أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - الخطاب الإسلامي الراهن يرسخ التخلف والاستبداد اكثر؟















المزيد.....


الخطاب الإسلامي الراهن يرسخ التخلف والاستبداد اكثر؟


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 3203 - 2010 / 12 / 2 - 17:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تنبيه:
هذا المقال جمع لتعليقاتي على تعليقات سامح مصطفى في باب التعليقات من مقال المفكر الجزائري عبد القادر أنيس.. (تطبيق الشريعة يعني مزيدا من الاستبداد والتخلف؟) المنشور في الحوار المتمدن..ع 3190
وللأمانة أشير إلى انني قد أضفت بعض الجمل القليلة هنا وهناك للحاجة الماسة إليها من اجل توضيح أفكاري أكثر..
1
يقول سامح مصطفى:
(لو طبقت الشريعة وتم قطع أيادي عشرة أشخاص فقط لإرتدع الباقين ولم يصل عدد اللصوص الى هذا العدد 11 مليون لص!!، وأرفقت إحصائية -أمريكية- توضح عدد السرقات بكل دولة، بها السعودية فى ذيل القائمة لأنه تم ردع بقية اللصوص عندما تم قطع أيادي عدد منهم، ونعم الناس بالأمن على مملكاتهم وشقاء عمرهم.)
السعودية..مساحة واسعة وثروة برولية هائلة وتعداد سكاني لا يتجاوز ال30 مليون نسمة..
وضع مريح كهذا يفترض مستوى معيشيا احسن للسكان وبطالة اقل وهو ما يحتم قلة مظاهر السرقة وغيرها من الممارسات المضرة بالمجتمع..ويمكن القول بأن الوضع نفسه يلاحظ في دول الخليج النفطية الأخرى وفي ليبيا أيضا ..وهي دول لا تطبق حد قطع يد السارق فيما اعلم..
في مقابل ذلك نجد ظاهرة السرقة متفشية في بعض الدول التي طبقت الحد مثلما كان الحال في عهد الخميني ـ ولا أدري إذا ما كان الحد يطبق حاليا في إيران ام لاـ وفي عهد النميري في السودان والطالبان في أفغانسان..
وهو ما يعني أن ظاهرة السرقة لا تقل أو تختفي إلا في المجتمع الذي يعمل على سد حاجات أفراده وتوعيتهم بخطورة السرقة عليهم وعلى مجتمعاتهم ثم تعليمهم حرفا يرتزقون بها أثناء تواجدهم في السجون وفق المثل الذي يقول: بدل أن تعطيه سمكة علمه كيف يصطاد السمكة..وهو ما يجعل منهم أعضاء مفيدين لمجتمعاتهم ناجحين بدلا من تحطيمهم وجعلهم يعيشون عالة على غيرهم..
ولنعد إلى السعودية التي يفتخر سامح بها كونها تطبق حد قطع يد السارق ونسأله: يعتبر ملك السعودية أغنى رجل في العالم..من أين له ذلك؟
لماذا لا يسأل : من أين لك هذا؟..لم لا يسأل بقية الأمراء الأغنياء جدا: من أين لكم هذا؟..
ألا يعتبر غناهم الذي هو نتاج الثروة البترولية سرقة؟..لم لا يطبق عليهم الحد؟..لماذا لا يحاسب الأمراء الذين يبذرون أموال البترول واموال الحج أيضا في بيوت القمار في أوروبا وفي الزنا أيضا؟..
ماذا نقول عن أولئك الخلفاء الأمويين والعباسيين الذين كانوا يحكمون باسم الإسلام ويعطون من أموال الخزينة العمومية ـ إن صحت التسمية ـ أو بيت المال وفق التسمية الإسلامية لمادحيهم أو المقربين منهم؟..لماذا لم يطبقوا على أنفسهم حد السرقة؟..
هل يعرف حاسم أن السعودية لم تلق ظاهرة العبودية إلا في الستينات من القرن الماضي..؟..وموريطانيا لم تلقها إلا في ثمانينات ذلك القرن..؟ ..وتم الإلغاء في الدولتين بفضل ضغوطات منظمات حقوق الإنسان..
