أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - وديع السرغيني - حول ملابسات الصراعات الدموية بالجامعة















المزيد.....



حول ملابسات الصراعات الدموية بالجامعة


وديع السرغيني

الحوار المتمدن-العدد: 1689 - 2006 / 9 / 30 - 09:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


"إذا كان لا بد من أن تتحدوا فاعقدوا اتفاقيات من أجل تحقيق الأهداف العملية للحركة، و لكن إياكم و المساومة في المبادئ، إياكم أن تقوموا بتنازلات في النظرية" نقد برنامج غوتا ـ ماركس.
"لا يمكن أن يخاف من التحالفات المؤقتة ـ و لو مع أناس لا يركن إليهم ـ إلا الذين لا يثقون بأنفسهم. و إنه لمن غير الممكن لأي حزب سياسي أن يعيش بدون مثل هذه التحالفات" ما العمل؟ ـ لينين.

1. دواعي الرد على" صقر الجامعات"

استمرارا لنفس النهج و المنهجية التي أردنا من خلالها الدفاع و التأسيس لوحدة نضالية برنامجية و ميدانية بين كافة تيارات الحركة العمالية و الاشتراكية التقدمية و الماركسية اللينينية، ارتأينا مجددا أن ندلو بدلونا في الصراعات التي عرفتها و تعرفها المواقع الجامعية الطلابية الناشطة، و التي نرى في بعض مظاهرها السلبية ضررا كبيرا له أثره الوازن على مصداقية جميع الأطروحات المناصرة لقضايا الكادحين.. خاصة إذا تمت المغالات و المزايدات و المشاحنات باسم فكر الطبقة العاملة و باسم قيمها المستقبلية، قيم الحرية و الديمقراطية و الاشتراكية.
و قد سبق أن ناشدنا جميع الفرق المتنازعة بأن تتخلى عن أساليب العنف كشكل من أشكال الإقصاء الجبانة مثلها مثل التشهير و التشويه و الافتراء.. و بأن تفتح صفحة جديدة لممارسة نوع من النقد الذاتي تأسيسا لثقافة الديمقراطية الرفاقية التي تعطي الحق لجميع الطلبة المناضلين التقدميين، منظمين و غير منظمين للإدلاء بآرائهم في كل قضايا الحركة الطلابية الفكرية، السياسية و التنظيمية.
فالاتحاد و كما أعلٌنا دائما و أبدا هو اتحاد للطلبة و بالطلبة و ليس بالفصائل و المجموعات الطلابية و السياسية، فما بالك بمجموعة من داخل فصيل، تدعي احتكارها للجماهير الطلابية و للاتحاد الوطني لطلبة المغرب إوطم و للجامعة.. لحد التماثل!
صحيح أنه من المستحيل عليها تحقيق ذلك رغم الادعاءات و المغالطات و الافتراءات التي لن تنطلي سوى على بيروقراطي مهووس و متشبع بثقافة الإقصاء و الاستبداد و ليس بمناضل تقدمي ديمقراطي يتطلع لاتحاد قوي يضم في صفوفه غالبية الطلبة المتضررين من واقع تعليمي طبقي تنتفي فيه شروط تدريس حقيقية، و المرعوبين من الأفق المظلم لمجال الشغل الذي لا يعد سوى بالبطالة.. و بشكل عام جميع الطلبة المناهضين لكافة مناحي الحياة العامة الناتجة عن سيطرة و هيمنة نظام سياسي اقتصادي مستغل و مستبد، نظام رأسمالي تبعي يكرس البؤس و الفقر و التهميش و البطالة و ما يستتبعها من أمراض اجتماعية خطيرة.. عبر القمع الوحشي المباشر و بالأساليب غير المباشرة الذكية و المتنوعة..
لا بد أن نذكر من جديد بتصوراتنا المبدئية فيما يخص الصراع بين مجموع فصائل الحركة الاشتراكية التقدمية التي يجب أن تعتمد أسلوب النقاش و الصراع الديمقراطي، على اعتبار أن أطراف و فصائل الحركة الاشتراكية التقدمية يجب أن لا تشكل مصدر عداء لأي ديمقراطي صادق، يجب أن نقدرها كفصائل مناضلة لها آرائها و مواقفها الخاصة دون أن تكون لها غاية فرضها بالعنف و من حق أي طالب مناضل منتم أو غير منتم أن يوجه لها النقد و التساؤل حول أطروحاتها و تقديراتها دون أن يشكل ذلك حرجا أو إحراجا لأحد. بهذا ننبذ و بشدة كل أشكال الحصار و العنف و الاستئصال.. الممارسة في حق الآراء المخالفة من داخل الفضاء الاشتراكي التقدمي و نتوخى من نقاشاتنا رفع التحدي و التحدي المستمر للدفاع عن هذه القيم الديمقراطية التي تعلمناها من مبدعي الفكر العلمي ماركس انجلس و لينين، القيم البروليتارية الحقيقية التي أدارت الصراع داخل "عصبة الشيوعيين" و داخل الأممية الأولى، الثانية و الثالثة، و داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي و فيما بين تياريه البلشفي و المنشفي و في وسط البلاشفة أنفسهم، حقائق شوهتها التحريفية الستالينية و الماوية لتبرير جرائمها التاريخية في حق الماركسيين الثوريين على اختلاف مشاربهم و مذاهبهم، جرائم أقبرت و شوهت خيرة الماركسيين من رفاق لينين في الحزب و الدولة.. و لن نذكر هنا بمجموع المحاكمات و التصفيات التي عرفتها سنوات الثلاثينات بالاتحاد السوفياتي و في البلدان الشرقية الدائرة في فلكه ـ فيما بعد ـ و سنوات الستينات بالصين إبان ما سمي بالثورة الثقافية.. فقط نذكٌر عشاق الدم و المهووسون بالعنف.. الذين لا يفتحوا النقاش إلا بعد إشهار الساطور في وجوه مخالفيهم، بأن الحركة الماركسية اللينينية المغربية و تيارها الطلابي ـ الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين ـ و استمراريتها النوعية ـ النهج الديمقراطي القاعدي ـ.. لم يثبتوا أقدامهم بالفتوحات بالمدية و الساطور، لم يكتسحوا الساحة الطلابية بالمنع و القمع و التهديد و الافتراء في حق المخالفين.. و لم يتخلفوا قط عن مهمة الصراع الفكري و السياسي ضد أقوى حزب سياسي تقدمي معارض، في المنطقة و ليس في المغرب فقط ـ الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ـ حزب له أطره و فلاسفته و مفكريه في الاقتصاد و علم الاجتماع.. له قطاعه الطلابي المنظم، له نقابته و جمعياته الثقافية التربوية، الشبيبية و الحقوقية.. له جرائده و مجلاته، يومياته و أسبوعياته..الخ أمام كل هذه الترسانة، لم تشهر السلاسل و العصي و قنابل المولوتوف.. قدٌم "الجبهويون" و "القاعديون" الرأي السياسي و الفكر البديل و التاكتيكات الناضجة، زرعوا و شيدوا قيم الكفاح و المبدئية و التضحية.. لم يكونوا ديماغوجيين و لا شعبويين، قدموا الشعارات و البرامج و الأرضيات الواضحة، اتفقوا و اختلفوا على الملموس، دون أن يشهروا الخناجر و لا السيوف. لم يقدموا لأحد من الطلبة الوعود برفاهية الرأسمالية و المجتمع الرأسمالي.. بل قدموا الاجتهادات و التحاليل و الرؤية النقدية الثورية لجميع النماذج الرأسمالية و لجميع تجارب البناء الاشتراكي في الشرق.
لم نختلف قط، كقاعديين، عن مسايرتنا و دعمنا لجميع النضالات الطبقية العمالية و الجماهيرية، شاركنا الكادحين في انتفاضاتهم المتتالية واجهنا هجومات الأجهزة القمعية دفاعا عن حرمة الجامعة ـ من مخبرين سريين، بوليس، جيش، قوات احتياطية و أواكس ـ لم نرفع الأسلحة ضد بعضنا كطلبة إوطيين أو كقاعديين، بل رفعت ضدنا لمرتين و كانت حالتين شاذتين و معزولتين ـ هجوم الشبيبة الإسلامية سنة 1976 و نسف الطلبة الاتحاديين لأسبوع المدرسة المحمدية سنة 1977.
من جهة النهج الديمقراطي القاعدي لم يساهم قط في مسلسلات العنف على اعتبار أن العنف كأسلوب لتدبير الخلافات داخل الحركة الجماهيرية مرفوض و منبوذ من طرف جميع الماركسيين، بل أن العنف أسلوب ملازم للحركات الفاشية و من طبيعتها.. و ليس الديمقراطية، يسلكه ضعيف الرأي و الذي لا قدرة له على النقاش و الإقناع فيعوض ذلك بالتربص للمخالفين ليحول العاهات و العظام المكسٌرة لانتصارات باهرة و مبهرة.
هذا التقديم الذي كان لا بد منه لتوضيح مواقفنا من أحداث تقع داخل الجامعة باسم النضال الإوطمي و باسم الماركسية و مناهضة التحريفية.. و بارتكاز على التراث الماركسي اللينيني المغربي و القاعدي الديمقراطي المناضل، وجب الخوض فيه بمبدئية و بجرأة و بتحدي نضالي يستوجبه التاريخ و التأريخ لتسهيل محاسبة الجميع و لوضع الكل أمام مسؤولياته.
بهذا يكون موقفنا التنديدي للعنف، أحد أسباب الرد المباشرة، و بطبيعة الحال لم و لن نتوانى عن تقديم رؤيتنا المركزة حول بدائلنا الثقافية و التنظيمية لتدبير الخلافات في الساحة الطلابية و التقدمية.. و سنعرج مرة أخرى مواصلين صراعنا الفكري و السياسي ضد الأطروحة الشعبوية الماوية و الأطروحة التروتسكية الإصلاحية و كافة الأطروحات المراجعاتية و المناهضة للخط البروليتاري داخل الحركة الماركسية اللينينية المغربية.. مقدمين أيضا بدائلنا الواضحة و من داخل مرجعيتنا الثابتة ـ نظرية الطبقة العاملة في الصراع الطبقي، التغيير الثوري، الاستيلاء على السلطة السياسية، بناء الاشتراكية ـ فيما يخص الشعارات، البرامج، الآليات و طرق تشكيلها، المشروع الثوري و المجتمعي..الخ.
لكن و نسطر على هذه اللكن، نذكٌر و نعلن بشكل مبدئي و عملي بأننا لسنا بعدائيين و لا بحاقدين تجاه جميع أطراف الحركة التقدمية الاشتراكية بما فيها التروتسكية و الماوية، بل سنعمل على تقديم اجتهاداتنا و تصوراتنا لوحدة العمل و النضال على برامج حد أدنى، متجاوزين بذلك، الموقف الضعيف ـ الوحدة الميدانية ـ الذي لم يعد يعني في نظرنا سوى الكسل و الانعزال و الهروب من المسؤولية.
فليس الحد الأدنى ـ شعارا كان أو برنامجا في تصور الماركسيين اللينينيين خيانة و نفاقا و ديماغوجية.. بل يعتبرونه مقبولا في لحظات معينة و وفق شروط محددة، و لم يتردد لينين في تعريفه الماركسي للمساومة ـ و كم هي مخيفة و مرعبة هذه الكلمة ـ "إن التنازل عن بعض المطالب، العدول عن قسم من المطالب بموجب اتفاق مع حزب آخر، يسمى في السياسة مساومة" و يضيف للتوضيح أكثر، "بأن مهمة الحزب الثوري حقا لا تفرض إعلان الامتناع عن كل مساومة أمرا مستحيلا، بل تفرض معرفة الحزب كيف يبقى، عبر جميع المساومات ما دامت محتمة لا ندحة عنها، مخلصا لمبادئه، لطبقته، لمهمته الثورية، لواجبه، واجب إعداد الثورة و تربية جماهير الشعب من أجل إحراز النصر في الثورة" ـ بصدد المساومات ـ

