أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد عبد المجيد - المغتربون العرب والإيدز العصبي














المزيد.....

المغتربون العرب والإيدز العصبي


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 975 - 2004 / 10 / 3 - 06:04
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


في البدء كان الحلم. وبين حلم الهجرة و ...الاستيقاظ على الواقع طريق طويل لا يدري من بدأه إلى أين ينتهي به... وتظل أوروبا هي الحلم الكبير لملايين من الشباب العربي. ففيها كل شيء ـ كما يتخيله القادم الجديد ـ المال، والنظافة، والبيت السعيد، والسيارة والذوق ، والتحضر والجنس، والحرية، وراحة البال. هذه هي الصورة التي يراها المقيمون في الوطن أو القادمون.. الجدد...إلى الوطن الجديد.
وعندما يصطدم المغترب العربي بأول نظرة عنصرية، تبدأ أولى خطوات انكماش الحلم.. ويظل يصغر ويصغر حتى يصبح هو والواقع شيئا واحدا. والمغتربون العرب في أوروبا في حاجة ماسة إلى دعم معنوي وزاد روحي من تربة الوطن، حتى لئلا يتحولون إلى أشباه بشر...أو عبيد الغربة. وقد تحزن هذه الصورة أبناء الوطن المقيمين، ولكنها حقيقة واقعة لا نريد أن نساهم في إخفائها كما فعل الذين من قبلنا.
الحقيقة المؤلمة هي أن المغترب العربي مازال غير قادر على التأقلم مع المحيط الذي يجد نفسه فيه، بل إن هناك رفضا من المغترب للاتدماج، ورفضا من مواطني البلد المضيف لقبول المغترب.
إن صدمة الغربة في أوروبا كبيرة وقاسية، وهي تزداد قوة ومرارة مع الأيام، وقد أحالت عددا كبيرا من المغتربين إلى أشباه موتى أو أحياء بلا روح. وحدة وغربة ووحشة حتى لو كان المغترب العربي متزوجا من أوروبية. علاقات غير سوية مع أصدقاء الغربة لأنها ليست متكافئة، إنما هي نتيجة لقاء مصادفة جمع خليطا عجيبا من كل شكل ولون، وكل رأي ومذهب وعقيدة وفكرة وماض ....إنك هنا في أوروبا قد تقابله في أي مكان، وقد يتصل بك هاتفيا أو تراه جالسا وحيدا في مقهى أو سائرا على غير هدى يحدث نفسه، أو منغمسا في علاقات جنسية، أو متلعثما في حديثه، أو ملتجئا إلى ماضيه. أنه المغترب العربي المسكين الذي تخلى عنه الوطن عندما تركه يغادر البلاد دون أن يمده بأسلحة تقيه برد الوحشة، ووحدة الفكر، وانحسار الإيمان.
" الإيدز العصبي" هو المرض الذي يصيب عددا كبيرا من المغتربين، ولن يستطيع مقاومته مغترب ضعيف الإيمان أو لا يملك فلسفة في الحياة أو قليل الحيلة، أو غير مرتبط روحيا وعاطفيا وفكريا بأهله وأبناء وطنه. لقد فشلت تجمعات المغتربين في القضاء على "الإيدز العصبي" بل إنها ساعدت في أحيان كثيرة على نقل المرض إلى أفرادها فأصابت البعض انهيارات عصبية أو داء العظمة، أو الأرق الدائم أو انتكاسات ذهنية.
والحل يبدأ من هناك...من الوطن قبل أن يستفحل الخطر ويسري في جسد المغتربين كلهم.
المغتربون العرب في أوروبا يقتلون أنفسهم وأرواحهم في مجتمعات هيأت لهم كل سبل الموت البطيء.
الصراع المرير الذي يعتركه المغترب في البيت، والمكتب والعمل، والمدرسة والشارع، ومع الناس والسلطات....هو صراع حسم النصر فيه سلفا لصالح أبناء البلد المضيف.
حتى الزواج من أوروبية أصبح قضية خطيرة جدا، لأن المغترب العربي الزوج يخرج منها في معظم الأحوال منهارا منهزما وكأنه كان يصارع ثورا عنيدا في ساحة ليس بها متفرجون أو شهود.
وسواء انفصل المغترب العربي عن زوجته أو صديقته وكان لهما أولاد فقد انقطعت مع الانفصال أو الطلاق صلة المغترب الثقافية واللغوية والدينية مع أولاده ...وتبقى العلاقات العاطفية التي تخفت وتذبل وتبهت مع مرور الأيام، حينما يجد المغترب صديقة أو ... يتزوج حتى من عربية، وينتقل إلى بيتها رجل آخر من أبناء جلدتها ليصبح الأب الثاني للأولاد. قضية الانفصال أو الطلاق هي الأخطر هنا، لأنها تعيد المغترب العربي إلى نقطة الصفر دون أي مكاسب تذكر.
إن تحديد من المخطئ ومن المصيب في هذه المشكلة لن يساعدا في إيجاد مخرج منها أو حل لها؛ فهما طرفان مختلفان في كل شيء: الدين والعادات والتقاليد واللغة والماضي والاهتمامات والآمال والأحلام والمبادئ و......
يعاني المغترب العربي أيضا من مشكلة عدم الاكتراث به أو بآلامه وأحزانه وأوجاعه من قبل معارفه و..أبناء البلد المضيف.
الكل يجري ويلهث وراء الاستقرار المادي، وقلة نادرة هي القادرة على الجلوس الهادئ والاستماع إلى الآخرين.
إن إعادة تحليل الواقع للمغترب العربي تحليلا موضوعيا هي المدخل الوحيد لمنهج سليم، في محاولة لتجنب الخسائر المعنوية والروحية والعاطفية والفكرية التي تنتظره.
بنظرة متفحصة وأمينة للمغتربين العرب في شوارع وأزقة وحواري جنيف ومرسيليا ولندن وأوسلو واستوكهلم وكوبنهاجن وأورهوس وأودنسا ومالمو وجوتنبرج و....تكتشف على الفور أن قضية المغتربين العرب أخطر مما يمكن أن يدور بأذهان كل المسؤولين عن وزارات الهجرة والقوى العاملة.إنها قضية محاولات المهزوم إيصال ثقافته الأصيلة إلى أوروبا حيث يقف الإنسان الأبيض متعاليا فكرا ومادة ومالا على القادمين الجدد.
المغتربون العرب في حاجة إلى الحماية من أبناء البلد المضيف ومن.. أنفسهم أيضا.
إن مقولة الاستقرار النفسي والمادي لدى المغتربين العرب في أوروبا فيها من الضرر الكثير، لأنها خداع للنفس واضح وصريح. إننا في حاجة إلى أبحاث مزودة بأرقام مفيدة وإحصاءات غنية لمعرفة مواقع أقدام ضحية العصر، وضحية الهجرة، وضحية أحلام الضعفاء. ومازال الإيدز العصبي يصيب في كل يوم وكل ساعة عددا لا بأس به من المغتربين الجدد، أو من الذين استيقظوا فجأة على فجيعة هموم الغربة.

