طارق حجي
(Tarek Heggy)
الحوار المتمدن-العدد: 2890 - 2010 / 1 / 16 - 22:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدانة الأولي : المرشد الثامن للإخوان المسلمين (فى مصر) هو من تلاميذ وشركاء سيد قطب . لذلك قال ما قاله اليوم ( 16يناير 2010) ... وكنت احلم بمرشد عام جديد يعلن ايمانه بالدولة المدنية وبأن الشعب المصري هو مصدر السيادة والتشريع وكل السلطات . كنت احلم برجل يقول عكس الآراء التى جاءت فى كتاب سيد قطب "علامات على الطريق" ، والتى استلهمها كل التكفيريين ... كنت احلم بمرشد عام جديد يعلن ان اقباط مصر ونساء مصر لهم كل الحقوق المكفولة دستوريا وقانونيا لأي ولكل مصري ... كنت احلم بمرشد عام جديد يدين فى بيانه الأول كل عمليات العنف والارهاب التى ارتكبت خلال العقود الماضية (ظلما وعدوانا) باسم الدين .... كنت احلم بمرشد عام جديد يعلن ايمانه العميق بالتعددية والغيرية وحقوق الانسان وبثقافة السلام والعيش المشترك الايجابي ، وبانسانية وعالمية الحضارة والتمدن والتقدم والعلم ... وكان من الممكن ان يعلن "بعض" هذه المباديء مرشد عام جديد من الاصلاحيين ... ولكن الإخوان المسلمين اختاروا مرشدا عاما يجيء لهذا الموقع (فى هذا الظرف المصري ، والعربي والدولي) من عباءة سيد قطب الذى بينما استنكر اعدام جمال عبدالناصر له (كل الاستنكار) الا انني اعتبره (هو وابا الأعلي المودودي) آباء العقلية التكفيرية
الدانة الثانية : منغمس بكل عقلي وروحي ووجداني هذه الايام فى وضع اللمسات الأخيرةعلى عمل ادبي مطول ، فيه من "فن الرواية" قواسم غير قليلة ... ولكن هل "عنزة" هى رواية ؟ ... لا أعرف ، بل ومن غير المهم ان اعرف . هل هى صور ادبية تحمل فى احشائها رسائل انسانية وثقافية واجتماعية وسياسية ؟ اغلب الظن انها كذلك فى المقام الاول . انها مثل "مرايا" نجيب محفوظ ، ولكن عن انسان واحد .... "عنزة" تمثل حالة انسانية مركبة ، ولكنها اكثر من ذلك بكثير ... فهى تمثل حالة منطقة ، وحالة شعوب ، وحالة ثقافة .... "عنزة" قمة فى الانسانية فى جوانب منها ، ولكنها فى نفس الوقت شديدة الاعجاب بابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب وخالد مشعل !! وهم والانسانية ليسوا بالضرورة اصدقاء ! .... تحب الغزالي ، وهى لم تقرأ كتابا واحدا من مئات الكتب التى كتبها هذا المنسحب من الحياة والتى ساهمت افكاره فى اخراج المسلمين من مسيرة التمدن الانساني . تقول عنزة (بصدق واخلاص) انها تشعر انها "مواطنة عالمية" ، ثم تعبر عى آراء مفعمة بالقبلية وبداوة نجد التى جاء منها اسلافها . مثل معظم ابناء وبنات مجتمعها الذين يحبون "الاشياء الجاهزة" ، فان عنزة تحب ان يقرأ الآخرون الكتب والمقالات والدراسات والبحوث ، ثم "يحدثونها عنها" ! .... كريمة وبخيلة لأقصي مدي فى الحاليين ... وكثيرا ما اضحك عندما اتذكر ما قاله لي عنها انسان قريب جدا (منها) ، عندما قال انه يظن انها (وجميع اشقاءها وشقيقاتها) تتألم عندما تذهب لبيت الراحة ، اذ ان ذلك يقتضي "الاخراج" ! كل الذين دخلوا دوائرها المختلفة - عدا الدائرة الاقرب لذاتها - داموا فى حياتها .... وكل الذين دخلوا الدائرة الاقرب لذاتها ، خرجوا ولم يرجع (ولن يرجع) منهم احد ! .... فى الكتاب فصل عن عنادها الذى هو صورة من عناد نوق نجد .... وفى الكتاب ايضا فصل عن اسباب رضاها عن بعض الاشخاص، وهو يكاد يكون درسا فى سوسيولوجيا بدو الصحاري العربية .... طفولتها والتربية التى جردتها من الكثير من المشاعر ومن كل قدرة عن التعبير عنها نالت اطول الفصول . عنوان هذا الفصل الطويل هو (زوجك هو زوجك حتى عتبة بيتك فقط) !!!! شخصية الرجل الذى تحمل اسمه فى المجتمع(زوجها ، صاحب السمو) وصفت فى ثلاثين صفحة لكونها احد اغرب التكوينات السيكولوجية على مستوي البشرية (!!) بكل ما يحمله او يمكن ان يحمله الوصف من معان . وفى الكتاب فصل شبه كوميدي بعنوان "كيفي !! " (أي "كما أحب") ..... لقد كتبت معظم ما اريد كتابته عن عنزة .... كتبت اكثر من 300 صفحة.... وخلال اسابيع سيكون هذا العمل الأدبي (عنزة) جاهزا للنشر
