أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي شايع - حين يـُقرأ ُُالشعر من على شجرة














المزيد.....

حين يـُقرأ ُُالشعر من على شجرة


علي شايع

الحوار المتمدن-العدد: 970 - 2004 / 9 / 28 - 09:35
المحور: الادب والفن
    


كم يبدو الأمر ممتعا ؟!..
وطالما عرف أهل العراق هذه الفسحة على الفضاء، وكانت لصيقة طفولة التوت وأشجار الجوز واعذاق النخل..حيث تختلط المواويل بالنسائم العالية..
قبل أيام ..اثنتا عشر شاعرا،من بلاد بعدد ملامحهم المهاجرة،كانوا يرتقون أشجار مدينة لاهاي لإلقاء الشعر!.
حدث ثقافي معتاد في مدينة هي عاصمة هولندا السياسية، غير انه اتخذ طابعا جديدا،ورؤية ثقافية تجمع بين السياسي والثقافي حدا تجاوز فيه الفعل الشعري كل سياسي ليجبره الى طواعية ان يختلط الشعر بالطبيعة ويرتقي بها الى مصاف مجده..،كان الشعر يهبط من الأشجار في بدء خريف هولندي..
واذا كانت اليونان القديمة خرجت من الشعر الى الفلسفة لتفسر الطبيعة،خرجت لاهاي بالطبيعة الى الشعر لتعيش فلسفة ان يرتقي الشاعر، بفرادته،وعلوه، شجرةً متسامية ليتحدث بلغته الغريبة؛ شعرا على مسامع مئات المحتشدين لرؤية هذا الحدث الأصيل..
ولأن الشعر الحقيقي لا يصل بيسرّ،مثلما قالها قديما هراقليطس عن رغبة الطبيعة في إخفاء ذاتها..خرج الشعر في ذلك اليوم ليستمع اليه الآخر رغم جهله بلغة الشاعر..
ربما أرادت لاهاي ان تقول ان الشعر سيصل وعلينا ان نجربه صعودا كما النسغ..
الشعر يصل، في رمز يوازي نزوله الى المتلقي ذلك الخريف الذي تهبط فيه الشجرة من فصولها الى التراب..
الشعر يصل الى الآخر،ويصل بالآخر رغم خريف العلاقات الإنسانية الذي بدأ موسمه جليا وموحشا أكثر من أي وقت..فتحاول الحكومات والمؤسسات طردّ هذا الخريف بالشعر..
وبين يونان الفلسفة القديمة، وبين هولندا في هذه التظاهرة ثمة ما يذكرني بأثينا!. حيث احتفى العالم بشجرة الزيتون واعتبر عام 2004 عامها بامتياز كما لم يحدث سابقا..
لقد حقق الشعر والفلسفة لرمزهما النبيل في شجرة الزيتون الكثير،لكن سيبقى للحدث الرياضي ما يضيفه رمزا للسلام والتآلف..
كانت اكاليل من شجرة الحياة توضع على رؤوس الفائزين في اثينا..
وكان المقدس الهولندي في الشجر والنباتات هو زهرة التوليب، غير انها بما هي عليه من رهافة وقصر موسم..ستبقى رمزا لا يحضر في الواقع الا أياما معدودات..انه حضور شعري آخر..
في لاهاي، ومن على أشجارها انبجست اثنتا عشر روحا للشعر،من اجل إثبات شعري على تآلف سكان ذلك البلد الأوربي المعروف برغبة حكومته في دمج المهاجرين وسعيها الحثيث في سبيل هذه الغاية،جاءت تلك الفعالية المتميّزة استعانةً بالطبيعة لقول ما يبرّر عودة الإنسان الى إاتلافه مع الآخر.. وكأنها اعتراض هايدغر الشديد على الجحيم السارتري فالإنسان كائن مع الآخر والطبيعة..
في احتفالية الشعر والشجر الأخيرة.. كنت من بين من حضروا تلك الأمسية، بدعوة من صديق صحفي هولندي..قال ممازحا: الا ترى حضور الجالية العربية في هولندا قليل كالعادة..
غير ان احتفاء الحضور الآخر بأداء الشاعرة العراقية بلقيس حميد حسن ميّز اللغة العربية وعذوبتها بصوت نسوي عراقي.. ولو كنت لم ارّ الشاعرة لمرتين سابقتين لقلت بحق ان هذه المرأة قادمة من عمق تاريخ العراق.. بأكليل انانا ثانيةً..وكأنها تكمل الدور الذي أدته قبل أيام لحظات غنت قصائد عراقية قديمة في عمل مسرحي مثلتْ فيه صحبة الفنان العراقي احمد شرجي والشاعر صلاح حسن الذي اعد العمل ليخرجه الفنان كاميران رؤوف..
