أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - وديع السرغيني - عودة لإعلان -الأماميين الثوريين-















المزيد.....



عودة لإعلان -الأماميين الثوريين-


وديع السرغيني

الحوار المتمدن-العدد: 3253 - 2011 / 1 / 21 - 07:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ردٌا على ما أثرناه من ملاحظات حول الإعلان الموقع بـ"الأماميين الثوريين"، والصادر بإحدى المواقع الإلكترونية، أصدر أحد "الزوراليين المغاربة" "انتقاداته" في حق المقال، ملتمسا منٌا الوضوح والتوضيح لما اعتبره كـ"ناقد ماركسي" دخولا وخروجا في الكلام دون أن تصله الفكرة أو الأفكار التي عرضناها خلال نقدنا للإعلان وللطريقة التي تمت به. والحال أننا نمثل وجهة النظر الماركسية الأكثر وضوحا من حيث مرجعيتها، ومن حيث اجتهاداتها السياسية والميدانية، داخل من يدٌعون ويحسبون أنفسهم شيوعيين أو ماركسيين لينينيين.
وسنحاول مرة أخرى، عبر هذه المحاولة إشباع نزوات "الرفيق" لكي لا يتهمنا بالتعالي وعدم التفاعل مع ترهات لا تليق بزروال ولا برحال.
كان عنوان تعقيبات الرفيق هو "عدم الوضوح"، وهو وصف رمانا به متجنيا ومتحاملا، دون أن يوضح هو ماذا يريد أن ينتقده بعلاقة مع ما كتب في الإعلان وفي الرد عليه من جانبنا، وقد اعتدنا من أصحاب اللاموقف واللاموقع، المتربصين وراء الشاشة، المعتكفين بمقاهي النميمة، انتظار فرص من هذا النوع لممارسة هوياتهم المفضلة ألا وهي الصيد في الماء العكر. ولا بأس إذا ذكٌرنا ببعض الإشارات الموجٌهة لمن يهمهم الأمر، أعني صاحب أو أصحاب الإعلان، لا يهم، للمزيد من التوضيح وإبعاد البلبلة.
لماذا انتقدنا حالة ومدة الصمت الطويلة من سنة 1979 إلى غشت 2010؟ وهو سؤال مشروع، بالنظر لكون الإعلان موقع باسم منظمة كانت قائمة الذات، لها مسؤولوها القياديون والقاعديون، ولها معتقلوها وشهداؤها و"حرٌاسها" القدماء والجدد..الخ وبالتالي يلزم من وقع الإعلان، والحال أنه اعترف بحل المنظمة "اللاشرعي" سنة 95، توضيح موقفه من الانتماء للمنظمة، حتى لا يقع لدينا الخلط، معنى هل "التيار" يمثل "أماميين" منشقين يناهضون المراجعة والانحراف عن خط المنظمة ووثيقتها التأسيسية، وهو الشيء الذي دفع بنا للتساؤل عن حالة الصمت، طيلة هذه المدة؟ أم أن "التيار" يمثل مناضلين جدد يودون إحياء خط المنظمة وبعث تراثها من جديد كإحدى الحلول والأجوبة عن تعقيدات العمل الثوري ونضال الحركة الماركسية اللينينية المغربية؟
وبالرجوع إلى التاريخ، نذكر بأن المنظمة انطلقت بداية التأسيس باسم "المنظمة أ" لتتحول بعدها إلى منظمة "إلى الأمام"، وهو الاسم الذي كانت تحمله إحدى المجلات الماركسية اللينينية المشتركة بين منظمتي "أ" و"ب" السريتين، حيث ستغير "أ" اسمها لمنظمة "إلى الأمام" و"ب" إلى "23 مارس" التي ستنشق عنها فيما بعد "جماعة المتكتلين" الماوية والتي ستؤسس منظمتها المستقلة باسم "لنخدم الشعب".. وبالتالي، بعد هذه التوطئة يتضح أنه لم يكن هناك وجود لمنظمة اسمها "إلى الأمام الثورية"، وهذا ما دفع بنا في إطار المزيد من التوضيح، بكون الإضافة "الثورية" لم تكن سوى محاولة من الرفاق تمييز أنفسهم وخطهم عن "الأماميين" الإصلاحيين الذين انخرطوا في مسلسل التنازلات الذي لا يعتبر "النهج الديمقراطي" حدٌا ونهاية له.
تكلم الرفيق على "التحايل" و"الصيغ الفجة"، و"اللغة الماركسية الرفاقية".. تعقيبا على الطريقة التي قدمنا بها تساؤلاتنا الأولية للمعنيين وليس للرفيق الذي نعتبره بعيدا كل البعد عن المنظمة ومحيطها، بخطيها الإصلاحي والثوري، فالرفيق يدافع عن الأطروحة، مبديا ابتهاجه لهذا الإعلان الذي يبدو وكأنه فك عقدة الانتظار لديه، وبشر بالفرج بالنسبة له وللعديد من أمثاله، وهو حق لهم.. لكن من حقنا نحن أيضا، المتابعة وإبداء الرأي في مواضيع تتعلق بالقضايا المصيرية لشعبنا، وما تتطلبه من نضالات سياسية، اقتصادية، اجتماعية وفكرية.. لأنه من حق من تقدم بـ"الإعلان" أن يحاسب ويعاقب المناضلين على صمتهم تجاه هذه المبادرة، وعلى عدم تفاعلهم مع ما تقدمت به الوثيقة من أفكار ومواقف.
