أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جهاد علاونه - الصورة الحقيقية















المزيد.....

الصورة الحقيقية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3244 - 2011 / 1 / 12 - 22:48
المحور: الصحافة والاعلام
    


فحتى ترضى عن أدائنا الحكومات العربية ككتاب ومثقفين محترمين يجب أن نصور المواطن العربي في منطقة معزولة كما سيظهر ذلك في نهاية المقال, ويجب أن لا نقول عن حقيقة أمراضنا وأوجاعنا ويجب أن نقوم أيضاً بتزوير صُور الأشعة (الأتراساوند) و(السونار) لكي لا يستطيع أحد تشخيص حالتنا المرضية.

أنا شخصياً حين أذهب إلى عيادة الطبيب فإنني أبدأ بالشكوى وأنقل للطبيب صورة صادقة ونسخة طبق الأصل عن الذي أشعرُ به وأشكو منه ويشاهد الطبيب غسيلي الذي أنشره أمامه قطعةً قطعةً, والطبيب لا ينزعج من منظر غسيلي بل على العكس يفرح لأنني صادق فيكتب لي دواء يجعل غسيلي ناصع البياض اخرج من عيادته وقد لملمتُ غسيلي في سلتي وحملته بين يدي إلى بيتي, ولكن الحكومة الأردنية تغضب وتعتقل وتسجن وتهين كل من ينقل للحكومة صورة واقعية عن الذي يحدث داخل الأردن وقد تعرضتُ يوماً للمضايقة الأمنية بسبب نشري للغسيل الوطني ,أما الطبيب الذي أشكو له عن كل الآلام التي أحسُ بها وأقول له عن أي وجع في صدري أو قلبي أو لساني فهو لا ينزعج وأنا أقول الصدق لكي يضع يده الكريمة على مكان الجرح والألم ومن ثم أخرج من عيادته مبسوطا وقد كتب لي الطبيب العلاج اللازم لغسيلي, وفي الحقيقة وفي الواقع أشعر بتحسن حالتي الصحية إن كنت أشكو مثلاً من صداع أو من قحة ليس من تشخيص الطبيب وحسب وإنما بسبب صدقي وأمانتي في نقل الخبر الصادق وفي عرض حالتي على الطبيب, فلو كذبت على الطبيب فلن يستطيع الطبيب أن يوصف لي العلاج اللازم وربما يكتب لي دواء آخر فأموت بسبب كذبي على الطبيب كوني وصفت له مرضا آخر وتناولت دواء آخر.

وحين قام (هنري بركات) سنة 1977م بإخراج فيلم (أفواه وأرانب) وهو من بطولة (فاتن حمامة) و(محمود ياسين) كانت الدنيا كلها قد قامت وقعدت حتى وقعت أزمة بين الصحافة ووزارة الإعلام المصرية والداخلية وكانت كل الصحافة المصرية والعربية قد أكدت على أن هذا الفيلم فلت وهرب بأعجوبةٍ من مقص الرقيب فأساء لسمعة مصر التي تشبه سمعة (جينيهها) مثل سمعة الجِنيه الإسترليني و هنالك وقعت الفضيحة والكارثة حيث نشر المخرج والمنتج والممثل الغسيل المصري وصورة المواطن المصري الحقيقية للعالم, وعرض الغسيل المصري أمام الأطباء المختصين بتبييض الغسيل بشكل سيء جدا وأوضح الفيلم بأن الغسيل المصري الذي شاهده العالم يسيء فعلا لسمعة مصر ولرجالات مصر الأوفياء ويسيء في الداخل وفي الخارج ,ويومها أو في نفس السنة أطلق الفنان والمنتج والرسام والشاعر الساخر (صلاح جاهين) حملة للتصدي لمنع عرض الفيلم وللتوضيح بأن سوء التخطيط والتعليم والجهل هو وحده من يسيء لسمعة مصر ولعملتها النقدية ,طبعا هذا الكلام قاله الأطباء الفنيون الاجتماعيون وهذا الوصف للحالة المرضية أو لعلاج الحالة المرضية هي بسبب الصورة الحقيقية للمواطن المصري التي بثتها السينما المصرية .

