أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - دهام حسن - سيادة العقل الأوربي الأمريكي تاريخيا..!















المزيد.....

سيادة العقل الأوربي الأمريكي تاريخيا..!


دهام حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3213 - 2010 / 12 / 12 - 15:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



ساد العقل الأوربي الأمريكي في العالم بعد حقبة من السبات الطويل نحو ألف عام، امتدت من سقوط الإمبراطورية الرومانية، والتي أرّخ لها بحدث تاريخي هام هو سقوط مدينة روما عام 476م بيد البرابرة، وحتى العصر الحديث عصر النهضة والتنوير، الذي تبدأ انطلاقته كما هو متفق عليه نحو عام 1500م مع بعض الاختلافات في التحديد، وليتصدر الغرب بالتالي الحضارة البشرية من حينها، ويستمر في السيادة إلى يومنا هذا..

جاء تسيّد الغرب هذا بعد مخاض عسير، وسعي محموم من القوى المطاحة بها لتوقيف عقارب الزمن، وكأن التاريخ ينبغي أن يتوقف عندها، وهذا دأب القوى التي استنفدت فرص بقائها، وبالتالي تعـذرُ القدرة على التواصل والاستمرار في مفاصل التحولات الاجتماعية تاريخيا...



تجلت ديناميكية العقل الغربي (الأوربي الأمريكي) في ملاحظة أن العالم في تحرك وتغير دائمين، وبالتالي لا بد له من رصد هذا الواقع المتغير، برؤية ومنظور جديد، وهذا لا يكون بالاكتفاء بما قاله السلف، فجاء السعي للتوفيق بين العلوم العقلية والعلوم النقلية، أي إيلاء الاهتمام بالأولى، وغربلة الثانية، أي عرضها للنقد، لتجاوز ما يمكن تجاوزه، والبناء على ما يمكن الاستفادة منه..



إن أيّ واقع جديد ينبغي مواجهته بأسلحة جديدة، وقبل أيّ شيء لا بد من قراءة الواقع، ودراسته، ومن ثم البحث عن طرق معالجته، والغرب في العصر الحديث دشـّن ثورته على الواقع في البدء بتحطيم سطوة الثنائي الإقطاع والكنيسة، وبالتالي الفصل بين الدين والدولة، (ما لله لله وما لقيصر لقيصر)..

كما توجه الغرب باتجاه رصد الطبيعة والمجتمع والإنسان الفرد، بعد اغتنام تركة واسعة من الثقافة ورثوها عن الإغريق والرومان، فدعوا لبناء جنة لهم على الأرض على شاكلة جنة السماء، فرأوا ذلك لا يتحقق إلا عبر التقدم المطرد، في حقول التنمية البشرية والاقتصادية والثقافة، والنهل من العلوم الحديثة، فجاء الحث على انتشار حركة العلمانية، وبهذا تم اختفاء كثير من القيم طواها الزمن مع استهلال العصر الحديث، لتنفتح الطريق أمام إرساء قيم جديدة، فقد تمت مواجهة القديم بنزع إهاب القداسة عنه، ونبذ جلال الخضوع له، والتشديد والتأكيد على قيمة الإنسان، ومحوريته في الحياة، ووجوب تحريره من طلاسم السلف، وسلطان رجال الكنيسة، وترك المجال له بحرية في إطار علاقته بربه، بعيدا عن التعصب, والانقياد الأعمى، وما يسبب ذلك بالتالي من شلل فكري..

كان لا بد في هذا التوجه، من القضاء على سلطة النبلاء، والثورة ضد العبودية واسترقاق الإنسان، والحد بداية من سلطة الكنيسة..



منذ القرن السادس عشر أي بداية العصر الحديث، ناسب الغرب العقل والعلم، باعتبارهما سلاحا ذا قيمة لا يضاهيه أي سلاح، فبهما يمكن للغرب من تخطي الحاضر المثقل بأغلال الماضي، ومواكبة ركب التقدم الحضاري، فإذا ما اعترضهم إشكال ما، مثلا معضلة اجتماعية أو اقتصادية، فسرعان ما تلتئم مؤسساتهم بمختلف مناهلها الفكرية والسياسية، للكشف عنها، والخروج بمعالجة مناسبة..