هل يعرف أن الدولة العباسية كانت تبيح تجارة العبيد وتضعهم في الزرائب كالحيوانات وتشغلهم في الفلاحة كمملوكين لأسيادهم يفعلون بهم ما يشاؤون ،الأمر الذي أدى بهم إلى القيام بالثورة على أوضاعهم المزرية تلك فيما عرف تاريخيا باسم ثورة الزنج.؟..و..ماذا يعني كل ذلك؟..ألا يعني بأنه لولا العلمانية ماكان إلغاء ظاهرة العبودية..؟
ثم انظر إلى مهاجرينا في العالم العلماني وقارن وضعيتهم والحقوق الي ينالونها بحالهم في بلدانهم الإسلامية ..ألا ترى بأن وضعيتهم هناك أحسن بكثير من وضعيهم هنا..؟..
ستقول بأنهم صاروا يتعرضون للعنصرية في تلك البلدان ، وان الوضعية الحسنة التي كانوا عليها قد بدأت في التغيير..وأسألك: لماذا؟..ألا ترى بأننا بممارساتنا نحن المسلمين وباسم الإسلام السبب في ذلك التغير السلبي..؟..ألا ترى بأن عنصريتنا المتمثلة في احتقارهم واحتقار معتقداتهم ورفض بناء معابدهم في بعض دولنا الإسلامية كالسعودية مثلا ومحاكمة الذين يعتنقون منا دياناتهم وتجريمهم وادعائنا الفارغ أننا خير منهم ومن كل البشرية السبب في ذلك؟..ومن كان بيته من زجاج فــــ........
ثم..ألا تلاحظ بأن أخلاق الناس عندنا في سبعينيات القرن الماضي حيث كان التدين عاديا أحسن بكثير من واقع يومنا حيث التدين المفرط؟..لماذا لم يستطع هذا التدين المفرط إبعاد الناس عن السرقة والغش والاحتيال والرشوة وتلويث المحيط؟..لماذا وهم يسمعون يوميا:الراشي والمرتشي والساعي بينهما في النار....من غشنا فليس منا....النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان...؟..
الإجابة ببساطة:إنها ظروفهم الاجتماعية..فقرهم ..بطالتهم..تفاوتهم الطبقي الفظيع.. انغلاق طريق المستقبل أمامهم..فقدانهم مجتمعهم المدني الحر..استبداد حكامهم في أعلى المسؤوليات والمناصب إلى أدناها...إلخ
في مقابل ذلك: تقل تلك السلوكات في المجتمعات العلمانية..لماذا؟..لأنها ببساطة مجتمعات ديمقراطية تفسح المجال واسعا للمجتمع المدني والمعارضة القوية لتنتقد وتفضح وتستبدل المسيرين الذين لا يؤدون واجباتهم على أكمل وجه بمن هم أكفأ منهم..وقبل كل ذلك تنشر الفكر العقلاني ولغة الحوار والقبول بالآخر المختلف فكرا ومعتقدا وموقفا وتصور حياة..خلافا للفكر الذي يسود واقعنا والذي هو فكر الوعظ والإرشاد والدعوة إلى الإكثار من الدعاء..وبعبارة أخرى: فكر الاتكالية - إن صح التعبير -..

2

(بالبلاد الإسلامية لا قانون، لا أمن، لا بيت مال للمسلمين ليدفع للفقراء، لا عدالة إجتماعية، لا إتقان للعمل، لا أخلاق حميدة فى الطرقات ولا فى الشوارع.. شئ مؤسف حقا هذا الوضع،
العدالة والقانون الذى يعلو فوق الملك والرئيس والنظام والعمل المتقن والعدالة الإجتماعية والديمقراطية إلخ، كلها موجودة هناك بالغرب ولا ينكرها إلا مكابر... )
هكذا يعترف الأخ سامح..
ولأنه يدرك أن هناك سؤالا سيواجهه حتما وهو: لماذا هذه الوضعية المتردية في بلاد المسلمين..؟..ولماذا نقيضها هو السائد في البلدان العلمانية..؟..يجيب : إن سبب ذلك هو أن الإسلام غير مطبق قي بلاد المسلمين..وهو ما يعني ضمنيا انه مطبق في البلدان العلمانية..
