سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 3245 - 2011 / 1 / 13 - 02:03
المحور:
كتابات ساخرة
أمجاد يا عرب أمجاد! .. طاب الموت يا عرب طاب !!!...... إستنساخا ً لما حدث في "تونس" فقد حاول شاب ليبي من الطبقة الفقيرة أن يحرق نفسه بالنار بعد أن رفضت السلطات المحلية في مدينته إدراجه على قائمة المستحقين للمعونات الإجتماعية .. إطلع على الخبر هنا (*) .
وقيل - والعهدة على الراوي - والله أعلم - أن خبر محاولة ذلك الشاب الليبي الفقير الذي حاول حرق نفسه لما وصل للعقيد القذافي في الخيمه قال في غضب وإستنكار : (لماذا لم يستعمل هذا الولد البنزين!؟) .. ثم إلتفت القايد إلى من حوله في الخيمه ضاحكا ً بسخرية وإستغراب متسائلا ً : (شوفوا بالله عليكم هذا المواطن المخبول؟ .. يريد أن يحرق نفسه بدون إستعمال بنزين!!؟.. هل نسي هذا الأحمق بأنه يعيش في بلد نفطي.. بلد بترول يُباع فيه البنزين بثمن زهيد!!!؟؟).
هذا ما قيل ان "القايد" "نبي الجماهير" و"حكيم العالم" قد قاله فور سماعه بمحاولة هذا المواطن والشاب الليبي المغبون والمحروم لحرق نفسه! .. والعهدة بالطبع على الراوي! .. ولكن على كل حال فقد توقع بعض المراقبين الليبيين والعرب والأجانب بأن "القايد" الميمون سيصدر أوامره المستعجلة بتخفيض أسعار البنزين إلى أقل سعر ممكن وذلك حتى يتسنى لكل مواطن وشاب ليبي فقير ومحدود الدخل أن يستعمل "البنزين" في حرق نفسه بسهوله ويسر وبسرعة وبدون تعطيل!!.. لأن حرق النفس بدون إستعمال البنزين هو أمر شاق للغاية وفيه عذاب شديد للنفس حيث لا يتم الإحتراق بشكل فوري وسريع !.. وفي هذا الإحتراق البطيئ تعذيب للمواطن المحروق!!.. والقايد الرحيم – بالطبع – وكما يعلم الجميع - من أشد مناهضي التعذيب في العالم أجمع!!.
وهذا يذكرنا بنكتة ليبية قديمة يتداولها الليبيون منذ عقدين من الزمان بعيدا ً عن أذان الجدران (!!) ومفادها أن مواطنا ً ليـبـيا ً محدود الدخل أسمه "سليمان" يسكن في حي شعبي فقير لاحظ فجأة ذات يوم أن جاره الفقير "عمران" قد تحسنت أحواله فجأة وأصبحت لديه سيارة فارهة وأصبح هو وأولاده يرتدون ملابس جديدة فاستغرب من هذا التغيير المادي الإقتصادي المفاجئ الذي إعترى جاره "عمران" أشد الإستغراب وقرر أن يسأل هذا الجار عن سر هذا الثراء المفاجئ .. هل وقعت يده على المصباح السحري مثلا ً؟ أم عثر على كنز من الكنوز أم ماذا؟؟؟ ... وبالفعل قصد جاره ذات مساء وإستحلفه بالله العظيم أن يخبره عن سره وكيف تغير أمره من الفقر إلى الغنى بهذه السرعة الخارقة للعادة !!؟.. فقال له جاره "عمران" سأخبرك بالسر ولكن لا تخبر عنه أحدا ً؟ .. فاقسم له "سليمان" بأغلظ الأيمان بأن سره في بئر عميق بلا قرار!.. فاخبره جاره "عمران" بقصته الغريبه فقال :
(( يا جاري العزيز من شدة فقري وفقر عيالي قررت ذات يوم أن أقصد بيت "الرائد عبد السلام جلود" - وهو الرجل الثاني في الدولة في ذلك الوقت أي قبل أن يضطره العقيد القذافي للتنحي والإبتعاد عن أي منصب عسكري وسياسي في البلد كي يخلو وجه الدولة الليبية لأولاده من بعده وليصبح أحد أولاده لا "جلود" هو الوريث وهو الرجل الثاني! – ووقفت بجوار بيته أنتظر خروجه حيث سمعت بأنه يخرج كل يوم لمصيف الضباط عصرا ً لممارسة هوايته المفضلة وهي لعب كرة القدم فلما رأيته وقد خرج من بيته بالسيارة قفزت فورا ً نحو الأرض التي بجوار بيته وصرت أتناول العشب بشراهة كمن يعاني من جوع شديد وأنا أبكي !!!.. قال "عمران" : فتوقف الرائد "جلود" وإلتفت لرجال حراسته قائلا ً بصيغة الأمر : " إذهبوا لهذا الرجل الذي يأكل العشب وأسألوه لماذا يأكل العشب"؟؟؟؟" هل هو مجنون!!؟؟".. فركض الحراس بإتجاهي وأمسكوني بأذرعهم القوية وسألوني عن سر تناولي للعشب فقلت لهم : أنا رجل فقير جائع وليس لدى أنا وأولادي ما نسد به الرمق ولا ما نسكت به الجوع"!... فنقل الحرس كلامي للسيد "جلود" فرق لحالي وعاد بسيارته لبيته ثم عاد وفي يده حقيبة مليئة بالمال وقال لي : خذها أنت وأولادك !.. فلما فتحتها وجدت فيها 10 ألاف دينار !!!.. لذلك يا جاري العزيز تبدل حالي والحمد لله رب العالمين!!!.))
