أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير شحود - الوطنية المسلوبة














المزيد.....

الوطنية المسلوبة


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 1410 - 2005 / 12 / 25 - 11:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


برز مفهوم الوطنية والدولة الوطنية في الحقبة الاستعمارية من تاريخ منطقتنا، وعبرت عن الرغبة في التحرر وبناء كيانات مستقلة اقتداءً بالدول الأوروبية التي كانت قد أنجزت بناء كياناتها ووضعت لها الأطر القانونية والسياسية بهدف ضبط الصراعات المجتمعية الطبقية واستبدال الصراعات التناحرية بنظام إتاحة الفرص والتعاون الاجتماعي قاطعة بذلك الطريق على إمكانيات قيام الثورات الاجتماعية والتحاقها بالاتحاد السوفييتي، وخاصة بعد أن بدأ هذا النموذج يفقد توهجه بالنسبة للشعوب الأوروبية.
لكن هذا المنحى لم يخلُ من ارتدادات تمثلت بنزعة قومية جياشة ومتطرفة أنتجت النازية والفاشية وكلفت الأوروبيين ملايين الضحايا لإعادة تنظيم البيت الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية، ومن تم تقاسم أوروبا بين المنتصرين، وسادت فترة الحرب الباردة حتى بداية العقد الأخير من القرن المنصرم.
وكانت النزعة الوطنية العربية مرتبطة إلى حد كبير بالكيان القومي المتمثل بالوطن العربي الواحد، وذلك ردا على الهيمنة الاستعمارية وتعبيرا عن رفض تقسيمه إلى كيانات منفصلة باتفاقية "سايكس - بيكو" الشهيرة بُعيد الحرب العالمية الأولى، ومثلت الناصرية ذروة هذا المد القومي الوطني، ولكن بصورة عاطفية، وليس من خلال ضرورات المصلحة القومية للطبقة البرجوازية الضعيفة والمقلقلة بين الانتماءات القبْلية والميل نحو العصرنة.
ونحت معظم الدول العربية المستقلة حديثاً منحىً تطوريا تدريجيا تراوح بين جمهوريات وممالك وإمارات. ولكن المد الثوري العالمي الذي تخللته أحلام التطور السريع بوجود الاتحاد السوفييتي كحاضنة، مكَّن القوى الثورية الشعبوية من الوصول إلى السلطة عن طريق الجيش، ما قطع الصيرورة السابقة، وحدث ذلك في بلدان المشرق العربي وشمال إفريقيا بشكل عام.
وكان لهذه القوى - الأنظمة طريقتها الخاصة في التطور تمثلت بهدف رئيس هو الاحتفاظ بالسلطة، بغض النظر عن أية شرعية، باستثناء ما تشرعنه لنفسها. وعوضت هذه الأنظمة عن فقدان شعبيتها التدريجي ببناء أجهزة قمع بلغت أوج انفلاتها في البلدان التي حكم فيها حزب البعث. وتمت شخصنة السلطة والدولة والوطن – المزرعة وغابت الحياة السياسية وساد النفاق والمحسوبية والتصفيق، وتم لاحقاً توريث السلطة والثروة أو تضييق حلقة المنتفعين أكثر فأكثر، وذلك كتتويج لغياب أية فرصة يمكن النفاذ من خلالها إلى الهيكل الأمني الاستبدادي المتماسك. ولم تكتفِ هذه الأنظمة بنشر الفساد والاستبداد في بلدانها، بل عبرت به حدود الجيران حرباً أو هيمنة، تاركة لمعركتها مع العدو الحقيقي رزمة من الشعارات، ومحتفظة بالعداء فزاعة لتبرير دوام الحال وتخوين من يجرؤ على التشكيك باحتكارها للوطنية، كما احتكرت وأممت كل شيء. ومثَّلت الأنظمة البعثية نموذجاً متخلفاً للفاشية، مع الفرق بأن حربها كانت على مجتمعاتها بصورة خاصة، أكثر من كونها حرب على الخارج. ولكنها استخدمت الأسلوب نفسه في بروبوغاندا التجييش والقمع، وانسلخت من جلدها عدة مرات لتتحول إلى أنظمة استبدادية فاسدة، وبالتالي لا يمكن اعتبارها نوعاً من الاستبدادية الوطنية، لأن مصلحتها في السلطة والثروة هي التي اقتضت الاستبداد، وليس المصلحة الوطنية.