محمد عبد المجيد
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو النرويج
htp://www.tearalshmal1984.com
[email protected]
[email protected]
Fax: 0047+ 22492563



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت البطيء بالأمر السامي .. مخالب أمير المؤمنين
- أمريكا .. شيكا بيكا
- صناعة العبودية .. لماذا يحتقرنا الرئيس حسني مبارك؟
- لماذا يحتقر الرئيس الأمريكي الزعماء العرب؟
- البشرة البيضاء للعنصرية
- السلطات السعودية تحارب في المكان الخطأ .. تفريخ الارهاب صناع ...
- هل الخوف والصمت والبلادة صناعة عربية؟
- من الذي يسرق البحر في مصر؟ .. بكائية على أوجاع وطن
- اعترافات جاهل بالشعر العربي الحديث
- كل الجزائريين يبكون، فمن القاتل؟
- من الأكثر ولاء للوطن .. المواطن أم مزدوج الجنسية؟
- سيدي الرئيس حسني مبارك .. استحلفك بالله أن تهرب
- صراع الأبناء بعد وفاة الشيخ زايد .. هل يحكم محمد بن راشد آل ...
- ابتسم فأنت في سلطنة عُمان
- خذ حذرك فالاستخبارات الأردنية تتعقبك
- النقاب حرام .. حرام .. حرام
- نيلسون مانديلا ومنصف المرزوقي انطباعات شخصية
- انتهاكات حقوق الإنسان في لبنان
- دعوة لتنازل الملك فهد عن العرش
- لا شرعية لنظام حكم عربي لا يغلق المعتقلات


المزيد.....




- الخرطوم تطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمار ...
- استمرار الاحتجاجات في جامعات أوروبا تضامنًا مع الفلسطينيين ف ...
- الرئيس الإيراني: عقيدتنا تمنعنا من حيازة السلاح النووي لا ال ...
- مظاهرة ضد خطة الحكومة لتمديد استخدام محطة -مانشان- للطاقة ال ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة خسائر القوات الأوكرانية خلال أسبوع ...
- أطباء المستشفى الميداني الإماراتي في غزة يستأصلون ورما وزنه ...
- مجلس أميركي من أجل استخدام -آمن وسليم- للذكاء الاصطناعي
- جبهة الخلاص تدين -التطورات الخطيرة- في قضية التآمر على أمن ا ...
- الاستخبارات الأميركية -ترجح- أن بوتين لم يأمر بقتل نافالني-ب ...
- روسيا وأوكرانيا.. قصف متبادل بالمسيرات والصواريخ يستهدف منشآ ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد عبد المجيد - المغتربون العرب والإيدز العصبي