الدانة الثالثة : لا اعرف كيف يمكن لانسان عصري التعليم والثقافة ان يقبل ان "حماس" اكثر "مقاومة" من رجل كأنور السادت .... ؟ ولا اعرف كيف لانسان ذي تكوين معرفي عصري ان يؤمن ان "حزب الله" ظاهرة صحية داخل الفسيفساء اللبنانية .... ؟ وما هى انجازات حزب الله وانجازات حماس خلال العقدين الأخيرين ؟ واقصد اجازات غير كلامية (فكلاهما فى اودية الكلام الأول دون منازع) .... وكيف يمكن لانسان متوازن الا يري الطموح المخرب لايران التى تقف وراء حزب الله وحماس والحوثيين وكثير من جرائم العنف والتمزيق فى العراق ؟ وكيف يمكن لأي انسان سوي ان يري اية ميزة او شيء ايجابي فى شخص مثل احمدي نجاد ؟ ... وكيف لأي انسان منصف ان يري ان "هنية" و " الزهار "هما اكثر كفاءة من "سلام فياض" ؟!!! وكيف لأي انسان سوي ان ينكر حق الأكراد فى الإنعتاق من قهر ثقافي مفروض عليهم فى ايران والعراق وسوريا وتركيا ؟ وكيف لسوي الا يتعاطف مع شيعة السعودية واقباط مصر وابناء وبنات الجنوب السوداني ودارفور ؟
الدانة الرابعة : يوصف كثيرين فى المجتمعات الناطقة بالعربية بالمثقفين الكبار . وكاتب هذه السطور صاغ تعريفا لمن ينبغي ان يطلق عليه (بين المتحدثين بالعربية) بالمثقف الكبير ... ووفق هذا التعريف فانه يستحق ان يوصف بالمثقف الكبير بين الناطقين بالعربية من أحاط (احاطة متوازنة) بروائع الإبداع الإنساني فى شتي مجالات العلوم الاجتماعية والانسانيات منذ اقدم الازمنة المدونة وحتى اللحظة الراهنة . ويعني ذلك (عمليا) الاحاطة الواسعة بكلاسيكيات الابداع الاغريقية والرومانية واهم المؤلفات بالعربية وبالذات خلال القرون الثلاثة بدءا من القرن التاسع الميلادي ، وابداعات عصر النهضة ومرحلة ما قبل الثورة الفرنسية وكلاسيكيات الفلسفة والفكر السياسي والاجتماعي والادب فى اوروبا خلال القرون الخمسة الاخيرة ... وروائع الفكر المعاصر ، والعلوم الاجتماعية المستحدثة خلال القرن الاخير ، واهمها علم النفس وعلوم الموارد البشرية وعلوم الادارة الحديثة وعلوم الاتصالات . ونظرا لان هذه الثمار غير مترجمة للعربية (كما هى مترجمة لليابانية) ، فان اى عربي لا يقرأ بشكل اساس بلغة اوروبية رئيسة(وان كان طالع خمسين الف كتاب ، وحصل على اعلي الدرجات الاكاديمية) فانه لا يمكن ان يوصف بالمثقف العصري الكبير ... امام قاريء هذه الكلمات اما ان يرفض التعريف الذى صاغه كاتب هذه السطور ، وهذا حقه (ويقابله التزام بنحت تعريف بديل يطرحه للنقاش) ... واما ان يقبل هذا التعريف . فاذا قبل القاريء هذا التعريف ، اصبح من الواجب عليه ان "ينظر حوله" ، ويعرض كل من يعرف ، وكذا كل الشخصيات العامة على هذا التعريف ، ثم يسأل نفسه : " كم شخص من هؤلاء يمكن بهذا المعيار ان يوصف بانه مثقف عصري كبير ؟ " ... واذا لم يجد احد ، فارجو الا ينزعج ! فهى نتيجة طبيعية فى مجتمعات مساهماتها "صفر" فى مسيرة العلوم الطبية والهندسية والفزيائية والكيمائية ومجالات الفضاء وعلوم الاتصالات والمواصلات والاليكترونيات .... بل انها قد تكون "الشيء المنطقي الوحيد " فى مجتمعاتنا !!!! لندن فى 16 يناير 2010
#طارق_حجي (هاشتاغ)
Tarek_Heggy#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