2. الشعبوية تتذرع مرة أخرى بالماركسية

أن تريد حقا مواجهة التروتسكية كتيار عمالي مستقل عن اللينينية فيجب أن تشحذ الأسلحة الحقيقية و القمينة لنقده و حصاره، أسلحة نظرية و سياسية ميدانية عملية، ليس بالقمع و التعنيف و التشهير، و ليس بعبارة "لينين صقر الثورات" و تروتسكي "يهوذا الصغير".. لينين مناضل سياسي، مفكر ثوري و منظم للطبقة العاملة، لم يكن صقرا و لا ذئبا و لا حملا.. تروتسكي كذلك لا تختلف عطاءاته النضالية و الفكرية و السياسية على لينين و على عدد من الماركسيين في عصره، روس و غير روس، بلاشفة و مناشفة.. اتفق الاثنين عن المنطلقات النظرية و الأهداف الاشتراكية العامة، لكن اختلفوا في الآليات العملية شكلا و مضمونا يعني في شعارات و برنامج الحزب، في التصور لبناء و تدبير عمل الحزب، في تكتيكات الثورة الروسية عبر مراحلها المختلفة، في قوة دكتاتورية البروليتاريا و قدرتها على الصمود في بلد واحد، في فلسفة الثورة البروليتارية و بعدها الأممي ـ الثورة الدائمة ـ.. نقط عديدة لا ترغمنا بالمرة على وضع تروتسكي مقابل لينين أو العكس، فالمقابلة أقامها الخط الستاليني حينما عجز عن تقويض التيار التروتسكي من داخل الحزب و الدولة بالطرق الديمقراطية البروليتارية.
عكس هذا، يجب أن نحاكم لينين في تقديره لشخص تروتسكي و عطاءاته النضالية، فهو من أدخله لهيئة تحرير جريدة الحزب الأولى "الايسكرا ـ الشرارة"، هو من أدخله للحزب مرتين 1901 ـ 1917 و هو من فوضه للمهمات الكبرى داخل قيادة البلاشفة خلال التجربتين، و للمهمات الحساسة داخل جهاز الدولة و لبناء الجيش و لخوض مفاوضات صلح بريست ـ ليتوفسك.
فلينين من خذلنا إذن، أو هو عكس ما ادعيته ليس بالصقر إذن، مغفل و بليد.. لهذا وجب "تصحيح" اللينينية و هذا فعلا ما فعله ستالين و تروتسكي في إطار الصراعات التي دارت بينهما بعد موت لينين، فكلاهما رفع الراية اللينينية ضد الآخر و كلاهما اتهم الآخر بالانحراف عن اللينينية، و الحال أن الستالينية و التروتسكية تياران اشتراكيان خارج اللينينية.
فإذا كان هناك من نقد فيجب أن يتخذ لنفسه منهجية واضحة، و الوضوح ليس في الإعلان عن الانتماء للمرجعية الماركسية اللينينية و فقط، فطبيعي إذا لم نقدم للمناضلين تعريفنا و فهمنا للماركسية كتيار شيوعي داخل الحركة الاشتراكية، و إذا لم نكن مقتنعين و مستوعبين للديالكتيك المادي، فلسفة الماركسية.. فلن نفهم بالتالي ما هي الحركة؟ و ما يعتمل داخل الحركة من تناقضات و تطور في مسار الحركة..الخ.
إذا لم نعلن عن انتماءنا فكريا و عمليا لأطروحة المادية الديالكتيكية، لن نفهم لا ماركس و لا العنصر الثوري في فلسفة هيغل، لن نفهم خلاصته بأن صراع المتناقضات هو مصدر كل تطور لأية حركة.
فهيغل المثالي اتخذ الروح و الفكرة مبدأ له و ماركس الذي لم ينكر عطاءات أستاذه انتقدها انتقاد الباحث، العالم، المفكر، المناضل السياسي المنظم و المؤطر..
لم يتوقف ماركس عند طرح الأسئلة و فقط، بل أخضع لنقده سائر الأطروحات الفلسفية لهيغل و لفيورباخ مُدخلا بالتالي على فلسفته، عكس الفلسفة النظرية التأملية العنصر الجديد، أدخل النشاط العلمي الثوري القائم على أساس نقد الواقع، و قد عبر على ذلك بنقده لأطروحات فيورباخ، لم تعد الفلسفة سلبية باجتهاداته بل أصبحت مفعمة بالعمل و النشاط.
بهذه المنهجية و هذا التحليل استنتج ماركس ضرورة تغيير الواقع و ليس تفسيره، هذا الواقع الذي درس بدقة تناقضاته و مصالح مختلف مكوناته الاجتماعية، و أثبتت بالتالي منهجيته بأن النظرية تكتمل بالممارسة و نقد الواقع و العالم المحيط و نفيهما يكتملان بالعمل الإيجابي، بالنشاط العملي..
بهذا يكون ماركس قد تجاوز الفلاسفة الماديين السابقين عنه حيث أدخل على فلسفته المادية، المبدأ الثوري.
تقديم لا بد منه، بحيث لم يعد من المحتمل و المقبول الادعاء بأننا متفقون و حاسمون في نظرتنا للماركسية، فما يروج باسم الماركسية و اللينينية في الساحة الطلابية خطير و خطير جدا، و قد أشاطر هنا "المهدي" في محاسبته "للصامتين" رغم تحفظي الحذر من مقابلته لهم "بالمتصارعين"، فأخاف أن يقصد بالصراع ـ و هو الأقرب للحقيقة ـ العنف، أخاف أن يكون نقده بمثابة صرخة استنجادية لتوريط الجميع، بعد أن تبين ابتعاد المجموعات الأخرى من أنصار البرنامج المرحلي ـ مكناس، فاس و وجدة ـ عن هذه الممارسات، رافضة تعليبها داخل الأطروحة الماوية منتقدة الممارسات الانعزالية العدمية التي يمارسها بعض الأتباع خارج أسوار الجامعة تجاه المنظمات الجماهيرية و شبه الجماهيرية.
لكم أيها الرفاق الماركسيين و المتتبعين للنقاشات النظرية التي دافعنا بها عن أطروحتنا الماركسية اللينينية و المستقلة عن الأطروحتين الستالينية و التروتسكية، كيف تحول النقاش إلى تشويه و كذب و افتراء على الأشخاص و المجموعات و التيارات و التجارب، كيف عم السب و الشتم و التسطيح، كيف أقحمت المغالطات و البهتان عن التجارب السياسية، البلشفية، الحملم و النهج الديمقراطي القاعدي.. و هاكم نموذج آخر، مقال أو سلسلة من المقالات ـ كتبت على هامش جذبة العنف الثوري داخل أسوار الجامعة قبل أن يتعمق و يتسع و يصل للأزقات المظلمة بأحياء مراكش و أكادير ـ لم تخرج عن الإطار السابق و لم نلمس في إحدى نماذجها، موضوع الرد ـ الرياء و النفاق التروتسكي يكشف عن خلفيات التحريفية بقلم خالد المهدي ـ أي تقدم أو نضج يحاول أن يناقش الأفكار و الأطروحات و الشعارات و البرامج بعلاقة مع المصالح الطبقية لمختلف الطبقات الاجتماعية المتصارعة داخل مجتمعنا، و عن علاقة فكر الطبقة العاملة بهذه الصراعات.
فالنقاش، في اعتقادنا، أرقى و أعمق من تصنيفات "صقر الثورات" "المشيٌد الحديدي" و "أسد الجبال" و "يهوذا الصغير".. تصنيفات و لغة سطحية و مبتذلة، أخذت من لينين القشور و ليس جوهر أطروحته الثورية.. سفاسف الأشياء التي لن تفيد المناضلين في شيء و لا تقدم نضال الطبقة العاملة قيد أنملة و لا تطور مسار الحركة الاشتراكية و لا العمالية و لا الماركسية اللينينية في شيء.
ثلاث صفحات من العموميات التي لا تخرج عن ثقافة ما تبقى من حلقات النقاش الطلابية المنتصبة بقوة المدية و الساطور و التي يحشر فيها الطلبة عملا "بأنصتوا رحمكم الله.. و من لغى فلا جمعة له"، حلقة يشحن فيها الطلبة بأفكار و معطيات تغليطية مزورة للتاريخ ـ بما فيه تاريخ إوطم و الحركة الطلابية المغربية و الحملم و الشهداء..ـ و التجارب الثورية و المقولات الماركسية.. التساؤلات و الاستفسارات تواجه بالتنبيه و التحذير بالالتزام!! ـ "التزم يا رفيق".. و رأس المدية يلامس جنبك ـ أما المعارضون و المنتقدون فمآلهم التعنيف و "المحاكمة الجماهيرية" و التشهير بعمالتهم للمخابرات..الخ.
ثلاث صفحات بكاملها، تتبعناها و حاولنا أن نستخرج منها فكرة ملخصة و مركزة عما يعنيه "المهدي" بالانتماء لماركس أو للحركة الاشتراكية حتى، و لم نجد شيئا! يذكر بالأحداث و التواريخ و التيارات دون أدنى شرح لطبيعتها و لتعبيراتها الطبقية و لحقيقة أطروحتها، فمثلا حين يتكلم الماركسيون عن ثورة 1905 الروسية لا يمكن القفز عن تصوري لينين و تروتسكي المختلفين لهذه الثورة، تصور لينين بتاكتيكه المعروف "الثورة الوطنية الديمقراطية" و "الحكومة الثورية المؤقتة"..الخ و تصور تروتسكي الذي لم يحتج فيه لتاكتيك، تصور "الثورة الاشتراكية" و "حكومة عمالية خالصة".
هنا مربط الفرس فلماذا يتهرب كلاكما ـ التروتسكيون و الستالينيون ـ من هذا النقاش؟ فلا سياسة العنف و الاستئصال، و لا خطة التمسكن و اللعب عن العواطف ستمنع هذا النقاش.
فقوة و عبقرية المخطط الستراتيج لينين، في التنظيم و التاكتيك و فرز الشعارات الملائمة لكل مرحلة أعطته قيمة لم ينفع تروتسكي سوى التظلل بها أيام صراعه ضد ستالين، تصور لينين لبناء منظمة ثورية من خلال كراساته و شروحاته المتعددة ـ "بما نبدأ؟"، "رسالة إلى رفيق"، "ما العمل؟" ـ كان محط هجوم شديد لا من طرف تروتسكي فحسب بل من مجموعة من الماركسيين الثوريين الروس و غير الروس ـ أسطع نموذج روزا الماركسية الثورية ـ سواء المتشبثين بنموذج الحزب الأممي أو بنموذج الحزب اللاسالي الجماهيري ـ الاشتراكي الديمقراطي الألماني ـ
في هذه النقطة وجب النقاش و التدخل من الطرفين، الماوي و التروتسكي لتبيان أطروحتيهما، فرغم اعتراف تروتسكي المتأخر، أي خلال سنوات الثورة بقصور طرحه في المسألة التنظيمية و بتفوق لينين في هذا المجال، فليست اللينينية بالرجوع لتأسيس الأممية الرابعة و بإنشاء فروع لها، أممية تطالب بالإصلاحات السياسية الدستورية و بتطبيق ضريبة طوبين، أممية تؤمن باختراق الأحزاب الإصلاحية الهلامية ـ الحزب الاشتراكي الفرنسي، حزب العمال في البرازيل، الاتحاد الاشتراكي في المغرب..ـ و تشترك في لعبة الانتخابات الرئاسية، البرلمانية و البلدية".. بل و تشارك في الحكومات ـ تجربة سيلان ـ المدبرة لأزمة الرأسمالية.. كما أن اللينينية في التنظيم ليست "بالكتلة الثورية للعمال و البرجوازية الصغيرة.. حزب عمالي و فلاحي على غرار الكيومنتانغ.. و تستطيع الكتلة الثورية المضادة للإمبريالية.. أن تأخذ شكل حزب عمالي و فلاحي وحيد.." أسس اللينينية كما فهمها و روجها "الحديدي المشيد" جوزيف ستالين.
كذلك الشيء بالنسبة لشعار "الحكومة الثورية المؤقتة" المبني على المساهمة القيادية لحزب الطبقة العاملة في الثورة ـ و ليس في ذيل البرجوازية الثورية كما نادى به القياديون المناشفة ـ و النضال من فوق و من تحت ـ رفض المناشفة المشاركة في الحكومة الثورية بدعوى أن الثورة ثورة برجوازية و يجب الضغط من تحت و فقط ـ و تاكتيك التحالفات المبني على التحليل الملموس للوضع التاريخي الملموس.. معطيات و اجتهادات تقدم بها لينين عن رفاقه في الحزب، بلاشفة و مناشفة، بمن فيهم تروتسكي مخلفا إياه وراء شعاره الاستراتيجي "حكومة عمالية خالصة" و نظريته الخرقاء على حد تعبير لينين ـ "الثورة الدائمة"، شعار تركه حبيس الماركسية الكلاسيكية و لم يساعده بالتالي على فهم علم التاكتيك المبني على تقدير الثورة و شروطها وفق موازين القوى و قوة و نمو الوعي داخل الطبقة العاملة و داخل الطبقات الثورية الحليفة و المومنة بموقع القيادة للطبقة العاملة في الثورة.
فالطبقة العاملة ما زالت مخلصة لرسالتها التاريخية، ما زالت مؤهلة لاحتلال قيادة التغيير في المجتمعات الرأسمالية، كانت مركزية أو تبعية، ليست بالعمود الفقري كما ادعى ذلك، الماوي المهدي الوالي.. دون أن يفصح عن الرأس القائد لهذا العمود.. ليست القيادة، للحركات الاجتماعية ـ الشباب، المعطلون، النساء، المثليون، القرويون..، كما يروج التروتسكيون.
نود كذلك التذكير بالموقف من المجالس العمالية ـ السوفييتات ـ لتغييبه من جدالات الطرفين، فهو موقف يحسب لتروتسكي و من دعٌمه ـ لينين ـ و ليس للبلاشفة الذين عارضوه في حينه، على اعتباره إطارا هلاميا و غير واضح بل و منافس للتنظيمات العمالية الكلاسيكية ـ الحزب، النقابة و التعاونيات ـ
على هذا الأساس نود خوض النقاش و توضيح ماركسيتنا و لينينيتنا المنتقدة للأطروحتين التروتسكية و الستالينية، مع وضعها في الحجم الذي تستحقه و مقدرين المسافة بينها و بين الأطروحة الماركسية اللينينية دون تجني و لا مغالطات.
لقد كان بإمكاننا أن نتحاشى إضاعة وقت الرفاق الثمين خدمة و نفعا لقضايا النضال العمالي و الماركسي اللينيني، فهناك جهود و متاعب لا يحصى لها عد تنتظرنا في أوساط الشباب من أبناء الكادحين ـ تلاميذ، طلبة و معطلين ـ و في أوساط العمال و في داخل الحركة الاشتراكية و الحملم.. لترغمنا التهجمات و الأهجية و الافتراءات الموجهة ضد جميع المخالفين دون حساب و لا تريث و لا روح رفاقية.. و المعطلة باستفزازاتها لمهام توحيد و تنظيم الماركسيين اللينينيين المغاربة.
فالمقال لصاحبه سليط اللسان الملقب "بخالد المهدي" سوٌد الثلاثة صفحات ـ و غيرها التكرار بأسماء أخرى ـ بدفق من السباب و الشتائم صبٌها على الخصوم و الرفاق قبل الأعداء، و على المناضلين التقدميين قبل الرجعية و خفافيش الظلام و الإظلام. إهانات انهال سيلها على الجميع و بدون تريث و لا تفحص و لا بعد نظر.. وصلت لحد سبعين كلمة من الألفاظ القدحية و النابية! ادعى بها صاحبها مواجهة التحريفية التروتسكية! و نوع من "الامتلاك للأفكار الجدية و المسؤولة"! خلافا لمن التزموا "الصمت عن أزمة الحركة الماركسية و إجابات الخروج منها"
و يبدو أن الرفيق وجد مخرجه بعد التيه و الضلال الطويل في حل "المدية و الساطور و الرحى الكهربائية" عوض النضال و التأطير و بناء إوطم، و القذف و السب و التشهير عوض النقاش و الدفاع عن أطروحته الشعبوية قبل مناهضة التروتسكية في تلاوينها التحريفية المختلفة و على مختلف مراحلها المتنوعة.
لم يفعل "المهدي" نصير الماوية المبتدأ الذي لم يقدم قط قراءته و نظرته لتجربة الصين الماوية لمآلها المفلس، دفاعا عن نظرية العوالم الثلاث و الديمقراطية الجديدة و سلطة الطبقات الأربع.. إلى أن انتهى بها الأمر بالارتماء في اقتصاد السوق.. و لم ينبس ببنت شفة عن مآل التجربة الماوية في البيرو و كلومبيا و النيبال و الفلبين و العراق و فلسطين.. تجارب حية و معاصرة تقرب المناضلين من حقيقة الشعبوية و الماوية كنموذج.. و من أخطائها النظرية، التاكتيكية و الاستراتيجية..الخ.
و يبدو أن المجموعة المبتدئة بالمغرب لم تتفحص بعمق أطروحتها الأصلية، الأطروحة الستالينية المبنية على "الجبهات المتحدة" و على مشروع "سلطة الطبقات الأربع".. إنه و كما العادة طعن عن طيش و عدم روية من طرف "الثوري الماوي الأصيل" لأن تاكتيك "الجبهات" الستاليني الماوي لم يتحدث قط عن شيء اسمه المبدئية أو تبني اللامبدأ فكرا و ممارسة "إن على الشيوعيين أن ينتقلوا من سياسة الجبهة الوطنية الواحدة إلى سياسة الكتلة الثورية للعمال و البرجوازية الصغيرة.. و تستطيع الكتلة الثورية أن تأخذ في مثل هذه البلدان شكل حزب وحيد، حزب عمالي و فلاحي على غرار الكيومنتانغ" الكلام "للحديدي المشيد" ستالين، و هذا نموذج من المبدئية الستالينية في تصورها للتنظيم الشيوعي، من "الجبهة" إلى "الحزب العمالي الفلاحي" مرورا "بالكتلة".. و أين هو حزب الطبقة العاملة المستقل؟ أخاف أن تجيبوا بأنه سقط سهوا!
و ما قول لينين في هذه الخلاصة "نحن مطالبون بخوض صراع حازم ضد تمويه الحركات الثورية التحررية في البلدان المتأخرة، الحركات غير الشيوعية التي قد تموه فتقدم على أنها حركات شيوعية. ينبغي على الأممية الشيوعية أن تؤيد الحركات الثورية في المستعمرات و البلدان المتأخرة و لكن بغية تحقيق هدف واحد، ألا و هو تجميع صفوف عناصر أحزاب الغد البروليتارية، الأحزاب الشيوعية الفعلية لا الاسمية فحسب و تثقيفها في جميع البلدان المتأخرة بحيث تعي مهامها الخاصة، مهام نضالها ضد الحركات الديمقراطية و تكتسب ثقافتها هذه داخل منظمات خاصة بها. و ينبغي على الأممية الشيوعية كذلك عقد اتفاقات مؤقتة، بل تحالفات مع الديمقراطية البرجوازية في المستعمرات و البلدان المتأخرة، و لكن شريطة ألا تندمج بها و أن تحافظ بدون أي قيد أو شرط على استقلال الحركة البروليتارية حتى و لو كانت في مرحلة جنينية بدائية ـ المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية ـ لينين.
أين هي مبدئية ستالين حين أشار على الحزب الشيوعي الصيني بالانخراط في الحزب القومي عدو الطبقة العاملة الصينية و جلادها ـ الكيومنتانغ ـ؟
أين هي مبدئية ستالين أمام قمع الاضرابات و نسف الكوميونات العمالية و ذبح العمال الشيوعيين من لدن قيادة الكيومنتانغ؟ و الذي اعتبره بمثابة "البرلمان الثوري".
فماذا قال مؤسسا الاشتراكية العلمية ماركس و انجلز؟. فلنتفحص مدى مبدئيتهما تجاه قضية الطبقة العاملة و مشروعها التحرري الاشتراكي "و في ظل وجود رجعية مطلقة العنان تسحق بعنف كل جهد للتحرر من جانب العمال، و تطالب دون وجه حق بالمحافظة بواسطة القوة الفاشية على تمايز الطبقات و على ما ينجم عن ذلك من سيطرة سياسية للطبقات المالكة واضعين في الاعتبار، أن الطبقة العاملة لا يمكنها أن تتصرف كطبقة ضد هذه السلطة الجماعية المالكة، إلا عن طريق تشكيل نفسها في حزب سياسي، متميز، و معارض لكل الأحزاب القديمة التي شكلتها الطبقات المالكة.
و أن هذا التشكيل للطبقة العاملة في حزب سياسي لا يمكن الاستغناء عنه لضمان انتصار الثورة الاشتراكية و هدفها النهائي ـ إلغاء الطبقات" تقدما به لكنفرانس مندوبي اتحاد العمال الدولي سنة 1871 و تمت المصادقة عليه كقرار.