والمنطق يقول: إذا كان الأمر كذلك يا سامح، لماذا ترفضون العلمانية..؟ لماذا تحاربون العلمانيين؟..لماذا لا تتبنى مجتمعاتنا الإسلامية العلمانية وكفى المؤمنين شر القتال..؟ هل ستمنعكم العلمانية من تأدية اركان الإسلام..؟..طبعا لا..هل تفرض عليكم اعتناق ديانات اخرى..؟..طبعا لا..هل تفرض عليكم شرب الخمر وممارسة الزنا مثلا..؟..طبعا لاأيضا.. و..لماذا ترفضونها إذن ..؟..مع الملاحظ ان شرب الخمر وممارسة الزنا كظاهرتين كانتا منتشرتين في كل تاريخ المسلمين باستثناء ربما فترة عصر صدر الإسلام حيث كان شرب الخمر محرما عمليا..أما الزنا فإنه لم يخل منه حتى ذلك العصر في رأي البعض مستدلين على ذلك بنكاح الأسيرات اللواتي حولن إلى إماء باعتبارهن غنائم بعد إلحاق الهزيمة باهاليهن من الذكور، وتحميلهن وزر رفض دخول أولئك الأهل الإسلام وتفضيل الحرب، مع ان الآية تقول: ولا تزر وازرة وزر أخرى..وهو الرأي المرفوض من قبل المسلمين الذين يرون ان الزنا لا يكون إلا مع الحرات ، اما ممارسة الجنس مع الجاريات فهو مشروع بالاية: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاثا ورباعا، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت ايمانكم..
وبالمناسبة .. لقد برر الفقهاء المسلمون تحريم الخمر بكونها تذهب العقل أي تفسده..فهل الأمر كذلك فعلا..؟..ألم تكن عقول المسلمين اكثر صلاحية في العصر الذهبي للعرب المسلمين أعني العصر العباسي حيث كان ينتشر الخمر ويتغنى به الشعراء والفنانون والفنانات ..؟..وماذا يمكن القول الان ونحن نرى عقول الناس في المجتمعات العلمانية حيث الخمر كالماء أحسن وأرقى وأنظف وأبدع من عقل ابن لادن وأتباعه وعقول الناس عندنا حيث الأغلبية الساحقة لا تشرب الخمر..؟..
في نفس التعقيب على تعليق آخر يرى الأستاذ سامح أن قيم حب العمل والاستقامة فيه والابتعاد عن الغش والرشوة والمحسوبية واستتغلال القوي للضعيف، وووجوب المساواة امام القانون و..و..كلها موجودة في الإسلام ، ويستدل على ذلك يالكثير من الآيات والأحاديث والوقائع التتي تحيل إليها وتدعو إلى ممارستها من قبل أفراد المجتمع ..لكنه في مقابل ذلك لا يقول بانها قيم بشرية مشتركة ، ناضلت البشرية وما تزال تناضل من اجل تحقيق وجودها عمليا في الواقع ..لا يقول بأن الكثير من الديانات وضعية وغير وضعية والكثير من النظريات قديما وحديثا دعت إليها ، بل وحاولت أحيانا تطبيقها ، وإن كان التطبيق في معظم الحالات فرديا خاضعا أساسا للضمائر والتجارب الشخصية الذاتية أو العامة المشتركة..وقد لوحظ ذلك حتى في مجتمع ما قبل الإسلام ( بدل مجتمع الجاهلية، حيث التسمية إيديولوجية في الأساس )..وما ذا يقول في اشتراط القرشية في من يتولى خلافة أمر المسلمين اعتمادا على حديث نبوي..؟..هل توجد مساواة هنا..؟
قد تقول بأنه ليس حديثا صحيحا..وحينها اسألك: هل وظف من قبل القرشيين لجعل الخلافة من نصيب أبي بكر الصديق القرشي أم لا..؟..ما اعرفه من كتب الفقهاء والمؤرخين انه وظف..وفي هذه الحالة ماذا نقول عن توظيفه إذا لم يكن حديثا صحيحا..؟..ماذا نقول عن موظفيه وهم من الصحابة الكبار ..؟
طبعا، ليست هذه الملاحظة هي المهمة..بل المهم - في اعتقادي – هو : لماذا لم تتحقق تلك القيم عمليا في واقع المسلمين طوال تاريخهم ، وفي واقع المجتمعات غير المسلمة إلا كممارسات فردية من بعض الأشخاص ، واحيانا قليلة جماعية – نسبيا - عندما يكون فرد ما مقتنعا بها ومسيطرا دينيا أو سياسيا في مجتمعه، خاصة إذا كان مجتمعه بسيطا ، يعرف الناس فيه بعضهم بعضا بشكل واسع، وكل ممارسة سيئة فيه سرعان ما تكتشف؟..ولماذا صارت تتحقق بشكل واسع في المجتمعات العلمانية رغم تعقد الحياة فيها وتعداد سكانها الكبير جدا؟..
