أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - لا شرعية لنظام حكم عربي لا يغلق المعتقلات















المزيد.....

لا شرعية لنظام حكم عربي لا يغلق المعتقلات


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 956 - 2004 / 9 / 14 - 10:03
المحور: حقوق الانسان
    


يقتلني في اليوم الواحد مئة مرة, وفي كل مرة بمئة سلاح, سؤال عجزت الانسانية عن الاجابة عليه ولا يزال مطروحا في كل زمان وفي كل مكان:كيف يمكن لشخص واحد, حاكم مستبد ومغرور ومتكبر وقاس ودموي أن يستعبد أمة كاملة من البشر, ويلتف حوله لحمايته آلاف من كلاب السلطة الجلادين, ويتحول الصمت بين الجماهير إلى فضيلة ونصيحة ثمينة وطريق آمن؟
مستبد واحد قد يكون أضعف من بعوضة, وأجبن من فأر, وأحط من حشرة, وأغبى من حمار, يشير بسبابته فيتسابق لارضائه وحوش كاسرة, وتتم تصفية مئات من البشر المظلومين دون أن تتغير تعبيرات وجه أو تتحرك تحتها عضلة واحدة؟
هؤلاء المنسيون تحت الأرض الذين لم تعد لهم أسماء يتذكرونها, بل أصبحوا أرقاما تزداد باعتقال آخرين وتنقص في زيارات مرهقة لملك الموت؟
لقد تم تجريدهم من كل شيء, وأصبحت العلاقة الوحيدة التي تربطهم بالعالم شعاع ضوء يتسرب خلسة إلى زنزانة قذرة , متعفنة, ترفض كل حشرات الأرض السكن فيها!
يستسلم بعضهم للموت البطيء, ويمر البعض الآخر بهذيان وفقدان للعقل, وتتمكن السلطة من قطع المستقبل تماما عن الخيال, وفي الوقت عينه تقتل الماضي بسموم بطيئة موجعة يتجرعها السجين في صورة تحطيم كامل للكرامة, وتشويه متعمد وغليظ لأي اشارات تدل على أن هذا الجسد المتحرك الساكن يمت بأي صلة لانسان خلقه رب العزة وأكرمه ونعمه وجعله خليفة في الأرض.
في بلد عربي واحد بلغ عدد المعتقلات مئة وتسعين, وفي بلد آخر قام واحد من قيادات الاستخبارات بقتل سبعمئة سجين مرة واحدة, ثم ألقى بهم في حفرة واسعة كأصحاب الاخدود.
وفي جنوب بلد عربي آخر أمر الحاكم بسجن طفل وهو في الثالثة من عمره, وخرج بعد أن بلغ الثالثة والعشرين.
وأدوات التعذيب في عالمنا العربي بالمئات, منها المعدنية والكهربية والأسياخ وأعقاب السجائر وأدوات قلع العيون والأظافر وعلاقات في السقف, هذا فضلا عن كلاب السلطة من سجانين ومخبرين وضباط شرطة ومأموري سجن من الذين مارسوا التعذيب والاغتصاب ونفخ البطن وقطع الأذن واطفاء السجائر في العضو التناسلي واجبار السجين على أن يفعل الفاحشة بأمه أو أخته ..
في هذه اللحظة وقبل أن يكمل القاريء الكريم فقرة أو اثنتين يكون مئات أو آلاف أو عشرات الالاف من المعتقلين العرب يحترقون أو يغتصبون أو يعلقون من أرجلهم وأيديهم بأوامر شخص واحد ضعيف وحقير ومستبد.
وفي اللحظة نفسها أيضا يكون هذا المستبد قد خرج على قومه في زينته, أو جلس في قصره العامر يقرأ عشرات المقالات التي تمتدح فيه, وفي كل مقال منها حكم بالاعدام أو الموت البطيء على بريء لا تفهم روحه لماذا تبقى في جسده.
لماذا نصمت؟
ألم يعد فينا مبصر واحد يقترح جعل اغلاق المعتقلات وانهاء التعذيب شرطين لاستمرار الحاكم في قصره؟
لماذا نتلذذ بكوننا جبناء, ونخشى الحديث في غرف مغلقة خوفا من أن يكتشفنا رجل ضعيف ومريض عقليا وشاذ نفسيا لا يملك من أمره شيئا؟
من منا لا يتذكر صورة نيقولاي تشاوشيسكو على الأرض مسترحما أحذية الجماهير والأطفال بعد أن كان قبلها بساعات يحرك شعبه كله من شرفة قصره؟
من منا لا يتذكر محمد رضا بهلوي, صاحب عرش الطاووس, وهو يبكي في مطار طهران بعد أن ظن الايرانيون أن العناية الالهية نسيتهم بين أيدي السافاك؟
عندما يفهم المثقف والمفكر والاعلامي والأكاديمي ورجل الدين أن ثورة التوعية هي الطريق الوحيد لتحرير الشعوب, فإن شعاعا مضيئا من نور الشجاعة سيضيء الوطن كله, وسيكتشف الناس أنهم كانوا منومين بإرادتهم, وعبيدا لرعشات خوف ليس لها أي أصل أو مبرر!
لماذا الصمت الأحمق والمخيف والذي ليس له أي تفسير آخر غير الموافقة الضمنية على استمرار المعتقلات, وتقبيل حذاء الحاكم, والسجود أمام كلاب السلطة في السجون والمعتقلات ومنحها شرعية نهش أجسادنا جميعا؟
إن شرعية الطاعة والاعتراف بالحاكم ينبغي أن ترتبط فورا وبدون شروط باغلاق نهائي لكل المعتقلات والسجون, والافراج عن سجناء الرأي والضمير والصحفيين والكتاب والمثقفين والأحرار والمتمردين والمعارضين.
لماذا لا نتكاتف جميعا ونجعل من 2003 عام اغلاق المعتقلات والسجون والافراج الفوري عن أهلنا وشعبنا وأشقائنا وأبنائنا وآبائنا وأخواتنا؟
لماذا لا نتكاتف جميعا ونوجه اتهاما صريحا ومباشرا إلى الحاكم بأنه هو الذي أعطى أوامر بالتعذيب وامتهان الكرامة والانتهاك والاغتصاب بدلا من صك البراءة الذي نمنحه إياه عندما نتهم رئيس الاستخبارات أو وزير الداخلية أو قائد الشرطة؟
هل يمكن أن تكون دعوتي هذه نفخة روح لزملائي في بلاط صاحب الجلالة السلطة الرابعة, ويتم تعميمه دون حذف أو تزييف أو تخفيف حدته, ليصبح بعد وقت قصير ملكا لكل مواطن, إن أراد الصمت والخوف والجبن فليغمض عينيه, وإن أراد المشاركة في انقاذ شعبه وأهله ووطنه فليجعل القضية الأولى قبل الطعام والشراب والطاعة والعمل اغلاق المعتقلات واطلاق سراح السجناء وانهاء أي صورة من صور التعذيب؟
لماذا وممن نخاف؟
من هذا الرجل الوحيد المريض الدموي والضعيف الذي يتألم ويبكي ضعفه عندما يخلو بنفسه, ولا يفهم كيف لملايين من البشر أن يطيعوه, ويحيلوا الحياة اليومية إلى جحيم من أجل اسعاده؟
ألم نفهم بعد أننا نصنع الطاغوت, نعبده, ونسجد له, ونخاف منه, ثم نطلب منه أن يستعبدنا أو يغتصبنا أو يعذبنا عذابا أليما؟
ترى من يقرأ كلماتي هذه ثم يطوي الصفحة, ويتمتم بتهكم بأن لا فائدة في المقاومة, وأن الجبن والرعب أكثر أمنا وسلامة من التكاتف والتلاحم والتضامن والاتحاد من أجل هذا العام, 2003, عام اغلاق جميع المعتقلات العربية بدون استثناء؟
ترى من يقرأ كلماتي ويقول بأنها أضغاث أحلام أو جنون شاعر, وأن الصمت فيه أمن للعائلة والأسرة والأولاد؟
لو علم الناس ان الحاكم المستبد أشد ضعفا وخوفا وفزعا وهلعا مما يتخيل أي جبان أو صامت لما بقي على الأرض العربية معتقل واحد !
اللهم لقد بلغت. اللهم فاشهد.