الشعبوية تغالط في المعطيات
النظرية و الميدانية

على هامش الأحداث المؤلمة التي عرفتها الجامعة المغربية، أحداث دموية دارت فصولها بين مناضلين تقدميين ينتمون لمجموعات مختلفة ـ مجموعتين من أنصار البرنامج المرحلي و مجموعة "المناضلة" التروتسكية ـ و قد خلفت الأحداث جوا مرعبا في صفوف الطلبة و المناضلين لهول عدد الضحايا و حجم العاهات المخلفة..
و إننا كمناضلين ماركسيين لينينيين ـ أنصار الخط البروليتاري ـ إذ نجدد مناشدتنا لجميع المتدخلين و الفاعلين.. من أجل إيقاف النزيف..
فبالرغم من أن بعض الزعامات استحلت الوضع المتردي ـ نموذج المهدي / الوالي الذي نحن بصدد فضح مهاتراته الشعبوية ـ و دفعت به لأقصاه لتنشر الرداءة النظرية و السياسية كالنار في الهشيم.. فيجب فضح جميع من يكرس استعمال الطاقات الطلابية المناضلة، أبناء الكادحين، مستقبل الحركة الاشتراكية الثورية.. حطبا إرضاءا لنزوات المهووسين بالنار و الدم..
و سنعمل، مساهمة منا، على تقديم و تقويم الأوضاع و الحركة في الذات الاشتراكية اليسارية، بزرع و نشر ثقافة النقاش الديمقراطي الرفاقي و ثقافة النقد و النقد الذاتي و ثقافة الفضح و التشهير بالمغالطين و المزيفين المحرفين.
في هذا السياق وردا على إحدى مقالات "المهدي" ـ دون قصد، الرياء و النفاق التروتسكي يكشف عن خلفيات التحريفية ـ سنعمل من خلال هذه المتابعة ذات الأهداف المتعددة، نذكر منها إدانة العنف بين التيارات المناضلة التقدمية، نشر ثقافة إوطم كاتحاد طلابي يستوعب جميع الطلبة الملتزمين بمبادئه التقدمية، الديمقراطية، الجماهيرية و الاستقلالية، تدعيم وحدة الحركة الاشتراكية التقدمية داخل الجامعة و داخل الحركة الطلابية في مواجهتها للمد اللبرالي و الظلامي الفاشي، الدفاع عن الفضاء الجامعي كمكسب و كمجال للمناظرة الفكرية و السياسية.. و ليس حلبة "للكفاح المسلح"..
سنعمل على تقديم أفكارنا و مواقفنا حول مواضيع فكرية و سياسية خاصة بتصوراتنا حول وحدة الحركة الطلابية التقدمية و وحدة الحركة الاشتراكية اليسارية و وحدة الحركة الماركسية اللينينية المغربية.. من داخل منظورنا الماركسي لديالكتيك الوحدة و الصراع.. إضافة لعملية تصحيح للتزييف و التحريف الذي طال تجربة الحركة الماركسية اللينينية العالمية و تجربة الحملم و منظمة "إلى الأمام" و كذا تجربة النهج الديمقراطي القاعدي بإنجازاته و إخفاقاته.. على يد الشعبوية الماوية اللامسؤولة.. دون إغفال لمجريات الأحداث الدموية بالجامعة، التي سنحاول متابعتها بأقصى حد من الموضوعية.
يستهل "المهدي" مقاله بمدخل و استشهاد بمقولتين متناقضتين، الأولى لهروقليدس و الثانية لماو تسي تونغ، تناقض من حيث أن الأولى تفضح و تعطي فكرة جلية عن العقلية الحقيقية لممارسات بعض المجموعات الناطقة باسم "البرنامج المرحلي"، حقيقة الدفاع عن الحصون و ما تستلزمه الحصون من نوعية في العدة و العتاد و الأتباع.
أما الثانية فرغم أن ماو لم يفصح قط عن أية ماركسية يتكلم، هل هي ماركسية الطبقة العملة كفكر و كمنهج تحليل و كمشروع مجتمعي؟ و لا عن أية تحريفية ـ و يجب التحفظ كل التحفظ من ترجمةRevisionnisme للتحريفية لما تشكله من لبس كبير، فالترجمة الأقرب هي المراجعة و الفرق شاسع و كبير.. و مع ذلك فيستعملها الجميع!ـ، هل هي تحريفية و مراجعة لنصوصه و كتاباته و أفكاره، أم هي مراجعة لأفكار و مواقف ماركس انجلز و لينين؟ و الحال انه كان من أسطع خريجي المدرسة المراجعاتية الستالينية، النبهاء!
ليبقى أن الاستشهاد و بعد تجريده عن صاحبه ماو، فهلاٌ طبقه تلامذته النبهاء و غير النبهاء على الأوضاع الملموسة الآن؟ هلاٌ أخذوا العبرة من جوهر المقولة "طبقوا الماركسية و ليس التحريفية، اعملوا من أجل الوحدة ليس الانشقاق، كونوا صرحاء و نزهاء، لا تحبكوا مكائد و لا مؤامرات" ليقدموا المقترحات الملائمة التي تشي في هذا الاتجاه؟ هلاٌ قطعوا مع ممارسة الدفاع عن الحصون و أيٌة حصون ـ أسوار الجامعةـ؟!
فإذا لم تكن الطبقة العاملة بتنظيماتها و مواقع تجمعاتها هي الحصون الفعلية للثوريين الماركسيين اللينينيين، حصون مستقبل الاشتراكية و الديمقراطية البروليتارية ـ دكتاتورية البروليتاريا.. فلا جدوى من الكلام عن الماركسية و عن فضح خلفيات التحريفية التروتسكية، لأنكم بهذا تكونوا قدمتم الإعلان الواضح و الفاضح لتحريفية سافرة ما زالت تراهن عن حصن الجامعة و عن أوهام قيادة الجماهير الطلابية للتغيير المجتمعي، لنقول أن رهانكم خاسر و حصنكم كارطوني مغشوش و مآلكم هو مزبلة التاريخ.
فتبريرات صاحب المقال، باسم الماركسية و مناهضة التحريفية، لممارسات و أساليب لم تعد مقبولة، ممارسات تجاوزت الحصون و الثغور.. و لم تعد من باب المنزلقات و ردات الأفعال بل أصبحت في عداد المبيت له في الليل و في باب "حبكة المكائد و المؤامرات".. مناضلون يتربصون بمناضلين آخرين دون أن يتسائلوا عن حقيقة و عمق ما يفعلون، مناضلون ينتشون بتكسير عظام مناضلين آخرين فقط لأنهم يخالفوهم الرأي في تقديراتهم لمناضلين و قادة ثوريين.. و لتجارب ثورية محدودة بشروطها و ظروفها التاريخية و بمعطياتها البشرية و الجغرافية..الخ دون أن يختلفوا عن مصدر الضرر و البؤس و الحرمان و الاستبداد و الاستغلال.. الذي يعيشه سائر الكادحين في المدن و الأرياف و دون أن يختلفوا على أن أصل الشر هو الرأسمالية و بأن الحل التاريخي هو الحل الاشتراكي و إن كانوا يختلفون حول سبل الوصول إليه، في الآليات و التقنيات و التحالفات..الخ فذلك لا يمنع بأن نعتبرهم و بأن يعتبروا بعضهم مناضلين اشتراكيين، ليسوا بالعملاء و لا بالعصابات. صحيح انه أحيانا و في مجال الصراع السياسي و النظري، تحصل هنا و هناك منزلقات و أخطاء يجب توضيحها في حينها و يجب التنبيه من مغبة المغالاة فيها لكي لا يتم استغلالها من طرف العدو الطبقي بأجهزته و تقنياته المتطورة، كالتمويل و الاختراقات التنظيمية..الخ و مع ذلك فجميع التيارات الطلابية الفاعلة معرضة لهذا التهديد و في غير منأى عنه، لنقول للرفاق الذين يروجون ضد خصومهم نعوتات الاختراقات البوليسية، أن جميع التيارات المناضلة و الثورية الماركسية اللينينية المحلية و العالمية كانت، تاريخيا، عرضة للاختراقات ـ راجعوا تجربة العصبة الشيوعية و الأممية الأولى و تجربة لينين المتنوعة و تجربة الحركات الشيوعية في العالم في العالم، في المغرب الحملم و تجربة الطلبة القاعديين..الخ اطلعوا على ملفات المحاكمات الكبرى بالمغرب خلال الستينات، السبعينات و الثمانينات ـ
فإذا كان القصد هو الكشف عن خلفيات التحريفية التروتسكية أو نقاش خط الأممية الرابعة من خلال برنامجه الانتقالي و من خلال تناسل تياراته المختلفة فيما بعد ـ مانديل، لامبرت، غرين، وود..ـ فصراحة مقالك بعيد عن هذا و لم يفيدنا في شيء سواء فيما يخص الذود عن الماركسية اللينينية كطرح متميز عن الماركسية الاقتصادوية التي كان تروتسكي أحد دعاتها، و متميزة كذلك عن الطرح الانحرافي الستاليني من خلال أشهر مدارسه الشعبوية، الأطروحة الماوية.
فالنقد و الصراع ضد الأطروحة التروتسكية يجب أن يعتمد المنهجية العلمية و مقابلة الأطروحة بالأطروحة الماركسية اللينينية، فيما يخص تحديد التشكيلة الطبقية بالمغرب، طبيعة النظام السياسي و الاقتصادي القائم في المغرب، طبيعة الثورة القادمة و شروط نجاحها، قوى الثورة، آليات الثورة التنظيمية، تحالفاتها، شعاراتها، برنامجها، مصالح مختلف القوى من الثورة و علاقتها بالمِلكية الفردية و الخاصة، من المشروع المجتمعي الاشتراكي و من دكتاتورية البروليتاريا..الخ و ليس بما قاله لينين عن تروتسكي في إحدى المناظرات أو الانتقادات في تاريخ محدد و شروط محددة.. شروط و ظروف تختلف جوهريا عن وضعنا في المغرب حيث لا يوجد إقطاع و برجوازية ثورية صاعدة، لا وجود لحزب عمالي جماهيري و لا لتيار بلشفي و آخر منشفي من داخله، لا كلام عن برلمان من طراز البرلمانات الأوربية و لا وجود داخله لمجموعة بروليتارية مشاركة و أخرى تطالب بالانسحاب و المقاطعة.. لا وجود للحزب حتى يمكن الكلام عن وجود أطروحتين عماليتين في التنظيم الأولى علنية تراعي واقع الجزر و انتصار الثورة المضادة و الثانية تطالب بحل الحزب و تصفيته في أفق البناء السري من جديد على خلفيات التحضير للثورة، أو في اتخاذ سياسة عمالية لبرالية ناكرة لأي شكل من أشكال العمل السري و الاكتفاء بالعلنية فقط.. في هذه الظروف، ظروف انهزام الثورة البروليتارية الأولى 1905 تقلب تروتسكي في جميع الاتجاهات و صارع الجميع و اتفق مع الجميع، "لا بد من الحديث عنه لأنه شخص نموذجي بالنسبة لكل الجماعات الخمس التي في الخارج و التي تتردد عمليا أيضا بين التصفويين و الحزب"، ـ ايسكريا متحمسا ـ.. هراوة لينين.. منشفيا متحمسا.. من الايسكريين إلى "الاقتصاديين".. ابتعد عن المناشفة.. اقترب من البلاشفة.. تضامن مع روزا.. افترق عن التصفويين من جماعة "لوتش".. لا تكتلي "معارض للانشقاقية.." "إن لا تكتل تروتسكي هو الانشقاقية بعينها بمعنى الانتهاك الذي لا حياء فيه لإرادة أكثرية العمال" "أما تروتسكي فليس عنده أي وضوح فكري و سياسي لأن شهادة تسجيل حق "اللاتكتل" لا تعني غير شهادة تسجيل حق الحرية التامة في الانتقال من كتلة أخرى و بالعكس" هذا جزء من تقديرات لينين لتروتسكي و لأدواره في الأزمة الحزبية و في الصراع فيما بين مختلف التيارات الحزبية العمالية بعد هزيمة ثورة 05/1907 و بالضبط خلال مرحلة 12/1914.
فأن يستعمل التيار الماركسي اللينيني البروليتاري هذه الحجج ضد التروتسكية كخط و كمذهب فذلك مقبول و مفهوم، لكن أن يصبح هذا النقد اللينيني البروليتاري ذريعة و حجة نظرية للتيار الشعبوي صاحب نظرية حزب الجماهير الشعبية و حزب الكادحين و حزب العمال و الفلاحين.. فذلك تزويرا و افتراء وجب فضحه.
فإما أن نقدم الصورة على أنها صراع بين تيارات عمالية من داخل حزب عمالي جماهيري في ظرف تاريخي محدد و في شروط ذاتية و موضوعية محددة و إلا أصبحنا من أكبر المزورين و الأفاقين، فمن السهولة بما كان أن نقابل هذا النوع من الانتقادات بالعديد من المواقف المبجلة لشخص تروتسكي من طرف لينين، آنذاك سيصبح ستالين وفق هذه المنهجية مصححا "لأخطاء" لينين الذي قدر و بالغ في تقدير مواقف و أدوار تروتسكي في الثورة الاشتراكية البروليتارية الروسية و آنذاك ستنتصب شخصية ستالين "الحديدية المشيدة" صاحبة النظرة الثاقبة اليقظة أمام شخصية لينين "المغفل، الأبله المتناقض".. الذي تحالف مع تروتسكي في صراعه الأممي ضد الانتهازية و الشوفينية و "الاشتراكية الإمبريالية".. التحالف الذي مكن الطرح اليساري الزمرفالدي من النجاح في روسيا، بتحويل الحرب من حرب إمبريالية لصوصية إلى حرب أهلية طبقية تقودها البروليتاريا ضد برجوازيتها المحلية.. اعتمادا على خلاصة لينين التاريخية ضد أستاذه المرتد كاوتسكي، أن الإمبريالية هي عشية الثورة الاشتراكية ـ مع التمييز بين محدودية موقف تروتسكي و شمولية موقف لينين في هذا المجال ـ
لن نفهم إذا صدقنا المنهجية و الافتراءات الستالينية، تاكتيكات و بعد نظر لينين حين قبل بتروتسكي و بتياره داخل تنظيم البلاشفة ليتقدم بخطى و بقفزات سريعة لقيادة الحزب و البلاشفة و لقيادة الثورة و الدولة و ليصبح أحد المفاوضين البارزين باسم الدولة البروليتارية تحت أنظار و مراقبة حزب من "المغفلين و المعتوهين" ـ البلاشفة ـ و من قائدهم "الأكثر بلاهة" ـ لينين ـ!
لن نفهم بهذه الطريقة الفرق الجوهري بين الطرح الماركسي اللينيني و الطرح التروتسكي، فالأول طرح متكامل صعد و تقدم بمنهجية كرستها الخبرة الثورية و التجربة السياسية الحكيمة و المجهود النظري الغزير و الإبداع التنظيمي المتنوع و المتحد..الخ معطيات غطت و أقبرت بعض الأخطاء البسيطة و غير القاتلة، بحيث بات من الصعب على خصومها و أعدائها النبش و التفتيش لانتشالها.
أما الثاني فرغم عطاءاته و رغم حضور و تفاني زعيمه بل و إخلاصه الثوري للحركة الماركسية العمالية.. فما كان أن يكتب له أن يعيش و يصبح تيارا منافسا للتيار الماركسي اللينيني سوى بفعل الستالينية، فالتياران الستاليني و التروتسكي وجهان لعملة واحدة على حد تعبير كراشو ـ أنظر مناظرة ماركسية تروتسكي بين مانديل و كراشو ـ فلا يمكن مقارنة عطاء تروتسكي النظري بعطاء لينين و لا يمكن انتقاد مواقفه و اطروحاته إلا من خلال المنهجية الماركسية اللينينية و ليس من خلال الشتم و القذف و الاستشهاد بمقالات يتيمة منزوعة من سياقها التاريخي.. للادعاء بأن وجه العلاقة بين تروتسكي و لينين انبنت على مقال و على موقف لينين من "التصفويين" و "الانسحابيين" و "المقاطعين"..
بل أن الافتراء وصل لحد اعتبار أن تروتسكي هو زعيم و منظر التصفويين في الوقت الذي تعمل المجموعة الستالينية الماوية ـ و لا نعرف هل هذا عن معرفة أو عن جهل لتاريخ اللينينية ـ على إخفاء حقيقة التصفويين و الانسحابيين المقاطعين و حقيقة مواقفهم المتأرجحة ما بين السياسة العمالية اللبرالية إلى الدعم المطلق للعدمية و الصبيانية اليسارية ـ و التي يجب البحث في أسسها و أطروحاتها بالنسبة لكافة الماركسيين اللينينيين المغاربة ـ فما انتقد لينين سوى موقف تروتسكي المدعم بشكل مباشر و غير مباشر للتصفوية بالرغم من "نيته" اللاتكتلية و المناهضة "للانشقاقية" اللينينية.
فما عنت به الأطروحة اللينينية في مناهضتها للتصفوية هو الدفاع عن حزب الطبقة العاملة المستقل ـ و الماوية غير معنية به ـ كمكسب تنظيمي وجب الذود عنه و ليس شيئا آخر، ليس الحركة الماركسية اللينينية المغربية و ليس الحركة الطلابية.. فالحركة لا يمكن تصفيتها ـ أنظر زعيقهم و تخوفهم من مغبة تصفية الحركة الطلابية لحد استعمال عبارة استشهاد الحركة الطلابية!!!ـ أو على الأقل ذلك ما تومن به المادية الديالكتيكية، أما إذا كان الكلام عن التصفية التي ناقشها لينين كخطر تنظيمي داخلي فلا أعتقد أن أحدا يزايد الآن في وجود حزب الطبقة العاملة و لا عن تنظيم ماركسي لينيني مغربي يسعى لبناءه..
كما أن الصراع حين يفتح بين مجموعتين أو تيارين يدعي كليهما الدفاع عن الماركسية فلا يعني ذلك تصفية و لا يشكل ذلك منحى تصفوي لأن هذه النظرة ستولد العداء و النظرة الاستئصالية لمن يخالفها الرأي باسم هذا المبدأ المشوه و الذي لا علاقة له بالطرح الديمقراطي اللبرالي و بالأحرى الماركسي الاشتراكي!
أفلا يشكل هذا المنحى نوعا من التفسير ببعض الممارسات التي ما زالت سائدة بشكل مرضي في بعض المواقع الجامعية، خصوصا من طرف المجموعة الستالينية الماوية، إحدى مجموعات أنصار البرنامج المرحلي.

