أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طارق حجي - خواطر وشذرات















المزيد.....


خواطر وشذرات


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 3219 - 2010 / 12 / 18 - 06:45
المحور: كتابات ساخرة
    


الدانة الأولى:

كنت محظوظا إذ كنت فى مدرسة (إبتدائية وإعدادية وثانوية) ضمت أفضل مدرسي مصر قاطبة خلال السنوات 1955 - 1967 . وكان السبب ، أنها كانت المدرسة التى كان أبناء جمال عبدالناصر الثلاثة (خالد و عبدالحميد وعبد الحكيم) يدرسون وقتها بها . وعند هذه الجزئية (توفر أفضل المدرسين المصريين) كانت "المعاملة الخاصة" تنحسر . فقد كان الأبناء الثلاثة لعبد الناصر يعاملون مثل كل وأي طالب آخر . ومن حيث التفوق (أو عكسه) فقد كان أحد الثلاثة (خالد) شديد التفوق ، وكان عبدالحكيم متوسطا فى درجاته ، أما عبدالحميد ، فكان (كما يقول المصريون) "على الحميد المجيد" . لذا ، فبينما حصل خالد على مجموع (فى الثانوية العامة) أهله لدخول كلية الهندسة بجامعة القاهرة (1966) ، فإن عبدالحميد (الذى حصل فى صيف 1968على مجموع بالغ التواضع فى الثانوية العامة) لم يتمكن من دخول أية كلية جامعية ، فتوجه للكليات العسكرية ودخل الكلية البحرية بالإسكندرية . فى صيف 1968 كنت مع عبدالحميد فى منطقة شاطيء المعمورة بالإسكندرية ، وعندما تعرفنا على مجموعة من الشباب والشابات وذكر عبدالحميد إسمه كاملا ، أخذ الشباب الذين تعرفنا عليهم يضحكون ساخرين من "إدعاء" عبدالحميد أنه إبن جمال عبدالناصر !!!! إلى هذا الحد كان جمال عبدالناصر لا يسمح لأبناءه بالظهور الإعلامي ! وهو ما جعل ثلة من أبناء الأرستقراطية المصرية لا تعرف "وجه عبدالحميد" رغم أن والده كان رئيس مصر (وأي رئيس !!) منذ 1954. منذ شهور ، كنت أحضر حفل زواج ، وكان عبدالحميد يحضر نفس الحفل . توجه إلي عبد الحميد طالبا شهادتي أمام مجموعة أصدقاء مشتركين . كان عبدالحميد قد روي لهم أنه وأثناء سني الدراسة (وبالتحديد فى سنة 1963) تشاجر أثناء لعب كرة القدم داخل المدرسة مع زميل ، وأدي الشجار لكسر اليد اليمني لعبد الحميد ، وأن ذلك الشجار ونتيجته لم تكن لهما أية آثار ، ولم تتدخل المدرسة بأي شكل ، ولم توجه ولا كلمة لوم للطالب الذى تشاجر مع عبدالحميد و "كسر" ذراعه !!! لم يصدق المستمعون ما رواه عبدالحميد عبدالناصر ، فلما رأي أنني موجود بنفس القاعة ، أتي يطلب شهادتي ، ففعلت . وإذا كان الشيء بالشيء يذكر ، فلابد من ذكر أن زملاء أبناء عبدالناصر الذين كانوا يدعون لأعياد ميلاد أحد الثلاثة (خالد وعبدالحميد وعبدالحكيم) كانوا يمنعون من الحضور بأي هدايا !!! وكان معظم الذين يحضرون حفلات عيدالميلاد هذه (وكاتب هذه السطور أحدهم) يتعجبون من بساطة منزل الرئيس !!! .... وكان زميلنا - أيضا - فى المدرسة " جمال عبدالحكيم عامر" ، والذى يصح وصفه بانه كان أكثر أبناء كافة المسئولين