في لاهاي استمعت الى قصائد بلغات شتى..العبرية...البولونية..التشيكية..الإنكليزية.. الألمانية..الروسية. ..
وما كانت القصائد لتشدني، بقدر ما رأيته من تعاطف النسبة الغالبة من الحضور الذي آثار تصفيقهم حفيفا في أغصان الشجر حيث تسلق الشعراء..
كانت اللغة العربية أجمل اللغات وأنقاها وأكثرها موسيقية.. قال هذا صديقي الصحفي الهولندي معجبا بأداء الشاعرة بلقيس حميد حسن..
وكانت هي المرة الثانية التي استمع فيها الى الشاعرة.. و لكم كنت أتمنى ان اشدّ على يدها بعد الحفل غير إنها ضاعت بين الحشود سريعا..حضورها كشاعرة عراقية جعلني اشعر بفرح للمرأة التي تدافع عن حقوقها وتكتب عنها كثيرا..
ولحظة يكون رمز العرب في احتفال التآلف والسلام هذا.. امرأة و شاعرة عراقية..فهو حضور ل "كلمة طيبة كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء"..
في سدرة لا ينتهي عند عليائها الشعر..قلت كعربي.. ان هُزّي إليكِ بجذعِ الشجرة كما لو انها نخلة عراقية..كما لو ان مسيحا جديدا يصحح للحاضرين وأصحح معه محتجا للسلام.. "ما قطعتم من لينةٍ أو تركتموها قائمةً على أصولها فبإذن الله"! ..فما أمتع ان يجتمع شاعر فلسطيني مع شاعر يتحدث العبرية..لينشدوا للسلام..
وقلت كعراقي يتذكّر نخلة الشعر الباسقة ومجدها؛ الجواهري.. تذكرتـُه وكأني بالشاعرة تراه وتسمعه ينوح بساتين بغداده وأشجارها..
حييتُ سفحك عن بعد فحييني يا دجلة الخير يا أم البساتـــين
حييتُ سفحك ظمآناً ألوذ بــه لوذ الحمائم بين الماء والطين
قلت.. هل لنا ذات يوم ان نحتفل بالشعر والنخلة العراقية؟!..
ويكون للشعراء يوم نخلتهم؟
نحتفل متناسين ما مرّ من صلبٍ مرير على جذوع النخيل العراقي..ومن عطش رسم سنواته طويلا فوق تلك الشجرة..
نتذكّر فيها حبيبة السياب في؛عيناكِ غابتا نخيل ساعة السحر.. او تلك الإطلالة الشاعرية للعاشق السيابي: " كنت أهصر سعف النخيل؛حذار أن يمنع عينيَّ من رؤيتها اذا أقبلت، أما الآن فليتهدل السعف، فهي لن تأتي"..
فلتأتِ..
لتأتِ الأيام التي نتعشقها..
وستقبلُ الأيام العراقية من وقوف البياتي ونداءه :
"وقفت في أبوابها ملتاع
قال دليلي أنها مدائن الإبداع"..
تحية لمدن الإبداع المـُنتظرة احتفال نخيلها وسلامه..
تحية للمرأة العراقية .. ولحضور الشعر بين يدي بلقيس..



#علي_شايع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى الصحفيين العرب.. بوح عراقي بما يشبه رسالة
- الاستقلال.. بالقدم العراقية
- !اختطاف التاريخ
- المتكرر في النجف بعد ثمانين عام
- استبداد الطبائع
- قمر العرب وشمس 14 تموز
- لعبة التحرير
- ادرأوا الحدود بالشبهات
- -القاسم- في التواد المشترك مع أمريكا
- قالها عكاشة ولم يسمعه من احد؟
- عرب العراق،أم عراق العرب؟!
- بئر سومري
- صحيفة مضيئة
- الانتفاضة الموسيقية !
- بيضة الديك تاتور !
- مقترح لمتحف جديد
- صورة الدكتاتور في احتفاله الأخير
- آلام المغني
- الإرهاب الحميري!
- حواس مخادعة


المزيد.....




- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي شايع - حين يـُقرأ ُُالشعر من على شجرة