أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منير شحود - في اللغة الفارغة والمعاني الخادعة














المزيد.....

في اللغة الفارغة والمعاني الخادعة


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 1422 - 2006 / 1 / 6 - 11:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عند تدريسي لتشريح ووظيفة الدماغ البشري، وفي محاولة لتوضيح علاقة اللغة بالفكر وتبسيطها، أشبِّه مفردات اللغة بالأواني؛ فهي قد تكون فارغة أو ملآنة، كبيرة أو صغيرة. والأفكار هي ما نضعه في هذه الأواني، لنقلها إلى الآخرين بغية التواصل.
ولكن تطور التواصل اللغوي حمل معه إمكانية الفصل بين اللغة والفكر، بحيث يمكن تقديم مفردات اللغة خاليةً من الأفكار، رغم أن الدلالة المعنوية للكلمة تبقى موجودة، بفعل كونها متثبِّتة كمنعكس شرطي، مثلما تبقى علاقة القِدر بالطعام موجودة، حتى ولو كان فارغاً. وفي مقابل ذلك، فإن وسائل الاتصال البشرية الأقدم، كالإشارات، والملامح الوجهية، واللغة الجسدية، تبقى أكثر صدقاً، مع أنها أقل فصاحة من الكلمات.
وفي المفارقة بين الإشارات والملامح من جهة، والكلمات المنسوجةِ عباراتٍ من جهة أخرى، يمكن أن نتلمَّس زيف الكلمات، والاستخدام المخادع لمفردات اللغة، والذي يستجدي المتلقي ويغويه بأن يربط بين المفردات ومعانيها، حتى لو خلت منها.
وإن التجريد اللغوي الذي سمح لمفردات اللغة أن تتطور وتستمر، بغض النظر عن محتواها من الأفكار، هو ما أفضى إلى حتمية اللجوء إلى نوع من الكذب البشري، كجزء مكوِّن من تواصلٍ يصعب تخطيه، ولا يمكن التخلص منه طالما بقيت اللغة والكلمة تتصدر علاقاتنا. ولكننا نلطِّف الأمرَ في معظم حالات الكذب، باعتباره مجاملةً في العلاقات بين الأفراد، أو دبلوماسيةً في العلاقات بين الدول.
وفي السياسة الموجَّهة (البرباغندا) يتم استخدام الكلمات التي توحي بالمعاني الكبيرة، في محاولة للإيهام بالتطابق بين القِدر (الكلمة) ومحتواه (المعنى). وتحتاج كل إيديولوجيا إلى شيء من الحذلقة في استخدام مفردات لغوية كبيرة ومجلجلة وصادمة (ثوابت الأمة، العنفوان القومي، العدو الغاصب، القائد الملهم، العقيدة الـ....الخ) لترمي مستمعيها، أو تقصفهم بها إن دعت الضرورة. وفي خضم هذه اللغة يصبح الإنسان، الفرد، المواطن..الخ، ضئيلاً ومستباحاً وعبداً.
و"البرباغندا"، كترويجٍ للأكاذيب، تحتاج إلى مواهبَ تسويقية، وإنشاءٍ يفيض، وثمنٍ يُدفع، قبل أن تذبل وتندثر. ومؤشرات الكذب كثيرة: تظاهر بالغضب الزائد (تضخيم هستريائي لغضب الحق)، وجماد في ملامح الوجه، وشرود في نظرات العينين، والعدوانية المباغتة، والتحايل في الإجابة.
مفردات اللغة الكبيرة والمنمقة، وفي تيه استرسالها وانسيابها، تخفي الأكاذيب الكبيرة، وهي نقيض الشفافية، البساطة، والجمع بين الشكل والمحتوى... الكلمة والمعنى. وبالمقابل، تكون الكلمة الصادقة البسيطة جسراً صدوقاً، رأفةً ورحمةً.



#منير_شحود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهد قطع الرقاب في اللوحة البعثية القاتمة
- الوطنية المسلوبة
- محظوظ شعب سوريا ونظامه!
- جنون عظمة السلطة و-خرف- المعارضة
- تضامناً مع الدكتورة ماري الياس...لأنني خبرت ذلك مراراً
- في التمييز بين المقاومة والإرهاب
- حين تبكي ذرى القدموس
- قطع لوصل ما انقطع
- مؤتمر البعث والفساد والحوار مع أمريكا
- ماذا بعد الانسحاب السوري من لبنان؟
- شيء من الحب
- تحقيق الذات الفردية بين الممكنات والمعيقات
- هل يتحقق إصلاح الفرصة الأخيرة في سوريا؟
- الثوري بن لادن يدفع عجلة التاريخ قدما!
- أيها اللبنانيون...لقد فعلتموها بنا!
- سوريا إلى أين؟
- الحريري الذي مات
- هنيئا للشعب العراقي خطوته الأولى باتجاه الحرية
- سوريا أصبحت بلا ديون, فهل نتفاءل؟
- قوى وفعاليات سورية تداعت!


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منير شحود - في اللغة الفارغة والمعاني الخادعة