أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد البدري - علي ماذا اقسم البشير؟















المزيد.....

علي ماذا اقسم البشير؟


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 3227 - 2010 / 12 / 26 - 19:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس لدي سجل بلحظة تولي حاكم السودان العسكري الانقلابي الحكم في هذا البلد الشاسع المساحة، لكن من المعلومات العامة فان شرط القسم علي اي شئ يعتقد الشعب بقدسيته لكفيل بضمان الاخلاص للمبادئ العامة التي تحدد امن الوطن. في منطقة الشرق الاوسط تعودنا سماع القول الشهير "اقسم بالله العظيم" وتعددت الايمانات والحلف بكل مقدس في كل ثقافة. وكان خوسي لويس ساباتيرو رئيس الحكومة الإسبانية المنتخب من الشعب الاسباني سباقا في رفض القسم علي الكتاب المقدس عند توليه رئاسة الوزارة، باعتبار ان العهد الذي قطعه علي نفسه هو عقد بينه وبين الشعب وليس بينه وبين اي شئ آخر من خارج اسبانيا او اوروبا او خارج الكرة الارضية. فهو لا يخشي شيئا الا رقابة الشعب الاسباني عليه.
بشكل عام فان ولاء القسم لا يخرج عن الصيغة المعتادة في شكلها العام ومثالها:
أقسم (بشئ متفق جماعيا علي عظمته) أن أكون مخلصاً للوطن وأن أحافظ على أمنه وسلامته ، وأن أكون مطيعا للدستور والقانون.

ساباتيرو اعتبر ان الشعب والفكر الانساني المؤسس علي العدالة هو اعظم ما ينبغي القسم به. وفي بلادنا التعسة يقسمون جميعا باسم الله. فمحمد عمر البشير يحكم السودان منذ حوالي 23 عاما، اخذها عنوة وليس برغبة شعبه ومع ذلك، وغالبا، اقسم بالله علي الحفاظ علي وحده وطنه وامنه وسلامته. اخذ الرجل السودان عنوة بانقلاب عسكري وكانت الشريعة تحكم اجزاءا كثيرة منه طبقا لافعال سابقة العسكري النميري الذي قطع الاطراف واغتال المفكرين وجلد النساء واهان البشر وطبق الشريعة كما ينبغي ان تكون.
في ظل الشريعة كان وسيكون هناك كثيرين خارج مفهوم المواطن رغم ان القسم ينص علي ضمان سلامة وحقوق الناس والبشر. فالقسم ليس سوي وعد بضمان امن الارض والمواطنين يتم توثيقه عمليا أمام هيئات الدولة الرسمية لكنه مضمون شفاهيا امام الرمز الذي اعتمده الشعب كاعظم ما في ضميرهم الجمعي.

ومعروف ان ثقافة الشفاهية قابلة دائما للتحريف والاضافة والحذف والتعديل والجرح والاسقاط والتزييف والغش والنسخ والمنسوخ، ومثالها الموروث الاسلامي حيث انقسم علي اساسها المسلمون الي مدارس كثيرة وفرق ومذاهب متعدده متحاربة ومتقاتلة لان ما وصلنا بل ما وصل المسلمون الاوائل هو مجرد نص شفهي وفقط.

السودان الان وبعد اكثر من عقدين علي حكم البشير الذي حلف بالله سبحانه وتعالي علي وشك ان يخسر جنوبه لان جنوبه، حسب اقوال اهل الجنوب، لم يتمتع بحقوق متساوية مع اهل الشمال رغم قسم البشير. فليس من العدل تطبيق شريعة علي بشر لم يشاركوا في تحديد قوانينهم او شرائعهم، بما فيهم المسلمون انفسهم. فالشريعة الإسلامية التي يصمم البعض علي اعتبارها مصدراً وحيداً للدستور، لا تتفق مع نص القسم في بداية تولي السلطة حتي ولو كان الله هو الرمز الاعظم الضامن للولاء للوطن وللمواطن. فالمواطنين يتعددون في دياناتهم بتعددهم . فعلى النحو الذي نحاه البشير يجعله ناقضا للعهد ومخالفا للوعد. فالكارثة التي ستحيق بالسودان من انفصال الجنوب وغالبا دارفور والجزء الشرقي وربما اجزاء اخري – ارضا وبشرا - لم تجد في حكم عسكر السودان او اسلمة النميري والبشير صونا لها وضمانا لما جاء في ولاء التولية.

هنا يبرز السؤال لماذا يصمم البشير علي مخالفة قسمه ومخالفة وحده وطنه ومخالفة مواطنية لصالح الشريعة التي يختلف الناس عليها بما فيهم المسلمون انفسهم؟
ظهر البشير في الفضائيات يقف علي منصة ويلوح بالعصا السودانية (هناك مثل يقول العصا لمن عصي) ويعد بتطبيق امور هي من صلب ادعاءات الاسلام السياسي ومطالبه التشريعية كما لو انه اصبح الممثل الشرعي لهم وفي نفس الوقت يجهز لانفصال السودان كما لو ان تفتيت الاوطان هي ايضا من ضرورات اجندة الاسلام السياسي.