في الانتماء لماركس

منذ أن اعتمدنا، درءا للكذب و المغالطات باسم ماركس انجلز و لينين، منهجية تتوخى من المناضلين مزاوجة البحث الميداني و الممارسة العملية و المنظمة بدراسة التراث الماركسي اللينيني من منابعه الصافية.. استسعر الرفاق الماويون الذين لا يعرفون طريقا للنص الماركسي اللينيني إلا من خلال ما قاله و كتبه ستالين و ماو لتجدهم يتهكمون بصيغة سبق و أن عبرنا بها عن استغرابنا أمام التحايل على النصوص الماركسية اللينينية و أقمنا الحكم بيننا من "البيان الشيوعي" إلى آخر مجلد من مجلدات لينين ـ لنقل الخامس و الأربعون ـ لينتفض الدجالون المزورون و يعلنون أن الماركسية ليست في الكتب! هكذا إذن! نعم من "البيان الشيوعي" إلى المجلد 45 و هو آخر مجلد سمحت به الرقابة الستالينية ـ حيث هناك الكلام عن العديد من المقالات و الخطب و توصيات لينين الأخيرة التي اعتبرت غير ملائمة لسياسة و أهداف ستالين تم إقبارها و دفنها، كما هو الشأن لبعض مقالات و كتابات ماو التي تمت تنقيتها بعناية حتى لا تثير الجدل بفعل شطحاتها و قفزاتها السياسية و النظرية، من اليمين إلى اليسار و من المثالية إلى المادية و العكس بالعكس ـ
فلإقرار بالانتماء إلى ماركس ليس إعلان عن اختيار من بين اختيارات أخرى و ليس بنوع من مسايرة الموضة الفكرية و السياسية، فأحقية الانتماء لخطه الفكري و السياسي و بمنهجيته في التحليل لا تنضج بالزعيق و لا بالتصفية الجسدية لكل من يدعون ذلك و هم على خلاف مذهبي مع المعني بالأمر.
"إن الجوهري في مذهب ماركس، هو تبيان دور البروليتاريا التاريخي العالمي، بوصفها بانية المجتمع الاشتراكي فهل أكد مجرى الأحداث في العالم بأسره صحة هذا المذهب منذ أن عرضه ماركس؟.. كان مذهب ماركس أبعد من أن يكون المذهب السائد، فلم يكن سوى فرعا أوليا من فروع أو تيارات الاشتراكية، الكثيرة العدد"
القليل من الكثير الذي عرف به لينين الماركسية ـ من مصائر مذهب ماركس التاريخية ـ
"إن مذهبنا ليس عقيدة جامدة بل مرشد للعمل" و هذا تعريف ماركسي للماركسية من طرف مؤسساها ماركس / انجلز.
فالماركسية هي فكر الطبقة العاملة، و الماركسيون عرفوا بنفسهم كتيار اشتراكي متميز من خلال بيانات رابطة الشيوعيين "هدف الرابطة هو الإطاحة بالبرجوازية، و سيطرة البروليتاريا، و إلغاء المجتمع البرجوازي القديم، القائم على أساس تطاحن الطبقات، و تأسيس مجتمع جديد بلا طبقات و لا مِلكية فردية".. و قد تم تعريفهم، الشيوعيون رفاق ماركس انجلز، من خلال "البيان الشيوعي": "هم إذن عمليا أحد فصائل الأحزاب العمالية العالمية الأكثر حزما، إنهم الفصيل الذي يدفع دوما إلى الأمام جميع الفصائل الأخرى، و هم نظريا يتميزون عن باقي جمهور البروليتاريا بميزة الإدراك الواضح لشروط، و لمسيرة و للأهداف العامة للحركة البروليتارية" هدفهم "هدف الشيوعيين الفوري هو نفس هدف جميع الأحزاب البروليتارية الأخرى: تشكٌل البروليتاريا في طبقة، الإطاحة بسيطرة البرجوازية و استيلاء البروليتاريا على السلطة السياسية" و بتركيز شديد و دقيق، عبر البيان في تعريفه للشيوعيين على الشكل التالي: "بهذا الصدد يستطيع الشيوعيون تلخيص نظريتهم في صيغة واحدة: القضاء على المِلكية الخاصة".
و قد حذر انجلز في إحدى مقدماته "للبيان الشيوعي" من المشعوذين الاجتماعيين "من كل شاكلة وطراز، الذين كانوا يزعمون أنهم بمساعدة مختلف وصفاتهم السحرية و علاجاتهم المرقعة سيقضون على جميع أصناف البؤس الاجتماعي دون إلحاق أدنى ضرر بالرأسمال و الربح"
و ماذا عن تعريف لينين للماركسية كنظرية و كيف اعتبرها النظرية الثورية الوحيدة لعصر الرأسمالية و التي بدونها لا يمكن أن تقوم قائمة لحزب اشتراكي صلب "إننا نقف كليا على أرضية نظرية ماركس: فهي التي حولت للمرة الأولى الاشتراكية من طوباوية إلى علم و أرست هذا العلم على أسس ثابتة و رسمت الطريق الذي ينبغي السير فيه مع تطوير هذا العلم باستمرار و مع دراسته و تعميقه بجميع تفاصيله. و قد كشفت كنه الاقتصاد الرأسمالي المعاصر إذ أوضحت بأي نحو يستر استئجار العامل، شراء قوة العمل، استعباد الملايين من أبناء الشعب غير المالك من قبل حفنة من الرأسماليين، مالكي الأراضي و المصانع و المناجم و خلافها. و بينت كيف يتجه كل تطور الرأسمالية المعاصرة إلى زحزحة الإنتاج الصغير من قبل الإنتاج الكبير، و يخلق الظروف و الشروط التي ستجعل من الممكن و الضروري بناء المجتمع على أساس اشتراكي. و علمتنا أن نرى وراء ستار العادات المتأصلة و الدسائس السياسية والقوانين العويصة و التعاليم المعقدة قصدا و عمدا، النضال الطبقي، النضال بين مختلف أصناف الطبقات المالكة و بين سواد غير المالكين و البروليتاريا التي تسير على رأس جميع غير المالكين. و أوضحت مهمة الحزب الاشتراكي الثوري الحقيقية. إن هذه المهمة لا تقوم في اختلاق المشاريع لإعادة بناء المجتمع، و لا في وعظ الرأسماليين و أذنابهم بتحسين أوضاع العمال، و لا في حبك المؤامرات، بل في تنظيم نضال البروليتاريا الطبقي و قيادة هذا النضال الذي هدفه النهائي هو ظفر البروليتاريا بالسلطة السياسية و تنظيم المجتمع الاشتراكي".
و أعتذر لطول النص الذي كان لا بد من الاستشهاد به خاصة و انه كتب في سنة 1899 ـ برنامجنا ـ أي قبل صياغة التاكتيك المشهور "بالثورة الوطنية الديمقراطية" خلاصة لينين في تقييمه لثورة 1905 البروليتارية، و للأوضاع الاجتماعية، السياسية و الطبقية داخل بلده روسيا.
فمن لم يفهم كنه النص و خطه و شعاراته الدقيقة لن يفهم التاكتيك و شروط التاكتيك و ضرورات تغيير التاكتيك.
إنها إضافة لكونها منهج للبحث العلمي فقد ساعدت القادة الماركسيين الثوريين على الإبداع في فن و قواعد التاكتيك و الإستراتيجية الثورية في السياسة و التنظيم، و هنا يتميز لينين بكثير عن رفاقه البلاشفة و عن جميع ماركسيي و شيوعيي العالم في عصره بمن فيهم أساتذته بليخانوف و كاوتسكي ثم روزا و تروتسكي بشكل خاص، فصدقهم النضالي و ثوريتهم التي لا يشكك فيها ماركسي صادق لم تشفع لهم و لم تحميهم من سياط النقد اللينينية، نقد لينيني رفاقي رغم حدته في بعض الأحيان باستعماله لبعض التعبيرات القاسية العزيزة على البعض، خاصة تلك التي ينتشي بها رفاق "الرجل الحديدي" و خليفته "القائد الزعيم العظيم"!
من لم يفهم الربط الديالكتيكي بين "برنامجنا" و تاكتيك "الثورة الوطنية الديمقراطية" و "كل السلطة للسوفيات".. لن يفهم بالتالي ماركسية ماركس و لا ماركسية لينين.. لن يفهم بالتالي عملية إلحاق تروتسكي بهيئة تحرير "الشرارة" من طرف لينين، و خلافاته معه من داخل المؤتمر الثاني للحزب حول دستور الحزب.. و صراعه ضده بعد ثورة 1905/1907 و إلى حدود 1912 /1914.. ثم إعادة التحالف معه في مواجه "الاشتراكية الشوفينية" و "الاشتراكية الإمبريالية" خلال الحرب العالمية الأولى، و ما بين ثورتي 1917 ليضمه و جناحه "الشعاعي" إلى الحزب.. فيصعد تروتسكي لقيادة الثورة و الحزب و الدولة، لتبدأ الخلافات من جديد حول دور النقابات خلال مرحلة البناء الاشتراكي و حول مهمة بناء الاشتراكية في بلد واحد و الثورة الدائمة،..الخ.
فمن يتردد في انتماءه إلى الحركة العمالية الاشتراكية، لا حق له في الانتماء لماركس و لينين و لاحق له في نعت التروتسكيين بالتحريفيين، فنحن فقط كماركسيين لينينيين، من لنا القدرة على تقدير و تقييم عطاءات تروتسكي السياسية و النظرية على مختلف مراحلها المتباينة من 1901 إلى 1928، و فيما بعد إلى حدود التأسيس للأممية الرابعة و مشروع البرنامج الانتقالي مع تمييز تيارات الأممية الرابعة بعد انشقاقاتها المتعددة و التي ابتعدت كثيرا عن أفكار تروتسكي الأولى، و قليلا عن مشروع البرنامج الانتقالي التروتسكي.
فالفائدة التي يمكن جنيها من هذا النقاش الماركسي الحقيقي كبيرة و جلية لمصلحة الطلائع الماركسية الثورية و هذا ما يخافه و يتجنبه الماويون و التروتسكيون بنفس القوة و الدرجة، بل و ما يفسر هروبهم إلى أساليب العنف و الاستئصال و التشهير و التشويه الجبان من الطرفين، و إن كان تيار تروتسكي يحتل الموقع الضعيف و المقموع إلا انه و على ما يبدو، فقد استحلى الوضع لما جناه من ربح سياسي و بعض التعاطف الملموس من لدن الطلبة.
كثيرا ما يذكرنا "الرفاق الماويون" بهذه الصراعات التي خاضها لينين ضد تروتسكي و ضد "التصفويين" و "الانسحابيين" و "المقاطعين" كخطوط دون أن يقدموا و لو تعريف، عبر فكرة مركزة عما يقوله "التصفويون" و لماذا أسماهم لينين "بالتصفويين" و ماذا قدم مقابل أطروحاتهم و مقابل أطروحة "الانسحابيين المقاطعين"؟
"إن التصفويين هم جماعة من العلنيين انفصلت عن الحزب و سارت على سياسة عمالية لبرالية. و بسبب إنكارهم العمل السري، ليس هناك مجال للحديث عن أية وحدة مع هذه الجماعة في شؤون البناء الحزبي و الحركة العمالية. و من يفكر غير هذا التفكير يخطئ خطأ شديدا لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار عمق التغيرات التي حدثت بعد سنة 1908" لينين ـ حول الإخلال بالوحدة ـ
لا يتكلمون عن طبيعة الصراع الذي هو في الأصل صراع بين تيارات و خطوط و مجموعات عمالية داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي، مثل خلالها لينين التيار البروليتاري الثوري، بل يتهربوا من الأسئلة المرتبطة بهذا الصراع، فالتروتسكيون الآن أو قل منذ طرح البرنامج الانتقالي لم ينفوا خطهم الإصلاحي المؤسساتي رغم ادعائهم الثوري اللفظي، بذلك يتجنبون فتح النقاش حول الخط التصفوي لما بعد سنة 1907 و حول تيار المقاطعين، تيار الأزبوفيست و مآلهم السياسي و الفكري فيما بعد، لهذا نجدهم من المدافعين بشراسة عن أطروحة المشاركة المؤسساتية كأحزاب أو كتيارات من داخل الأحزاب الإصلاحية الجماهيرية.. و من المعروف أن تيار "المناضلة" المانديلي و جميع التيارات التروتسكية الأخرى الشمالية و الشرقية أنصار "الثورة" الفنزويلية و أنصار لويزا حنون الجزائرية.. لا تخفي هذا الموقف و هذه الإستراتيجية و يمكن ملاحظة ذلك في تقييمها للتجارب الانتخابية الجزائرية، البرازيلية و الفنزويلية.. فصعود شافيز في انتخابات فنزويلا للرئاسة أصبح بقدرة قادر "ثورة" عمالية في خطابات التروتسكيين نفس الشيء بالنسبة لـ"لولا" البرازيل قبل انقلابه السريع بعد صعوده للحكم.
فعدا توجيهات ماركس، انجلز و لينين فيما يخص استغلال النضال من داخل المؤسسات ـ البرلمان ـ في شروط محددة و مقاطعته في شروط محددة أخرى، لم يتقدم النقاش و الاجتهاد في هذا الباب بالرغم من تراكم الخبرات العمالية العالمية العديدة على هذا المستوى، فخارج مقالات لينين حول المقاطعة، المقاطعة الإيجابية و السلبية، مناهضة المقاطعة، كراس مرض اليسارية، مناهضة "التصفوية" و "الانسحابية".. لم يواكب الماركسيون التطورات و الخبرة البرجوازية في التمييع و في استقطاب التيارات العمالية و إعلان الهدنة الطبقية مع بث الأوهام في وعي الطبقة العاملة و حلفائها حول جنة الرأسمالية المنتصرة على الجحيم الاشتراكي، نموذج الاتحاد السوفياتي و الصين و دول أوربا الشرقية ـ
لقد أصبحت المقاطعة السلبية تلقائية داخل أعرق الديمقراطيات البرجوازية، و لم يعد مطلب الحق الانتخابي للرجال و النساء الكادحين و الكادحات، العمال و العاملات.. مدرجا في جدول الأعمال النضالية الملحة لدى القوى التقدمية داخل البلدان الحديثة العهد بنمط الإنتاج الرأسمالي، بل أصبحت البرجوازية بتلاوين تياراتها الحاكمة و المعارضة تسوق الكادحين للصناديق الانتخابية عبر الترهيب و الترغيب، و القمع و شراء الأصوات، و بالوعود الكاذبة بما فيها الوعد بالجنة..
أصبحت الأحزاب تقيم الولائم و تشتري أضحية العيد بل هناك من يسهر على الزيجات و العقيقة و الختان و يقدم فطور رمضان و ينظم رحلات العمرة.. منشطا الحملة الانتخابية قبل الأوان ـ التيارات الظلامية داخل المجتمعات المدينة أغلبيتها بالإسلام نموذج حزب العدالة و التنمية بالمغرب ـ
هناك كذلك بعض التيارات اليسارية تقاطع الانتخابات بصفتها أحزابا و تشارك فيها من خلال النقابات و الغرف المهنية أو من خلال لجن مراقبة السير النزيه للانتخابات، لجن يتم تمويلها من طرف أمريكا "الديمقراطية" ـ الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، حزب الطليعة الديمقراطي، حزب النهج الديمقراطي ـ
و سنعتبر هذه، ملاحظات أولية لنقاش لم يبدأ بعد، مسجلين أن الموقف من العمل داخل المؤسسات البرجوازية محلية كانت أم برلمانية تشريعية.. في تجربتنا المغربية بقي سطحيا و يسراويا لحدٌ ما. فالاعتماد على النصٌية الحرفية لاستخراج الموقف اللينيني لا يفي بالغرض في هذه الحالة و في حالات عدٌة، على اعتبار أن لينين و تياره البروليتاري الذي هزم بتاكتيكاته الديالكتيكية المخالفين من الأصدقاء و الحلفاء و الأعداء، أوصانا باعتماد التحليل الملموس للواقع الملموس، يعني المتابعة الملموسة "للوضع الاقتصادي و السياسي الملموس في كل طور من أطوار المجرى التاريخي"، هكذا انتقد لينين بسخرية و مستشهدا بماركس / إنجلز من "من تعلم "الصيغ" غيبا و يكتفي بتكرارها، الصيغ التي لا تصلح، في أحسن الأحوال، إلا لرسم أهداف عامة" في رسائله حول التاكتيك. "و لكن من أجل أن تكون قادرا على تغيير التاكتيك، يجب أن يكون لديك، أولا، تاكتيك. إذ بدون منظمة قوية متمرسة في شن النضال السياسي تحت كل الظروف و في كل الأوقات فسيكون أمرا غير ذي موضوع وجود خطة عمل منهاجية مسترشدة بمبادئ راسخة، و تنفذ بحزم، و التي هي وحدها جديرة بأن تحمل اسم التاكتيك" توجيه لينيني ـ"بم نبدأ" ـ يستفز الجميع، إذ لا ندعي نحن أنصار التيار البروليتاري داخل الحملم، أننا تقدمنا عن باقي المجموعات و التيارات فيما يخص المقاطعة المبدئية للمؤسسات، على اعتبار أن وضعنا و وضع الحركة الاشتراكية و الحملم، من جهة بعيد كل البعد عن حالة الاشتراكيين و الماركسيين الروس الذين استهدفهم النقد اللينيني، من جهة أخرى، فطابع العلاقات التي تجمع أطراف الحركة الاشتراكية و الحملم لا تسمح بتعميق النقاش حول مواضيع و مواقف من هذا النوع و من هذا الحجم، فما زالت المجموعات و التيارات تبحث عن نفسها و عن قواعدها المفترضة، ما زالت الآليات المسهلة للنقاش الديمقراطي الرفاقي منعدمة، و ما زالت ثقافة التنظيم ضعيفة لحد مخيف..