كما أعار الغرب أهمية كبيرة للأفكار، فرأى فيها قوة حافزة تهيء الفرد والجماعة في كيفية مواجهة الواقع، وإيجاد حلول لمشكلاته، رغم ما أشيع عن بعض المفكرين، أن لا تأثير للأفكار في حفز الناس ودفعهم نحو المطالبة بحقوقهم، أو دفعا لعدوان، ونقول هنا، إذا كانت المظالم دفعت الفرنسيين باتجاه ثورة 1789 فإن أمثال فولتير وجان جاك روسو قـد بينوا، ومهدوا بفكرهم، ورصدهم للواقع الفرنسي آنذاك، وكيفية مواجهتها، فلا يمكن فصل الفكر عن الواقع، ولا قراءة الواقع دون خلفية فكرية، فكلاهما الفكر والواقع متلازم، وأيضا فالمظالم تحفز الناس نحو التمرد والثورة، وهنا يأتي الفكر كرداء مناسب للثورة..

ثم ما الذي حدا لويس السادس عشر في سجنه وهو ينتظر قضاء المقصلة قبل إعدامه، أن يقول بعد أن قرأ لفولتير وروسو هذان الرجلان هما اللذان دمرا فرنسا) وكان يقصد تدمير النظام الملكي في فرنسا، ما كان ليقول ذلك لولا تأثير أفكارهما واستحواذها على عقول الناس وأفئدتهم..



في هذا المدار وتساوقا مع الفكر الغربي، ظهرت حركة فكرية في الغرب عرفت بالعقلانية أو الحركة العقلانية، وهي بمثابة مجموعة من الأفكار، تعين الإنسان لفهم واقع الحياة، وحقيقة الكائنات، وهذا البعد والغوص في التفكير أبعد المفكر العقلاني عن العقيدة المسيحية التقليدية، فهذه النزعة ترى أن بمقدور العقل معرفة جانب من تدبير الله في إدارة الكون، رغم هذا فقد برزت أشكال عديدة من الدعوات سعت للتوفيق بين العقلانية والمسيحية، لكن في الحقيقة أن العقلانية نبذت كل ما هو غيبي، أو خارق للعادة، فأبقى على ما هو قابل للفهم والتعليل، فإيمانهم بالعقل لا يحده شيء، الم يقل المعري قبل نحو ألف سنة..

(أيـّها الغــرُّ إن خصصتَ بعقل ****** فاتّبعه "فكل عقل نبي")

وهذا مكيا فللي يشاطر العقلانيين رأيهم في رفضه عن وجود شيء خارق للطبيعة، وأن الله بمنأى من أن يتدخل في شؤون العباد..



أولى الغرب أيضا اهتماما كبيرا للعلوم الطبيعية، فأنشؤوا أكاديميات بهذه الغاية، كما وجدت جمعيات علمية للغرض نفسه، وعزا بعضهم هذا التقدم الهائل إلى العامل الاقتصادي، والأعمال التي يديرها الرأسمالي، فضلا عن ازدياد الثروة، لكن كل هذا كان مرتبطا بالعلم، فالعلوم الطبيعية تأتي انعكاسا للبيئة الاجتماعية وبالتماشي مع مستوى تطورها، فقد أدرك الغرب حقيقة العلاقة بين العلوم الطبيعية، وبين درجة من تطور الفرد وحريته، فوجد بتوفر الحرية للأفراد والمؤسسات، يعني مزيدا من التقدم العلمي، ومن هنا جاء التركيز على خصلة الحرية، وفي خضم هذا الصراع ظهرت الليبرالية كمذهب جديد، ومن أهم سماتها في جانب العقيدة المسيحية دعوة الليبرالية إلى حرية المعتقدات بين من يؤمن ومن لا يؤمن، وأثرت عنها عبارة شاع انتشارها تقول: (كل حرٌّ في دينه) أي اللبرلة في الدين، وعنت الحرية في ممارسة المعتقدات الدينية، وأيضا الحرية بين الإيمان والإلحاد..