الكبار بساطة وتواضعا بشكل يندر ان يكون له مثيل . وهو الآخر ، لم يكن متفوقا ، فحصل (فى صيف 1967) على نتيجة متواضعة فى الثانوية العامة ، ففشل فى دخول أية كلية بجامعات مصر، فإتجه للكلية الحربية (وكان جمال عامر يجلس بجواري فى نفس الصف والغرفة فى معظم سنوات الدراسة) . وكان أبناء معظم كبار الحقبة معنا فى ذات المدرسة . وأذكر من هؤلاء أسامة إبن حلمي السعيد الذى كان وزيرا للسد العالي ، والذى لا يزال صديقا قريبا . هو أيضا كان نموذجا رفيعا للبساطة . تلك البساطة التى ننظر اليوم لأبناء " الكبار" فنتذكر نبل ورفعة وسمو من عرفناهم فى ذروة أمجاد آبائهم ، فما رأينا منهم ذرة إختلاف عنا نحن زملاءهم . بل وكانوا (كما أسلفت) غير معروفي الوجوه للناس ، مما كان يسمح لهم بالتواجد معنا خارج المدرسة فى النوادي ودور السينيما والمسارح ، بل وعلى الشواطيء وفى الأماكن العامة بمنتهي البساطة وبدون أية حراسة . وأختم هذه الدانة بقصة فى ذات الإتجاه : فى ديسمبر 1996 كنت فى طوكيو . وكان مدير مكتب شركة مصر للطيران هو المرحوم محمود عبدالناصر (الأخ الأصغر الشقيق لجمال عبدالناصر) . عندما علم محمود عبدالناصر بوجودي فى طوكيو (من سفيرة مصر باليابان وقتها الوزيرة - لاحقا - مرفت التلاوي ) قام متكرما بدعوتي على العشاء بمنزله ، وكانت سهرة حميمة فى ظل ضيافته وضيافة السيدة قرينته وهى إبنة عبدالحكيم عامر والشقيقة الكبري لزميل الدراسة جمال عامر . فى هذه الليلة حكي لي محمود عبدالناصر أنه فى النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين كان يقيم فى منزل شقيقه الرئيس . وكانت تعليمات الرئيس الحازمة لمحمود هى ألا يذكر صلته بالرئيس أمام أية جهة رسمية يتعامل معها . وكام محمود (مثل سائر أفراد العائلة غير معروف الملامح ، إذ لم تكن صور أي منهم تنشر ، على الإطلاق - تماما مثل حال أبناء كبار المسئولين فى مصر اليوم !!!!) . ذات مساء ، كان محمود عائدا من سهرة مع أصدقاء له . وقبيل الوصول للبيت ( أي بيت الرئيس) إصطدمت السيارة التى كان بداخلها محمود مع سيارة أخري . فى محضر (تقرير) الحادث الذى أجرته الشرطة ، ذكر محمود أن محل إقامته هو بيت شقيقه الأكبر الرئيس جمال عبدالناصر . عاد محمود للبيت ونام ! على مائدة العشاء (فى اليوم التالي) سأل جمال عبدالناصر أخاه محمودا (وبشكل أصاب محمود بالمفاجأة) عن حادثة ليلة الأمس ! وعندما أكمل محمود الرواية ، سأله الرئيس : وهل أخبرت الضابط الذى أجري التحقيق أنك شقيق رئيس الجمهورية ؟!؟ ... أسقط فى يد محمود ، فإعترف وأعتذر !! فهل وقف الأمر عن ذلك !؟ ... لا : فقد أصر الرئيس على ألا يستمر محمود فى الإقامة ببيت الرئيس - تلك الإقامة التى ذكرها محمود فى محضر التحقيق !!!!! تذكرت هذه النتف من الذكريات وأنا أنظر لصحف اليوم فأجد أعضاء أسرة رئيس مهازلستان فى أكثر من أربعين موضع بعشرة صحف مهازلستانية !!!!



