أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عبد الفتاح السرورى - سفير التراث















المزيد.....

سفير التراث


محمد عبد الفتاح السرورى

الحوار المتمدن-العدد: 3222 - 2010 / 12 / 21 - 12:18
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يوماً ما تنبأ له أحدهم بأنه سوف يصبح سفيراً، وقد كان. والسفير هنا مشتق من (السِّفر) بمعنى الكتاب، وقد حمل زيدان الأسفار.. أسفار التراث، ولم يصبح شاذليا (نسبة إلى الطريقة الشاذلية) كما كان متوقعاً، ولكنه أصبح للتراث مفهرسا وباحثا ومحققا.
كانت البداية فى صعيد مصر (ما أغناك أيها الصعيد) فى مدينة سوهاج، وكان يوم ميلاده هو 30 يونيو، ثم انتقل إلى الإسكندرية (حاضرة الثقافة على مرِّ العصور ) مع جده وهو طفل صغير، وبعد أن أنهى دراسته فى مدارس الإسكندرية التحق يوسف زيدان بكلية الآداب قسم الفلسفة وحصل على الليسانس عام1980، وتم تعيينه فى جامعة الإسكندرية. ويبدو أن النبوءة الأولى بأنه سوف يكون شاذليا لم تَضِعْ سدى، فلقد كان على موعد آخر مع الصوفية حيث قام بتحضير رسالة الماجستير وكان موضوعها (الفكر الصوفى عند عبد الكريم الجيلى) وبعدها حصل على درجة الدكتوراه فى الفلسفة الإسلامية برسالته عن (الطريقة القادرية فكراً ومنهاجاً وسلوكاً، دراسة وتحقيق لديوان عبد القادر الجيلانى ) وذلك فى العام 1989، وبعدها حصل على درجة الأستاذية فى الفلسفة وتاريخ العلوم (عام 1999).
الدكتور يوسف زيدان واحدٌ من الذين تربطهم علاقة وشيجة بالعالم الكبير (ابن النفيس ) وهو يعد واحدا من أكبر الدارسين لعلاء الدين ابن النفيس صاحب موسوعة "الشامل فى الصناعة الطبية" وهى واحدة من أكبر الموسوعات الطبية وأشملها فى القرون الوسطى، قام الدكتور زيدان بنشرها فى ثلاثين مجلداً ضمن إصدارات المجمع الثقافى فى أبو ظبى، وبنشرها حصل على جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمى.
وما زلنا مع زيدان (لا عجب أن فى لقبه اشتقاقاً لغوياً فى معنى الزيادة) هذا العالم المحقق للتراث قبل أن نرحل الى إنتاجه الأدبى..للدكتور يوسف زيدان كتاب أزعم أنه لم يأخذ حقه من الشهرة والتقدير ألا وهو كتاب (كلمات، التقاط الألماس من كلام الناس ) هذا الكتاب الذى يبحر فيه المؤلف مع كثير من كلمات حياتنا، والتى نتداولها ونتلاسنها بفهمٍ لمعناها أحيانا وبجهلٍ بمعناها أحايين ... وللحقيقة لم يلفت نظرى فى كتاب كلمات تحقيق المؤلف لبعض المفردات التى نستخدمها مثل (أرارى –الزُّوفا – الميرى ) ولكن ما استوقفنى بالفعل هو تحقيق عالمنا الكبير لبعضٍ من أخبار التاريخ، والتى لا تخلو المناهج الدراسية منها على الرغم من عدم دقتها، بل وتعارضها أحيانا مع العقل والمنطق. مثل تحقيقه الرائع لواقعة انتصار المصريين على المغول فى موقعة عين جالوت، أو الدور الذى قام به صلاح الدين الأيوبى فى موقعة حطين، أو حتى بعض حوادث التاريخ الفرعونى وآثاره المدونة مثل انتصار رمسيس على الحيثيين وتصويره بالعجلة الحربية الشهيرة ..
بطبيعه الحال لن يتسع المقام لعرض هذا المنجز الرائع الذى ناء به الدكتور زيدان فى كتابه (كلمات ) ولكن بإطلالة سريعة فقط على حقيقة الحوادث السابق ذكرها، يؤكد الباحث المحقق أن الكثير من حوادث التاريخ، قد داخلها اللغط بعمد أو بدون؛ فلم ينتصر المصريون على الجيش المغولى فى عين جالوت كما تصور لنا الأفلام والمناهج الدراسية، ولكن ما حدث هو أن المصريين انتصروا على فلول الجيش المغولى المنسحب بعد قطع الإمدادات عنه من جهة ملك المغول، عقاباً على ما اقترفوه من مذابح بشعة كما هو معروف.