ولكي لا نتهم الرفيق بأمور أخرى، أقلها العمى السياسي، قد يعتبرها البعض جارحة أو محتقرة للقراء والمتتبعين والمتفرجين، كان الأجدى بالرفيق أن يكابد ويزيل الغشاوة والغبش الذي سبٌب له في هذا العمى، باطلاعه على مواقفنا في أكثر من مقال، وعلى ممارستنا كخط ـ الخط البروليتاري ـ في أكثر من موقع وأكثر من مناسبة.. لكي لا يتهمنا بعدم الوضوح والتذبذب بين "النقد والموقف والتخوف والهروب.."، والحال أن الكتابة السياسية مسؤولية، لا تشبه في شيء عملية جمع المفردات الرديئة ولزقها عنوة وبدون تمحيص.
في باب النقد، أبدينا بملاحظاتنا عن الورقة في عدة جوانب، أهمها:
* اللبس الذي تركته في جميع الأوساط المرتبطة إلى هذا الحد أو ذاك بتاريخ وحاضر ومستقبل الحملم، بحيث لم يعد إمكاننا التمييز، هل تدخل الورقة في عداد وجهات النظر الخاصة والفردية، التي تستوجب الاحترام هي الأخرى؟ أم تمثل رأيا سياسيا وفكريا، يحاول أن يدلو بدلوه هو الآخر في قضايا النضال الثوري معلنا انتسابه للحملم ولمنظمة منحلة منذ سنة 1995!؟
* القراءة الذاتية للتاريخ، بحيث لم يتم الاعتراف "لرفاق الطريق" ـ خط إعادة بناء "إلى الأمام" ومنظمة "23 مارس" كذلك ـ بتضحياتهم التي وصلت لحد الاستشهاد، في الوقت الذي لم تتقدم فيه أية وجهة نظر أخرى، "أمامية"، منذ ذلك الحين، أي منذ سنة 79 بأي مشروع لإعادة بناء بديلة، تحافظ على الخط الثوري وعلى المكتسبات التنظيمية بناءًا على مراجعة ماركسية للتجربة في اتجاه تقويمها من الاعوجاج وإنقاذها من الاجتثاث، وبالتالي، الفشل الذريع على كل المستويات.
* التناقض الصارخ بين دعوات الوحدة وبين الممارسات الشاذة الموجودة بساحة النضال الجماهيري فعليا، وكان من حقنا أن نبدي تخوفنا بألاٌ ينزلق الرفاق لهذا المنحى أسوة بحركة "الزراويل المغاربة"، فالإعلان يوصي ويتشبث بـ"وحدة الحركة الشيوعية الثورية المغربية"، ويدعو "إلى فتح نقاش واسع حول الأسس الفكرية والسياسية لوحدتها.." وينبذ "الحلقية والنزاعات المسيئة للحركة الشيوعية.." ويطالب "باعتماد الصراع الديمقراطي الرفاقي، وممارسة النقد والنقد الذاتي.."
طموحات نبيلة تتبناها أزيد من ست تيارات ومجموعات، تدعي كلها الانتماء للحملم، وتتشبث كلها بالوثائق الحرفية لمنظمة "إلى الأمام"، اثنان منها أعلنت صراحة عن ماويتها وارتباطها بالأممية الماوية.
تساءلنا باستغراب، وبما هو حق لنا، لماذا لم يتم التنسيق في اتجاه تجسيد هذه الدعوات لإقامة الوحدة والاندماج بين الماويين أولا، ليفتح النقاش فيما بعدها مع التيارات المتحفظة عن الماوية و"اجتهاداتها" المرتبطة بـ"الأسلحة السحرية الثلاثة" و"حرب الشعب الطويلة الأمد" و"الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية" و"سلطة الطبقات الأربع وديمقراطيتها الجديدة"..الخ؟
* عدم المس بأي جانب من جوانب الأطروحة "الأمامية"، سواء جوانبها الفكرية والسياسية والتنظيمية، أو تلك المتعلقة بالبحث والدراسة للمجتمع المغربي، الذي على ما يبدو أنه لم يعرف تغييرا يذكر منذ السبعينات! وكذا المواقف والشعارات التي سادت خلال فترة السبعينات وعلاقتها بالوضع الحالي، المحلي والعالمي الأممي.. وهو ما دفع بنا لإعادة عرض أطروحتنا ملتمسين من جميع الرفاق الماركسيين إعطاء هذه المواضيع أحقيتها في البحث والنقاش، بما له من فائدة لمصلحة الجميع.
* الصمت المريب تجاه ما يقع في الجامعة من تناحرات داخل الصف الماركسي الثوري وداخل مجموعات الحملم وفي ما بينها، وداخل التيار الماوي نفسه الذي يعرف حروبا هوجاء في صفوفه بجامعتي مراكش وأكادير.
كل هذه الانتقادات صدرت في مجرى ردٌنا، مساهمة منـٌا في تصحيح الأوضاع بكل جرأة وبدون غطس رؤوسنا في الرمال، وخارج الحسابات الانتهازية. فنحن نزيد أن نؤسس لعلاقات نضالية ورفاقية واضحة مع مجموعات وتيارات سياسية مسؤولة، لهذا نبحث بجدية على حلفاء حقيقيين ولا نلهث وراء النزوات المؤقتة، وردود الأفعال العابرة، والأسماء الوهمية التي تنطفئ بعد مقال أو مقالين.. نحن نتعامل مع المناضلين المتواجدين في الساحة النضالية والميدانية، ونتصدٌى بقوة "للمناضلين والنقاد" الأشباح.