وواضح ان الإجابة عند الأخ سامح هي أننا كمسلمين قد ابتعدنا عن الإسلام..وهو ما يعني ضمنيا أيضا ان تلك المجتمعات العلمانية قد أسلمت..وإلا ماذا..؟
إجابة السؤالين – في اعتقادي – تحيل أساسا إلى تلك الآليات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي بفضلها تحققت تلك القيم عمليا في المجتمعات العلمانية ، والتي بغيابها انتفى وجود تلك القيم في بلداننا الإسلامية وحل محلها نقيضها ، أعني بذلك هذه العلمانية ذاتها وما ارتبط بها من ديمقراطية أمكنها رفع مستوى وعي الناس والارتقاء بعقولهم ، ومن ثمة جعل ضمائرهم مستيقظة وشعورهم بمسؤولياتهم تجاه بعضهم البعض حيا، إلى جانب قبولهم الاختلاف الفكري والمعتقداتي والمواقفي إدراكا منهم بأن ذلك القبول هو الطريق المؤدي حتما إلى السلم الاجتماعي ،من جهة، ومن ثمة البناء المادي والمعنوي الأفضل ، من جهة اخرى،..وواضح ان كل ذلك ما كان ليتأتى لهم لولا فكر التنوير الذي اقنع الناس بحتمية الفصل بين دينهم وما يرتبط بهم جماعيا في إطار حياتهم العملية ( سياسيا واقتصاديا وثقافيا واخلاقيا ) ، خلافا لما هو عليه الحال في مجتمعاتنا حيث ما يزال الدين بيقينيته وإشعاره الإنسان دائما بالضعف وإصراره على الأحادية الشمولية التي ترفض المختلف وتعمل على جعل المجتمع شبه قطيع استسلامي اتكالي ،نفوس أفراده مليئة بالخوف الذي هو نتاج غرس ثقافة الخوف فيهم ، الخوف المتواصل من عذاب القبر والنار ..و..و..وهو ما انعكس في تدينهم المفرط المرتبط بالدعاء المتواصل في كل وقت نتيجة ذلك الخوف الفظيع، الأمر الذي يعمق فيهم اكثر ظاهرة الاتكالية ويبعدهم عن روح النضال الجماعي لتحسين ظرو فهم ومواجهة مستغليهم، وبمعنى آخر يجعلهم أكثر خوفا من ذلك النضال وأكثر خوفا ايضا من المغامرة الإبداعية الفكرية والفنية والسياسية والاجتماعية..ودون شك ان ذلك هو سر إصرارهم على اضطهاد المفكر النقدي والمبدع المغامر في مجاهيل الوجود وهما المختلفان معا عما رسخته عادات الكسل وانتظار فتح باب السماء التي يدقون عليها في كل اوقاتهم ليلا ونهارا دون ان تفتح..ومؤكد لن تفتح ابدا....
ولاشك ان وضعا كهذا لا يمكن ان يؤدي إلا إلى تقزيم المعارضة سواء في أنظمتنا الملكية أو الجمهورية ..المعارضة التي تعمل المجتمعات العلمانية على تقويتها إدراكا منها انها صمام الأمان الذي يواجه الانحراف من جهة ، ويرسخ التعددية يشتى أنواعها سياسيا وفكريا..و..و..
