أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - هل الخوف والصمت والبلادة صناعة عربية؟















المزيد.....

هل الخوف والصمت والبلادة صناعة عربية؟


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 967 - 2004 / 9 / 25 - 05:16
المحور: حقوق الانسان
    


إذا قٌدِّر لك وشاهدت فيلماً مصورا حقيقيا تلعب فيه دور البطل المواطن وترى نفسك أمام ضابط الجوازات في مطار عربي, أو أمام شرطة الحدود بين بلدين عربيين ( شقيقين ), أو في مكتب مأمور قسم الشرطة في أي مكان من وطنك العربي الحبيب الواقع على حدود ايران وتحت أقدام تركيا وفوق رأس أوغندا وتشاد والسنغال وتحت إبط اسبانيا وفي الجانب الآخر من فرنسا وايطاليا واليونان ومالطا, فسيدهشك هذا الشخص تماما, أعني أنت, ولن تصدق بعد مرور المشهد أن البطل المواطن كان يلعب بمهارة وحرفية دور الخائف والصامت والبليد في وقت واحد وكأنه تدرب على المشهد قبل أن يقذف به رحم أمه فوق الأرض التي تتكلم عربي!
لو كنت تعمل في المهجر والغربة في أي شيء لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالسياسة والدين والاجتماع كبائع بطيخ مثلا في سيدني, أو صاحب محل هوت دوج في نيوجرسي, أو مستورد للثوم في رودس, أو بائع لسجائر كليوباترا في شوارع برلين, ثم عدت لزيارة أهلك ووطنك, فلن تسلم من خيال يجنح بك وأنت تقدم بيد مرتشعة جواز سفرك في مطار بلدك بأنك ربما تكون على قائمة المترقب وصولهم بأوامر من الأجهزة الأمنية!
عندما قامت الجماعات الدينية بصناعة اله جديد تماما, ينتظر بصبر نافد يوم القيامة ليعذب, ويلقي في جهنم بلايين من بني آدم الذين خلقهم وأكرمهم ونعمهم, واستبدلت باله المحبة والرحمة والتسامح والمغفرة هذا الاله الذي سيقذف في حمم الجحيم المرأة التي تكشف وجهها, ويُسمع صوتها, والرجل الذي لا يمسح جيدا أثناء الوضوء على عقبيه, والمسلم الذي تتحرك مشاعره بكونسرتو بيانو لبيتهوفن, والذي لا تصل لحيته لطول كف اليد, والذي لا يرتفع جلبابه لخمسة سنتميترات فوق الأرض, لم تستطع أن تجعل هذا الاله أكبر من زعيم بلدها, وعجزت عن جعل جحيمه أكبرمن جمهوريات ومملكات الرعب في عالمنا المسكين.
لقد صور ديكتاتور المغرب الراحل الملك الحسن الثاني في كلمات ارهابية ومستبدة وبليغة المشهد الذي ينبغي أن يكون عليه المواطن, فقد قال له أحد الوزراء في اجتماع حكومي: " يا صاحب الجلالة, أنا عبدكم" فصاح فيه الحسن الثاني " لا يكفي قول هذا, بل يجب أن تكون فعلا. هكذا أفهم القيام بخدمتي".
الخوف يرتبط لدى المواطن العربي بالأمن والسلامة والعودة إلى البيت وضمان رضا السلطة حتى لو بصقت على وجهه مع صباح كل يوم جديد فعضلات وجهه قادرة على الابتسامة الفورية المرتعشة والتي تدخل الغبطة في نفس ممثلها, ضابط أمن, أو مخبر, أو كونستابل مرور, أو محقق جوازات, أو مأمور شرطة, أو حارس سجن, أو مفتش تموين, أو محصل كهرباء, أو مدير مدرسة, أو عميد كلية, أو أي صاحب سلطة
ويرتبط أيضا ولو عبر آلاف الخيوط والاشخاص بأنفاس الزعيم وكلاب القصر وحراس سلطتة
تبدأ العبودية مع أول اضافة لقداسة غير مرئية ثم تتدرج ويساهم في صناعتها الاعلام والمثقفون والكتاب وأجهزة الأمن والخطف والمحاكمات والتعذيب والاختفاء وراء الشمس حتى تتكون في ذاكرة الشعب صورة متكاملة لجبروت السلطة وقداسة زعيمها, ويتم حجب كل جوانب الضعف والانسانية, فيوهمون المواطن أن الزعيم يحتفظ بكامل وعيه وهو مريض, وهو وهج لا يخفت, ولا يصيبه تعب أو ارهاق أو ضعف جنسي أو امساك أو اسهال أو رغبات شاذة أو غباء مستتر أو تخلف عقلي أو لذة في تعذيب شعبه أو كبرياء هوائي, ولا يحيط به مستشارو السوء, ولا يسيطر عليه الرجل الثاني أو زوجته أو فريق من المنتفعين بسلطته.
بعد صناعة الخوف, وتعبئتها, وتغليفها, واحتفاظ كل مواطن, إلا من رحم ربي, بنسخة منها في صدره وعقله وقلبه وقلمه ولسان زوجته ونصائح أصدقائه, تدلف بنا السلطة إلى عالم الصمت المقيت.
إنه المنافس الآخر للقبور الجماعية لكنه فوق الأرض, وفي كائنات بشرية حية, تجري لمستقر لها, وتلهث وراء لقمة العيش وتقبيل حذاء السلطة, وتقديم الشكر الخالص للزعيم لأنه لم يرسل بعد ملك الموت لقبض أرواح الأحياء من مواطنيه.
علاقة عجيبة وغريبة ومعقدة بين رقيق يستعذبون المهانة, وأسياد يزدادون سادية وارهابا وفسادا وعفنا نتنا. كل هذا في صمت قبوري به بقايا من روح لم يأمر الزعيم بعد بانتزاعها.
المرحلة الثالثة هي البلادة وهي أعلى مراحل العبودية والمازوخية والحط اللذيذ من قيمة الانسان.. خليفة الله في الأرض.
هكذا تعامل المواطن عندما بلغه نبأ القبور الجماعية التي دفن فيها شيطان بغداد اللعين مئات الالاف من أبناء شعبه, حتى أن أخصب فترات ردم القبور فوق جثث العراقيين والمصريين وغيرهم لم تمنع صحفيا عربيا كبيرا أن يقف بالقرب من جثث أبناء بلده في بغداد ويقول لصدام حسين: يقال بأنك المحامي الأكبر للمصريين في العراق!
إنه المزيج المقزز من الخوف والصمت والبلادة الذي جعل المواطن العربي لأكثر من عقد من الزمان يهزا ببحث الكويتيين عن أبنائهم الأسرى والمختطفين والمحتجزين في جمهورية الخوف العراقية, فماذا تساوي حياة عدة مئات من الكويتيين؟
وهذا المزيج المقزز العفن هو الذي منع, ولا يزال يمنع, نشر تقارير التعذيب والقتل والسحل وأماكن القبور الجماعية في أكثر بلداننا العربية المسكينة.
عندما تم تعصيب أعين بعض المحكوم عليهم بالاعدام في مغرب الحسن الثاني, قيل لهم بأن هتافهم بحياة الملك سيتبعها فورا عفو ملكي
فلما هتف المساكين في صوت واحد " يحيا الملك " انطلقت رصاصات مجنونة تمزق أجسادهم, فأمير المؤمنين رفض أن يأخذوا معهم في قبورهم كرامتهم التي جعلتهم يعارضون حكمه المستبد!
هل شاهدت زعيما عربيا يتحدث في اجتماع دون أن تتماثل تعبيرات وجوه وزرائه ورجاله مع كل شد واسترخاء عضلة في وجهه؟
هل هناك حراس للمعتقلات لطفاء وآخرون أقل لطفا؟ هل القسوة في سجون تونس أكثر منها في معتقلات الجماهيرية العظمى أو المغرب أو الجزائر أو سوريا أو العراق أو مصر أو الأردن أو السودان أو غيرها؟
إن الأمر لا يحتاج إلا إلى توجيهات من أعلى السلطة فيتحول الحراس الطيبون إلى كلاب مسعورة تتفنن في وسائل وأساليب التعذيب.
في بلد عربي صامت هناك مدرسة للتعذيب يتعلم فيها ضباط وحراس السجون ست درجات من التعذيب المتدرج وتبدأ بالتعليق من الرجلين واليدين مع توجيه البطن إلى أسفل فوق قضيب أفقي يستند على عمودين لتتفكك تقريبا كل أجزاء الجسد. في الدرجة الثانية يجلس الحارس فوق ظهر السجين في نفس الوضع السابق ليتهتك عموده الفقري. وفي الدرجة الثالثة يُغَطّس وجه السجين في حوض مملوء ببول السجناء.
وفي الدرجة الرابعة يتم توصيل أسلاك كهربية بالعضو التناسلي للسجين, أما الدرجتان الخامسة والسادسة فلا يستطيع القلم وصفهما!