فهنأ "سليمان" جاره "عمران" وهو في قرارة نفسه يحسده على هذه الثروة التي حظي بها ثم عاد للبيت ليخبر زوجته بخبر جاره المحظوظ !.. فأخذت زوجته تلح عليه في أن يفعل ما فعل جاره لعل الرائد "جلود" يحن ويمن عليه بعشرة ألاف دينار كما منَّ مِن قبل على جارهم "عمران"!!.. وتحت إلحاح زوجته وأمله في الخلاص من ذل الحال وقلة المال وحرمان العيال قرر أن يستنسخ تجربة جاره الناجحة !!.. ولكن بتعديل بسيط وهو أن يفعلها مع "الأخ العقيد" القذافي نفسه!.. أي مع الرجل الأول في الدولة لا الرجل الثاني! .. وقالت له زوجته وهي تكاد أن تطير من الفرح : "إذا كان الرائد عبد السلام جلود قد وهب جارنا ألف دينار فلا شك أن "الأخ العقيد" سيهب لنا مائة ألف دينار على أقل تقدير !!... وأسرع المواطن "سليمان" في تنفيذ الخطة على الفور وقصد قصر العقيد القذافي في منطقة "باب العزيزية" بطرابلس ووقف هناك بالقرب من المكان في إنتظار خروج "القايد" إلا أن القايد لم يخرج ذلك اليوم .. فرجع لبيته مهموما ً ولكنه عاد في اليوم التالي ينتظر إطلالة سيادة العقيد " صقر العرب الوحيد!؟" وظل كل يوم يأتي دون أن يشاهد السيد العقيد وكاد أن يدب إلى قلبه اليأس إلا أن الأمل في الثراء ظل يداعب خياله كما أن إلحاح زوجته لم ينقطع فصمم على المضي قدما ً وهو يردد في نفسه "من يريد العسل لابد أن يصبر على لسعات النحل!".. وذات يوم تحقق له مراده ورأي سيادة العقيد وقد خرج بسيارته من قصره فقفز بسرعة على الأرض وهو ينهش العشب نهشا ً بأسنانه بلا إنقطاع فلمحه العقيد القذافي فأوقف سيارته وأمر رجال الحراسة بالتوجه لهذا المواطن الذي يتناول العشب كأنه مجنون والإستفسار منه لماذا يفعل ذلك؟ .. وشعر "سليمان" بفرحة غامرة حينما شاهد رجال الحراسة وهو يتوجهون إليه ويسألونه عن سبب أكله للعشب مثل البهائم!!؟؟ فأخبرهم وهو يتظاهر بالبكاء بأنه يفعل ذلك من شدة الفقر والجوع وبأنه قد يحمل معه بعض هذا العشب لأولاده لأنهم هم أيضا ً يعانون من الجوع !.. فنقل الحرس جوابه للعقيد القذافي على الفور ورآى"سليمان" القذافي يتحدث بطريقة غاضبة للحرس ويقول لهم شيئا ً لم يسمعه! .. ولكنه في قرارة نفسه شعر بالسرور وأن ساعة الفرج قد إقتربت وأن ساعة الفرح قد دقت !!.. وتخيل تلك اللحظة التي سيعود فيها "القايد" أدراجه للبيت لإحضار حقيبة ملآنة بالمال وبما لا يقل عن 100 ألف دينار – دينار ينطح دينارا ً - ولكن فجأة ً ولفرط دهشته وحيرته رأي العقيد القذافي يغادر المكان بسيارته ورأي أحد جنود الحراسة ينطلق نحوه بسرعة ويخبره بلهجة غليظة وهو يزجره قائلا ً : ( قالك لك سيدي القائد : إياك ثم إياك أن تأكل العشب الأخضر الذي بجوار بيتي وإذا أردت أن تأكل فلتأكل العشب اليابس فقط ... مفهوم!؟؟؟ )!!!.
(*)إطلع على الخبر على الرابط التالي : http://www.libyapress.net/View_News.aspx?id=2872
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