وخلافا لما اعتقدت أنها دول علمانية في عالمنا العربي ، فإنا الواقع يقول إنها دول لا علاقة لها مطلقا بالعلمانية..لأنها ببساطة دول أو بمعنى اصح أنظمة عسكرية شمولية تحارب الديمقراطية وتعمل على قتل أية معارضة حقيقية وترفض وجود المجتمع المدني في مجتمعاتها وتقمع كل نشاط اجتماعي أو فكري أو سياسي يمكن أن يهيء الأرضية لنشوئه..ولا فصل للسلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية فيها..إلى جانب انها تحرص اكثر على ترسيخ ظاهرة التدين المفرط باعتباره وسيلة تنفيس تربط الناس أكثر بالاتكالية وكثرة الدعاء والعجز التام عن مواجهة الفساد ، بل واللامبالاة المطلقة به، وهوالواقع الذي أنتج ما يسميه بعض المفكرين بفكرة الخلاص الذاتي التي تعني التدين بإفراط اعتقادا أن ذلك يؤدي إلى النجاة من النار، وممارسة كل ما يمكن ان يؤدي إلى الغنى الذي يحقق لصاحبه النجاة من الفقر..وهي الظاهرة التي يلاحظ انتشارها بشكل واسع في مجتمعاتنا العربية المسلمة، ومثال ذلك ما يحدث عندنا في الجزائر حيث الاهتمام الكبير بالزوايا ، والحرص على بناء المساجد الفخمة في كل حي وفي كل قرية ، بل وتخصيص النظام أربع مليارات دولار كاملة لبناء المسجد العظيم او الأعظم في العاصمة على حساب الوضعية المزرية التي تعيشها الكثير من فئات الشعب: بطالة واسعة وفقر ينتشر وآلاف من الأسر تسكن الأكواخ القصديرية بعد ما يقارب الخمسين سنة من الاستقلال/الاسغلال ومع مئات الملايير الدولارية المتأتية من تصدير البترول..ولا احد يفتح فمه بنقد ذلك..بل الكل يهلل ويبلبل ويدعو إلى المزيد المزيد من بناء المساجد الفخمة ..أوليست هي بيوت الله العظيم..؟..وهكذا الحال في كل الدول العربية والإسلامية الأخرى..

3



)المشكلة فى العقل العربي عامة.. ليس هناك تفكير علمي مفيد للأمور..
وهذه المشكلة تبدو لنا عندما تتولي أحزاب يسارية السلطة كما فى سوريا والعراق، أو أحزاب إسلامية كما فى السودان والصومال..
لا قانون ولا عدالة ولا ديمقراطية ولا مشاريع تنمية حقيقية للنهضة، فقط رؤوس تسيطر على كل الحياة توجهها كما تريد..(..
هكذا علق الأستاذ سامح على تعليقاتي..لكنه لم يطرح السؤال الذي لا بد منه هنا وهو:لماذا ليس عندنا فكر علمي مفيد للأمور كما عبر..؟..لماذا تتساوى الأحزاب في التفكير اللاعقلاني والممارسة الإقصائية يسارية كانت او إسلامية في عالمنا العربي الإسلامي ، باستثناء – نوعا ما – تلك الدول الإسلامية التي تاثرت بالعلمانية وتبنت آلياتها السياسية والاجتماعية والثقافية مثل تركيا ؟..
والإجابة كما يبدو لي واضحة وضوح الشمس كما يقال..إنها ثقافة الاتكالية ممثلة في الحرص على الإكثار من الأدعية بدل ثقافة غرس الروح العقلانية والوعي المسؤول ،وثقافة الخوف ممثلة في كثرة الحديث عن العذاب الأخروي..وقد شرحت ذلك فيما سبق..وهي التي تبرز بشكل واضح في الخطاب الإسلامي المهيمن على الشارع الاجتماعي في بلداننا ، وهو الخطاب الذي يسر كثيرا أنظمتنا الحاكمة المستبدة .. ويكفينا للتدليل على ذلك مالا حظناه مؤخرا حيث اكثر من خمس عشرة مليون مسلم في باكسان مشردون او شبه مشردين نتيجة الفيضانات التي اجتاحت مناطقهم وفي امس الحاجة إلى المساعدة ، ومع ذلك لم يبادر أي فقيه مسلم بإصدار فنوى تبيح للثلاثة ملايين حاج توجيه أموال حجهم إلى أولئك المنكوبين واعتبار ذلك حجا ..كما لم يبادر مثلا إمام الحرمين بفتوى تبيح للحجاج توجيه أموال اضحياتهم في الحج إلى أولئك المنكوبين أيضا..ولم يصدر أي فقيه فتوى تجعل المسلمين في هذا العالم يوجهون أموال شراء أضحيات العيد إليهم ..وهل يوجد إفلاس أكثر من هذا..؟..
هنا يتباهى الأستاذ سامح بكون العلماء – والأصح في اعتقادي الفقهاء – المسلمين يبذلون كل ما في وسعهم لإصلاح الوضع..دون ان ينتبه إلى ان كل ذلك البذل لا يزيد الطين إلا بلة ،حيث ينتجون – إن صح التعبير – أفرادا سلبيين في علاقتهم بواقعهم ومتعصبين في علاقتهم بالاخر المختلف وانفعاليين أكثر..