الدانة الثانية:

المجتمعات الإسلامية اليوم فى حالة فكرية وعقلية وثقافية مزرية . وسوف يأت
تجديد من داخل الإسلام فى يوم (غير قريب) . سيقوم قادة للرأي فى مجتمعات
المسلمين بإعطاء الجهاد معنا واحدا ليس إلا هو الدفاع عن النفس ، وسيحدث تأسيس
لقبول الآخر وإحترامه ، وستوضع قواعد تجعل المرأة (كما هى تستحق) مساوية للرجل
فى كافة الحقوق . وسيتم وضع قوانين للأحوال الشخصية تناسب العصر ... وسيتجاوز
المسلمون الكثير من القواعد والأحكام التى كانت تناسب مجتمعات القرت السابع
الميلادي . وسيقبل المسلمون على نظم تعليمية تكبر العقل ولا تتركه مضغوطا تحت
سقوف منخفضة من أسقف التحريم والتجريم . بل ولا أشك أن قادة الفكر فى المجتمعات
الإسلامية سيلغون التعويل على التقويم القمري .... ولكن كما أن تحرر المسيحية
من سلطان الظلام قد كان بعد مخاض طويل وعسير ، فإن خروج العقل المسلم من قفص
القرن السابع الميلادي سيستغرق عقودا وسيكلف مجتمعاتنا وقتا ومعاناة وربما
دماءا أيضا . ولا أظن أننا على أعتاب هذه المرحلة ، بل بيننا وبينها عقود وقرون .





الدانة الثالثة:

تعرفت على البابا شنودة منذ قرابة ثلاثين سنة. ومنذ اللقاء الأول إتضح أن
هناك كيمياء شخصية قوية بيننا. منذ إنتهاء إقامة البطريرك الإجبارية بدير
الأنبا بشوي ، تواصلت اللقاءات الثنائية الطويلة بيننا ، والتى ما لبثت أن
إنتقلت من المقر البابوي فى العباسية الى دير الأنبا بيشوي. وكنت ألتقي
بالبابا على الأقل مرة كل شهر ، وكان اللقاءات تمتد أحيانا لست او سبع ساعات .
الشعر وتاريخ مصر قبل 1952 وتاريخ الكنيسة المصرية كانت هى محاور أحاديثنا .
وكنت أستمتع بحديث البابا الطويل عن سنوات رهبنته بدير السريان منذ إلتحق
بالدير فى صيف سنة 1954. مع تضلعي فى مسائل اللاهوت والخلافات اللاهوتية لا
سيما الخلافات الفارقة فى تاريخ الكنيسة مثل الخلاف مع آريوس ونسطور ومجمع
نيقيا سنة 325 ميلادية والخلاف حول طبيعة المسيح الذى كان محور أعمال مجمع
خلقدونيا سنة 451 ميلادية ، أصبح الحوار كثيرا ما يتطرق لمسائل لاهوتية صرف
(مثل : هل صلب المسيح عمن آمنوا به وتعمدوا ، أم أنه صلب عن سائر جنس البشر).
وما أكثر ما تحدثنا طويلا عن بطاركة غير عاديين مثل ديمتريوس الكرام وكيرلس
الأول (عمود الدين) وثاؤفيليس ومتاؤس الأول وكيرلس الرابع ...كما كانت الأحاديث
تطول حول الرهبنة منذ أيام مؤسسها الأنبا أنطونيوس والعلامات الفارقة فى تاريخ
الرهبنة فى مصر مثل الأنبا باخوميوس والأنبا مقار الكبير والأنبا بيشوي ...
وخلال تلك السنوات زرت معظم أديرة مصر وأقمت فى عدد منها وأصبحت لي صداقات
عارمة ببعضها مثل صداقتي برؤوساء الأديرة التالية : دير الأنبا بولا ، ودير
الأنبا صموئيل المعترف ودير السريان ودير مارمينا ودير العزب (دير الأنبا أبرآم
بالفيوم) ... ثم إمتد إهتمامي ليشمل الفن القبطي . وعندما تأسس أول كرسي
للدراسات القبطية بمصر وهو كرسي القبطيات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ، كنت
المسلم الوحيد (وقتها) بين مؤسسي هذا الكرسي الذى لا نظير له (لليوم) بالجامعات
المصرية . ورغم أنني كنت فى حياتي محظوظا ، إذ إجتمعت بعشرات النابهين من كبار
المفكرين والعلماء والأدباء والكثير من رؤوساء الدول والحكومات والأمراء
والأميرات ، فإن البابا شنودة الثالث يبقي عندي أحد أعظم من عرفت ، ولا يساورني
شك أنه (بصرف النظر عن البعد الديني) أنه رجل عملاق القامة وصاحب عقل من أكبر
العقول فى زمانه ، وأنه لو لم يكن بطريركا ، لكان الأول أو فى مقدمة أي مجال
كان سيوجد فيه .







