أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - قصة قصيرة:الزاحف














المزيد.....

قصة قصيرة:الزاحف


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 3209 - 2010 / 12 / 8 - 01:15
المحور: الادب والفن
    


فضلا ان يعودا الى البيت الذي لايبعد عن البحر الا نصف ساعة على القدمين مشيا عندما صادفهم منظرا عجيبا بين الابنية الحديثة الشاهقة والمطاعم التي تقدم اشهى المأكولات.. كانا يمضيان عطلتهم في طنجة ويتناولوا في مطعم ومسبح فخم افضل انواع السمك الطازج وبعد ذلك يتجولا على البحر ليمر امامهم شريطا هائلا من الابنية الضخمة المكعبة والتي تضم عشرات الشقق..
كانت المدينة ورشة بناء هائلة وكأن مدينة ابن بطوطة كما طالعها عبر الصور بامتدادتها الساحرة والبسيطة قد اختفت وحل بدلا منها ما رآه في عواصم عربية من هبوط اموال النفط والفساد لتعلو الابنية بلا حساب
لايعرف ماذا حل به ففي صغره كان يحب العواصم والمدن الكبيرة رغم انه كان يشعر بالضياع فيها بيد انه وبعد ان قارب الخمسين من العمر يفضل المدن الصغيرة الهادئة وغير المكتظة الا بالمقاهي والصبايا الجميلات السافرات والشفافات مع البحر ومياهه اللازوردية
صدمهما هذا المنظر كان معاقا مغربيا يزحف على ارض على يديه ورجليه وقد وضع في كفيه شحاطته لتمنع احتكاك اصابعه بالارض .. استغربا جدا الأمرفقد اعتقدا انه سيصل الى هدفه سريعا ويختفي من الشارع وراقباه من بعيد وسارا ببطء شديد اكثر من ساعة وهو يسير بين الابنية الحديثة والمطاعم الانيقة والناس تمر من حوله دون ان ينظر اليه احد ..كانت النساء محجبات وكن مع ازواجهن وعائلاتهن ومن المفترض ان الدين الاسلامي يدفعهم على الاقل الى التعاطف معه ولكن لا احد يلتفت اليه وكأنه امر عادي..
تحدثا سوية ما قصته ولماذا لا احد يساعده وهل هذا منظر عادي وهل غاب التضامن بين الناس
ساعة ونصف وهو يسير ببطئ على يديه وقدميه كالدواب فهل هذا منطقي الا يوجد جمعيات للرفق بالمعاقين.. لو وجدت حيوانا في بلد الاغتراب يتوجع لرأيت ان ثمة جمعيات عطفت عليه وآوته فكيف في بلاد تقول انها تتفاخر بدينها
هل هي اليات التوحش الاستهلاكي النفطي والرأسمالي التي تطحن البشر وتنزع عنهم صفاتهم الانسانية فيصبح كل شيء عادي وكل شيء يقيم بالمال و بأنا وليكن من بعدي الطوفان..
فضلا الحديث معه وانتظرا حتى يصل الى المفترق ليفهما قصته
اقترب وهاهما اصبحا على مقربة منه
سألاه: هل يمكن ان نساعدك؟
توقف عن الزحف خجلا ان يسألاه فيفهما خطأ فهما ليس جمعية خيرية فالمساعدة قد تكون بتوفير تاكسي ليعود الى بيته اما الحل النهائي فهما لايملكانه هذه مهمة الدولة ومؤسساتها التي ترعى المعاقين
ابتسم واراح نفسه وتحدث مبديا فرحة الفقير التي تجعله يفقد مشاعر التعابير العفوية وتجعله يشعر انه امام صيد ثمين ومثير للسخرية
الناس في البلاد حين يعود المغتربين يعرفونهم رغم ان سحنتهم لاتختلف عنهم: ان هؤلاء مغتربين وليس من سكان البلد
عندما سألت احدهم كيف يعرف الناس بذلك قال ان الناس تتفحص الوجوه والتعابير والحركات بدقة وبسهولة ستعرف انك لاتقيم هنا ثمة شيئا في الوجه واسترخائه لايدل على تحفز ما يسيطر على الناس هنا او لاحة معينة ربما يكون هذا مناسبة لقصة اخرى
شعر ان من امامه من المغتربين
- قال :انه نام في احد الاسواق واضعا عربة الاعاقة التي اهداه اياها شخصا من بلجيكا الى جانبة متحفزا للدفاع عنها الا انه لا يعرف من غافله وسرقها ولهذا فهو يسير هكذا منذ الصباح دون ان يلتفت اليه احد.. نتحدث نحن عن ساعات ما بعد الغروب
- وما الذي جرى لك وكيف وصلت الى هذه الحالة
- قال: منذ سنة اتيت من اسبانيا لانني لااملك بطاقة اقامة وعندما بدأت اشعر بالتعب والانهاك في الساقين يوما بعد يوم ازداد الامر سوء
مما اضطرني ان ازور طبيبا ليخبرني ان مرضا معينة يضرب الساقين وان لاحل الا بقطعهما حتى لا يصل الى باقي الجسد
- وهو رفض ان يلتزم بما طلب منه الطبيب على امل ان يجد علاجا بالادوية رغم ان الاختصاصي اخبره بخطورة ذلك
- الى حين قدم له مواطنا بلجيكيا مساعدة كانت عبارة عن عربة بعجلتين ليقضي بها حوائجه وليفقدها اليوم ولنرى ما حل به
- تذكر يوم ان صادف رجلا عجوزا في بلجيكا كان قد اخبره اذا كان من الممكن ان يساعده في الحصول على كراسي من بلجيكا للمعاقين فهو قد كون جمعية غير ربحية لايصالها الى المغرب وفلسطين وأفغانستان واماكن مختلفة في العالم الثالث وبعبارات دينية عن المساعدة حمل منشوراته وحازل ان يساعد قدر استطاعته رغم ان اوضاعه كانت معقدة يومها في الاغتراب
- اعطياه مبلغا يكفيه للعودة الى قريته واكثر وصوراه بعد ان سمح لهما بذلك محاولين ان يجدا لهما حلا
- عادا ومشاعر متناقضة تنتابهما انهما لم يعودا من بلاد العالم العربي فالناس فقدت ابسط قيم التضامن مجرد عبارات جوفاء عن دينهم وانهم خير امة اخرجت للناس مع تذكر قصصا لاتنتهي في محميات الخليج وجميع الدول العربية عن اجانب بأوضاع مزرية وكذلك اهل البلد
خطر في بالهما خاطرا بعد ان انهيا مقابلتعما معه ماذا لو كان يمثل وانه خدعهما بينما اهل المدينة لاتنطلي الامور عليهم
قال احدهما للآخر : ولكن اذا كان يمثل فهذا جهد تمثيلي يستحق التقدير والمساعدة ايضا
............................
لييج ـ بلجيكا
كانون الاول 2010