وإذ لا يكتفي بذلك يضيف أن العلمانيين لا يبادرون باي خطوة عملية لإصلاح مجتمعهم ، وكل ما يفعلونه هو مهاجمة الإسلام..هكذا يرى..وهنا لا ينتبه ايضا إلى ان العلمانيين قلة قليلة جدا مقارنة بجحافل الأئمة والدعاة ، والوسائل المتاحة لهم للتعبير عن آرائهم محدودة جدا مقارنة بآلاف المساجد ومئات الإذاعات والقنوات المفتوحة للدعاة..كما لا ينتبه ايضا إلى محاصرتهم من قبل الشارع الاجتماعي المنفَّر منهم نتيجة التحريض المتواصل عليهم من قبل أولائك الدعاة والأئمة..ودون ان ينتبه أخيرا وليس آخرا إلى أنه غير صحيح بالمرة أن كل العلمانيين يهاجمون – والأصح عندي ينقدون – الإسلام.. وليس غريبا إن قلت بأن الخطاب الإسلامي في عمومه هو خطاب المطلق لا النسبي ، لأنه ينطلق من نقطة أساسية عنده هي ان الإسلام هو الدين الصحيح بإطلاق ،ويجب رفض بل معاقبة كل من ينتقد تلك الفكرة ويشكك في صحتها، وان المسلمين هم أخيار البشرية وبإطلاق أيضا ، دون النظر إلى الواقع ومجريات التاريخ، وهو ما ينتج الانغلاق العقلي والتفاخر غير المجدي الذي يغطي على الإفلاس الفظيع الذي تعيشه شعوبنا العربية الإسلامية..خلافا للعلمانية التي تنطلق من النسبي في خطابها وترى ان كل شيء قابل لللوضع على طاولة مشرحة النقد،بما في ذلك الدين، أي دين، وان ذلك النقد هو وسيلة الرفع من مستوى عقل الإنسان وروحه، ومن ثمة انسنته اكثر..وهي الثمرة التي يريد العلمانيون الوصول إليها في مجتمعاتنا ، أعني ثمرة بناء العقل الواعي والضمير المسؤول، إدراكا منهم بأنه دون ذلك البناء لا يمكن للأخلاق ان تكون غير أخلاق الحاضر العربي الإسلامي السيئة مهما صرخ الدعاة والأئمة وأرشدوا ووجهوا وخوفوا ورغبوا ورهبوا..ولا يمكن للممارسات السياسية والاجتماعية والفكرية أن تكون غير ما هي عليه الآن في هذا الحاضر نفسه..
يقول الأستاذ سامح في موقع آخر: (نحن كإسلاميين معتدلين نريد تطبيق عدالة على الجميع وقانون فوق الجميع وديمقراطية نزيهة، وهي مطالب أساسية فى الإسلام.
هذه ركائز النهضة فى كل الشعوب،
ولكننا إضافة عليها نريد ربطها بالتشريع الإسلامي، ليس قهرا، بل إقناعا،
لا نريد الركض خلف علمانية الغرب كالعميان لينتهي بنا والعياذ بالله بأن يذهب رجل مع رجل الى المسجد ليتزوجا، أو إمرأة مع إمرأة، أو أن يأتي رب أسرة بعشيقه الذكر ويعيش مع أبناءه، هذه هاوية سنسقط فيها إن لم نحكم عقولنا وكتابنا العظيم)..
لابأس..جميل..كم من قرن يا أخي والمسلمون يقولون هذا الكلام..؟..مؤكد انها قرون طويلة طويلة..ما الذي منعهم من تحقيق ذلك..؟..هل هو الغرب كما يرى البعض ؟..لكن حالنا كان لا عادلا وليس فيه قانون فوق الجميع ولا ديمقراطية نزيهة حتى في أزهى وارقى العصور العربية الإسلامية كالعصرين العباسي والأموي..هل هو نحن العرب المسلمين الذين يرى البعض أننا نقلد الغرب في سلبياته لا إيجابياته؟..وهنا يأتي الاعتراض السابق نفسه ، كما يأتي السؤال الذي لا بد منه : إذا كان هناك تقليد للغرب فعلا في سلبياته ، لماذا كان ولماذا لم يكن تقليدا للإيجابيات؟..وكيف أمكن لليابانيين الذي كانوا في مستوى المصريين في ستينات القرن الماضي أن يقلدوا الغرب في إيجابياته بدل سلبياته ويتقدموا كل هذا القدم ؟..أليس هو هذا العقل العربي الإسلامي الذي وضحت مكوناته سابقا،والذي يقف صخرة عثرة تمنعنا من الخروج من مأزق تخلفنا الذي يمكن وصفه بأنه تخلف مزمن؟..