الدانة الرابعة:

من الموجع للقلب و العقل و الضمير أن أعداداً كبيرة للغاية من الشعوب الناطقة باللغة العربية لا تؤمن بأن هناك قيمة إنسانية كبرى تسمى "حقوق الإنسان". و تخلط تلك الأغلبية بين ازدواجية معايير بعض القوى العالمية الكبرى و بين حقيقة أن هناك قيمة إنسانية عظيمة هي "حقوق الإنسان". و أكبر دليل على عدم اعتراف الكثير منا بهذه القيمة الإنسانية هي ما يفعله البعض منا عندما تكون بيده سلطة سياسية و إدارية. و أبرز مثال على الخلل الذي بعقول و ضمائر البعض منا (بخصوص هذه المسألة) هو العلاقة بين الأجهزة الأمنية و الشرطية و بين المواطنين في مجتمعاتنا. فهذه العلاقة تجسد بوضوح كامل أن الكثير منا لا يعترفون يتلك القيمة الكبرى من القيم الإنسانية أي حقوق الإنسان. و من الضروري أن تكون هناك حملة ثقافية لدينا ليس فقط لتنشيط الإهتمام بحقوق الإنسان في عقول و ضمائر أبناء و بنات مجتمعاتنا و لكن أن تهدف هذه الحملة أيضاً للتفرقة بين المقام الإنساني الأرفع لموضوع حقوق الإنسان و بين كون هذه الحقوق و ثقافتها و قانونياتها مشوبة في عالم اليوم بعيوب شتى مثل الشوفينية و الإزدواجية و العنصرية و الإبتزاز (أظهر مثال على هذا الإبتزاز هو إغلاق القوى الغربية الكبرى لعيونها و آذانها عن الوضع المزري لحقوق الإنسان في بلد بترولي كبير تربطه شراكة وطيدة بالغرب منذ ) 1945.



الدانة الخامسة:

كان (ع.س) صديقاً عزيزاً لكاتب هذه السطور. و كنت أراه على خلاف معظم الصحفيين المصريين كنموذج مختلف بسبب تكوينه العلمي الرصين و أفكاره المستقلة عن أفكار القطيع و تجاسره على مخالفة عدد من الآراء الشعبوية. و لكن ما أن أصبح هذا الصديق رئيساً لمؤسسة إعلامية كبرى (باختيلر سياسي) حتى بدأ ينافس من كان يزدريهم من قبل في التملق و تجميل القبيح و تقبيح الجميل بهدف واضح للغاية هو إرضاء من جاءوا به على رؤوس الإشهاد للتبوء بذلك المنصب الرفيع. و كان هجومه الهابط على الدكتور محمد البرادعي علامة فارقة بين أيامه المحترمة و أيامه المنهدمة. فقد أذله الطموح كما يفعل هذا الوحش الشرس في معظم الحالات. منذ أسابيع كنت في حفل زواج و رأيت إبناً من أبناء هذا الذي كان صديقاً و هو يمارس على المرقص دور المطرب و الراقص و الراقصة في آن واحد. فتذكرت المعدن الرخيص الذي آلت إليه سبيكة والده عندما أختُبرت فسقطت.



الددانة السادسة:

كانت إنتخابات البرلمان المصري الأخيرة (لمجلس الشورى أولاً ، ثم مجلس الشعب بعد ذلك) بمثابة واقع و سلوك و حقائق تقف على الخط الفاصل بين جريمتين : الأولى هي جريمة الفعل العلني المخل بالحياء و الثانية هي جريمة هتك عرض. و من أغرب الغرائب و أعجب العجائب أن النظام السياسي المصري و معه حكومته و معهما أزلامهما قد بلغوا حداً من التواضع السياسي لم يكن أحد يتصور أنهم سيصلون له. فقد حصل الحزب الوطني في مصر على أقل بقليل من 100% من مقاعد البرلمان !!! و عندما ترشح الدكتور فتحي سرور لرئاسة مجلس الشعب فقد حصل على 501 صوت بينما حصل منافسه الوحيد على صوت واحد (من المؤكد أنه صوت المنافس نفسه). و من المعلوم أن الدكتور فتحي سرور سيبدأ خلال أيام رئاسة لمجلس الشعب المصري للمرة الحادية و العشرين. و هكذا، فإن النظام السياسي المصري منذ أن بدأ مسيرته صباح يوم الأربع 23 يوليو 1952 يكون قد أصفح عن رأيه الأبرز و هو أنه في ظل الحزب الواحد و في ظل التعددية الحزبية فإن الأمر يكون في الحالتين "هو هو"، أي حزب واحد مهيمن و مسيطر و لا شيء غير ذلك.



الدانة السابعة:

في 1997 طلبت مني سيدة أولى عربية أن أكون مستشاراً ثقافياً لها. يومها دخلت معي زوجتي في رهان حول عمر تلك المهمة الإستشارية! و بينما ظننت أنا أنها ستكون لسنتين على الأقل، فقد كان توقعها أنها لن تطول عن مائة يوم. و قد خاب ظني و صدق ظنها فبعد أقل من ثلاثة شهور ألقيت بورقة استقالتي و مضيت مبتعداً. قصة هذا الرهان الخاسر سجلتها في كتيب صغير أودعته مع عشرات من كتاباتي التي لم تنشر- و التي يستحيل في الوقت الراهن أن تنشر - في مكان أمين و في يد أمينة في بلد من بلدان الحضارة.



الدانة الثامنة:

منذ شهور كتب عني واحد من أبناء منطقة الخليع الغربي مقالين دبجهما بالثناء
والمديح والإكبار والإجلال ، ونشرهما بواحدة من صحف منطقة الخليع العربي . ولما
لم أعره إلتفاتا ، عملا مني بمقولة نابوليون ذائعة الصيت : ليس المهم أن تمدح ،
وإنما المهم معدن الذى مدحك ، فقد شعرت حقيقة أن مديح مثل هذا يضر أكثر مما
ينفع ، ويهين أكثر مما يكرم ، وينقص أكثر مما يضيف . فلما ضربت الصفح عن المديح
ومسطره ، ثم قفيت بتجاهل أكثر من عشر طلبات منه للقاء ، تضافرت موروثاته
الثقافية ، فقام بعمل فريد من نوعه ! إذ ألف وزوَر ولفق وفبرك مراسلات زعم
أنها تبودلت بيني وبينه ، (وكذا بيني وبين بعض ربعه) وكلها مراسلات كان هو
المرسل الأساس لها من حساب لي كنت قد أعلنت أنه تعرض لقرصنة إليكترونية قبيل
حمي المراسلات المزورة التى كان هو (ولا أحد إلا هو) وراءها وهو فى حالة هياج
إشتهر به أهل منطقة الخليع الغربي عندما يحدث تجاهل لهم . والأدهي ، أن بعض
مواطني الخليع ، ركبوا مركبه ، وهتفوا بالنهيق الذى كان يهتف به ، وصالوا
وجالوا ، فى معركة وهمية بسيوف خشبية يدافعون فيها عن شرف لم يوجد أصلا ، وفى
مواجهة "ضربة" إصطنعها وزيفها وزورها صغيرهم (وكلهم صغير) الذى كال لي ذات يوم
المديح فى مقالين مقززين، فشعرت بغضاضة أن يأت مديح عملي ممن لا يحمل جزءا من
ألف جزء من مؤهلات من يجوز أن يكون لأعمالي مادحا (أو قادحا) ، فأوليته ظهري
وأعرضت ونأيت بجانبي ومضيت كأن لم يمدحن أبدا !! فما معني أن يمدح "شخص" لم
تقترب الحضارة والمدنية منه أعمالا صدرت عن كبري دور النشر الدولية ، وتم توقيع
نسخ منها فى محافل دعت لها وإحتضنتها كبريات الجامعات العالمية ؟ أزين هذا أم
شين ؟! بل ألف شين وشين .... وأختم بالقصة التالية : فى يناير 2010 إحتضنت
كلية دراسات الشرق الأوسط بكلية الملك بجامعة لندن محاضرة لي مع حفل توقيعي
لأول نسخ من كتابي "القوقعة العربية" والذى صدر فى المملكة المتحدة والولايات
المتحدة فى نفس الشهر . وبعد المحاضرة وأثناء توقيعي لنسخ من الكتاب الذى أشرت
اليه ، تقدمت سيدة من ذات الموضع الذى ينتسب له مزور ومزيف الرسائل بل والمعركة
كلها (إذ لم تكن هناك فى الحقيقة معركة ، فالمعارك لا تكون إلا بين الأنداد)
... تقدمت هذه السيدة (س . أ) والتى هى مثله تعيش غرب الخليع الغربي رغم أن
أصولها مثل أصوله من شرق منطقة الخليع ... تقدمت السيدة (وهى داخل حرم كلية
الملك بجامعة لندن) وبعد أن إستمعت لمحاضرتي ولتقديم عميد كلية دراسات الشرق
الأوسط لي ولكتابي ، تقدمت نحوي وفى يدها ثلاث نسخ من كتابي إشترتها يومئذ!!!!
ومع ذلك فقد إلتحقت بإبن جلدتها الذى زيف وزور المراسلات المزعومة والتى
تبادلها مع موقع اليكتروني لي أعلنت قبلها أنه سرق فى عملية قرصنة اليكترونية .
السيدة التى تقدمت منحنية ترجو توقيعي على النسخ التى إشترتها من كتابي الذى
احتفلت جامعة لندن بصدوره - نفس السيدة تشارك ابن جلدتها فى الحملة الدون
كيشوطية على إنسان جريرته الكبري أنه رآها ونفر من رهطها كما هم - فى الحقيقة -
عراة من كل ثقافة وحضارة ومدنية ، وأن أموال التاريخ كله لا يمكن أن تستر
عوراتهم الفكرية والثقافية والحضارية .



الدانة التاسعة:

