فدرالية الكهرباء !

جمال الخرسان

الحوار المتمدن-العدد: 3252 - 2011 / 1 / 20 - 14:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كانت ولازالت مفردة الفدرالية من المفردات التي تستفز كثيرا الطبقة السياسية العراقية قبل ان تستفز بعض المكونات الاساسية في العراق وقد شهدنا جميعا فشل الاستفتاء الذي اجرته مفوضية الانتخابات حول اقامة اقليم او فدرالية البصرة رغم ان هذه الاخيرة ربما تكون اكثر المدن العراقية المستفيدة من نجاح الفكرة .. فما بالك بالاخرين الذين لايملكون ماءا ولاكلأ!
وبعيداً عن الخوض في نماذجِ الفدرالية ومحاولةِ البحثِ عن الأنسبِ منها للحالةِ العراقية .. فأن الشيء الملفت والذي لابد من تسليط الضوء عليه في هذه العجالة ان هناك مظاهر كثيرة جدا تطفو الى السطح في الساحة العراقية لايمكن تصنيفها الا في سياق النزعة الفدرالية رغم كلما صدر ويصدر من ردود افعال جماهيرية تجاه ذلك المفهوم المثير للجدل!
محافظة كركوك بكل ما فيها من مكونات عرقية وطائفية اتفقت بقدرة قادر على فدرلة اقتصادية خدماتية تمثل وجها اخر لقرار فصل المدينة ( كهربائيا ) عن الشبكة الوطنية والمتضرر طبعا من ذلك هو بغداد والمحافظات المحيطة بها بالدرجة الاولى. عرب كركوك الذين طالما تسيدوا المشهد الاعلامي فيما يتعلق بتغطية وسائل الاعلام للتطورات التي تحصل في المدينة على خلفية ما يدّعون من مضايقات كردية لهم ومصادرة املاكهم هم ايضا صمتوا على قرار الحكومة المحلية ومجلس المحافظة دعما لتفضيل مصلحة المدينة على المصلحة الوطنية وربما ذلك القرار الوحيد الذي لمّ شمل المدينة واجمعت حوله جميع الاطراف! نزعة نحو الفدرالية لكن دون تسويق المفهوم لانه مستفز!

ازمة النخيب التي تبادل التصريحات المتشنجة فيها آمال الدين الهر محافظ مدينة كربلاء الذي ترشح عن ائتلاف دولة القانون ومجلس محافظة كربلاء من جهة والشيخ ابو ريشة الاب الروحي لصحوات العراق وصاحب النفوذ الاكبر والمد الجماهيري في الانبارمن جهة اخرى، تلك الازمة لاتمثل الا مظهرا اخر من خلاف اداري جغرافي يتأطر هو الاخر في نزعة لفدرلة الجغرافيا والحدود الادارية رغم ان الموضوع استحدثت له في الدستور العراقي صفحة طويلة في اطار معالجة المناطق المتنازع عليها في العراق وهي كثيرة تمتد من شمال العراق الى جنوبه. مرة اخرى نزعة لفدرلة الجغرافيا تحسبا لقادم التطورات .. الكل متمسك بها .. لكن المفهوم مستفز!

الامر ذاته ينطبق على فدرالية القوائم الانتخابية، ووزارات الدولة! والسلطات العليا.. فدرالية الاجهزة الامنية والتمثيل الخارجي .. فدرالية محافظة سهل نينوى للاقليات الدينية.. كذلك محاولات الانبار لتأسيس شيء من هذا القبيل! وغير ذلك من الشواهد التي تعتبر بشكل او بآخر نوع من انواع الفدرالية التي يقبلونها في الواقع بل ويطالبون بها في كثير من الاحيان، فيما يرفضونها من حيث المفهوم النظري والقانوني.
هل هي ازدواجية الساسة والاعلام في هذه القضية والقضايا الاخرى المثيرة للجدل ؟! هل هو الضحك على الذقون؟! هل نحن في اطار البحث عن نموذج نسير فيه ولا نريد توصيفه لان التوصيفات دائما ما تثير الجدل في الساحة العراقية؟! كل ما ذكر محتمل جدا وربما هناك اشياء اخرى تكشف عن ملامحها التطورات المتلاحقة في العراق. لكن الشيء الاكيد من خلال ما تقدم اننا كلنا مفدرلون بشكل او بآخر فلماذا تستفزنا اذن فدرالية الاخرين ؟!
جمال الخرسان
[email protected]

#جمال_الخرسان (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل