق فالجميع يعرف أن النظام السابق كان يتقصد حرمان أهلها من أبسط الخدمات التي من المفروض أن توفرها الحكومة لمواطنيها بسبب وقوف أبناء هذه المدينة بشكل واضح ضد السلطة المتعجرفة التي كانت تحكم العراق .
خرج سكان هذه المدينة عن بكرة أبيهم فرحين بعد سقوط الصنم فقد ولى ظالمهم وقاتلهم الى الأبد . بعد أيام عرفنا أن مجاميع من سكان هذه المدينة بدأوا بتطهيرها من المرتزقة الذين جلبهم صدام قبل الحرب وسلطهم على رقاب أهل مدينة الثورة وقد جرت معارك بين هذه المجاميع الشابة من جهة وهؤلاء المرتزقة دون تدخل من القوات الأمريكية انتهت بطرد وقتل المرتزقة .
كان هذا هو المؤشر الأول على أن أهل المدينة قد رفعوا رايات الوقوف مع العهد الجديد . من جهتها بدأت دوائر العهد الجديد المتمثلة بمجلس الحكم المؤقت آنذاك باجراءات ادارية وخدمية من أجل تحسين وضع المدينة المتردي جدا ، إذ شكلت لجان من أهل المدينة لتنظيفها وتعميرها . سمعنا أن رجال الدين هناك هم من تحملوا دفة قيادة المجاميع التي بدأت بأعمال التنظيف والتعمير ، لكن الحال لم يستمر طويلا فقد تغيرت الأوضاع فجأة بعد أن تمكنت مجاميع تابعة لمقتدى الصدر من السيطرة على الشارع بالمدينة بقوة السلاح وقد وصل الأمر بهؤلاء الى أن يقوموا بطرد مدير مدرسة أو مدير مستشفى ليضعوا محله رجلا معمما لم يحصل على شهادة الابتدائية . تفاقم الأمر أكثر ، لاسيما بعد أن بدأ مقتدى يطلق لخطبه العنان عبر عبارات نارية ضد القوات المحتلة وأعضاء مجلس الحكم وبعد ذلك تشكيله جيشا أسماه جيش المهدي . قام هذا الجيش باستعراض عضلات في شوارع مدينة الثورة يشبه الى حد بعيد استعراضات جيوش صدام السابقة ( الجيش الشعبي ، فدائيو صدام ، جيش القدس ) .
من المؤكد أن الهدف من هذا الاستعراض لم يكن تخويف الجيش الأمريكي ، بل كان الهدف منه هو تخويف أبناء المدينة. حدثني بعض أبناء المدينة خلال زيارتي بغداد أن العديد من أفراد هذا الجيش هم من االمراهقين وال( سرسرية ) والسراق وأيضا من البعثيين الذين اندسوا في هذا الجيش بطرق وأساليب عديدة . لا ننكر هنا أن نسبة قليلة جدا من أفراد هذا الجيش تحمل عقلية مختلفة عن الآخرين . تتمثل وجهة نظر هؤلاء في أنهم يقفون ضد أن يكون بلدهم محتلا من طرف الأجنبي حتى لو كان هذا الأجنبي هو منقذهم من الطغاة والمجرمين .
وصلت الأمور الى أسوأ حالاتها حينما رفع هذا الجيش ( جيش المهدي ) سلاحه ضد القوات الأمريكية بناء على التحديات التي أطلقها زعيمهم مقتدى ضد وجود القوات الأمريكية بالعراق . دارت معارك غير متكافئة بين أفراد هذا الجيش من جهة والقوات الأمريكية من جهة أخرى . من المؤكد أن التفوق في هذه المعارك كان يسير دائما في صالح القوات الأمريكية ومن المؤكد أيضا أن أهل المدينة دفعوا أرواحا جديدة من أبنائهم. كنا نتمنى أن ينتهي نزيف الدم بعد سقوط الصنم ، لكن كان لبعضهم هناك رأي آخر حال دون ذلك لتعود الأمهات لثيابهن السوداء بعد أن خلعن هذه الثياب يوم سقوط قاتل أبنائهن .
عاد الهدوء الى المدينة مجددا ، لاسيما بعد أن لان مقتدى وبدأ خطابه بلهجة مختلفة كثيرا عن لهجته السابقة وعادت الحياة تسير بشكلها الطبيعي وكأن شيئا لم يكن . أما الذين ماتوا في المعارك السابقة فلا يعرف أحد لماذا ماتوا وما الذي جنوه وراء موتهم .
