أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - البوم الغناء/قصة ليست للكبار















المزيد.....

البوم الغناء/قصة ليست للكبار


عماد ابو حطب

الحوار المتمدن-العدد: 3225 - 2010 / 12 / 24 - 22:58
المحور: الادب والفن
    


البوم الغناء/قصة ليست للكبار



البوم الغناء قصة من اثنتين كتبتهما لاليسار واسيل وايزيس...ارجو ان تعجبهم...فليس كل ما اكتب ينال رضاهم،وهي الفصة ما قبل الاخيرة لعام 2010





اليوم في درس الموسيقى طلبت المدرسة من من كان يملك صوتا جميلا ان يغني ، تراكض العندليب والحسون والبلبل والكروان والكناري للغناء ،ومن بينهم قفزت انا لاغني،نظر الي الجميع مندهشين،بومة وتغني?ولما كان عددنا كبيرا فقد طلبت الانسة من خمسة منا أن يغنوا علي أن يكمل البقية في اليوم التالي،وشدد ت علينا بالتدرب علي الاغاني حين نعود الى المنزل. انتبهت الى انها نظر ت الي نظرة مليئة بالاستغغراب .ما أن انتهى الدرس حتى تحلق حولي الطلاب متسائلين:لم نسمع في حياتنا أن هنالك بوما يغني أو أن أصوات البوم جميلة.وقام بعض الطلبة بالسخرية مني قائلين:لعل هذه البومة الصغيرة تظننا في خرابة لتأتي وتنعب فوق رؤوسنا

.بكيت بحرقة حتي هرب جميع الطلاب خوفا من الغرق في دموعي

حينما عدت للمنزل كنت كئيبة شبه منهارة،لا ادر لم قال الطلاب عن صوتي انه بشع مع انني لم أغن أمام أحد حتي والدتي لم تسمعني أغني منذ أن ولدتني حتى الان.توجهت لامي لاسألها ان كان صحيحا أن أصواتنا منفرة وبشعة?نهرتني وقالت لي:لدي يا صغيرتي ما هو أهم من هذا الكلام اللا فائدة منه،وأنصحك ان لا تغني في الصف واتركي الغناء للطيور الحمقى،اهتمي بدراستك فنحن البوم اصحاب حكمة ويستعين بنا كبار القوم للتزود بحكمتنا.

لم اقتنع بكلام امي ،حاولت مجادلتها لكنها اعرضت عني متبرمة من الحاحي.توجهت الي جدتي بالسؤال ذاته،وأخبرتها أني أحب الغناء،وأريد أن أغني كباقي الطلاب في الصف،وحتى أنني افكر بمنافستهم في مسابقات الغناء.

ابتسمت جدتي العجوز ،وبالمناسبة جدتي حكيمة جدا وأظن نها عاصرت لقمان الحكيم من كثر الحكم التي تنصح بها القوم.،طبطت الجدة على كتفي وحضنتني ،ولما هدأت روحي،اجلستني في حضنها وقالت:يا صغيرتي ساروي لك قصة جدتنا الام مع الغناء وبعدها سأتركك وحدك لتقرري الغناء من عدمه.لقد حبانا الله حين خلق الكون بصوت عذب شجي . رخيم كباقي الطيور المغردة،فالله جميل ويحب الجمال،وكنا نغني ليل نهار ونباري بقية الطيور في كل اصناف الغناء،وكانت الغابة كلها تجتمع لتسمعنا ولا يمل من غنائنا احدا.حتي وصل صيتنا الي الملوك والرؤساء ،فاستدعانا العديد منهم لنحي افراحهم العامرة.وفي يوم من الايام جاءت مجموعة من الاشخاص غريبي المظهر والسلوك.يزجرون الخلق كلهم ويضعون قوانينا جديدة للعباد،ويروجون انها الطريق القويم لمحبة الله ووصاله.استمالت المجموعة خلقا كثر،جلهم كانوا قانطين ،منزعجين من سلوك الحكومات وسياساتها التي اوصلت العباد الى حافة الجوع والاقتتال.ولما قويت شوكة هؤلاء،استلموا الحكم وانفردوا به وباتوا يسنون قوانينا لم ينزل الله بها من سلطان.كان العالم يفيق كل يوم علي قانون جديد.ونحن لم نكترث،فهو صراع بين بني البشر لا ناقة لنا فيه أو بعير،الي أن افقنا ذات يوم علي قانون جديد منع فيه الغناء وحرم،وتوعد كل من يغني بالعقاب الشديد.وقالوا أن الغناء يلهي الرعية عن أعمالها ويسبب شغباً وفوضى ، وينسي الشعب تعبده، ويبعده عن حمد الله وشكره, ويفتح الباب أمام الشهوات والمنكر.