قمت يدراسة اليهودية دراسة شاملة وأظن أنها كانت عميقة . وإقتضي ذلك أن أدرس التوراة والتلمود وتاريخ اليهود . درست الطوائف اليهودية الأساس : اليهود الربانيين (أي طائفتي الإشكناز والسفارديين) واليهود القرائين :كما أمضيت مئات الساعات أدرس تفاصيل كتابي التلمود (المشنة والجمارا) ... ودرست المسيحية دراسة وافية : الأناجيل ، باقي كتب العهد الجديد ، اللاهوت الأرثوذكسي مقارنا باللاهوت الكاثوليكي... كما درست تاريخ الكنائس الكبري ومنها كنيسة ما مرقس . وطالعت عشرات الدراسات عن المجامع المقدسة ، وبالذات المجامع ذات التأثير الأكبر على مسار المسيحية مثل مجمع نيقيا 325 م ومجمع خلقدونية 451 م . كما درست بنفس القدر من الإهتمام والتعمق البوذية والكثير من الديانات الآسيوية (الطاوية) والبهائية . وأخذني هذا الولع لدراسة عميقة للمذاهب الشيعية وبالذات الشيعة الإمامية ، ودرست الطوائف العلوية (وبالذات الطائفة النصيرية) والخوارج الإباضية وطائفة الموحدين/الدرزية ... وقبل ذلك حصلت منذ 37 سنة على الماجيستير فى الشريعة الإسلامية . ولم يحدث أنني أثناء دراستي لدين أو طائفة أن شعرت بالتعالي على أتباعه او بأنني على صواب وهم على خطأ - فقد أدي تكويني المعرفي والثقافي لتجذير"إحترام" التعددية ، وقبول الآخر وعدم التعصب فى ذهني وروحي ، وألا أصير من ملاك الحقيقة المطلقة . وعندما كالت لي جريدة سعودية التهم ، ومنها أنني (نصراني رعديد) شعرت بالرثاء لهم ، فهم أبناء مناخ ثقافي جاف وغير إنساني ولا مجال عندهم لقيم التعددية والغيرية والسماحة الدينية والثقافية ، أما أنا ، فأنتمي من حيث التكوين الثقافي والنسق القيمي لمصر طه حسين وأحمد لطفي السيد وتوفيق الحكيم وحسين فوزي وعبدالعزيز فهمي ومحمد عوض محمد وجيل التنويريين. وإندهشت لأنهم ظنوا أن دفاعي عن أقباط مصر سببه ديني (وهو ليس كذلك إطلاقا) إنما إنساني وثقافي فقط . وإندهشت مرة أخري : لماذا لم أتهم بأنني يهودي وبوذي وبهائي وهندوسي وعلوي ودرزي فى آن واحد ، فقد كان لي اهتمام وولع بكل هذه الأديان والطوائف ، وكتبت مقالات عدة أدافع فيها عن كثير من هؤلاء .... ولكنه التعصب وضيق الأفق وثقافة البغض والكراهية التى لا تسمح لكثيرين بالتعرف على الأديان والطوائف والمذاهب والإتجاهات المختلفة فى سائر المجالات ، برصانة وهدوء علميين...



الدانة العاشرة:

الدانة (10) : سؤالي للدكتور (الطبيب) السوداني الذى يقيم ويعمل بأحد مستشفيات مدينة نيوكاسل بشمال شرق إنجلترا : ما الذى يحض إنسان يزعم انه كاتب يتوخي "التغيير للأفضل" أن يكتب بإسم غير اسمه ، وأن يظهر فى حوار تلفزيوني نرويجي وقد أخفي وجهه؟ أهي "الشجاعة" التى حضته على "الهروب من أرض المعركة" ؟؟!؟؟



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دانات - بمناسبة تحرر الشيطان من أغلاله الرمضانية !
- حجر الأساس للإصلاح في المجتمعات العربية.
- د.طارق حجي في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول العلمانية و ...
- سجون العقل العربي - النص الكامل
- موجز الكلمة التى سيلقيها طارق حجي بجامعة الزيتونة بتونس يوم ...
- عن كتاب فذ : الإختلاف فى الثقافة العربية - دراسة جندرية للبر ...
- أدبيات تحقير الاسلام : الى اين ؟
- ثقافتنا: ... بين الوهم والواقع (كتاب أصدرته -دار أخبار اليوم ...
- اختلال الميزان فى مقال الامير سلمان !
- ثلاث معضلات متداخلات
- ياسمين يحي ومقالها البديع عن الوهابية
- مقدمة مقال حديث مطول (غير منشور) عن أزمة الهوية فى مصر
- دانات منتخبات (مقالات قصيرة جدا) .
- لا تقدم بدون -حقوق كاملة للمرأة- ...
- الآثار : بين العلماء والتجار !
- لماذا نحن عاجزين عن ركوب قطار الحداثة ؟
- التحدي الاكبر للمجتمعات العربية : التعليم
- مفتي السعودية : المدّعون أن الكسوف والخسوف ظواهر كونية مخالف ...
- دانات لندنية ... (2)
- أحلام يقظة (1)


المزيد.....




- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طارق حجي - خواطر وشذرات