ولكن ما هو الحصاد الوطني لتلك العقود التي حكمت فيها القوى المستبدة ومازالت؟ وهل يمكن الحديث عن الوطن والوطنية في ظروف عدم وجود صيغة تعاقدية بين الوطن والمواطن تحدد الحقوق والواجبات؟. ولم تعش القوانين الوضعية التي سُنَّت في العهد الاستقلالي قبل الاستبدادي سوى سنوات قليلة، لتتم إزاحتها جانباً بقوانين طوارئ غير محددة زمنياً وتنتظر انتهاء الصراع مع العدو، والذي تحاربه السلطات بالصراخ وتكيل له اللكمات الدونكيشوتية صباح مساء.
لم تنتج هذه الأنظمة مواطناً، ولم تحرر شبراً من أرضٍ محتلة، حتى تكون وطنية، بل عمَّمت بذور الخراب بنشرها الفساد والاستيلاء على الثروات المنتجة بالعرق والدم ووضعها في بنوك الآخرين. وانتبهت مؤخراً إلى العلم الوطني لمرحلة ما بعد الاستقلال بعد أن غيبته خلف راياتها، وزجَّت به لخدمة مآربها ومصالحها.
ليست الوطنية شعاراً ولا لبوساً لأحد، إنها فعل يمارسه كل منا في الزمان والمكان، حقوق وواجبات، تحت مظلة القانون، ولا يحق لأحد إصدار شهادات الوطنية، أو إطلاق تهم التخوين، وخاصة أولئك الذين أساؤوا إلى الوطن بسرقة ثرواته، وصموا آذانهم عن مكافحة الفساد، لا بل عمَّموه، لينشروا بذلك أنماط ممارساتهم هذه في مجتمعاتهم... هؤلاء هم من تجب محاسبتهم على تفريطهم واستبدادهم، كخطوة أولى على طريق بناء الوطن.
ولعل أهم ما برهن عليه نظام البعث في العراق ونظيره في سوريا أنهما عصيان على التغيير الأقل دراماتيكية، وأنهما المدخل الذي نفذت أو ستنفذ منه القوى الخارجية في النهاية، وربما قد يكون ذلك الحل الأقل سوءاً لتفادي الخراب المحدق.
لم ندخل مرحلة الوطنية الحقة بعد، لأننا لا نمتلك أي صيغة ديمقراطية للتعاقد. وعندما يتحقق التوافق في دولة القانون والانتخابات نكون قد سلكنا بداية الطريق، ويمكن الحديث عندها عن الأمن الوطني والمصلحة الوطنية، دون أن تكون ثمة مفارقة أو تناقض بين مصالح النخبة المنتخبة والمصالح الوطنية العامة. ولا تمتلك أية صيغة شمولية معارضة مخرجاً من الوضع الراهن لأنها ستعمل على إعادة إنتاج النموذج نفسه.
وفي النهاية لا يمكن إعادة الأمور إلى نصابها دون تغيير المفهوم السائد بحيث تعمل السلطات المنتخبة ديمقراطياً على رعاية المصالح الوطنية، لا أن توحي السلطة غير المنتخبة أو المفبرك انتخابها بتطابق مصالحها مع المصلحة الوطنية. وفي هذه الحالة يمكن الحديث عن وحدة وطنية سورية تمثل الانتماء المشترك والأهم لمواطنين يؤدون واجباتهم ويطالبون بحقوقهم بالطرق الشرعية، تمثلهم نقابات عصرية. وعندها لا ضير في احتفاظهم بانتماءاتهم ما قبل الوطنية، إن شاءوا، دون أن يتقوقعوا فيها أو يلجئوا إليها لتحميهم من السطوة والتسلط



#منير_شحود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محظوظ شعب سوريا ونظامه!
- جنون عظمة السلطة و-خرف- المعارضة
- تضامناً مع الدكتورة ماري الياس...لأنني خبرت ذلك مراراً
- في التمييز بين المقاومة والإرهاب
- حين تبكي ذرى القدموس
- قطع لوصل ما انقطع
- مؤتمر البعث والفساد والحوار مع أمريكا
- ماذا بعد الانسحاب السوري من لبنان؟
- شيء من الحب
- تحقيق الذات الفردية بين الممكنات والمعيقات
- هل يتحقق إصلاح الفرصة الأخيرة في سوريا؟
- الثوري بن لادن يدفع عجلة التاريخ قدما!
- أيها اللبنانيون...لقد فعلتموها بنا!
- سوريا إلى أين؟
- الحريري الذي مات
- هنيئا للشعب العراقي خطوته الأولى باتجاه الحرية
- سوريا أصبحت بلا ديون, فهل نتفاءل؟
- قوى وفعاليات سورية تداعت!
- زراعة الياسمين في بلاد واق الواق
- القضاء السوري بين العدالة والمشاركة في الجريمة


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير شحود - الوطنية المسلوبة