لم يدم الأمر طويلا فقد عاد مقتدى لتصريحاته الرنانة ، تلك التصريحات التي دفع ثمنها العديد من أبناء مدينة الثورة في المعارك السابقة وعاد الخوف ليغلف حياة أبناء المدينة . الخوف هنا ليس من القصف الأمريكي الذي ربما يصيب الأبرياء فحسب ، بل من جيش المهدي نفسه ، إذ عادة ما يطلق مراهقو هذا الجيش نيران رشاشتهم وهاوناتهم لتسقط في بيوت الناس الخائفة . أما إذا تجرأ شخص وقال كلمة ضد هذا الجيش فقد حفر قبره بيديه ، إذ يقوم عدد من أفراد جيش المهدي بقتله بتهمة الخيانة أو العمالة لأمريكا .
ما نريد ان نصل اليه هو أن هذه المدينة التي دفعت ثمنا غاليا في ظل الحكم السابق هو أن البعض من أبنائها يحاول أن يضعها في فوهة البندقية مرة أخرى دون داع لذلك ، إذ من المفروض أن تكون المرحلة الجديدة التي تعيشها المدينة هي مرحلة لتعويضها عما فاتها من بناء وعمران في أيام العهد الغابر .
نعتقد أن هذا البعض يحاول جر هذه المدينة الى المصير الذي لاقته مدن عراقية كانت مستفيدة جدا أيام السلطة المقبورة مثل الفلوجة وسامراء وهذا خطأ كبير يقترفه هذا البعض بحق المدينة وأهلها ، إذ من المعروف أن أهل هذه المدينتين قد خسروا الكثير من الامتيازات التي كان يتمتع بها أبنائهم في ظل وجود الحكم السابق عكس أهل مدينة الثورة الذين أضطهدهم نظام صدام .
خلال زيارتنا الى العراق بعد سقوط النظام والى هذه المدينة بالذات لمسنا بشكل واضح رفض العديد من أبناء هذه المدينة الممارسات التي يمارسهم ضدهم وضد مصالحهم هذا البعض ، وحتى نكون أكثر دقة فنقول أن هذا البعض تمثله جهة واحدة فقط هي ما يسمى بجيش المهدي ، هؤلاء الذين فرضوا قوتهم من خلال تسلحهم ونزولهم الى الشارع لتخويف سكان المدينة واقتراف سلسلة من الممارسات التي لاتقل خطورة واجراما عن الممارسات التي كان ينتهجها النظام السابق مع الأخذ بنظر الاعتبار أن هذا الجيش يقل تسليحا وسيطرة عن أجهزة النظام السابق .
مدينة الثورة وأهلها لايستحقون ما حدث لهم قبل أيام وما تكتبه الأيام القادمة لهم من أحداث ربما تكون أكثر دموية ، بل أنهم يتطلعون الى مستقبل أفضل يضمن لهم حقوقهم التي غيبتها السلطة السابقة وهم يستحقون ذلك المستقبل الأفضل . الحكومة العراقية الحالية تعرف هذه الحقيقة وما المفاوضات المستمرة التي تجريها مع رجال الدين ورؤساء العشائر هناك الا لتجنيب المدينة من الكارثة التي تنتظرها في حالة اصرار جيش المهدي على قتالها .
السياسة هي فن الممكن ... هكذا يعرفها أهلها . نعتقد أن على أهل هذه المدينة أن يعرفوا هذه الحقيقة معرفة تامة وأن يتعاملوا معها تعاملا دقيقا حتى لايخسروا أكثر مما خسروه وهم لايستحقون ذلك أبدا .



#طارق_الحارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختطاف الأطفال ... مقاومة ضد الاحتلال
- هاي فرحة وبعد فرحة
- من يحمي من ...الامام علي يحمي مقتدى أم العكس
- من يفوز في مباراة النجف
- نحن والحجية واسرائيل
- اتحاد كرة القدم عميلا للانكليز
- أسباب أخرى للحزن
- ان كنت من عائلة المجيد
- العودة الى الجنة
- حقوق محمد عبدالمنعم على الحكومة
- الحالة المعنوية
- لقطات قبل التوقيع وبعده
- مجزرة جديدة لن تكون الأخيرة
- المغفرة من أجل عيون الوطن
- عقدة الخوف من اللجنة الأولمبية
- لكن ، هناك العراق
- الأمان ولقمة العيش ثم الانتخابات
- أمن الملاعب الرياضية في خطر
- مقترحات في مسألة تنفيذ الحكم على صدام
- أمنيات كانت أحلام


المزيد.....




- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح
- الجامعات الأميركية تنحاز لفلسطين.. بين الاحتجاج والتمرد والن ...
- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طارق الحارس - الثورة ليست الفلوجة ولا سامراء ... انتبهوا يا أهلها قبل فوات الأوان