ضج الناس وهاجوا وماجوا،لكن لم يكن بيدهم الا الرضوخ،فهم مغلوبين علي امرهم ومن باتت السلطة بيدهم كشروا عن انيابهم وتوعدوا الجميع بالهلاك ان لم يرضخوا لتنفيذ الفرمان العجيب.وقتها لم تكترث جدتنا البومة بالامر رغم انشارالعسس و المخبرين في المدن والقري والغابات.وبات العسس يتعسون و يرصدون تحركات الانس والجن والحيوانات والطيور ويلاحقونها حتى تلتزم بتنفيذ بنود الفرمان ، إلا أن جدتنا البومة ذات الصوت الشجي لم تقبل الالتزام بالفرمان ،فهربت الي خرابة بعيدة وسكنتها وجعلتها مكانا تصدح منه بالغناء،وصارت تغني امام اولادها واصدقائها وكل من يزورها.وبلغ أمرها لاولي الامر الجدد فعقدوا العزم على القبض عليها وجعلها عبرةلكل من يخالف اوامرهم ويتحداها,انتشر المخبرون يفتشون عن هذه البومة الوقحة التي تحدت اجماع اهل الحل والربط. ولما وصل الخبر لاصدقاء جدتنا الام،تراكضوا لتنبيهها من الخطر المحدق والذي يقترب منها وقد يكلفها عنقها.الا أن الجدة لم تكترث بكل التحذيرات ،لا بل سخرت منها ووقفت معلنة:الموت أسهل من الصمت ، الموت هو الصمت ، الأشرار وحدهم لا يغنون ،سنغني ولو همسا.هؤلاء لا يفهمون أن الشعر والغناء هما الذان يجعلان الكون جميلا ،فهما يرققا الاحاسيس حتى تصبح أرق من البلور.وهكذا لم تتوقف جدتنا الام عن الغناء،لكن شيئا ما تغير في صوتها،لقد اصبح مغلفا بمسحة حزن متزايدة. وكلما جد العسس بالبحث عن جدتي ،كان صوتها يعلو ويصل انحاء المدينة كلها،وكان غيظ الحكام الجدد يتزايد.رصدوا مكافأة ضخمة لمن يشي بمكان اختفاء الجدة الحكيمة.ولما وصلها الخبر حزنت حزنا كبيرا وأحست لاول مرة بالخطر.وتسلل الخوف الى قلبها الرقيق،وبات يلفها نوع من الاضطراب والشرود.لقد تيقنت أن نهايتها اقتربت وأن من سيسلمها قد يكون أقرب المقربين منها.

وما كانت خائفة من وقوعه، قد وقع . ففي أحدى الليالي المظلمة تم تطويق الخرابة التي اختبئت بها جدتي بالمئات من المخبرين وتم القبض علىها وعلى كل من كان متواجدا معها في الخرابة.وسيقوا الى السجن. أخضع الجميع الى تحقيق قاس ومهين. البعض لم يتحمل التعذيب و سقط ميتا ، والبعض الاخر أصبح جاهزا للتوقيع على كل ما يطلب منه. وبات من جيش العسس والمخبرين الجدد..أما جدتنا الام فقد حبسوها في قفص صغير ، وأخضعت بعدها لابشع أنواع التحقيق والتعذيب . اسابيع عدة قاومت وصمدت ولجأت للغناء تعبيرا عن رفضها ،وكلما ازداد بطش السجان كلما علا صوتها بالغناء،لكن طاقتها على الاحتمال بدأت تضعف ومع قسوة التعذيب ،وشدة الالام ،تمنت لو أن امها لم تلدها ونسيت حتى حليب أمها.حاولت بكل طاقتها أن لا تستسلم ولما أيقن الحكام الجدد فشلهم في اخضاعها أمروا بقطع أوتارها الصوتية.وشيئاً فشيئاً لم تعد الجدة قادرة على الغناء .وفي احدى المرات فكرت أن تغني، وعندما بدأت الغناء خرج غناؤها حشرجة وهلوسة ونحيباً ، ويوماً بعد يوم تراكمت الشهور والسنون وهي في سجنها حزينة مكسورة ،وعندما أدرك الحاكمون الجدد أن جدتنا المسكينة باتت غير قادرة على الغناء وأن حنجرتها قد خربت الى الابد ، أطلقوا سراحها . ومنذ تلك الأيام البعيدة وإلى هذا الزمن لم يستطع اي منا الغناء كما كنا نغني ، وحتى عندما كنا نحاول كان لا يصدر منا الا نعيباً مليئا بالحزن والاحتجاج.

صمتت جدتي وكانت تخبئ دموعها حتى لا اراها.وقبل أن انهض نظرت الي وقالت:الان عرفت قصتنا يا صغيرتي فهل ما زلت راغبة في الغناء أم انك ستخافين امراء الظلام ؟



#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عربة نقل للموتي
- الحداد والشيطان/قصة قصيرة
- مقهى
- خطباء 2)
- خطباء 1)
- عصفور...
- يوميات حجر منفي
- الميت السعيد/قصة قصيرة
- مات الشهيد
- طفولة
- 1-00-0-1-00-00-0-00-0-1-00/اقصوصة
- عزرا يولد من رحم جوليات الفلسطيني/قصة ام هلوسات
- النعش الطائر/قصة قصيرة
- مومس
- بهلوان
- البدلة العجيبة/اقصوصة
- لا محل لك من الاعراب/قصة قصيرة
- بلا عنوان/يترك العنوان لكم/اقصوصة
- جنازة/اقصوصة
- ذهب ولهب


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - البوم الغناء/قصة ليست للكبار