في السطو على "الإرث" اللينيني

رغم اعتيادنا على منهجية المهدي / الوالي و طريقته في اللف و الدوران، سنحاول في هذه الفقرة فضح هذا الأسلوب البهلواني الذي يدٌعي به فضح خلفيات الآخرين، فيفضح عورته قبل إمتاعنا بالعورات المفضوحة منذ زمان.
لقد اندهش "الرفيق" الماوي أمام تصريح "الرفيق" التروتسكي الذي مفاده "أن تروتسكي أصبح الوريث الحقيقي لكل التراث البلشفي و أصبح أشرس مدافع على نظرية التنظيم اللينينية" و اعتبرت ذلك نفاقا و رياءا و ادٌعيت، أنت المطلع، بأنك ستوضح لرفاقك غير المطلعين، فهرٌبت النقاش لتعرفهم "بيهودا الصغير" دون أن تناقش الفكرة و جوهرها مع تزوير مفضوح للحقائق و للتاريخ و لدروسه التي تدٌعي أنك حريصا عليها.
إذ كان الأجدى بك أن تطالب "الرفيق"، عدا تصريح تروتسكي المتأخر، أي بعد سنوات الثورة التي ما كان أن يكتب لها النجاح بدون وجود الحزب البلشفي و بدون قيادته اللينينية، بأن لينين كان هو المحق و المتفوق في تصوره لتنظيم الطبقة العاملة السياسي ليس على تروتسكي فحسب بل على جميع منظري الحركة الاشتراكية و الشيوعية، شعبويين، فوضويين عفويين، أنصار العلنية و الجماهيرية..الخ
كان الأجدر، أن تسائله أين تتجلى لينينية تروتسكي التنظيمية فيما بعد الثورة و من خلال كتابات و ممارسات تروتسكي بعد اجتثات تياره الروسي؟ أن تسائله هل بناء أممية رابعة ينسجم و الطرح الماركسي اللينيني في التنظيم؟ هل ورثة الخط ـ بما أن كليكما ينازع في و عن الإرث ـ بجميع التلاوين الأربعة التي تشتغل في المغرب لها ما تضيفه في مجال مهمة بناء تنظيم الطبقة العاملة المستقل عدا استنساخ التجارب الأوربية المفلسة ـ فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، بريطانيا و بعض دول أمريكا بما فيها الولايات المتحدة ـ التجارب التي لا تتجاوز في شيء تجارب الأحزاب الاشتراكية ـ الديمقراطية و الأحزاب الشيوعية و اليسارية المؤسساتية؟!
صحيح أن هناك فرق جوهري بين تيار عمالي ماركسي لينيني له رؤيته الخاصة للوصول للاشتراكية، تيار متشبث بضرورة نشر الفكر الاشتراكي في أوساط الطبقة العاملة و دعمها في مشروعها لبناء حزبها المستقل و لإنجاز مهامها الثورية للقضاء على الرأسمالية و تشييد المجتمع الاشتراكي على أسس اللينينية في تصورها لسلطة الدولة الاشتراكية، دكتاتورية البروليتاريا.. و بين الحركة التروتسكية المتشبثة بنفس المهام لكنها مستندة على فهم عام و سطحي للماركسية و على خط سياسي إصلاحي مؤسساتي بيٌن.
فما موقع التيار الماوي بين هذا و ذاك؟ فإلى حين التعديل فالتيار الماوي تيار فلاحي شعبوي استعمل الفلسفة و المنهجية الماركسية في وضع الصين المتميز، خلال ظروف متميزة ـ و في هذا الاستعمال نقاش ـ ليتعامل تحت توجيه الخط الستاليني مع الماركسية اللينينية بانتقاء لم يراعي فيها الثوابت و لا المبدئية الطبقية التي انبنت عليها الماركسية.
و بخصوص المغالطات التاريخية، فالتنويه اللينيني الذي حاول المهدي نفيه و دحضه، الذي يشهد به خصوم الستالينية و التروتسكية، من الماركسيين اللينينيين و غير الماركسيين، قيل بعد مساهمة تروتسكي القيٌمة و الوازنة في الثورة خاصة بعد نقده الذاتي لقصوره النظري في مجال التنظيم، أما طريقة الافتراء هي في تهريب المحاكمة لسنوات الخلاف و الصراع 1907 / 1912 ليسهل تحاشي الكلام عن الاتفاقات العديدة التي جربت بين تروتسكي و لينين.
و ما يثير الشفقة هي أن يصل بك الحد يا رفيق المهدي ـ و "الهداية" من عند ماركس و لينين في تعاملك مع النصوص بهذا الشكل من الارتباك و التكتم و الإحساس بالورطة.. أما كان حريا منك لتنوير غير المطلعين على أن "فبريود" التي تركتها على أصلها الروسي و "فورفاتش" التي كتبتها بالحروف اللاتينية دون أن تترجمها هي "إلى الأمام"؟! و الترجمة موجودة في جميع ترجمات دار موسكو! و بالتالي ترفع الإحراج عنك و عن نظرتك المثالية و القدسية حتى لكلمة "إلى الأمام.
ألهذا الحد؟! ألهذا الحد تخاف المساس و "التدنيس" لتجربة ـ تجربة منظمة إلى الأمام المغربية ـ صنعها المناضلون و فقط، مناضلون ليسوا بالأصفياء القديسين و لا بالأنبياء الصالحين.. مناضلون أصابوا و خابوا، صمدوا و انهزموا، استمروا و انبطحوا..الخ.
نموذج آخر من الكذب و الافتراء و التحايل حيث وصل قمته إلى الاستشهاد بكتاب للينين لا وجود له "ضد الانتهازية اليمينية وضد الانتهازية اليسارية و ضد التروتسكية"
فإذا كانت حيل التحريفية الستالينية قد انطلت عليك فلا تنشرها حتى تطلع أيها "المطٌلع جدا"، إذا كانت طريقة جمع مقالات من هنا و هناك، لا رابط منهجي و لا تاريخي بينها فقد يستطيع المرء إنتاج يمينية و إصلاحية ماركس و إنجلز أمام يسارية و ثورية برودون، بلانكي و باكونين..
"هذا هو رياء يهوذا الصغير" و لكم أن ترجعوا للنص فلا أريد إعادته فقط أريد أن أوضح مجددا بأنني لست من المدافعين عن أخطاء تروتسكي، لكني لست من الراكبين على أخطاءه لتحويله لجاسوس، مخرب، عميل، زعيم عصابة..الخ أوضحت من البداية أهدافي في الرد على مقالات من هذا النوع، خاصة في هذا الظرف الذي تعرف فيه بعض المواقع الجامعية انتشار التسطيح النظري و التشويش الشعبوي و الصبياني على المرجعية الماركسية.. تحت دعاوي محاربة التحريفية.
فدفاعا عن قيمنا كمناضلين ماركسيين لينينيين، القيم النابذة و المدينة للعنف بين مناضلي الحركة التقدمية الاشتراكية دفاعا عن أطروحتنا التي يجب حمايتها بالنقاش الديمقراطي الرفاقي مع جميع مكونات الحركة الاشتراكية بما فيها التيارات التروتسكية و المجموعة الماوية و سائر مجموعات أنصار البرنامج المرحلي.
و يستمر في البهتان و الشعوذة عن الماركسية و الماركسيين، فليس كل من ادعى بأنه ماركسي سنقول عنه حقيقة أنه ماركسي، دون أن يقدم لنا ماهية الماركسية و كيف تحدد مجموعته الماوية، الماركسي.
سأجيب مكانك و بنفس الطريقة و المنهجية التي اعتمدتُها منذ البداية، لأقول بأنك تتهرب من الإجابة، لأن في الإجابة فضيحتين، فضيحة لمجموعتك و فضيحة لمجموعة "المناضلة".
إذ ما معنى أن تعدنا بدروس التاريخ و تنتقل من سخرية لينين من مناضل عمالي ـ تروتسكي ـ إلى مناضل عمالي آخر ـ كاوتسكي الماركسي إلى حدود 1909 على حسب تعبير لينين ـ دون البوح بسخرية التاريخ من رموز الألوهية الشعبوية ستالين و ماو.. دون الكلام مثلا عن موقع و موقف ستالين من هذه الصراعات و النقاشات ـ ثورة 1905 و مجالسها السوفياتية ثورة فبراير و الموقف إبانها من الحكومة و من الأحزاب الاشتراكية المشاركة فيها، شعار كل السلطة للسوفيات و شعار الثورة ضد الحكومة المؤقتة..ـ أليست هذه دروس تاريخية في نظرك؟ فمن هذه الدروس يمكنك أن تميز بين لينين و تروتسكي، ثم بين تروتسكي و لينين ضد ستالين! هذا دون الترديد مرة أخرى لسخرية التاريخ من أطروحة "الديمقراطية الجديدة" و نظرية "العوالم الثلاث"..الخ
لنرجع لكاوتسكي ناصحا الرفاق بالإطلاع على مؤلفاته القيمة و التي يا ما نصح به لينين لوجاهتها و أتساءل مع "الرفيق" المهدي لماذا لا تشرح لغير المطليعين من رفاقك بأن كاوتسكي الذي اتخذ موقفا انتهازيا و مساندا للحرب الإمبريالية، بل و قدر مرحلة الإمبريالية، مرحلة الاحتكار الرأسمالي و هيمنة الكارتيلات.. بالإيجابية فيما يخص أوضاع الطبقة العاملة على عكس ما اعتبرها لينين و اليسار الزمرفالدي الماركسي بأنها عشية الثورة الاشتراكية التي يجب الإعلان عن التحضير العملي لها.
على أنك و بعد التذكير! لم توضح لغير المطلعين "أن الطريقة الديمقراطية و الطريقة الدكتاتورية"، و لا نعلم أيهما تتبنى مجموعتك، التي كانت موضوع الخلاف و التي صححها لينين في أحد عناوين كراسته "الثورة البروليتارية و المرتد كاوتسكي"، بـ"الديمقراطية البرجوازية و الديمقراطية البروليتارية"، حين أرجع مفهوم الديمقراطية لخلفيته الطبقية منتقدا كاوتسكي الذي كان يتكلم عن "ديمقراطية صافية و محايدة".. فلماذا لا تعمق النقاش، لكي لا تبقى متخفيا دائما وراء القشور، لماذا لا تتكلم عن تصورك للديمقراطية، لماذا لا تشرح لعموم غير المطلعين فحوى ديمقراطية "أسد الجبال" "الديمقراطية الجديدة" المتخلفة جدا عن ديمقراطية الاشتراكيين ـ الثوريين و المناشفة الروس و كاوتسكي..الخ فما وجه الصلة بين الديمقراطية البروليتارية اللينينية "لأن سلطة" السوفيات ليست سوى الشكل التنظيمي لدكتاتورية البروليتاريا، لدكتاتورية الطبقة الطليعية التي ترفع إلى ديمقراطية جديدة ـ و تسطير من عندنا ـ إلى الإشراك الذاتي في حكم الدولة عشرات و عشرات الملايين من الشغيلة و المستثمرين الذين يتعلمون من تجربتهم أن يروا في الطليعة المنظمة و الواعية للبروليتاريا أوثق زعيم لهم ـ مرة أخرى التسطير من عندنا التنظيم المنسجم و الدكتاتورية ـ لينين و "ديمقراطية الطبقات الأربعة" ـ البروليتاريا، الفلاحون، البرجوازية الصغيرة و "البرجوازية الوطنية" ـ و أحيانا ينضاف "الوطنيون الآخرون"، و من هم "الوطنيون الآخرون" يا ترى؟! "أسد الجبال" يعمق الماركسية و يطورها! يعني الوطنيون الآخرون أول ما يعنون "الإقطاعيين المستنيرين" أي "الذين لا يعارضون الإصلاح الزراعي" و ما هو الإصلاح الزراعي في نظر ماو: "يجب ألا يمنح الملاكون العقاريون و الفلاحون الأغنياء قطع أرض و ممتلكات تفوق ما يمنح لجماهير الفلاحين. و لكن ينبغي ألا يكرر أيضا خطأ السياسة اليسارية المتطرفة التي طبقت في الأعوام 31 – 1934: "لا أرض للملاكين العقاريين و أرض جدباء للفلاحين الأغنياء" ـ ماو المجلد الرابع.
أين هي المصادرة لملكية البرجوازية و الملاكين العقاريين؟ أين هي مصادرة أراضي الفلاحين الأغنياء؟ أين هي الثورة الزراعية؟ أين هي سلطة العمال الزراعيين في تحالفها مع جمهور الفقراء و المعدمين من الفلاحين؟ بماذا تمتاز الشيوعية إذا لم تكن تمتاز بموقفها من المِلكية الفردية و الخاصة؟ أين هي اشتراكيتكم و دفاعكم عن الفقراء و الكادحين و المضطهدين؟
بماذا يجيب لينين "واضح أنه من أجل محو الطبقات تماما، لا يكفي إسقاط المستغِلين الملاكين العقاريين و الرأسماليين، لا يكفي إلغاء مِلكِيتهم، إنما ينبغي إلغاء كل مِلكية خاصة لوسائل الإنتاج، ينبغي إزالة الفرق بين المدينة و الريف كما ينبغي إزالة الفرق بين العمل اليدوي و العمل الفكري" ـ المبادرة الكبرى ـ
و يضيف من خلال نظرته لتطوير التنظيم السوفياتي "إن الطابع الاشتراكي للديمقراطية السوفييتية، أي الديمقراطية البروليتارية في تطبيقها الملموس، الحالي، ينحصر فيما يلي: أولا، الناخبون هم الجماهير الكادحة و المستثمرة، و البرجوازية "مشطوبة".."
بهذا و بعد جواب النصوص و دروس التاريخ التي تكلمت عنها سأجيبك مرة أخرى بأنك تتهرب من نقاش قضايا جوهرية مرتبطة بمسلسل الثورة بالمغرب، إنك تخاف و ترتعد من أن تنزلق رجلاك إلى مجال ليس لك، مجال الدفاع عن الديمقراطية البروليتارية، مجال فضح "الديمقراطية الجديدة، ديمقراطية الطبقات الأربعة" اجتهاد "الرجل الحديدي" و مفخرة "أسد الجبال" و أتباعه.. لن تفصٌل في الأمور لأن أنصار "يهوذا الصغير" سيسجلون النقط و سيسرقون الأضواء لمصلحتهم دفاعا عن دكتاتورية البروليتاريا.
هنا تتضح جميع السحنات، سحنة "يهوذا الصغير" و سحنة "المشيد الحديدي" و سحنة "أسد الجبال" و سحنة خريج "الزريبة الأمامية لجماعة "البرنامج المرحلي"" .
هنا تنتصب مرة أخرى الماركسية اللينينية أمام الخطاب الشعبوي، هنا الفضيحة لانتقائية النصوص، هنا السيولة اللينينية التي لا تنتهي حتى تعري الآخرين، الشعبويين، الإرهابيين، الاقتصادويين التصفويين، العفويين، اليسراويين..الخ هنا الانتقاد اللينيني مرة أخرى لـ"حماقة الديمقراطيين البرجوازيين الصغار.. الذين يثرثرون حول وحدة الديمقراطية، و الدكتاتورية الديمقراطية و الجبهة الموحدة للديمقراطية و غيرها من الترهات. إن من لم يستطع حتى، مجرى الثورة 17 / 1918 أن ينيره حول استحالة الوسطية هو إنسان لا أمل منه يرجى" ـ"التنظيم المنسجم" و الدكتاتورية.
ليست اللينينية في استعارة نقدها للمناشفة و الاشتراكيين ـ الثوريين و الكاوتسكيين و التروتسكيين..الخ إنما اللينينية هي إعمال المنهجية الماركسية في شموليتها، على أطروحتك قبل إعمالها على أطروحة الآخرين لتتبين آنذاك المسافة بين أطروحتك و الأطروحة اللينينية و بين أطروحتك و الأطروحات الشعبوية و العمالية الأخرى.
فحتى نكون منصفين، لن نتأخر قط على عرض و شرح، لحد الملل، أطروحة "الديمقراطية الجديدة" التي روج لها ماو "أسد الجبال"، إذ يقول في انتقاده للانحراف اليساري ـ على حد تصنيفه ـ الذي قام بدعاية" تزعم أن على الفلاحين الفقراء و الأجراء الزراعيين أن يستولوا على الأنهار و الجبال و يعلنوا سيادتهم عليها" يعني المصادرة و الاستيلاء على السلطة، لاحظوا بأن هذا "انحراف" وجب تصحيحه من طرف ماو العظيم على أنه "خطأ مبدئي خطير" "بفكرة وجوب اتحاد البروليتاريا مع جميع الشغيلة و مع جميع المظلومين" البرجوازية الوطنية و المثقفون و الوطنيون (بمن فيهم الإقطاعيون المستنيرون الذين لا يعارضون الإصلاح الزراعي)" "صححوا الانحراف اليساري" ـ المجلد الرابع لماو.
إنها "الديمقراطية الجديدة" التي يتباهى بها الماويون متذرعين بانتقادات لينين للتيارات العمالية الانتهازية و المرتد عن الماركسية، مناشفة و تصفويين و شعبويين و انسحابيين، إضافة للتروتسكيين و الكاوتسكيين..الخ
و يمكن للرفاق المطلعين و غير المطلعين أن يقارنوا بين أطروحات كاوتسكي و روزا و تروتسكي و المناشفة ليقارنوا "ديمقراطيتهم" و "ديمقراطية" ماو العجيبة. و قد أوضحنا هرائها و سخافتها في العديد من المناسبات و من خلال المقال الحالي نفسه و لن نضيف أكثر من تغيير منظرها بعد الانبهار أمام المأزق الذي وصلت إليه "ديمقراطيته"، كيف اخترقت الحزب و المجتمع "لحد سيطرة بعض الفلاحين الأغنياء و "الإقطاعيين المستنيرين" على بعض المواقع القيادية في الحزب"
فأي إصلاح زراعي قبل به الإقطاع ليجعله مستنيرا في الصين؟! أليست هذه هي الأوهام الرجعية التي انتقدها لينين في أطروحات صان يات صن و اعتبرها طوباوية حين أعطى توجيهاته و تطلعاته بـ"الاعتماد على الشنغهايات الصينية" "ستنمو البروليتاريا في الصين بمقدار ما تزداد الشنغهايات و سيتشكل في أكبر الظن لونا من حزب عمالي اشتراكي ـ ديمقراطي صيني ينتقد طوباويات صان يات صن البرجوازية الصغيرة و نظرتها الرجعية" عن الديمقراطية و الشعبية في الصين ـ لينين.
فماذا كان توجيه "الحديدي" ستالين للشيوعيين الصينيين بالرغم من معارضة الشيوعيين و البلاشفة و قيادة الأممية.. "لا بد أن نكون متحدين بالرغم من أن آرائنا الأساسية ليست متطابقة حول جميع النقاط. و واضح أن الحزب الشيوعي الصيني لا يختلف مع الكيومنتانغ إلا حول أمور جزئية تفصيلية" بيان مشترك بين الكيومنتانغ و الحزب الشيوعي الصيني 05/04/1927.
وفق هذا التوجيه سينضم الحزب الشيوعي إلى الكيومنتانغ بشروط مجهولة و غير محددة و تحت هذه النظرة تم القبول بعضوية زعيم الكيومنتانغ ـ الدموي شان كاي تشيك الذي ذبح أزيد من مليوني عامل و شيوعي صيني خلال تجربة التحالف و الاندماج الستاليني هذا ـ في الأممية كعضو شرفي.
و تبعا لهذه اللحظة ما زال الماويون يتحدثون عن "الجبهات المتحدة" و عن "حزب الجماهير الشعبية" و "ثورة الشعب" و "وحدة الشعب المغربي".. و ستكون لنا الفرصة قادما للبحث في أطروحات أخرى مثل نظرية العوالم الثلاثة و "دول عدم الانحياز".. و ما جنته على طلائع الحركة الشيوعية العالمية و ما خلفته من شهداء و ضحايا و معتقلين في صفوفها، في إندونيسيا و كوريا و كمبودجيا و السودان و فلسطين و العراق..الخ.