بمضي الزمن ازداد عدد المتعلمين، وتحقق كثير من التقدم، فتنبه الغرب لرسالة الإنسان في هذا الكون، وقدروها، وكيف أنها تناقض الجانب التقليدي في العقيدة المسيحية، ورأوا أن اضطراد التقدم، يقودهم حتما إلى الوفرة والسعادة، وزوال كثير من الرذائل والآثام، حيث طغت نظرة أخلاقية، هي أقرب بالجانب السمح في الديانات الثلاث اليهودية، المسيحية، الإسلام، وكان الهادي في كل هذا هو العقل، وعلى العموم حقق الغرب ما عملوا من أجله، من تقدم في مختلف الميادين، فضلا عن الوفرة، والسعادة، والحرية..



إن شعوب بلدان العالم الثالث تأثرت كثيرا بالعقل الغربي، وتفاعلت مع منجزاته في شتى الميادين، في الحياة، والعلم، والسياسة، كما بهّره سحر الدولار، ونمط الحياة في تلك الأصقاع البعيدة، فضلا عن الحرية في العلاقات الاجتماعية والممارسة السياسة، وانسحب التأثير على عقول الأجيال، عبر وسائط الاتصالات العديدة، من السينما، فالتلفاز، والزيارات، وأخيرا الإنترنيت.. حيث أصبح العالم بمرأى أعين الجميع..



إننا في العالم العربي إذا فكرنا في نقل شعوبنا إلى مصاف الأمم المتقدمة، استذكرنا الماضي، وذرفنا الدموع لزوال تلك الأمجاد، فلم نزل نعيش في الماضي، الماضي الذي لن يعود، وهذا تعبير عن عجزنا، أما أن نفكر بالمستقبل والأخذ بأسباب التقدم، فهذا غير متفق عليه، فمن جانب لا نولي العلم الأهمية اللازمة، ولا نحن بمعرض فك القيود عن حريات الناس، ولسنا بصدد إنشاء جمعيات أو مؤسسات البحث العلمي، فمازلنا نختلف في مسالة شرعية كالتيمم..

إن الإبداع لا يأتي في ظل الجوع والكبت وغياب الحريات، والمهاجرون من سكان العالم العربي الذين يعيشون في الغرب، ربما يقدر أو ما يقرب من ذات العدد القاطنين ما بين المحيط الهادر إلى الخليج الثائر..



#دهام_حسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبٌّ.. أم نزوهْ..!
- حركة الإصلاح الديني في أوربا..!
- أسباب الانقسام والانشقاقت في الأحزاب (وجهة نظر في قراءة أولي ...
- البازيُّ...!
- يوم ميلادي..
- أشياء صغيرة في الحبّ ...
- فتاة القصر..!
- جانب من الخلاف بين العلمانية والإسلام السياسي في مسألة الحكم ...
- زقاق العذارى..!
- إشكالية الديمقراطية في المجتمع والدولة.. (العالم العربي)
- نضال اليسار.. الماركسي الشيوعي ..بين مطرقة الواقع وسندان الم ...
- خلود..!
- القبلة الأولى ..
- ميعادنا ليل الخميس ..
- تعاليْ إليّ..!
- إنّها عين الحبيبهْ..!
- حبٌ وحمّى..!
- ماهية المعارضة السياسية..!
- حكمة الشعر..!
- يا لائمي في الهوى ما العمل..!


المزيد.....




- ترامب -مستاء للغاية- من بوتين.. ويهدد بعواقب تجارية قاسية عل ...
- -لا يمكنني الوقوف مكتوف الأيدي-.. رجل يقفز إلى النار لإنقاذ ...
- قطر: تعويض المتضررين من سقوط شظايا اعتراض الصواريخ الإيرانية ...
- اشتباكات السويداء…دروز يطالبون بحماية دولية وعناصر الأمن الس ...
- ترامب يخطف الأضواء بعد فوز تشيلسي على باريس سان جيرمان
- طبيبة جزائرية تكشف سر الفروقات في تكاليف الولادة بين الذكور ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي لـ-يورونيوز-: لا نعتزم فرض سيطرة طو ...
- انهيار داخلي في وزارة العدل الأمريكية: استقالات جماعية تكشف ...
- البيتكوين يكسر حاجز 120 ألف دولار وسط تفاؤل بتنظيم السوق في ...
- لمواجهة الرسوم الجمركية الأميركية.. المفوضية الأوروبية تجهز ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - دهام حسن - سيادة العقل الأوربي الأمريكي تاريخيا..!