فلا وجود لعمل سياسي ماركسي يومن بالفكر الطبقي العمالي وبالثورة الاجتماعية الجذرية، دون أن يعتبر العدد، ودون أن يدخله في حساباته الأساسية، ودون أن ينشأ الآليات والتقنيات والأطر والخطط لمضاعفة العدد.. وإلاٌ لماذا نتكلم عن التنظيم السياسي وعن تفرعاته الجماهيرية من نقابات واتحادات وجمعيات ونوادي.. ونجهد النفس للاستقطاب لصالحها!؟
فالعبرة، فعلا، بالعدد، ولا مجال للتحايل واللعب الصبياني بالكلمات، فالصحافيون والمفكرون ومثقفو البرجوازية الصغرى.. يكتبون ما يشاؤون بوصفهم أفرادا لا يلومهم أحد على نزواتهم وتقلباتهم و"إبداعاتهم التجديدية" والتجريدية.. لكونهم أفراد. أما الماركسيون فملزمون بأمور عدة، ملزمون بالانخراط العملي فيما يدعون له، ملزمون بالارتباط بالطبقة العاملة وحلفاءها من الطبقات والفئات الاجتماعية، المناضلة من أجل التغيير والقضاء على النظام الرأسمالي.. ملزمون بالدفاع عن "بيانهم الشيوعي" وعن خلاصاته الواضحة فيما يتعلق بمهمة الثورة الاشتراكية، ودكتاتورية البروليتاريا، ورسالة الطبقة العاملة..الخ
فإذا كان الرفيق يدافع عن الورقة، ويعتبرها إعلان مبادئ وتوجيها لممارسته، داعيا وملتمسا الوحدة والنقاش الرفاقي والإبداع..الخ فيبدو أنه سقط في أول امتحان مفندا جميع الادعاءات بعد أول رد!
* لا حق للآخر في الرأي، ولا في استشارته حتى.
* تقديم الرأي المخالف هو محاولة لفرض الرأي.
* خط الوحدة والتوحيد لا يستحق سوى التهكم باعتباره لا يحقق شيئا.
* تفويت الفرصة على البعض بعدم إشراكه في الحوار، وفق نظرة إقصائية طفولية بالمعنى اللينيني وليس الإنشائي والإسقاطي للكلمة.
* الحوار بين الماركسيين اللينينيين ليس مهم باعتباره لن يحل إشكالية الحركة الماركسية اللينينية المغرية.
* الصراع الفكري والسياسي في أوساط الحملم، لا يعدو أن يكون سوى ظاهرة صوتية فقط!!..الخ
عاب علينا الرفيق تقديراتنا، وهي تقديرات نسبية، واعتبرها تجنيا، وبالرجوع للقراءة الكرونولوجية التي قدمها الإعلان معترفا أن المنظمة انتهت "لينتهي ـ أي الخط التحريفي ـ به المطاف إلى حلها عمليا والقضاء عليها سنة 95، مؤسسا بذلك ما أسماه استمرارا لها: النهج الديمقراطي"، فلا مجال لاتهام تقديراتنا بالتجني، حيث مالت للاتجاه الذي اعتبر أن الإعلان يفتقر لبصمة "إلى الأمام" الأصل.
ونظرا للمستوى اللغوي والفكري، ومستوى التحليل، والكيفية التي أدرجت بها عض المواقف والشعارات والولاءات.. استبعدنا بقوة أن يكون الإعلان صادر عن "أماميين" سابقين، وتكفي المقارنة البسيطة بين أية ورقة من أوراق المنظمة الموجودة في "السوق" وفي متناول المناضلين، وبين ما تضمنته الورقة/الإعلان، من حيث مواقفها، وشعاراتها، ومنهجية التحليل، ولغة الكتابة..الخ
عكس هذا التخمين، سنكون ملزمين بالاعتذار مسبقا للرفيق كاتب الإعلان عن هذا الحكم الشكلي الذي يخص الجانب اللغوي والأدبي، والذي لا نعتبره حاسما بأي شكل من الأشكال في علاقته بسدادة الرأي أو خطأه.
ولكي لا يتم تكرار نفس الانتقادات التي تقدمنا بها سابقا في مقالات أخرى، حول منهجية التمجيد للتجربة السبعينية التي بقيت لحد الآن بدون تقييم، اتخذت منهجا مغايرا لأعطي رأيي فيما تقدم به صاحب "الإعلان" الذي أكـٌد من جهته على رغبته في تقييم تجربة الحملم ومنظمة "إلى الأمام" ضمنها، دون أن يساهم في انطلاقة هذا التقييم، إلاٌ إذا كان يعتبر عملية إشهار الوثائق وتعميمها وتلخيصها، كإعادة تذكير بالأدب السياسي اليساري السبعيني، وترديد مواقفه وشعاراته ومصطلحاته.. تقييما، فنحن نختلف مع هكذا منهجية.
فإعلان مبادئ لانطلاقة جديدة تقطع مع خط المراجعة والمهادنة الإصلاحي، يقتضي منا جميعا الخوض في تقييم جدٌي منظم في شكل ندوات وملتقيات تتضمن تدخلات مسؤولة، من طرف ممثلين مسؤولين للتيارات، وتدخلات القدماء من ممثلي المنظمات، ليتخذ التقييم طابعه الشمولي، الجدي والمسؤول. فكثيرا ما نتكلم عن الحملم ولا نذكر سوى أنها تشكلت بداية من منظمتين اثنتين، "إلى الأمام" و"23 مارس" دون أن نبحث في أسباب هذا المنحى التعددي منذ الانطلاقة، منظمتين بنفس المرجعية والتحليل والأفكار والشعارات والبرنامج..الخ لا نتكلم كذلك عن أسباب ودواعي انشقاق المتكتلين وتأسيسهم لمنظمة ماوية قحة سميت بـ"لنخدم الشعب"، دون أن نتابع أسباب اختفاءها وانحلالها مباشرة بعد اعتقالات 76.. يتكلم الجميع عن تيار يميني برز ضمن المنظمة "23 مارس" وهيمن على قيادتها ليزج بها في خط الشرعية الإصلاحي..الخ ولا كلام عمٌا قدمه يسار "23 مارس" من أفكار وأطروحات وممارسات، وتضحيات كذلك. وهي ملاحظات كلها تستحق النقاش لوضعها خدمة للتقييم
فالمنهج الذي اتخذته، اتجه للتذكير بمواقفنا وتصورنا للوضع، بما تتضمنه من نقذ ضمني للأطروحة الماوية كأطروحة شعبوية تتناقض مع الفكر الطبقي الذي يومن به الماركسيون.