ومن هذا المنطلق أنا أريد أن أتجنب أخطاء المخرج (هنري بركات) وكاتب النص والسيناريو (سمير عبد العظيم) والمصورين الذين معه وأريد أن ألتقط للمواطن الأردني صورة جميلة تليق بمقام وبسمعة رئيس الحكومة الأردنية الحالية والتي تشبه سمعته سُمعت رئيس الحكومة اليابانية , وأريد أن أنقل صورة جميلة عن المثقف الأردني دون أن أسيء لسمعة وزير الثقافة الأردني والتي تشبه سُمعته سُمعت وزير الثقافة الدينماركي , وأريد أن أنقل صورة عن المواطن الأردني المبدع دون أن أسيء لسمعة وزير التربية والتعليم وأريد مرة واحدة أن تكون سمعة المتنبئ الجوي الأردني في الأرصاد الجوية مثل سمعت المتنبئ الجوي الإسرائيلي الذي لا يخطأ وهو يتحدث عن المنخفضات الجوية وموعد وصولها , وأريد أن أتحدث دون أن أسيء لسمعة المملكة الأردنية الهاشمية ولسمعت الدينار الأردني وهي فعلاً أفضل من سمعة الجينيه الإسترليني ودون أن أنشر الغسيل الأردني للجيران ودون أن يعتقد أي أحد بأنني سأسيء عن قصد لسمعة الحكومات السابقة والحالية وحتى أصل هذه المرحلة لا بد بأنني سأكذب على الطبيب وعلى الممرضة وعلى بواب المستشفى وعلى رئيس قسم الصيانة وسأكذب على سائق سيارة الإسعاف وسائق سيارة الإطفاء(الإطفائية) وسأكذب على منظمات حقوق الإنسان وفي النهاية سيدخلني ألله في النار بسبب كثرة الكذب وعندها سأخسر الدنيا والآخرة معاً وسأكذب على العالم كله من أجل أن أظهر للمواطن الأردني صورة تليق بمركزه المهيب.. وكيف سأصور المواطن الأردني دون أن أسيء إلى أي أحد ! ودون أن أسيء إلى المواطن نفسه! أو دون أن أسيء إلى الأردن ! هل أقوم مثلا بتصوير المواطن الأردني وهو محمول في سيارة شرطة ويمسك به أربعة من أفراد الشرطة وهم يرمونه من السيارة على سرعة 160كيلو متر في الساعة أثناء القبض على هذا المواطن بتهمة الاشتراك في اعتصام سلمي يطالب بحقوق العمال والشغيلة في مدينة العقبة السياحية؟؟ فهذه الصورة قد تسيء إلى الحكومة الأردنية والشرطة وأنا لا أريد بصراحة أن أقع في مشاكل مع الحكومة لأنني كاتب أمشي الحيط الحيط وأقول يا رب الستيره, ولا أريد أن أذكر قضايا المخابرات التلفيقية ضد المواطنين والمثقفين من أجل أن ينالوا الترقيات والترفيعات لذلك قررت أن أصور المواطن الأردني وهو يحاول دخول الحسبة المركزية في اربد ورئيس البلدية يمنعه بحجة عدم ترخيص عربايته والتي تكلف العامل أو الشحاذ 150دينار أردني وبنفس الوقت يحاول أحد النواب المحترمين الدفاع عن المواطن الأردني بتوجيه لطمة خد على وجه رئيس البلدية, فأعتقد أنا بأن هذه الصورة الحقيقية قد تسيء فعلاً للمواطن الأردني وللبلدية وللدولة ولمجلس النواب الذي وصل حد استيفاء الحق بفعل استخدام اليد وتسيء هذه الصورة إلى كل الأردن الذي نعيش كلنا تحت رايته, لذلك سأحاول أن ألتقط هذا اليوم للمواطن الأردني صورة أخرى نفتخرُ فيها جميعاً وقد خطرت على بالي فكرة جهنمية وهي الدخول إلى الجامعات لتصوير العنف الجامعي الشبابي الذي يحدث في كل سنة مرة أو مرتين في أكبر الصروح العلمية ولا يحدث هذا العمل في المواقع الصناعية أو الشوارع التي تنتشر فيها المحلات الصناعية مثل متاجر الحدادين والنجارين ومحلات بيع قطع غيار السيارات ففي مثل هذه المراكز والبؤر لا تقع أي أحداث شغب على الإطلاق وأعتقد بأن صورة الطالب الجامعي الأردني وهو يحمل سكينا أو بلطة أو عصا أو هراوة وهو يلاحقُ فيها زميله وبمقابل ذلك تُطلق زميلته (الزغاريد) تشجيعاً لإبن بلدها وكأنها ردّاحه في عُرس شعبي فقد تسيء هذه الصورة لسمعة الأردن الحبيب الذي نعيش على ترابه الغالي.