رئيس تحرير طائر الشمال
أوسلو النرويج
http://www.tearalshmal1984.com
[email protected]
[email protected]
Fax: 0047+ 22492563



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الذي يسرق البحر في مصر؟ .. بكائية على أوجاع وطن
- اعترافات جاهل بالشعر العربي الحديث
- كل الجزائريين يبكون، فمن القاتل؟
- من الأكثر ولاء للوطن .. المواطن أم مزدوج الجنسية؟
- سيدي الرئيس حسني مبارك .. استحلفك بالله أن تهرب
- صراع الأبناء بعد وفاة الشيخ زايد .. هل يحكم محمد بن راشد آل ...
- ابتسم فأنت في سلطنة عُمان
- خذ حذرك فالاستخبارات الأردنية تتعقبك
- النقاب حرام .. حرام .. حرام
- نيلسون مانديلا ومنصف المرزوقي انطباعات شخصية
- انتهاكات حقوق الإنسان في لبنان
- دعوة لتنازل الملك فهد عن العرش
- لا شرعية لنظام حكم عربي لا يغلق المعتقلات
- لماذا أحب الفلسطينيين؟ لماذا يكرهني الفلسطينيون؟
- لماذا لا يشتري العربُ موريتانيا
- صديق الغربة .. الصديق المفترس
- التدين البورنوجرافي
- رسالة مفتوحة إلى أم الدنيا.. ماذا فعل بك هذا الرجل؟
- ولكن الرقيب سيظل احمقا .....
- خالص العزاء لشعبنا التونسي .. ربع قرن جديد تحت حذاء الرئيس


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - هل الخوف والصمت والبلادة صناعة عربية؟