فالشيوعيون المدافعون عن إعلان مبادئهم "البيان الشيوعي" يومنون أشد الإيمان بالرسالة التاريخية للطبقة العاملة باعتبارها الطبقة الوحيدة المؤهلة لقيادة الثورة والتغيير من خارج النظام الرأسمالي وتجاوزا له، أي عبر القضاء عليه، والاستيلاء على السلطة السياسية، وإقامة دكتاتورية البروليتاريا استنادا على البناء المجالسي القاعدي في المدن والأرياف، في المعامل والمصانع والورشات، في الضيعات والمناجم، وفي الورشات والمؤسسات الكبرى المؤممة..الخ وهي "الديمقراطية الشعبية" الوحيدة التي يومن بها الماركسيون اللينينيون خلال هذا العصر.
بهذا، لا نريد تركيز نقاشاتنا بالدرجة الأولى على نقد الفكر الشعبوي وتياراته ومجموعاته الماوية والستالينية، فيكفي الارتباط بالفكر اللينيني والاطلاع على إسهامات لينين في محاربته للفكر الشعبوي أواخر القرن التاسع عشر لتكون الإفادة أشمل بكثير مما سنقوله نحن.. فما نبحث عنه خلال هذه الظرفية المتميزة هو تدعيم خط الوحدة النضالي والميداني بين جميع التيارات اليسارية المناهضة للرأسمالية والمستندة على البديل الاشتراكي، يعني التيارات التروتسكية، الماوية، الستالينية والماركسية اللينينية. نبحث بجدية على السبل الكفيلة لتوحيد العمل والأداء الثوري، والنضالي الديمقراطي ببلادنا، وهو ما نود تقديم الاقتراحات بصدده.
فاختلافاتنا مع التيارات الأخرى، ثورية كانت أم إصلاحية، لا يجب أن تقف في وجه مهمة توحيد الجهود في النضال الجماهيري وما يستلزمه من ارتباطات وتنسيقات وحدوية، ستخدم لا محالة النضال الثوري، وستدعم بشكل أو بآخر النقاشات الديمقراطية الوحدوية والاندماجية بين تياراته ومجموعاته المتقاربة.
حاولنا قدر الإمكان فتح النقاش حول قضايا الساعة المرتبطة بواقع الكادحين وبواقع الحركة المناهضة للرأسمالية، وما تستوجبه من مهام نضالية من لدن نشطاء الحركة اليسارية الاشتراكية بكل مكوناتها المناضلة والميدانية، دون أن يكون هاجسنا هو إعادة التذكير والتأكيد على ما قلناه في حق المتشبثين بحرفية الوثائق الصادرة عن منظمة "إلى الأمام" السبعينية وغيرها، على الرغم من الحالة الغريبة والمستفزة التي يعرض بها هؤلاء أفكارهم و"ماركسيتهم" ولينينيتهم" التي أوقفت البحث والاجتهاد منذ أن "سقطت الأقنعة..".
ما زالت التيارات الثورية في المغرب حبيسة المواقف والتحليلات السبعينية، وما زالت عاجزة عن تحديد موقفها من النظام، ومن نمط الإنتاج السائد ببلادنا، ومن الرسالة التاريخية للطبقة العاملة، ومن حزبها الطبقي المستقل، ومن تاكتيكاتها اللينينية للاستيلاء على السلطة السياسية، ومن ديمقراطيتها البديلة..الخ ما زالت التحاليل تبنى على تشكيلة طبقية عرفت تغييرات وتعديلات جوهرية لا يناهض حقيقتها سوى المعادون لنظرية التطور المادية وللديالكتيك والمادية التاريخية.. ما زال البعض يتكلم عن وجود الإقطاع بالمغرب، وما زالت الحاجة لتحالف "الطبقات الوطنية" للإطاحة بحكمه..الخ في نظرهم.
ما يعترف به الماركسيون في هذا السجال هو أن بعض الحقائق النظرية العامة لا يمكنها التقادم، بل نعتبرها ثوابت نظرية، وهذه حقيقة نظرية يعترف بها الكل، لكن أن نقر على أن وضع الرأسمالية كنمط إنتاج في المغرب عامة، وفي باديته بشكل خاص، هو نفسه الذي كان سائدا منذ أربعين سنة خلت، فيجب حينها مراجعة أفكارنا حول نظرية التطور وحول طبيعة نمط الإنتاج الرأسمالي وحول الإمبريالية، وحول الاستعمار الجديد والتبعية، وحول نظرية التأثير والتأثر..الخ
على مستوى التحليل السياسي، وبعد هذه السنوات كلها، ما زال الرفاق والعديد من الأقلام اليسارية تتكلم عن إصلاحية "حزب الاستقلال" و"الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" وعن تحريفية "التحرر والاشتراكية" وعن يمينية "23 مارس".. وهي أحزاب لم يعد لها وجود حقيقي في الساحة، أو غيرت جلدتها للمرة الألف دفاعا على النظام وحكمه الاستبدادي القائم.. إضافة لكون الأحزاب المعنية قطعت لسنين علاقاتها بجماهير الشعب الكادح، وبالحركة العمالية وفكرها التحرري الاشتراكي.. الشيء الذي لا نجد له انعكاسا في مواقف وتحليلات العديد من التيارات المنتسبة للحملم.