هذا المقال تم نشره في يناير عام 2003, وقرأه الالاف, ومنهم الزملاء في مهنة البحث عن المتاعب, واستوعبه المثقفون والمفكرون والشجعان, ولكننا لم نتلق ردا واحدا يتيما للتضامن مع هذه الدعوة، هل نحن في زمن ( العبودية المختارة ) ؟



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا أحب الفلسطينيين؟ لماذا يكرهني الفلسطينيون؟
- لماذا لا يشتري العربُ موريتانيا
- صديق الغربة .. الصديق المفترس
- التدين البورنوجرافي
- رسالة مفتوحة إلى أم الدنيا.. ماذا فعل بك هذا الرجل؟
- ولكن الرقيب سيظل احمقا .....
- خالص العزاء لشعبنا التونسي .. ربع قرن جديد تحت حذاء الرئيس
- لماذا لا يبيع العقيد الليبيين؟
- انتهاء المهلة المحددة للافراج عن الشعب السوري
- سنوات الذل والقهر في المغرب .. ولكن إبليس كان أكثر رحمة من ا ...
- الدخول إلى المنطقة المحرمة.. أقباطنا شركاء الوطن، حقوقهم واج ...
- رسالة مفتوحة إلى الأمير عبد الله بن عبد العزيز .. فلسفة الصم ...
- فتاوى العلماء والفقهاء ليست ملزمة للمسلمين
- حوار بين زنزانتين في سجن عربي
- وقائع محاكمة الرئيس حسني مبارك
- حوار بين قملتين في شعر رأس صدام حسين
- مسح ذاكرة العراقيين .. سباق محموم لاغتيال وطن
- وقائع محاكمة العقيد معمر القذافي
- ولكن عزرائيل لا يزور ميونيخ .. سيدي الرئيس حسني مبارك لا تصد ...
- هواءٌ .. فاضَ عن رئتي


المزيد.....




- مندوب ايران بالامم المتحدة: لا يزال الوضع الامني في افغانستا ...
- سوريا: حوالي 4 آلاف اسم على قوائم سرية للمتورطين في جرائم حر ...
- سوليفان: حان وقت التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة واستعا ...
- من صيدنايا إلى غوانتانامو.. سجون حول العالم تشهد ممارسات تعذ ...
- لاجئون سوريون يعبرون الحدود التركية إلى سوريا بعد سقوط نظام ...
- وفد تركي قطري يصل دمشق، وبرنامج الأغذية العالمي يحذر من انعد ...
- معتقل سابق يروي للجزيرة فظائع التعذيب في فرع الأمن السياسي ب ...
- اللاجئون السوريون في ألمانيا بعد سقوط الأسد: عودة أم بقاء؟
- منظمات حقوقية: مقتل 110 أشخاص خلال 7 أسابيع من المظاهرات في ...
- تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل القتل الجماعي واستهداف ال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - لا شرعية لنظام حكم عربي لا يغلق المعتقلات