واقع الحركة الماركسية بالمغرب

و عن واقع الحركة الماركسية، لم يخرج المهدي عن السطحية و عن الترهات المعروفة عنه، محددا ما تميزت به في أشياء تخصها و في أشياء خارجة عن نطاقها مذكرا بواقع الحركة الماركسية و ما تميزت به من سمات.
1. اتساع نطاق الردة.
2. اتساع رقعة و اتجاهات الانقضاض على الحملم.
3. إفلاس الخط الانتهازي الذي ساد بعد نهاية الثمانينات.
هذا هو تحديد المهدي ـ بعد تصويب و اختصار ـ لواقع الحركة الماركسية، و كم هو مطلع جدا على التجربة لكي لا نقول مرتبط جدا بها! و كم أفادته "الزريبة" ـ مصطلح مهداوي ـ الأمامية في تربيتها الماوية له حتى يتقن الديالكتيك و يحسم الأمر كما فعل خريجيها السبعينيين "اليسار مات" "مات و السلام" هي الفكرة الوحيدة و المعطى الوحيد عن واقع الحركة الماركسية، مططه صاحبنا ليستخرج منه ثلاثة نقاط كبار مرقمة بالأرقام الرومانية و من الحجم الكبير حتى تكبر الفكرة و يظهر إطلاع الرفيق على مجريات الوضع داخل الحركة الماركسية بالمغرب.. مجهود كبير ذكرني بما يفعله تلاميذ الابتدائي في مواضيع الإنشاء.. نموذج آخر للديالكتيك على الطريقة الماوية الحركة بقطب واحد و بشحنة واحدة و بدون تناقض.. الإطلاقية و المثالية.. معطى سلبي واحد وحيد و مهيمن بشكل مطلق.. لا وجود للنسبية، لا ذكر للعناصر الأخرى و لتضحياتها، لا وجود لمعارضة و لو جنينية و لو في مرحلة التبلور..
إنه لمثير للشفقة ألاٌ يتواضع المرء، و يدٌعي ما ليس فيه و ما لا علاقة له به، من باب المساهمة أو من باب الإطلاع.
الرفيق المطلع و المجتهد الخبير يتكلم عن جذور الأزمة و منبع انتشار التحريفية التروتسكية ليرجعه لنهاية الثمانينات و بداية التسعينات.. تكلم عن الردة اليمينية و فهمناها، لكن الردة اليسراوية فصراحة تحتاج للشرح. أن ترتد عن الماركسية و تصبح يساريا فتلك قفزة عجيبة نطالب الديالكتيك الماوي بشرح تقنياتها.
إذ من الشائع جدا أن يتكلم الماركسيون اللينينيون عن الانحراف اليميني و الانحراف اليساري، عن الانتهازية اليمينية و الانتهازية اليسارية، أما عن الردة اليسراوية فما زلنا قاصرين عن فهمها.
أما قنبلة المقال و الاكتشاف التاريخي البليغ، هو "مساهمة" الشهيد زروال و الشهيدة سعيدة في "مجابهة الخط الانتهازي الذي ساد بعد نهاية الثمانينات".
فهل هي مساهمة من داخل القبور أم هو تنبأ ـ كما فعل مرارا "يهوذا الصغير" ـ لما سيقع أواخر الثمانينات؟
فما مصدر هذا الادعاء، و الحال أن زروال استشهد سنة 74 و سعيدة سنة 77؟! فحسب إطلاعنا النسبي و المحدود لم يترك الشهيدان أية مساهمة نظرية أو سياسية في هذا الاتجاه، سواء لمجابهة الردة المحتملة داخل "إلى الأمام" أو مجابهة الردة داخل التنظيمات الأخرى!!
مرة أخرى أحس بالشفقة تجاه إطلاعك الواسع و العميق! فتريث أيها الرفيق، تريث قليلا، ناقش بهدوء و اتزان و بنسبية، كفاك مغالاة و إطلاقية و خذ العبرة من "الشجعان" و باللاحقين بالملتحقين.. و أجبنا قبل كل شيء حتى يطلع الجميع عن موقفك و تقديرك للخط الذي ساد منذ 1977، أي منذ تجميع معتقلي الحملم و دخول التجربة مرحلة التقاييم و الخلاصات المتعددة؟ فهل تتبنى مجموع ما اتخذه الخط السائد آنذاك؟ خط رد الاعتبار للقوى السياسية الإصلاحية و اعتماد خط النضال الديمقراطي الجماهيري كاستراتيجية، دعم العمل الوحدوي من خلال تجربة التحالفات و الجبهات مع القوى الإصلاحية ـ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، النقابات، الكراس بالجامعة.. ـ إعادة البناء التنظيمي لتجربتي "إلى الأمام" و "23 مارس" بشكل هش و متسرع خلال سنتي 83 / 84..؟
دون هذا، سطحية و قمة التسطيح. أهذا ما تسميه حقا بمعرفة واقع الحملم؟ أهذا هو امتلاكك لأفكار جدية حول أزمة الحملم؟
هراء و فقط، هراء يمكن استعماله لشحن ما تسميه أنت بغير المطلعين من رفاقك، فخارج هذا الفضاء ستصبح مهزلة أمام المطلعين.
فقد علمتنا المنهجية الماركسية اللينينية، حين نتكلم عن الأزمة، أزمة أية حركة، عن جوانبها الذاتية و الموضوعية، عن الحركة في سيرورتها و صيرورتها، عن تداخل العوامل المحلية و العالمية، عن مجرى الصراعات الطبقية، عن حالة و قوة الطبقة العاملة في هذا الصراع، عن طرح و جرد مجموع أفكار التيارات العالمية و الاشتراكية المتصارعة بتأثيراتها السلبية و الإيجابية، عن أفكار و سياسة الرأسمالية الإمبريالية محليا و عالميا.. لتتضح مكامن الأزمة الحقيقية لحركة متميزة نسميها بالحملم، حركة لن نقدم في تجربتها شيء إذا لم نعرف الرفاق بأطروحاتها المختلفة المؤسسة، و بمسار كل تيار من داخلها و بمآلها الآن في وضعيتها الجديدة.
فقبل الكلام عن الأزمة، يجب أن تكون الجرأة لعرض مختلف الأفكار و المنطلقات و الأطروحات ببرامجها و شعاراتها.. التي انبنت عليها التجربة السبعينية، يجب كذلك أن نعرض بصدق مختلف الانتقادات الجدية الإيجابية و السلبية المراجعاتية للإطلاع قبل النقد، يجب التشبع بالروح النقدية الرفاقية و اعتماد المنهجية الماركسية اللينينية في متابعة المعطيات و الخبرة الميدانية.. بهذا يمكن أن نتكلم عن التقييم و بأن نضع تصورنا لتجاوز وضعية الحملم الحالية في اتجاه حملم قوية مبشرة بانتصارات الطبقة العاملة في مجال التنظيم و قيادة الصراع الطبقي في اتجاه التغيير و الثورة الاشتراكية.