وبخصوص "الحزب الاتحادي" الذي تحتاج تجربته أكثر من تقييم، والذي لم يكتف بنشر الفكر الاشتراكي، وبالتنظير للعمل المسلح، وفقط، بل شرع مباشرة في تكوين الكوادر وتدريبهم بالجزائر وليبيا وسوريا والأردن.. ليقوم بعدها خطه اليساري بهجوم منظم بداية شهر مارس سنة 73.. اكتفى حينها اليسار الماركسي اللينيني، وبشكل خاص منظمة "إلى الأمام" بإصدار حكم قيمة في حق هذه الحركة، وسمٌتها مذاك الحين بأنها "بلانكية" وانتهت الحكاية في هذا الحد، بالرغم من تضحيات الحركة، من مختطفين ومعتقلين وشهداء.. وبالرغم مما كتب عنها، على لسان صناعها والمتعاطفين معها، فما زال نفس الموقف السطحي هو السائد في الأوساط اليسارية الماركسية.
فليس المهم هو إعادة التذكير ببعض المواقف، والإطناب في تمجيدها وفي الإشادة بالتضحيات والصمود والاستعداد الدائم للاعتقال والاستشهاد..الخ لنغض الطرف عن حالتنا وتشتتنا وتشرذمنا إلى حلقات ومجموعات صغيرة جلها "نائمة"، والجزء الصاحي منها يتلذذ بمشهد تناسلها وتطاحنها وتنافرها..الخ لا أحد يجرؤ على اقتحام النقاش حول ظاهرة المجموعات الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة، بعيدة الارتباط عن أي فعل ميداني يحقق الارتباط مع الجماهير المعنية بالتغيير، جماهير العمال والعاملات المكدسة بالعشرات والمئات داخل المصانع والمعامل، جماهير المياومين والمياومات المصطفة طلبا للشغل بالضيعات والمزارع الكبرى، جماهير الشباب الحاصل على الشهادات المتوسطة والعليا، التقنية والجامعية المحتشد أمام مؤسسات الدولة طلبا لشغل يناسب الشهادة المحصل عليها، جماهير الباعة المتجولين الصامدين أمام ملاحقات القوات القمعية وأمام ابتزاز ممثلي السلطة المرتشين، جماهير الفلاحين بدون أرض المهددين بالإجلاء والنزوح لضواحي المدن بحثا عن حياة جديدة..الخ
فالوضع خطير داخل الحملم، ولا نريد تعكير الأجواء أكثر أو الانصياع للأصوات النشاز المشوشة، فبالرغم من حالة التنافر التي نعيشها والتي وصلت لحد قطع العلاقات الاجتماعية بين المناضلين، الذين يتحاشى غالبيتهم التصافح وبالأحرى الجلوس للنقاش على طاولة واحدة.. فلا بد من تدعيم خط النقاش الديمقراطي الرفاقي، خط العمل الوحدوي الميداني، خط التنسيق والتوافق حول برامج ميدانية وقطاعية عملية.
فبالرغم من نشدان الجميع للوحدة وتوحيد العمل، فالمقترحات المقدمة قليلة في هذا المجال، وما زالت المفاهيم الغريبة هي السائدة في الخطابات اليسارية، وما زال الارتباك والتردد والريبة.. هو المهيمن على جل المقترحات، ما زالت "الوحدة الميدانية" في قاموس البعض هي التواجد، دون سابق تنسيق جماعي داخل شكل نضالي معين.. وما زال "العمل الوحدوي" في نظر البعض هو الاندماج والابتلاع الذي يجب محاربته ومناهضته..الخ
فما ينقص كل الدعوات المبدئية هو التفعيل والأجرأة، وهو ما ننتقده دائما كنقص، وما نعيبه عن هذه الدعوات التي تدفع بنا للحكم عنها بالمثالية، هو تجديد هذه الشعارات في كل خرجة أو مقال. هناك مداخل أشرنا عليها في اقتراحاتنا في أكثر من مقال، وهناك بعض الخطوات الأولية التي دخلت حيز التنفيذ بين بعض التيارات.. وهي مداخل للنقاش الديمقراطي المسؤول والملزم باتفاقات وخلاصات، مداخل التنسيق الميداني داخل حركة النضال الجماهيري..الخ من المداخل الأولية التي لا يمكن أن نعتبرها بأي شكل من الأشكال، في مثابة الحل السحري للمشاكل والخلافات التي تعرفها الحملم كما ادٌعى "زروال النبيه"، وإن كانت ستذوب البعض منها.
ليست مهمتنا والحالة هذه، أي حالة التشرذم والتفتيت والضعف، هي إصدار أحكام قيمة في حق هذا التيار أو ذاك، هذه المجموعة أو تلك.. فنحن نقدر نضالية وميدانية وتضحيات العديد من التيارات التي نختلف مع أفكارها وتصوراتها، دون أن يدفع بنا هذا التقدير للتنازل عن حقنا في النقد وتصحيح المفاهيم والمعطيات، بهدف تطوير الأداء الذاتي والجماعي للحركة الثورية عامة وللحملم خاصة، وما يستلزمه من ارتباط وانزراع بالطبقة العاملة وبحركتها وبفكرها الطبقي الماركسي الثوري.
فالارتباط بالماركسية والشيوعية ليس ارتباطا فلسفيا، هي منهج للتحليل وأداة عمل مرتبطة أشد الارتباط بالطبقة العاملة وبحركتها العمالية المناضلة.. لا يمكن أن نرتبط بالفكر الشيوعي وبالحركة الشيوعية دون أن نعطي موقفنا من "البيان الشيوعي" وخلاصاته التي حددت هدف الشيوعيين في "تشكل البروليتاريا في طبقة، الإطاحة بسيطرة البرجوازية واستيلاء البروليتاريا على السلطة السياسية" وبتلخيص "القضاء على المِلكية الخاصة".