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة: متفرقات متبخرة
- الاصولية -العلمانية والمسيحانية والاسلامية في خرج الاستقطاب ...
- العرض المسرحي لكونسرفتوار بروكسل لأنيت برود كوم:نثر واشعار م ...
- قصيدة:تشكيل الدلالة
- قصيدة:الضحايا واستدراج المكان
- قصيدة: امة مستعبدة مضجرة
- قصيدة:انوثة استثنائية
- مقطع من رواية:الشبح الشيوعي..الجزء الأول
- قصة :القناصة
- ندوة الاعلام الاوروبي والصراع العربي – الصهيوني:فضائح عناوين ...
- قصيدة: مضاجعتكِ المزهرة على لوحاتي التشكيلية
- قصة :الجثمان الحي
- قصة غير واقعية:الخطيبة
- قصة غير واقعية:الصورة
- محاضرة جريئة قدمها الصحافي ابو بكر الجامعي في جامعة لييج الب ...
- قصة غير اقعية: الكلب الجديد
- قصيدة :صبية مطلية بالابداع
- قصيدة: مقامات عناقكِ العسلي
- قصيدة:متى ينتصر نهداكِ على عبيد الدولار؟
- عرض فيلم -تأريخ الرمال- للمخرج داني ماريكا:الصحراء بنبضها وم ...


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - قصة قصيرة:الزاحف