من صلب الأحداث الجامعية الحالية

سبق و أن تقدمنا بانتقادنا لتيار "المناضلة" التروتسكي منذ نزول عدد الجريدة الأول للميدان، في شكل مقال عنوناه بـ"طاعون الشرعية" مقال نشر بالانترنيت تحت اسم نمقته و نحتقر انتسابه للماركسيين ـ ستاليني ـ و نجهل لحد الآن الجهة التي سهرت على طبعه و نشره تحت ذلك اللقب.
حاولنا خلال هذه القراءة انتقاد أساليب التيارات التروتسكية في الاختراق و التخفي و في الاستفادة المالية من جهات لا يعلمها سوى الزعماء، قدمنا المعطيات على قدر ما نملك و انتقدنا موضوعات الزعماء، و خطابات احتواها العدد الأول من الجريدة، و بعض التصريحات لزعماء تروتسكيين داخل جمعية أطاك و الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين.. في نفس الفترة كانت لنا علاقات نضالية مع بعض التروتسكيين في منطقة الشمال و الشرق ـ بنفس الدرجة التي كانت لنا علاقات مع الماويين و غير الماويين داخل الحركة الاشتراكية ـ و لم يشكل بالنسبة لنا ذلك إحراجا بل صرحنا به علنا و نسقنا من خلال تجربة "التوجه القاعدي" على أرضية برنامج نضالي موحد تم الإعلان عنه في حينه دون "نفاق و لا رياء".
لم يسجل عنا أي نوع من الإحراج في إعلان انتماء إحدى المجموعات بالشمال للقاعديين، على عكس رفاقنا الماويين الذين نسقوا و جالسوهم في الخفاء و بنوع من التكتم و التستر على حلفائهم و رفاقهم حتى..!
و للتضليل و التهييج فقط، نزل هذا النقد المسعور، وفي هذه الفترة الحرجة بالذات، لوثيقة ضمت وجهة نظر نقدية من تروتسكيي الشمال لتروتسكيي تجمع "المناضلة"، وثيقة وقعت باسم "ماركسي ثوري"، و بالمناسبة فالوثيقة قديمة "ضد التحريفية" لسنة 2004 و هنا مرة أخرى سنقدم المعطيات و سنمتحن المنافقين الذين يحترفون خلط الأوراق و الصيد في الماء العكر.
لقد وزعت الوثيقة، قبل نشرها في الانترنيت، خلال ندوة تنسيقية جماهيرية بمدينة مكناس صيف 2004، تنسيق حضره التروتسكي "السافل، الحقير، رجل العصابة، العميل.." ـ و أعتذر للرفيق "ماركسي ثوري"ـ حضر اللقاء مجموعة من المناضلين الماركسيين و المتعاطفين و المعطلين و أعضاء من الشبيبة العاملة و من حزب "النهج الديمقراطي" و "اليسار الاشتراكي الموحد".
و بعد فتح النقاش اتضح أن هناك على الأقل خمس مجموعات اشتراكية متباينة الرأي و الطرح بما فيها مجموعة المهدي و المهدي نفسه.. تفاعلت الآراء و خرجنا بارتياح نسبي لما لامسناه من نضج و انفتاح.. "الرفيق" المهدي تسلم الوثيقة هناك. المهدي الذي "يكره" النفاق.
و للشهادة و التاريخ.. أقسم لكم "بالبرنامج المرحلي" و "بالثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية" و بـ "إلى الأمام" و "ستالين و ماو".. بأنه تسلمها من صاحبها و اطلع عليها و أعلن إعجابه بها.. بتحفظ واحد أفصح عنه في حينه "للماركسي الثوري" صاحب المقال، بأن التمس منه التريث قبل التوزيع على أوسع نطاق لما قد يخلقه المقال من ردود أفعال داخل الطلبة أنصار المهدي و المتعاطفين معه..
معطيات تبدو تافهة إلا أن حربائية المهدي و تنكره لاتفاقاته و التزاماته، حربائية تساعده على تقديم صورة مزيفة عن نفسه، صورة غير صورته الحقيقية، الصورة المزدوجة، الدبلوماسية، المتناقضة، مع الجميع و ضد الجميع، صورة المتفق في السر و الطاعن من الخلف فيما بعد.. هذه الحربائية السكيزوفرينية هي ما دفعنا للبوح بهذه المعطيات.. و نتمنى أن تكون الأصوات الماركسية و الاشتراكية الأخرى حكما بيننا، ليس لرد الاعتبار و فقط، بل لتخطي العقبات و الممارسات الصبيانية اللامسؤولة في اتجاه نسج علاقات نوعية بين مجموع أطراف الحركة الاشتراكية و الحركة الماركسية بالمغرب.
"الرفاق" الماويون استفاضوا و أرعدوا و أزبدوا.. حين أعلن البعض من التروتسكيين عن تشبتهم بالقيم القاعدية التاريخية و بالتسمية حتى ـ القاعديون ـ! و لا أرى بالنسبة لي ما يمنعهم و لا من يمنع كادحا بالمغرب أو خارج المغرب في أن يعلن انتمائه للحركة الاشتراكية أو الحركة الماركسية اللينينية، فبطبيعة الحال لن يحتاج مني و لا من غيري ترخيصا.. فالمنازعة تكون على حزب أو أي إطار شرعي قانوني له اسمه و دستوره و آلياته الانتخابية.. دستور يحدد طريقة الالتحاق و الانتماء بشروط تكون في الغالب على شكل قانون أساسي أو مبادئ عامة أو برنامج مسطر.. "النهج الديمقراطي القاعدي" لم تكن له نفس المواصفات، كان و منذ تأسيسه، عبارة عن تجمع يساري ديمقراطي مناضل من داخل المنظمة إوطم، تعاطف لحد ما و بانتقادات محدودة لتجربة "الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين" خلال السبعينات، ضم داخله تيارات متباينة فكرية و سياسية ادعت كلها استنادها للمرجعية الماركسية اللينينية، تيارات لها مناضليها و متعاطفيها يجمعهم و تجمعها حدا أدنى من الأرضيات الطلابية و برنامج ديمقراطي للنضال الطلابي، معتمدين في تنسيقاتهم نوعا من التنظيم الديمقراطي الذي زاوج بين السرية و العلنية إلى حدٌ ما و بشكل متنوع و متفاوت بين التجارب و المواقع و الكليات.. و حسب الظروف السياسية التي مرت بها البلاد..
و بالرغم من سيادة الخطاب و التحليل الماركسي في تجربته، لم يتمكن التيار البروليتاري الماركسي اللينيني من الهيمنة بل كانت التجربة و منذ التأسيس عرضة لخطاب ديمقراطي، إصلاحي و متردد، عاش تناقضا ملحوظا مع تطلعات أبناء العمال و الكادحين من القاعديين فيما يخص نشر الفكر الاشتراكي الماركسي اللينيني و الدعوة لبناء حزب الطبقة العاملة المستقل و فتح الصراع ضد الحركة الإصلاحية و المراجعاتية، و يمكن الرجوع لأرضياته الأساسية و للبرامج القاعدية المستخلصة منها ـ أرضية ك.ق و أرضية خمس لقاءات و الأرضيات الانتخابية لأجهزة إوطم و لمؤتمره 17 و مشاريع الأوراق المقدمة للمؤتمر..ـ ألا تدخل كلها في الإرث القاعدي أيها المدافعون عن الإرث!
و يمكن اعتبار سنة 1984 سنة حاسمة في تجربة الطلبة القاعديين، سنة الانتفاضة الجماهيرية، سنة الاعتقالات، سنة اجتثات "النهج الديمقراطي القاعدي" و ما تبقى من منظمات اليسار الماركسي اللينيني ـ القيادتين الجديدتين لمنظمة "إلى الأمام" و لمنظمة "23 مارس" ـ
خلال هذه السنة و ما بعدها تحولت السجون لورشات تقييم واسعة لتجربة اليسار الماركسي اللينيني و للتجربة القاعدية و اليسار الاشتراكي بشكل عام، و قد شارك القاعديون بقوة عددية كبيرة في هذه الورشات، و لن نكون متحاملين إذا قلنا بأن جل التقاييم خرجت بخلاصات تراجعية عن الأطروحة الفكرية السياسية و البرنامجية السبعينية.. بل هناك العديد ممن تراجع عن السياسة و العمل السياسي ككل، كان منظما أو غير منظم.. حالة ارتباك جماعية تأرجحت ما بين الانسحاب من العمل السياسي أو الانخراط في أحزاب المعارضة البرلمانية ـ مسلك سلكه التروتسكيون و بين أطروحة التجميع الذائعة الصيت التي عاشت سطوتها بداية التسعينات.
تقدمنا بهذه القراءة التاريخية المركزة لنعلن للرفاق و بكل مسؤولية، مسؤولية الصدق و الموضوعية في تقديم المعطيات، فالتقديم شيء و التقدير شيء آخر، بأن مجموعة التروتسكيين كانت إفرازا قاعديا قديما قِدم التأسيس، و المجموعات العاملة الآن، سواء المتحلقة حول جريدة "المناضلة" أو غيرها بالشمال و الشرق.. كلها خريجة حركة الطلبة القاعديين، من تيارات "الكراس"، "القاعديون التقدميون" و "البرنامج المرحلي".. و بالمناسبة "فالماركسي الثوري" سابق عنك في الانتماء لتجربة "البرنامج المرحلي" و لا داعي لإخفاء ذلك لأن الجميع يعلم هذا جيدا.
للشهادة و التاريخ، نذكر الرفاق كذلك بأن جل القيادات القاعدية السبعينية المؤسسة استقطبتها القيم القاعدية المكافحة من حزبي الاتحاد الاشتراكي و التقدم و الاشتراكية، استقطاب ليس عن طريق العنف و الإقصاء و الاستئصال.. بل بالنقاش و الكفاحية الميدانية و الصدق النضالي و التفاني من أجل المبادئ و من أجل الدفاع عن حق أبناء الكادحين في الدراسة الجامعية و بشروط تحصيلية في مستوى تطلعاتهم المعيشية و التحررية الإستراتيجية.
فالمناضل المبدئي يتحسر على الانسحابات و ليس على الالتحاقات، فلا نطالبك طبعا بفتح تيارك الماوي للجميع، فمن جانبي و بصدق أتمنى أن يبقى مغلقا محصنا و ألا يلجه أحد من الطلبة القاعديين، أتكلم فقط عن حركة الطلبة القاعديين و "النهج الديمقراطي القاعدي" بشكل عام.
و أذكرك أن صيغة "النهج" و "الديمقراطي" التي لا علم لك بالوقت الذي استغرقته من النقاش حتى تتعمم بدل "التيار" أو "الخط" و في ذلك الدلالة الكبرى التي لن تفهمها قط بسبب من ثقافتك العصابية و من ماديتك اللاديالكتيكية.. عبرت بموضوعية عن طبيعة "النهج" و مكوناته وفق شروط معينة و مرحلة سياسية و تاريخية معينة.
فحين تتبنى الماركسية بمرجعيتها الفلسفية و العلمية، المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية، آنذاك يمكنك التمييز بين الحركة و النهج و التيار، آنذاك سيسهل عليك و على الرفاق المتعاطفين مع كتاباتك أن يفهموا و يستوعبوا الديمقراطية و الرفاقية داخل اتحاد، من المفروض أن يكون في ملكية الطلبة و ليس في ملكية التيارات الطلابية العاملة داخل الجامعة.
فبالرغم من محاولاتي في الابتعاد عن الخوض في نقاش الحكايات العنترية الكاذبة و المفترية، التي لا تنطلي على أحد، فقد أوقفتني التفاهات التي قدمها الرفيق هنا و في مقالات أخرى مشابهة، التفاهات و البهارات اللينينية المضافة إليها و التي لا تعنيه في شيء، من قريب و لا من بعيد، و التي سبق و أن انتقدنا تصرفه فيها بهذا الشكل، فما تقدمه من استشهادات و نصوص لينينية وجب التوضيح و بدون مراوغة على أنها كانت عصارات صراعاته من داخل الحركة الاشتراكية و العمالية.
إنه لينين العمالي و ليس الشعبوي، الذي و إن كان يتقدم بانتقاداته اللاذعة و القاسية أحيانا، فانتقاداته موضوعية و ليست متجنية حقودة، انتقادات بالرأي و الأطروحة و ليست عن طريق العنف الجسدي، انتقادات لمناضلين عماليين عمل جاهدا من خلالها على توضيح مواقفهم و اجتهاداتهم التاريخية بكل إنصاف.
و بدون أدنى عقدة كان يشيد دائما بعطاءات أساتذته ـ بليخانوف، كاوتسكي، أكسيلرود..ـ حتى و إن انحرفوا.. و بعطاءات مخالفيه روزا، تروتسكي، بوخارين.. حتى و إن تيمنوا أو تياسروا.
فعلى خلفية هذا الانتماء العمالي انتقد لينين برينشتاين، بليخانوف، روزا، كاوتسكي، تروتسكي.. و المناشفة.. باعتبارها تيارات تنتمي للحركة العمالية الاشتراكية، أما الماوية فتتحدث عن حزب الكادحين، حزب الجماهير الشعبية، حزب الطبقة العاملة و عموم الكادحين، حزب العمال و الفلاحين، حزب بقاعدة فلاحية و بقيادة سياسية فكرية عمالية..الخ من التخريجات الشعبوية.
و ما زلنا نطالبكم بالتوضيح و بإعلان مبادئ و لا تتهربوا من النقاش، فلستم بالاشتراكيين و لا بالعماليين صراحة، فالماوية في المغرب و خارج المغرب تعلن عن عزمها على النضال من أجل القضاء على الإقطاع و من أجل تشييد الرأسمالية و تقويتها، لذلك فهي ما زالت تبحث على حلفاء لإنجاز هذه المهمات، حلفاء مثل "البرجوازية الوطنية" ستشركهم في "السلطة الوطنية الديمقراطية الشعبية" حماية لمصالح "الشعب" و "الأمة"!. آنذاك أي بعد هذه الثورة الشعبية و بعد التشييد الرأسمالي القوي سيتم الإعلان عن الاشتراكية عبر الثورة النموذج الروسي ـ أو عبر مراكمة المكتسبات ـ النموذج الصيني ـ
مرة أخرى يستوقفنا الديالكتيك الستاليني الماوي، حزب فلاحي في قاعدته الطبقية يستعير الفكر و السياسة و من طبقة أخرى متناقضة المصالح مع الفلاحين ـ الطبقة العاملة ـ! كيف يمكن صنع هذا الكوكتيل الطبقي؟ و هل يكفي إعلان القادة عن ماركسيتهم حتى نجازف و نقول بأن القيادة السياسية و الفكرية هي للطبقة العاملة؟!
إن الطبقة العاملة المنظمة في حزبها المستقل عن جميع الطبقات الأخرى المناهضة للرأسمالية و في تنظيماتها النقابية و الاجتماعية الأخرى.. هي القيادة الطبقية، السياسية و الفكرية و العسكرية لمجمل المعارك الطبقية و للمعركة الثورية الحاسمة التي تنشد القضاء على الرأسمالية.. و في قلب هذه المعارك تصوغ الشعارات و تنسج التحالفات و تقدم البرامج الواضحة و الملموسة و المعبرة عن مصالح عموم الكادحين في المدينة و الريف دون أن تتنازل عن استقلاليتها التنظيمية، السياسية و الفكرية، هذا هو تصور الخط البروليتاري اللينيني و عداه "شعبوية" و "جبهوية" ستالينية لا علاقة لها بالماركسية.
نرجع لحكاية "الهجومات و التظلمات السافرة و السافلة و الحقيرة العميلة، الدنيئة..الخ" التي تعرض لها عناصر التيار الماوي بمراكش و أكادير، و إن كان قد أقحم فيها قاعديون إوطميون بضغط من علاقات و ثقافات سائدة يتدخل فيها العصابي و القبلي و أساليب التشهير و التشويه..الخ.
يقال "أن حبل الكذب قصير"، فمن يقدم معطيات كاذبة حول أوضاع يعرف الجميع، من الطلبة و غير الطلبة، دقائق أمورها، يمكن له أن يكذب في أي شيء، فسكان المريخ فقط هم من سيصدقون أن أضعف تيار داخل الجامعة و في الساحة السياسية، "الطلبة الثوريون" ينظموا الهجومات في فاس، مراكش و أكادير على المساكين من القاعديين!
صحيح أنه صدرت بعض المنشورات التي أنتجها و روج لها الطلبة التروتسكيون عن التجربة القاعدية و عن الحركة الطلابية و إطارها إوطم.. و نعتبر ذلك حقا مطلقا لهم في ذلك، بنفس المستوى و الدرجة التي للطلبة القاعديين و لتياراتهم و مجموعاتهم في الانتقاد المتبادل و في انتقاد الآخرين، تيارات و أحزاب و نقابات و جمعيات.. على المستوى المحلي و العالمي داخل الحركة الاشتراكية العمالية و خارجها.. و من لا يومن بهذا فلا حق له في الكلام عن أية ديمقراطية كانت شعبية أو بروليتارية.
فالصحيح من الأحداث أيها الرفيق المفتري، هو تجرأ أحد "الطلبة الثوريين" للنزول لكلية الحقوق بمراكش سنة 2002 و قيامه بتوزيع إحدى النشرات المتضمنة لإحدى الانتقادات القاسية لتجربة قاعدية بموقع فاس سنة 2001، و عوض فتح النقاش حول مضمون الكراسة أو فضحه و إن كان تجنيا أو تحاملا، حدث أن حضر "العنف الثوري" و حسم الأمر في حق الرفيق التروتسكي، من هنا بدأ الفعل و رد الفعل، و الاختراقات المتبادلة و حملات الرصد و التمشيط و التأديب..الخ مسلسل ابتدأ و لن يحسمه السلاح، لا الكلاسيكي و لا المتطور.. على ما نعتقد.
فمن باب الأمانة التاريخية كان عليك أن تبدأ من البدايات و أن توضح ما أسميته "بالهجوم الجبان" الذي لم يكن سوى ورقة نقدية للتجربة القاعدية، محدودة في الزمان و المكان، انتقادات كتب مثلها العشرات من طرف الاتحاديين و "التقدم و الاشتراكية" و "منظمة العمل" و "الطليعة" و من بعض المنسحبين من التجربة القاعدية.. انتقادات تمت مواجهتها بالدفاع عن الأطروحة و البرنامج، و بالتميز في الممارسة و من حيث العطاء و الصدق المبدئي و الجذرية الميدانية..
لم تكن أساليبنا الرصد و التربص و تنظيم حملات التأديب و المحاكمات و جمع الإتاوات و "الصنك الثوري" من الباعة المتجولين في الساحة الجامعية و بالقرب من الجامعات.. لم تكن من أساليبنا إخراس الأصوات المعارضة بل كنا نعمل على تقديمها للطلبة لتسمع من أفواه أصحابها دون تجني و لا تشويه.. لم نكن نقيم حلقات النقاش و الندوات لنتكلم فيها لوحدنا و ليسود فيها الرأي الواحد الوحيد و لم نكن نوزع المداخلات عن من نريد و نقصي من نريد.
طبعا، كتوجه قاعدي و كخط بروليتاري، نتبنى و نثمن هذا الرصيد النوعي القاعدي، لكننا لا نريد فرض هذه الثقافة على جميع التيارات و المجموعات، فلكل الحق أن يقيٌم التجربة حسب اختياراته و تطلعاته، لكل الحق في التطلع لتجربة قاعدية منسجمة مع آرائه و مستجيبة لخططه.. لكن الفرق هو في القدرة على إعلان التقييم لعموم المناضلين طلبة و غير طلبة، إعلان التصور لبناء إوطم، إعلان عن التصور للعمل الطلابي الموحد في إطار إوطم و عن نوعية العلاقات بين التيارات القاعدية و غير القاعدية، التقدمية، بين مجموع التيارات و الجماهير الطلابية المناضلة.. أما الكلام على أن المنظمة إوطم هي تيار "البرنامج المرحلي"، و الحركة الطلابية هي أنصار "البرنامج المرحلي" و المناضل هو نصير "البرنامج المرحلي"..الخ فتلك لغة صبيانية تعبر بصدق عن ترنح رؤيا مفلسة تعيش زمن احتضارها.
فلن تنفع مراوغاتك و افتراءاتك و كأنك المظلوم الذي يدافع و يحامي عن شرفه، لقد سقطت بدورك ـ و ذلك من صفاتك سواء باسم الصقر أو المهدي أو الوالي ـ في العصابية المقيتة و الدجل بدل التحليل..الخ فما كان لحججك المبتذلة بما فيها الماوية و الستالينية أن تؤثر على مسار توحيد الماركسيين على أرضية خارج التصور الماوي العاجز عن إدراك تطور المجتمع المغربي و نضالات الطبقة العاملة و تطور الحملم.
و سنعمل ما في وسعنا لفضح حقيقة "المهدي" المتبجح المهذار الذي يريد أن يصنع لنفسه صورة القائد المطلع، المنظر المتمكن من مرجعيته و السياسي المبدئي المحنك، الذي لا مبدأ و لا تاريخ نضالي له، يود أن يصنع تاريخه و مجده وسط المعتوهين و المعطوبين و قابضي الإتاوات.. و بعض الصادقين من المناضلين.. بنشر الأحقاد و النزعات القبلية عوض نشر الوعي و الأطروحة الاشتراكية بمستوياتها السياسية، الفكرية و التنظيمية لحث الطلبة المناضلين على تنظيم صفوفهم في اتحاد قاعدي قوي و بتحفيز طلائعهم من أبناء العمال و الكادحين على الارتباط بالطبقة العاملة و بمشروعها الثوري الاشتراكي.
عجيب أمرك و عجيبة موضوعيتك! تحاسب من يتهم تيارك "بالإفلاس" و "العصبوية"..الخ معتبرا ذلك هجوما حقيرا و دعاية رخيصة وجب الرد عليها بعنف من طرف الطلبة القاعديين! دون أدنى التفاتة لفتوحاتك و ترديدك لجميع الحجج الستالينية كأي ببغاء ذليل يجهد نفسه في تنسيق و ترديد الغباوات ببلادة سافرة و منتشية في نفس الوقت "مخربين، جواسيس، قتلة، أعداء ألداء للطبقة العاملة.."
لن تنفع تلميحاتك الصبيانية اليائسة البئيسة، و التي تستهدف من خلالها توريط الجميع، جميع الطلبة القاعديين، دفاعا عن "الشرف" و "الحصن" و "الإرث"..الخ من الترهات.. يحذرنا من هول الكارثة فهو من اكتشف التروتسكية و التروتسكيين، هو من تنبه لخططهم الدنيئة و الحقيرة..الخ و يتحسر لكونهم أذكى و أفطن منه سياسيا!
فذلك من صبيانيتك، إذ عوض انتقادهم و فضحهم داخل الجامعة و خارجها، اختصرت الطريق و راهنت على "الحل العسكري"! فكان أن امتزجت نشوة الانتصار الميداني بخسارة سياسية فظيعة فقدت معها العديد من أتباعك.. و من جهتنا لا يمكن إلا أن نناشد الرفاق في مجموعات "البرنامج المرحلي" ألا يسلكوا هذا المسار ذو الوجهة غير المعلومة.