ولا يمكن أن نكون لينينيين دون أن نقدم الرأي والتصور لبناء الأداة السياسية الطبقية، "حزب اشتراكي صلب يستند على نظرية ثورية توحد جميع الاشتراكيين" حزب "لا تقوم مهمته على اختلاق المشاريع لإعادة بناء المجتمع، ولا في وعظ الرأسماليين وأذنابهم بتحسين أوضاع العمال، ولا في حبك المؤامرات، بل في تنظيم نضال البروليتاريا الطبقي وقيادة هذا النضال الذي هدفه النهائي هو ظفر البروليتاريا بالسلطة السياسية وتنظيم المجتمع الاشتراكي"
فما معنى اللينينية إذا لم ندرك وندافع عن منظورنا لمهام الحزب المنشود، باعتباره حزب طبقة يعبر عن مصالح الطبقة العاملة كلها أو معظمها بطريقة ماركسية على حد قول لينين، حزب ينشر الوعي الطبقي ويعمل على إبراز التناقض بين مصالح العمال والرأسمال، وتبيان موقع الطبقة في الإنتاج الرأسمالي، لكونها الطبقة التي تنتج كل شيء ولا تملك أي شيء، وبالتالي فتحررها مرتبط بمهمة نسف العلاقات الرأسمالية والاستيلاء على السلطة السياسية لبناء المجتمع الاشتراكي البديل.
استنادا على هذه الأفكار، يكون دور الأداة السياسية الثورية، يعني الحزب الطبقي بالمنظور اللينيني، هو تنظيم الطبقة العاملة بوصفها أكثر الطبقات ثورية في المجتمع، وبوصفها الطبقة التي لا تقبل أنصاف الحلول، ولا تقف في نصف الطريق لتحقيق أهدافها التحررية.
ووفق هذا المنظور يتوجب على الحزب اللينيني قيادة نضال الطبقة العاملة بمختلف أشكاله ومستوياته الفكرية والسياسية والاقتصادية، وبما تشكله هذه القيادة من تأمين لقيادة جيش الكادحين بمختلف فئاته وطبقاته المناهضة للرأسمالية.
فاللينينية هي إذن خطط تاكتيكات لتدبير النضال الثوري العمالي ضد الرأسمال، باعتماد الإضرابات والإضراب السياسي العام كسلاح رئيسي للتحضير للانتفاضة العمالية والانتفاضة الشعبية والعصيان المدني المسلح..الخ
هي خبرة متميزة لعقد التحالفات الطبقية وإحكام قيادتها لمصلحة الطبقة العاملة، وإقامة التنسيقات بين مختلف مكونات الحركة العمالية الاشتراكية.. هي فن وإبداع في استعمال جميع أشكال النضال، العلنية والسرية، السلمية والعنيفة، الشرعية واللاشرعية..الخ
هي ماركسية عصر الإمبريالية، بدون منازع، بحيث أنها كرٌست شعار ومهمة التحضير للثورة الاشتراكية في جدول أعمال الأحزاب العمالية الاشتراكية.
ووفق هذا الاجتهاد اللينيني الذي أثبتت التجارب سدادة وراهنية أطروحاته، لا يجب أن تهمش هذه التاكتيكات لحساب "إسهامات ماوتسي تونغ" التي لا علاقة لها بالطبقة العاملة ومشروعها الاشتراكي.. ولا يجب التعسف في حق الشعارات والتاكتيكات اللينينية، بوضعها في غير سياقاتها التاريخية، كأن نقول بأننا لينينيين فقط، بسبب ارتباطنا بما قدمه لينين بخصوص المرحلة الإمبريالية وشعاراتها، دون أن ننبس ببنت شفة عن مناهضة لينين للشعبوية وللفكر الإرهابي الفوضوي، ولليسارية الرفضوية الصبيانية.. ودون أن نشيد بنظرة لينين الوحدوية مع تيارات تخالفه الرأي في قضايا عديدة، وفي نظرته لدور النضال الجماهيري ومؤسساته بما فيها النقابات العمالية خاصة.
فالبيان/الإعلان يتطلع، استنادا للنظرية الماركسية اللينينية، للمساهمة في بناء "الحزب الثوري للطبقة العاملة والفلاحين وعموم الكادحين"، دون أن يقدم رأيه في ما قالته الماركسية واللينينية في هذا الصدد، أي في تشبثها بحزب الطبقة العاملة المستقل، الذي يفترض فيه الدفاع عن استقلالية الطبقة العاملة عن الطبقات الثورية الأخرى وعن جميع الفئات الاجتماعية المتضررة من وجود النظام الرأسمالي، والتواقة هي كذلك إلى التغيير.
فالحزب مدافع أمين عن مصالح جميع المضطهدين والكادحين والمحرومين، لكنه ليس بجبهة طبقية، ولا جبهة تحرير، ولا لجنة من الشيوعيين المتكلمين باسم الطبقة العاملة كممثلين لها.
فنحن نحترم كل الاجتهادات و"الإبداعات" في مجال التنظير لبناء الأداة الثورية، سواء السابقة عن ماركس أو التي عايشت لينين واستمرت بعد وفاته، فالاجتهادات كثيرة ومتنوعة، منها ما هو عمالي طبقي، ومنها ما هو قومي، ديني، شعبوي..الخ فما ندعو له نحن هو الأمانة الفكرية والعلمية التي تستوجب منا ومن الجميع، ولو كان ذلك كما يتعمٌد البعض باسم الشهداء، عدم إلصاق "إبداعاتنا" بماركس، إنجلز ولينين، على اعتبار الوضوح والحسم الذي تمتعت به أفكارهم وطريقة معالجتهم لقضايا لم تكن قط، وعلى طول تجربة الحركة العمالية بأحزابها ومنظماتها وأممياتها.. محط نقاش.
