أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منير شحود - التغيير كعلاج نفسي للشعوب العربية














المزيد.....

التغيير كعلاج نفسي للشعوب العربية


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 3278 - 2011 / 2 / 15 - 21:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


النصائح التي لم يبخل أحد بتقديمها حول ضرورة إجراء الإصلاحات التدريجية الحقيقية لم تلق أذناً صاغية في بلداننا، وبقيت الاستجابة محصورةً ببعض الأشياء الخجولة من باب رفع العتب كلما اشتد الضغط أو الخوف. ومع امتداد التغيير في المنطقة وتحوله إلى حقيقة وصيرورة ثابتة أطاحت بنظامين استبداديين بأقل الخسائر، فإن الاستعداد ضروري للمرحلة القادمة التي ستشهد التغيير المنتظر بلا ريب.
وقدمت الثورتان التونسية والمصرية تجربة غنية وجديدة، مثلما ثبَّتت حقائق عامة حول كيفية اندلاعهما. فالشباب الذين متوسط أعمارهم 25-30 سنة هم من فجر الثورتين، انطلاقاً من انسداد أفق المستقبل فيما يتعلق بالعيش الكريم والحرية. وكان لشباب الطبقة المتوسطة الأكثر تنوراً بالنسبة لوسائل الاتصال الفضل في إطلاق الشرارة الأولى، قبل أن يتم رفدهم بشباب العشوائيات، ومن ثم أغلبية الشعب بأحزابه وعماله ومثقفيه.
لا يختلف الأمر في معظم البلدان العربية حول إمكانية حدوث الشيء نفسه، مع بعض الخصوصيات في دول الخليج بسبب فائض الثروة وطبيعة مجتمعاته الأبوية. ومع تقدم الاحتجاجات حتى تغيير النظم الحاكمة، لا بد أن تصطدم قوى التغيير مع قوى الثورة المضادة التي تمثل كل من له مصلحة في استمرار الأنظمة القائمة، وهم أقلية ضئيلة، ولكنها قادرة على خلط الأوراق في مرحلة حساسة من عملية التغيير. ورأينا ذلك في ثورتي تونس ومصر.
وارتبط سر نجاح هاتين الثورتين، وتقدمهما المضطرد برفع الشعارات الوطنية التي لا تشوبها شائبة، فعجل ذلك من حشد قوى جديدة لها مصلحة في التغيير. ولكن ماذا لو كان ثمة تناقضات اجتماعية قومية أو طائفية يمكن تحريكها من قبل الأنظمة أو الداعين إلى الثورة غير المدركين لهذه المخاطر؟
بالنسبة للقوى المنهزمة فإنها ستحاول استعمال كل الأسلحة المتاحة لمنع عملية التغيير، ودفع فئات المجتمع للتصادم بعضها مع بعض، والاتهامات بالارتباط مع الخارج والعمالة، وهل هناك أمر أكثر بؤساً من استعمال البلطجية والجمال لهذا الهدف!
والأهم هو ألا تُطرح القضايا التي تحدث انقسامات اجتماعية من قبل دعاة التغيير، لما تحمله من مخاطر على عملية التغيير نفسها لجهة فداحة الثمن الذي يمكن أن يُدفع، أو تأجيل هذا التغيير لأمد أطول، وانتقال بعض الفئات إلى الجهة التي لا تنسجم ومصلحتها الوطنية. ويكشف هذا الطرح، إن وجد، عن نقص في الوعي الوطني عند بعض الشباب، ويفتح الباب واسعاً لاستغلاله وتوظيفه من قبل الأنظمة، وهو ما تبحث عنه. ومع ذلك فإن معظم شبابنا على درجة كبيرة من الوعي الوطني الذي يؤهلهم لاجتراح المعجزات، مثل نظرائهم التونسيين والمصريين، مستفيدين من الدروس القيمة لتجربة هؤلاء.
إن النبالة والسمو التي اتسمت به ثورة الشباب في تونس ومصر تجعلنا ننحني لهم إعجاباً واحتراماً، وشبابنا ليسوا أقل وعياً وأخلاقية منهم، وإن الأصوات التي نسمعها من هنا وهناك لا يمكن أن تحجب عنا هذه الحقيقة الرائعة. وما أن يبدأ التغيير حتى تتعزز اللحمة الوطنية وتزول كل الشوائب والملوثات التي يحاول المستبدون تكريسها لتمزيق المجتمع وتبديد قواه، وقد رأينا كيف تبخر الاحتقان القبطي الإسلامي في مصر بين ليلة وضحاها.
المحاسبة ضرورية جداً، ولكنها مؤجلة لحين تحقق الأهداف، وهي بالضرورة قانونية، وتؤسس لدولة الحق والقانون كبديل جذري للهمجية والعنف والظلم. ولعل المشاركة الواسعة للنساء في هذه الثورات تضفي عليها مزيداً من السلام والأمان، وتساهم في النهوض بدور المرأة إلى مجالات أرحب.
الخوف من التغيير ليس سوى خوف من النور لمن اعتاد العيش في العتمة. وإذا كان مجرد تغيير بسيط في شكل ومظهر شخص ما يدخل السعادة إلى قلبه، فكيف بمن يستنشق هواء الحرية، ويصبح شريكاً في وطن كان سجناً كبيراً له؟ يطيح التغيير بكل المخاوف، وهو العلاج النفسي لشعب غارق في خوفه وكبته واكتئابه.



#منير_شحود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في هذه الظروف العصيبة!
- ألسنا جميعاً نحب سوريا!
- فجر الحرية الجديد
- دروس ثورة الياسمين التونسية
- وهم الأبدية العربي
- هل المشكلة في الأقليات أم في الأكثرية؟
- محنة رياض سيف
- البرادعي بين التكفير والتفكير
- أية مصلحة وطنية
- الآفاق المفتوحة للتواصل على شبكة الانترنت
- هل وقعت حماس في الفخ؟
- سر الأرملة السوداء
- في اللغة الفارغة والمعاني الخادعة
- مشهد قطع الرقاب في اللوحة البعثية القاتمة
- الوطنية المسلوبة
- محظوظ شعب سوريا ونظامه!
- جنون عظمة السلطة و-خرف- المعارضة
- تضامناً مع الدكتورة ماري الياس...لأنني خبرت ذلك مراراً
- في التمييز بين المقاومة والإرهاب
- حين تبكي ذرى القدموس


المزيد.....




- روسيا تحشد 110 آلاف جندي قرب مدينة أوكرانية استراتيجية وفقا ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: لبنان المتحارب بين -أهلَين-.. صواريخ - ...
- بي بي سي داخل مبنى التلفزيون الحكومي الإيراني الذي تعرض لقصف ...
- إيران تُشيّع جثامين قادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا في المو ...
- السودان: البرهان يستجيب لهدنة إنسانية في الفاشر لمدة أسبوع
- تحوّل في خيارات التعليم بالصين: الشباب يصطفّون للانضمام إلى ...
- النمسا: عواصف قوية وبَرَد كثيف يشلّان مهرجانًا شهيرًا
- عراقجي يقول إن الإيرانيين -لم يستسلموا- والحوثيون يعلنون إطل ...
- صحف عالمية: إسرائيل تفشل إستراتيجيا بغزة وداخليا بعد حرب إير ...
- إعلام إسرائيلي: ما ندفعه من أثمان بغزة لا يستوعبه عقل وجنودن ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منير شحود - التغيير كعلاج نفسي للشعوب العربية