وصدقوني منذ الصباح الباكر ومعي آلة التصوير وعدستي التصويرية وأنا أمشي في الأسواق لكي ألتقط للمواطن الأردني صورة تليق بمقامه العالي والرفيع دون أن أسيء لأي أحد لكي أضعها على لوحة غلاف أعظم وأكبر وأشهر مجلة في العالم لأقول لهم : هذا هو المواطن الأردني , ولكن عندي مشكلة واحدة وغير سهلة وغير بسيطة وهي أنني أريد أن أصور المواطن الأردني دون أن أسيء إلى سمعة الحكومة الأردنية الحالية ودون أن أسيء إلى الحكومة التي قبلها أو التي ستأتي من بعدها لكي لا يقال عني بأنني سبب السمعة السيئة لبلدي في الخارج أو بأنني المواطن الوحيد الذي ينقل صورا ومشاهد غير حقيقية عن البلد ووسط البلد وطرف البلد وأول البلد وآخر البلد, وكذلك أريد تصوير المواطن الأردني دون أن أسيء إلى سمعة جامعة الدول العربية فليس لجامعة الدول العربية أي علاقة بما يحدث داخل الأردن.

وفكرت مثلا بأن أرسم صورة لي وأنا جالس مع حبيبة العمر في شارع الجامعة أو في كوفي شوب والأمن الأردني ينتشر في كل مكان من أجل توفير الحماية لي ولها , وأعتقد بأن هذه الصورة خيالية وستكشفني أمام العالم بأنني أكذب على الشرطة وعلى نفسي لأن الأمن يمنع اللقاءات الغرامية في الكوفي شوب وسأفقد حب الناس واحترامهم الكبير لي لأنني لم أنقل الواقع, والمشكلة أنني إذا نقلت الواقع سوف أتعرض لتهمة نشر الغسيل الأردني أمام عيون الناس الأجانب والغرباء فكما قال لي أحد المثقفين الأردنيين الكبار يوما : يا أستاذ جهاد أن تنشر غسيلنا للناس, فقلت له : ليش ما نحكي الحقيقة على شان العالم يقدر يساعدنا؟, يجب أن ننشر الغسيل الموجود عندنا كما هو ويجب أن يشاهد العالم كله غسيلنا لكي يتمكنوا فعلا من مساعدتنا يجب أن نتحدث عن أمراضنا النفسية والعصبية والباطنية لكي يساعدنا الأطباء , فلماذا نقول للطبيب بأن المرض والألم في الركبتين وهو فعلاً في القلب ونشعر بأن قلوبنا تكاد أن تنفطر لهن السمواتُ والأرضُ من شدة الخوف الذي نعيش به؟, ولماذا نقول عن الألم والوجع مرة أخرى بأنه في أسفل الرأس علماً أنه في قاع الجُمجمة ؟إننا يا ساده يا كرام إذا كذبنا على أنفسنا وعلى الناس وعلى العالم كله فلن تتمكن منظمات حقوق الإنسان من مد يد المساعدة لنا بشكل علني وصريح ولن تتمكن اللجان الدولية من الوصول إلينا لإغاثتنا يجب أن يشاهد العالم كله غسيلنا ولونه الناصع البياض أو الناصع السواد أو الأسود الغامق!.

في النهاية أنا شخصياً وضعتُ نفسي في زاوية ليس أمامي شيء ولا ورائي شيء إلا خلفية بيضاء لكي تظهر صورتي مثل صورتي على جواز السفر وابتسمتُ للكمره وأخذتُ لي صورة مواطن أردني مختبئ عن العالم وعن الناس لكي لا يغضب مني أحد وكتبتُ تحت الصورة : المواطن أردني, فهي أفضل من صورة العامل التي أردتُ نشرها وضاغطة النفايات تريد ابتلاعه وهو يحاول إخراج صفيحة أو عُلبة كولا مصنوعة من الألمنيوم فارغة ليبيعها بقرش أردني.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلامي في اليقظة
- قصة حب بوليسية
- باب داري
- العدس لحم الفقراء
- كيف تريدون ذبحي؟
- الأموات يحكمون الأحياء
- لو أداة تمني
- الصحافة تلعب دور البوليس
- في العام الماضي
- واو القسم
- ملاحقة المهنيين
- الحق على مين؟
- الإنسان البليد
- الأم هي أول مدرسة
- هلوسات
- أصوات مزعجة
- كل عام والعالم بخير
- من يمثل الفكر الإسلامي!
- الانسان مثل الساعة
- روح الفنان


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جهاد علاونه - الصورة الحقيقية