أما بالنسبة لصلاح الدين الأيوبى ودوره فى التاريخ، فيؤكد لنا الباحث أنه لم يكن أكثر من مجرد قائد عسكرى، أرسله السلطان نور الدين محمود لتحصين مدينة دمياط، فانشغل صلاح الدين بمحاربة الفاطميين أصحاب المذهب الشيعى، أكثر من اهتمامه بتحصين المدينة، مما أدى فى النهاية إلى أن يبرم معاهدة صلح مع ريتشارد قلب الأسد، قائد جيوش الصليبيين. وما لبثت هذه المعاهدة أن انهارت، بحملة صليبية جديدة. ويؤكد لنا يوسف زيدان فى "كلماته" أننا نقرأ التاريخ بعينٍ واحدة، ولا نرى منه إلا ما نريد. ولا قِبَلَ لنا على إعمال العقل والمنطق فى هذا الموروث التاريخى الملوث بالتفسيرات السياسية والمذهبية.
يوسف زيدان الأديب
للعلم وبصفة شخصية، أؤكد من خلال عملى أن الكثيرين ينكرون على الدكتور زيدان اشتغاله بحرفة الأدب، وقالوا ولا يزالون يقولون، بأنه قد أبحر فى غير بحره. على الرغم من أن الدكتور زيدان قدم للمكتبة العربية إنتاجاً أدبيا يتمثل فى مؤلفه النقدى (ملتقى البحرين) والذى يطرح فيه رؤيته النقدية لأعمال بعضٍ من المعاصرين مثل أعمال الروائى جمال الغيطانى.
كما قدم الدكتور يوسف إلى عالم الرواية العربية، روايتين أولاهما (ظل الأفعى ) ثم أعقبها بالرواية الأزمة (عزازيل) وهو الآن يعكف على روايته الثالثة (النبطى).
الرواية الأزمة: عزازيل
منذ صدرت عزازيل لم تهدأ سورتها. حتى الآن طبع منها عشرون طبعة، وفازت بجائزة البوكر العربية، كما هو معروف. ونستطيع أن نقول إن رواية عزازيل هى بحقٍّ رواية كاشفة ليس فقط عن المسكوت عنه فى أحداث التاريخ، أو كشف الغطاء عما استتر منه كما هى عادة الدكتور زيدان. ولكن فى هذا المقام، تعد رواية كاشفة لطبيعة النسق الفكرى العام، الذى نحيا جميعا فى كنفه.. كشفت عزازيل عن مدى سطوة الحس الدينى السلفى فى حياتنا، وليس هذا فحسب، بل المفارقة أيضاً أنه باصطدام أحداث عزازيل مع الرؤية الطوباوية الملائكية التى يطرحها بعض المؤرخين، لخط سير وكيفية انتشار المسيحية فى مصر، يتضح لنا حجم التناقض الذى نمارسه جميعا على أنفسنا، ليلاً ونهاراً؛ فالحرية هى حرية النقد، أو طرح الرؤية، شريطة ألا تصطدم بالمقدس. سواء كان نصاً أو حادثاً عابراً من أحداث التاريخ، والذى لا ينكره إلا مكابر أو متعصب متطرف، لا يرى فى الحى إلا أهل بيته.
أزاح زيدان الستار (ومع تقديرنا الشديد لشخصه الكريم فإنه ليس أول من فعل ذلك) إزاحةً كاشفة عن شخصية "هيباتيا" فيلسوفة الإسكندرية الشهيدة، التى قتلت بتحريض من البابا كيرلس (عمود الدين) لأنها ساحرة أو مهرطقة.. ليست الكارثة فقط فى قتلها، ولا حتى فى الطريقه الهمجية التى قتلت بها، ولكن الكارثة الحقة هى هذا الإنكار الغريب لملابسات الواقعة، والإصرار على تبرئة البابا كيرلس عمود الدين، من التحريض المباشر على اغتيالها، وهذا الإرهاب الفكرى الذى مورس ضدها، وإلحاق هذه التهمة بالغوغاء. وكأن الغوغاء عرفوا من تلقاء أنفسهم، أن هناك فيلسوفة تنتمى للمدرسة الفيثاغورثية، تقول بما يتعارض مع الكتاب المقدس ..فبأى عقل ترى يرفضون ما يسطره زيدان؟
خاض الدكتور زيدان فى منطقة قلَّما يخوض فيها أحد من العالمين، وهى منطقة الموروث المقدس. والجدير بالذكر أن الكثير من أساطين الفكر الإسلامى الحاليين، يناصبون زيدان العداء، لأنه يتحرك بعقلية واحدة فى هذا التراث الضخم، سواء كان تراثاً إسلامياً أو مسيحياً. وهذه العقلية رائعة من وجهة نظرهم، طالما أنه لا يفعل بتراثنا الموروث، ولكنه يفعل!
وبخوضه فى هذا الموروث الهائل الحضور، وبتجديفه ضد تيار (آمين) يكتسب يوسف زيدان كل يوم خصوماً وأعداءً جدداً، من كلا الجانبين. ولكنه يكسب أيضاً مؤيدين يحترمونه ويحترمون إنتاجه الأدبى والنقدى، وهؤلاء المؤيدون يتحولون يوما بعد يوم من مؤيدين، إلى (مريدين) بالتعبير الصوفى.. تلك الصوفية التى لم تخلُ منها شخصيته المحبة للوصل.. فياليته يصل، ونصل معه.



#محمد_عبد_الفتاح_السرورى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان القاهرة السينمائي
- كلود مونيه
- الأستدة
- المعضلة الإسلامية الفرعونية
- إقرأوا معى تلك الحادثة!!
- كاميليا الأهم التى نسيناها
- أفيشات السينما المصرية
- غربة الاقباط فى مصر
- هل نعتذر عن الإهتمام بالشأن العام؟
- عندما يصبح الامر لايطاق
- رسالة واجبة للحوار المتمدن
- من رنة الخلخال الى رنة الموبايل
- المتشاعرين الجدد
- تجارة الإنجاب
- أزمة الفن التشكيلى فى مصر
- برنيطة سيلفيا كير النعرات الطائفية واشباه الوطنيين
- القرصنة الإلكترونية على الأفلام السينمائية
- مسلك العقلية الشرقية فى تحليل الوقائع التاريخية
- من يوقف هذا الرجل؟
- السلفية المعاصرة فى الإسلام والمسيحية


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عبد الفتاح السرورى - سفير التراث