المجتمع الاسلامي يخجل من اعلان تعدد مكوناته رغم تشدق المدافعين عنه بان الاعراق واصحاب الاديان الغير اسلامية عاشت في امان في ظل نظام الخلافة. فلو انهم تاملوا في فكرة الخلافة وتداعياتها طوال التاريخ لاكتشفوا مدي العسف والظلم والاستبداد وسياده الجهل وتدني مستوي البشر مع امتهان لكل اصحاب الاديان الغير اسلامية بل والمسلمين ومنهم الفقهاء المشايخ ايضا. مما يعطي انطباعا بان الشريعة هي ضد الانسانية. الخجل المستتر عن ادعياء الشريعة ودولة الاسلام يقول بانهم يسعون الي دولة لا اختلافات ولا اصوات مغايرة وبلا الهه متعددة وبلا نقد للحاكم. انهم يقولونها سرا وهو ما سيكون جهرا فيما بعد تولي السلطة. انهم يسعون لمجتمع بلا تنوع. علي طريقة بالا يبقي في جزير العرب دينان، فهل نعمت جزيرة العرب منذ ذلك الوقت بامن وامان؟

لجأت المملكة السعودية، المطبقة للشريعة، لاسبانيا القوية مؤخرا لشراء السلاح. لجأت لساباتيرو الذي يرفض القسم علي كتاب هو الاصل الذي بني عليه الاسلام. فشرعية ساباتيرو اصبحت هي التي تصدر القوة والسلاح لاوطان ترفض التعددية. والبشير صاحب الوطن المتعدد في كل شئ من الجماد الي البشر يصمم علي اللحاق بمجتمعات الاحادية الضعيفة، بلا اختلاف او تنوع.
فاسوا ما يصيب الوطن هو انفصال جزء منه يحمل كراهية ضد وضعه السابق، وبالتالي فان الحرب ستكون شرعية بين الاجزاء الجديدة بعد ان كانت مجرد تمردات داخلية في وطن واحد. فما ينتظر السودان منذ قسم الولاء هو جعل الحروب الداخلية حربا رسمية ودولية بعد ان كانت مجرد امرا محليا ومحدودا. فكرة الانفصال إذن لم تتاسس لدي الجنوبين انما بسبب عسف الشماليين الذي رسخوا فهما للشريعة جعلت حدود الله هي اصل البلاء.

فالدولة الفاشلة حديثا هي ناتج لفشل الحاكم الذي يهرب من الفشل بتطبيق الشريعة لقمع كل صوت يصرخ في وجه الفشل ويطالب بالنجاح. وبالتالي فاصبح علي الجغرافيا ان تتغير حتي لا يعترف الحاكم بفشله والنظام بفساده والثقافة السائدة بعسفها. ففي الخرطوم قال الحاكم الفاشل انه لن يجامل احدا في تطبيق حدود الله. هكذا وبكل بجاحة اعتبر نفسه حاميا لحدود الله رغم انه لم يقسم عليها منذ ان خرج من بطن امه ودون له موظف غبي في خانة الديانة، ما جعله يفرط في وحده وحدود الوطن حفاظا علي حدود الله. البشير وزمرته لم ياكلوا من الشريعة ولم يشربوا من نهر الكوثر انما من ناتج ارض السودان ومياه النيل. ورغم ذلك فان امن وسلامة مقدرات الوطن بعد الولاء لم تعد مضمونة. البشير ملزم بالبقاء علي ارض وطنه السودان وشرب ماء النيل الجاري وليس من حوض الرسول في الجنة، لكن دينه ممن المكن تغيره. فلماذا يتم ضرب وتفتيت الثوابت من اجل المتغيرات؟

منذ سنوات تم تسليم ماركوس من السودان لانه متهم بعمليات ارهابية، لا نعرف مدي ما كان سيصل اليه الارهاب لو ظل طليقا. فهل سيتكرر المشهد منعا لحروب دولية قادمة بين جنوب وشمال سيكون اوكامبو هي البطل الذي سيبطل حدوثها.



#محمد_البدري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمرانية ونهاية عصر الشهداء
- كيف نفهم الجرائم الاصولية الاخيرة
- اغلاق مؤقت باذن الله وباذن السلطة
- تحالف الاصولية الاسلامية مع الصهيونية اليهودية
- السلف وسذاجة الفكر
- قمة فضح العرب
- ما قد حدث للمصريين
- أزمة النص عند العرب والاسلاميين التاريخية
- انسدادات حوارية ومحاولة محموده للحل
- سؤال قديم مكرور
- في ذكري العام التعس 1952
- نصر ابو زيد الحاضر دائما
- بين هايزنبرج وعمارة
- السلف وبلاهة الفكر
- الكنيسة إحدي مؤسسات القمع التاريخية
- المشترك بين لينين وستالين والاسلام
- إما الليبرالية وإما مالاخوليا العروبة
- صديقي العزيز
- العرب بين الاساطير والعقلانية
- حوار مع د. طارق حجي


المزيد.....




- ترامب يرد على سؤال حول إمكانية إرسال قوات برية في حالة التدخ ...
- قاضٍ أميركي يأمر بالإفراج عن الناشط المؤيد لفلسطين محمود خلي ...
- إيران تستهدف إسرائيل بصواريخ ثقيلة وتطلق مسيرة على خليج حيفا ...
- بوتين: روسيا تبني لإيران مفاعلين نوويين إضافيين في بوشهر
- من المسؤولة الأميركية التي كذبها ترامب وماذا قالت عن إيران؟ ...
- إسرائيل: أخّرنا إمكانية امتلاك إيران سلاحا نوويا سنتين أو 3 ...
- تحديث مباشر.. دخول الصراع يومه التاسع وترامب: إسرائيل لا يمك ...
- على وقع الضربات المتبادلة مع إسرائيل.. زلزال في شمال إيران
- -فتاح 2-: الصاروخ الإيراني الذي يصل إلى تل أبيب في أقل من 5 ...
- الدويري: المقاومة تعمل بعمق قوات الاحتلال وحرب إيران لا تؤثر ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد البدري - علي ماذا اقسم البشير؟