لم يعرٌف البيان/الإعلان، التحريفية من منظوره، ولم يشر قط لما تم تحريفه من نصوص "مقدسة"، وهو تصرف شائع وسط الحركة الماركسية منذ تأسيسها إلى الآن، وجب القطع معه.
لم يتكلم عن أوضاع الحركة الجماهيرية، وعن أوضاع النقابات العمالية التي تهم المناضلين الماركسيين بشكل أساسي، والتي تخلفت عن أدوارها في قيادة النضالات الاحتجاجية الشعبية المتنامية خلال العقدين الأخيرين.. أشار عن الحركة الطلابية دون أن ينبس ببنت شفة عن أوضاع اتحادها التاريخي إوطم، ولا عن مشاكلها ومشاكل مكوناتها اليسارية التي تدعي ارتباطها بالفكر الماركسي اللينيني، مستعملة كل الوسائل الجهادية في حق مخالفيها لإثبات ذلك!
لم يتكلم عن الحركات المناضلة الجديدة، التي يمكن أن تحقق شيئا من الارتباط بالجماهير الشعبية وطلائعها ـ حركات مناهضة الغلاء والخوصصة ـ وشيئا من التواصل والتنسيق أيضا، مع وبين مكونات الحركة اليسارية والاشتراكية والثورية والماركسية اللينينية..الخ
فما نتمناه، هو أن تكون الموضوعات التي أشرنا لها، في عداد ما سقط سهوا من تفكير الرفيق، ونتمنى كذلك أن يدخل على الخط الرفاق المعنيون مباشرة بالإعلان، لإغلاق الباب عن التمييع وعن هواة الصيد في الماء العكر، من أنصار تكريس واقع التشرذم والتفتيت، الذين يسيئون للحركة الماركسية وللإرث الأمامي، أكثر مما يخدموه، بل إنهم لا يخدمون سوى حالة الانتظارية، والتقاعس، والتبريرية، وجلسات المقاهي المريحة التي لا توجه حرابها سوى للمناضلين الميدانيين بتنوعهم واختلافاتهم، من تروتسكيين، ماويين وماركسيين لينينيين، وكذا الرفاق في "النهج الديمقراطي" ممن أبانوا عن صلابتهم وميدانيتهم علاقة بالعديد من الملفات والقضايا ذات الارتباط بالنضال الديمقراطي والجماهيري.. فكثيرا ما تغيب وتتغيب العديد من الأصوات المحسوبة على "الثوريين" وعلى مناهضي "التحريفية والإصلاحية والعلنية.." بشكل مثير يدعو حقا للريبة والتساؤل، عن معارك جماهيرية تستوجب القيادة وليس الحضور وفقط.
فمنطلقاتنا في النقاش واضحة، والسعي الجهيد لتقديم نضالات الكادحين ببلادنا في اتجاه التحرر من نظام الاستبداد والاستغلال القائم.. لن يستقيم بهكذا "إعلان" أو بهكذا "ردود".. ولن نشجع من موقعنا، وبأي شكل من الأشكال على واقع التفتيت، ولن نزايد على الرفع من وتيرته عبر نداءات اللاوحدة الغريبة عن الماركسية اللينينية، وعن الماوية نفسها، لنبحث فيما بعد عن اللزقة المؤهلة لجمع الأطراف، وكأننا أمام أمم مستقلة بذاتها، كما كان يعبر لينين عن حالات مشابهة.
ويجب علينا أن نعمل كمنظمة كفاحية مركزية، واحدة، يجب علينا أن نستند إلى البروليتاريا كلها، بغض النظر عن الفرق في اللغة والقومية.. لا أن ننشئ منظمات تسير كل منها بمعزل عن الأخرى، كل في سبيلها، لا أن نضعف قوة هجومنا بالتبعثر في أحزاب سياسية مستقلة عديدة، لا أن نجلب التشتت والعزلة، لكي نعالج فيما بعد بلزقات "الاتحاد" المزعوم، المرض الذي طعـٌمناه في جسمنا بصورة مصطنعة".
بالنسبة للرفيق ياسين، والذي نحيٌيه على ملاحظاته وتساؤلاته، نشير عليه لكي لا يتشعب المقال، بالاطلاع على مقالاتنا التي أوضحت بما فيه الكفاية توجهاتنا الطبقية الأممية، المرتبطة بنضال الحركة العمالية الثورية في جميع المناطق والبلدان، وتحالفاتنا ودعمنا الذي لا يكل عن مناصرة جميع الحركات الثورية المناهضة للرأسمال، كانت تروتسكية، ماوية، فوضوية أو وطنية قومجية، وسنظل صامدين ثابتين في الصفوف الأمامية لدعم كل النضالات الجماهيرية اليومية، جنبا إلى جنب جميع مكونات الحركة اليسارية الاشتراكية بما فيها مكوناتها الإصلاحية، دون أن يدفع بنا هذا الالتزام إلى التنازل عن حقنا في النقد السياسي والفكري لجميع مكونات الصف التقدمي المناهض للرأسمالية.
فلسنا عدائيين تجاه التيارات المخالفة لنا، ولا نغض الطرف في أية لحظة عن الجرائم التي تمت وتتم باسم الماركسية اللينينية، وباسم البناء الاشتراكي، وباسم الدفاع عن الأوطان الاشتراكية من "العملاء ومن المخربين من أنصار الثورة المضادة"..الخ ولا نرفع عاليا هذه المعطيات كمشجب للعزوف والاستكان أمام ضرورة الوحدة النضالية مع العديد من مناهضي الرأسمالية الذين لا تجمعهم ببعض الاتجاهات والمرجعيات سوى الاسم.