المهدي يعرض "أفكاره الجدية"

و مازلنا ننتظر شرح الأطروحتين و "الأفكار الجدية و شرح الخلفيات و مضامينها و مسار التروتسكية عبر مراحل تطورها"
أهجية قدح و ذم متواترة ذلك ما ستجده في مقالات الجذبة الماوية ـ مقالات ثلاث و أغلب الظن أنها بنفس القلم تحت اسم المهدي، الوالي و لما لا النهج الديمقراطي القاعدي ـ التي تريد إبعاد النقاش عن مساره لدرء الخلافات التاكتيكية و الإستراتيجية العميقة بين مختلف التيارات المدعية انتسابها للماركسية.
فما رأي الرفاق و المناضلين في التيارات و المجموعات الأخرى، ما رأيكم في هذه الأفكار الجدية التي تقول "بأن الزمن قد انتهى لمن أراد أن يصول و يجول"! فالجدية تقتضي حظر التجوال و النقاش و النشر و الكلام.."الماويون قادمون" على نغمة "المسلمون قادمون" فأوجه الشبه كثيرة و كبيرة بين الظلاميتين اليمينية و اليسراوية الصبيانية.
فمن المغالطات إلى التهديد و تشويه الآراء، مرورا بنوع من التهكم عن الآراء المخالفة دون القدرة على تقديمها و شرحها، عجز فضح إمكانياتكم الفكرية الضعيفة و الضحلة، عرى على محدودية تجربتكم السياسية البدائية و المبتذلة، بيٌن بوضوح أنكم لا تتقنون سلاح التهكم و السخرية كما تودون إعطاء الانطباع بذلك، ما تتقنوه حقا هو استعمال الافتراء و التحايل و الاعتداء العنيف و الهروب من النقاش النظري ليس إلاٌ.
نموذج آخر من "جدية الأفكار" و "الأفكار الجدية" عن "الماركسية الحقيقية" و "الماركسيون الحقيقيون" و "الشرفاء" النبلاء الذين يقولون و يعرفون "فإذا كنتم لا ترون في الجماهير الطلابية و في المناضلين الماركسيين من الطلاب سوى قطيعا، فالماركسيون يعتبرونهم ماركسيين".
فما رأيكم معشر الماركسيين غير الحقيقيين، "النسخة المزورة"، فما رأيكم في سوق الدلالة هذه!؟ فما علمتكم إياه الماركسية و خبرة الحركة العمالية الاشتراكية العالمية و المحلية، كان خطأ و انتهازية و انحرافا، "فالجماهير الطلابية ماركسية"! و من يدعي غير هذا ليس "بماركسي حقيقي"!
"الجماهير الطلابية ماركسية" لكن المناضلين القاعديين حين يخالفون فهم "صعاليك" و "عملاء" و في أخف الحالات "طلبة متعاطفين" و للتوضيح أكثر وجب الإطلاع للتصنيف الذي استحقته مجموعة من المناضلين الإوطميين بجامعة مكناس، الذين لم يترددوا في الدفاع و الإعلان عن انتماءهم للتجربة القاعدية، تم طردهم بشكل تعسفي من الجامعة و بالتالي تم حرمانهم من حقهم في متابعة الدراسة نتيجة لإسهامهم في إحدى المعارك الطلابية 2003/2004، قدم بعضهم للمحاكمة بمعية "الرفيق البروليتاري" الذي لم يخفي اعتناقه و دفاعه عن الفكر الماركسي اللينيني، فرغم الاعتقال و السجن دفاعا عن أخطائهم، فمرة يتم تصنيفه "بصاحب الكشك" و مرة "بأحد أبناء الجماهير الشعبية" .
و ستكون الفرصة في مقال قادم للتفصيل في هذا الاعتداء و التشويه السافر للماركسية، هذا التعريف الغريب عن الماركسية و الفكر الطبقي الذي لم يتمادى قط في الادعاء بالتطابق بين الحزب الشيوعي و الطبقة العاملة بل ذهب لنفي الثورية عن مجموع الطبقة فما بالك بالطلبة كفئة اجتماعية ـ إنها ماركسية لكن مخطئ من يراهن عليها ـ و الفرق بين هذا "التعريف الديالكتيكي" سطرين في نفس الصفحة من مقال "فشل الرهان على الحركة الطلابية و الإطارات الجماهيرية" خلاصة ماوية في قمة الرياء و النفاق، ادعاء تكذبه ممارسات المجموعات المرحلية باستثناءات قليلة التي لم تبارح المكان.
فمنذ أن أعلنت عن نفسها، بقيت حبيسة الجامعة و الحركة الطلابية و من تخرج من "أطرها القيادية" يعيش الآن متربصا بجنبات الكليات، فلا كفاح و لا جبال و لا نبال و لا هم يحزنون.
أما من يدعي الماركسية و الدفاع عن "الماركسية الحقيقية"، "فالقاعدة الأساسية في الديالكتيك هي أنه لا يوجد هناك شيء يسمى حقيقة مطلقة، إن الحقيقة هي دائما شيء ملموس" ـ لينين من كتابه "خطوتان" ـ
من يعرف نفسه "بالماركسي الحقيقي" و لا يراهن على الحركة الطلابية و الإطارات الجماهيرية و النقابات و الحركات الاحتجاجية لحل أزمة الحملم في عجزها عن الارتباط بالطبقة العاملة و بأبناء الكادحين، الطلائع المثقفين.. أطروحة نسميها برودونية، باكونينية، شعبوية ستالينية، ماوية.. إلا الماركسية فكر الطبقة العاملة، و إلا اللينينية براعة التخطيط في الارتباط الاستراتيجي بالطبقة العاملة.
"إن المنظمات الجماهيرية على اختلافها يجب أن توجد في كل مكان و على أوسع نطاق و تضم أكبر عدد من الجماهير و تقوم بوظائف كثيرة التنوع ما أمكن و لكن من الخطأ و الضرر أن نخلط بينها و بين منظمة الثوريين أو أن نطمس الحد الفاصل بينهما".
"إننا لن نكون ساسة و اشتراكيين / ديمقراطيين ـ ماركسيين لينينيين بلغة اليوم ـ إلا بالقول، إذا لم ندرك أن من واجبنا أن نستفيد من جميع مظاهر الاستياء على اختلافها، أن نجمع و أن ندرس جميع بذور الاحتجاج و لو كان في حالة جنينية".
نصوص لينينية من كتاب "ما العمل؟" توضح الفرق بين ماركسية لينين و شعبوية "الضالين طبقيا"
و إذا كنا قد قدمنا ما يكفي من المعطيات الملموسة عن حقيقة "ماركسية المهدي و من معه"، فليقدموا حقيقة ماركسيتنا للجميع.
"فالماركسيون الحقيقيون"، "الشرفاء" من أصحاب المقاسات و القوالب و التصنيفات و أحكام القيمة "يدافعون عن كل نضالات الشرفاء أينما كانوا طلبة قاعديين أو عمال ـ فلاحين ثوريين أو معطلين مناضلين.." الطلبة القاعديون دون صفة و العمال دون تصنيف و لا موقع، أما الفلاحون فثوريون و المعطلون فمناضلون.. هكذا إذن! أهي رؤية جديدة مازالت في مرحلة التبلور الجنيني أم زلة لسان أم حماقة نظرية لا تقل خبلا عن نظرية "الطبقة العاملة عمود فقري" و التي تتخيل جيش الثورة جثة بدون رأس؟ ـ القيادة ـ و إن كانت لم تتجرأ و تفصل في مكونات الجثة، فأمامكم نموذج يقتفي الاجتهاد بخطى حثيثة.

عن "المبدئية" و "الميدانية اللامبدئية"

و لنتابع، فالمهدي سيقدم "الدليل على انعدام المبادئ" و ما هي المبادئ يا ترى؟ هل هي الدفاع عن إوطم و مبادئه؟ مساندة الجماهير الطلابية في نضالاتها المناهضة "للميثاق" و المطالبة بتحسين شروط الدراسة و مستوى التحصيل العلمي؟ فتح النقاش حول آفاق الطلبة بعد التخرج خاصة أمام استفحال واقع بطالة الخرجين؟ فتح النقاش حول مهام الحركة الطلابية التقدمية بفصائلها اليسارية و الاشتراكية أمام مهمة دعم نضالات الكادحين و مهمة التغيير و مهمة بناء الآليات المساهمة في التغيير و على رأس المهمات بناء الأداة الثورية، حزب الطبقة العاملة المستقل، الحزب الشيوعي. كلا، ليس هذا و لا ذاك! فالمبادئ حسب تعريف المهدي، هي أن تحصر ممارستك في السب و الشتم، في التشهير و التشويه. في العنف و العنف المضاد..
إنه الابتعاد عن المبادئ أو انعدامها! فالمبدئي هو من يستمر في المواجهة إلى ما لا نهاية! إنها المبدئية الصبيانية، لا أقل و لا أكثر.
تصوروا معي أيها الرفاق أن إعلان الهدنة غير المباشر الذي اتخذته المجموعة التروتسكية، أصبح في نظر مفتي الديار "المرحلية" تحللا من المبادئ و انعدامها!
تصوروا مستوى الخسة في أن يلعب الزعيم دور المحرض لبعض الطلبة المناضلين و المتحمسين، الذين سيصبحون لا محالة، في التاريخ القريب أي بعد أول تقييم، مجرد متعاطفين و غير مطلعين!
تصوروا أن المبدئية هي الدعوة "للقتال" و "الجهاد" و "العنف الثوري" ضد اليساريين المخالفين دون أدنى مشاركة ميدانية من طرف الدعاة و إمعة الدعاة!
و لكي لا ينخدع الرفاق الميدانيون، فليتمعنوا في حصيلة العنف التي ابتدأت منذ سنة 1987، فعلى الأقل فالجميع يعرف مآل ثلاثة من زعمائها الرئيسيين، الأول في قيادة التجمع الوطني للأحرار، الثاني مراسل 2M و بوق رسمي لسياسة الدولة في جميع الميادين، و الثالث عنصر استخبارات عامة بإحدى ولايات الشمال.. و نترك المهدي يحدثكم عن الرابع الذي هو عرٌابه بالمناسبة.
أية مبادئ تتكلم عنها أيها "الرفيق" المهدي؟ فهل من المبدئية في شيء أن ترمي بأبناء الكادحين، ماويين و تروتسكيين في نار المواجهة دفاعا عن "الإرث القاعدي"، هكذا و أن توظب وضعيتك الاجتماعية خارج حلبة الصراع؟
كلا، فهذه ليست مبدئية، فالمبدئية إن كنت تعتنقها كما صغتها الآن، هي أن تنزل للميدان و تعلنها حربا ثورية في كل مكان على التروتسكيين و على أي تحريفي كان، على الأقل اقتداءا بالشيخ إنجلز الذي حمل السلاح و أقام المتاريس في سن متقدمة من عمره، و ليس اقتداءا بالشيخ الفيزازي الذي أنشأ القنابل البشرية الموقوتة ليتنكر لها خلال الاعتقال و المحاكمة حين تحول إلى داعية و رجل نصيحة في أمور الدين، يدين الإرهاب و الإرهابيين.
فالمبدئية و المسؤولية هي أن يتمعن المناضلون الماركسيون في حصيلة الأربعين سنة من العمل الثوري، أن يتمعنوا في المجهود النضالي الذي قدمه الماركسيون منذ أواخر الستينات لتقوية عود الحركة الثورية و الحملم في اتجاه بناء حزب الطبقة العاملة و بناء نقابات عمالية جماهيرية قوية.
أربعون سنة من العجز و الإحباط و التراجعات، أربعون سنة من التضحيات و الاعتقالات و الشهداء و المعطوبين بعنف أجهزة الدولة القمعية و عنف مختلف التيارات الظلامية.. كافية لكي لا نضيف لها مآسي أخرى، مآسي بأيدي يسارية و تحت شعارات تطهيرية تدعي الماركسية و الثورية و مواجهة التحريفية..
أما حان الوقت للتقييم المسؤول و المنظم في اتجاه تقويم تقوية الحركة.. أما حان الوقت لتجاوز التقديرات الإطلاقية لتجارب سياسية و طلابية لم يصنعها سوى مناضلون، مناضلون ليسوا بالقديسين و لا بالأنبياء.. و نظرتنا الماركسية تنبذ أي تقديس كان و تومن الإيمان العميق و الثابت بالنسبية و بالنقد و النقد الذاتي و بالتحليل الملموس للمواقع الملموس و بالتطور الأبدي للكون و الأشياء و المجتمعات و هيئات المجتمعات..الخ
ختاما أعتذر للرفاق الذين كان لهم سابق انتماء لتيار "البرنامج المرحلي"، كما اعتذر للمجموعات الأخرى التي لا توافق المجموعة الماوية في ممارساتها و مهاتراتها.. و لكل من انخرط في التجربة من مواقع أخرى و بوجهات نظر أخرى و بفهم آخر للبرنامج المرحلي..الخ
فما يهمنا الآن نحن أنصار الخط البروليتاري ـ هو أن نحفز الرفاق على فتح النقاش قصد التقييم و التقويم و الاجتهاد في المتابعة و الانخراط في عملية الصراع الطبقي بالتأطير و التوجيه و التنظيم.. لكافة القوى الكادحة و في طليعتها الطبقة العاملة.. نقاش واسع و موسع بين جميع الفعاليات و الحساسيات و المجموعات الماركسية الثورية.. لتنمية و تقوية عملنا الثوري المنظم و الواضح باجتهاداته الفكرية و طروحاته البرنامجية و بشعاراته التجميعية في جميع مواقع و مجالات الصراع الطبقي.



#وديع_السرغيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمعية المعطلين ينحروها ام تنتحر؟
- جورج حبش -شهيد- الجهل و الأمية
- كفاح و أساليب نضالية جديدة ...عمال حمل البضائع بميناء طنجة
- حول أحداث العنف الطلابي بمراكش و أكادير
- تخليد ذكرى يوم الأرض بطنجة غاب يسار ... و حضر يسار آخر
- رسالة إلى الرفاق الأوطميين
- عمال -ديوهرست- المطرودون ... من الاعتصام إلى الاحتجاج في الش ...
- مواصلة ديوهيرست لحربها الشرسة ضد العمل النقابي
- الملكية بالمغرب تدشن السنة الجديدة باستقطابات جديدة
- عاملات و عمال ديوهرست بطنجة في الواجهة
- مأساة عمال و عاملات شركة يازاكي بطنجة
- عمال ديوهرست بطنجة المجزرة واحدة و السيوف متعددة
- التوجه القاعدي و الإنجازات النوعية
- قراءة نقدية لخط -رابطة النضال الشيوعي بالمغرب-
- نقطة نظام توجيهية
- المقاومة الطبقية هي السبيل
- مآل الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين بالمغرب تحت قيا ...


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - وديع السرغيني - حول ملابسات الصراعات الدموية بالجامعة