فلا يمكن لأي كان، إنكار حقيقة ارتباط مجموع مكونات الحملم بداية السبعينات بالفكر الماوي المتبٌل بأطروحات "اليسار الجديد" الماركيوزية التي لا علاقة لها بالفكر الماركسي وبأطروحاته اللينينية، ولا يمكن إنكار تطلعات مجموع مناضلي الحركة حينها لبناء القواعد الثورية الحمراء، ولجيش الشعب، وللثورة الشعبية الطويلة الأمد.. لكن وعلى مدى الأربعين سنة الفارطة، أي منذ سنة 1970 إلى الآن احتكم المناضلون، بالرغم من طموحاتهم هذه، واتجهوا في ممارساتهم الميدانية لأساليب النضال العمالية الكلاسيكية المرتبطة بالتراث الماركسي اللينيني الحقيقي، عملوا داخل الشبيبة التعليمية وقاموا بتأطيرها وتنظيمها ارتباطا باتحاداتها، عملوا داخل النقابات العمالية وشجعوا المناضلين على الانخراط بها، وأسسوا فروعا لها ببعض المناطق الفلاحية، نشطوا بقوة داخل الميدان الثقافي وأسسوا الجمعيات التربوية والغنائية والمسرحية، والأندية السينمائية، وجمعيات الأوراش ونوادي محو الأمية في صفوف العمال والنساء..الخ وعدا هذا لم نسمع عن أي نضال مسلح ولا عن أية طلقة رصاص باسم الماركسية والماركسيين، ولا عن أية قواعد متحركة، ولا عن أي ارتباط بالجماهير الفلاحية أو أي شيء من هذا القبيل.
فالأخطاء كثيرة، وبعضها يصنف في عداد الجرائم الكبرى، حيث مست قادة عماليين وثوريين، لم يخونوا الثورة وظلوا مخلصين للطبقة العاملة إلى حين اغتيالهم أو إعدامهم من طرف القيادات التي ادعت دفاعها عن الثورة الاشتراكية ودكتاتورية البروليتاريا، من التخريب ومن محاولات بعث الرأسمالية داخل الوطن الاشتراكي "المنيع".. والحال أننا، وبعد مرور عشرات السنين عن المحاكمات الستالينية الكبرى، وعن الثورة الثقافية الصينية، وعن مجازر الخمير الحمر بكمبودجيا.. تعرفنا على حقيقة المتكلمين باسم الثورة، وعن حقيقة اشتراكيتهم وشيوعيتهم وماركسيتهم المزعومة.
فعلاقتنا بالماركسيين اللينينيين، بالمغرب وخارجه، المدافعين عن الخط البروليتاري وعن الثورة الاشتراكية ودكتاتورية البروليتاريا.. هي علاقة نقاش ديمقراطي رفاقي في اتجاه الوحدة وتوحيد الجهود لتحقيق الاندماج، والمضي في اتجاه بناء الحزب العمالي الماركسي اللينيني، محليا، والمساهمة في البناء العالمي للأممية الماركسية اللينينية.. علاقتنا بالتيارات التروتسكية، الستالينية، الماوية والفوضوية، علاقة تحالف ميداني يصب في اتجاه تكثيف الجهود لتقوية النضال ضد الرأسمالية من أجل تقويضها والإطاحة بها.. دون أن ننسى علاقتنا بمجموع الحركة اليسارية الديمقراطية المنخرطة في النضالات اليومية ذات الارتباط بالمعيش الجماهيري وبقضايا الكادحين المتجهة لتحسين أوضاعهم وصيانة كرامتهم وحرياتهم.
وأملنا أن يبقى النقاش مفتوحا في وجه جميع المناضلين والمناضلات الذين يتحسرون على واقع الجماهير المستغلة والمضطهدة، ويعملون كل ما في جهدهم وإمكانياتهم خدمة لتوحيد العمل والنضال من أجل التغيير والقضاء على الرأسمالية باعتبارها أصل البؤس والحرمانات وكافة الشرور..
وبغض النظر عن ظاهرة "الزراويل" الطائشة والشاذة، نتمنى من الرفاق "الأماميين الثوريين" بأن يعيدوا النظر في طرق التواصل مع "رفاق الطريق"، وهم كثر، حتى لا يتجنى أحد على مبادراتهم وألاٌ تترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها للتأويل وسوء التقدير.. والصيد في الماء العكر.



#وديع_السرغيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات أولية حول ما جاء في بيان -الأماميين الثوريين-
- في ذكرى التأسيس لمنظمة -إلى الأمام- الماركسية اللينينية
- دعم الشعب الفلسطيني ورهان الإقصاء
- قاعديون وحدويون ، ولكن ...
- أسبوع الإحتجاج بطنجة
- لماذا يخدع تجمع اليسار الديمقراطي الجماهير عبر هيمنته على تن ...
- الانتفاضات الشعبية العمالية بالمغرب بين القراءة الموضوعية و ...
- ا-الجمعية المغربية لحقوق الإنسان- بين الشراكة و المعارضة
- تنسيقيات مناهضة الغلاء تحقق المسيرة و تمنع المنع
- دروس انتفاضة يناير
- حزب -النهج الديمقراطي- و السياسة بموقفين
- مهامنا في ظل العهد الجديد
- الانتفاضات الشعبية العمالية بالمغرب بين القراءة الموضوعية و ...
- قراءة أولية للأرضية التأسيسية لمنظمة -أ-
- عودة إلى سؤال، إلى أين يسير النهج الديمقراطي بطنجة
- حول ملابسات الصراعات الدموية بالجامعة
- جمعية المعطلين ينحروها ام تنتحر؟
- جورج حبش -شهيد- الجهل و الأمية
- كفاح و أساليب نضالية جديدة ...عمال حمل البضائع بميناء طنجة
- حول أحداث العنف الطلابي بمراكش و أكادير


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - وديع السرغيني - عودة لإعلان -الأماميين الثوريين-