شيء آخر: من قال بأن تبني العلمانية يعني بالضرورة تزوج الرجل بالرجل أو المرأة بالمرأة أو..أو..هذه الأمور/ السلوكات نتاج ثقافة الغرب ولم يدع إليها احد من العلمانيين العرب المسلمين فيما أذكر ، مع انها موجودة بكثرة في واقعنا ، لكننا نغطي عليها بحكم ثقافة النفاق التي تسيطر على أخلاقنا، خلافا للغرب حيث الشفافية في كل شيء تقريبا..وخلافا لذلك نجد الكثير من الإسلاميين المتشددين يبيحون اغتصاب نساء وبنات مجتمعاتنا باعتبارهن غنائم وباعتبارهم مجتمعاتنا غير إسلامية مادامت لا تطبق الحدود الشرعية كالرجم وقطع اليد ..إلخ..
كل مادعا إليه العلمانيون هو إعادة النظر في بناء العقل العربي المسلم بما يجعله عقلا متفتحا لا متعصبا ،قابلا للحوار والاستفادة مما عند الاخر، ينطلق في علاقته بالأشياء والظواهر ومختلف الأمور من النسبي لا المطلق ، لأن النسبي انفتاح بينما المطلق انغلاق..ولست ادري لماذا تغاضى الأستاذ سامح هنا عن كل إيجابيات العلمانية ولم تشد نظره سوى تلك الممارسات الجنسية المحدودة والتي لم يخل ولا يخلوا منها أي مجتمع قديما وحديثا..لكنني أعود وأقول : إن ذلك هو ديدن الإسلاميين عندنا ، حيث يستغلون الحرمان الجنسي الذي يعاني منه شبابنا نتيجة الفقر الذي حرمهم من الزواج للعزف عليه بتصوير الغرب لهم وكأنه جنس في جنس حتى يسيطروا على أذهانهم ومشاعرهم أكثر ويدفعوهم إلى التدين المفرط أملا في التعويض عن ذلك الحرمان بحوريات وانهار خمرالجنة الموعودة..
أشير اخيرا بأن ما أشرت إليه من (لا نريد أن يسيطر أصحاب الشركات الكبري على الإنتخابات ويرشحون زعيما يدعم مشاريعهم غير النزيهة،
ولا نريد شركات -أسلحة- تزرع الفتن والحروب بين الشعوب لتبيع أسلحتها وتحقق المكاسب، لأن شريعتنا تحكمنا وتعلّمنا أن من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا..
لا نريد كعلمانيي الغرب أن نطبق العدل والقانون والمساواة فى بلداننا فقط بينما ننهب بقية الشعوب ونسترقها ونسرقها) هي ممارسات لا يمكن إنكار وجودها ابدا في بعض المجتمعات الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وهي ممارسات ناتجة عن صراع المصالح الاقتصادية والجيواستراتيجية بين القوى العظمى في هذا العالم ، حيث تسعى القوى المهيمنة دائما إلى السيطرة، وهي ظاهرة ليست جديدة في عالمنا ، بل هي الآن اقل مما كانت عليه في العصور السابقة ، حيث كانت تمارس من قبل مختلف الإمبراطوريات بما فيها الإمبراطورية العربية الإسلامية..ولا شك أن زوالها لا يمكن ان يتم بين عشية وضحاها ، بل يحتاج إلى تظافر مختلف الشعوب والمنظمات الدولية ومختلف قوى المجتمع المدني في هذا العالم لإبراز مخاطرها على البشرية حاضرا ومستقبلا للتقليل منها تدريجيا ثم إزالتها ، وهو الأمر المرتبط أساسا ببناء العقل البشري وتمتين وعيه الجماعي وضميره المسؤول..



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدمي .وقعت
- في الشكل الشعري.. في الأنوثة والذكورة ...مناقشة لبعض آراء سه ...
- ليس في القبو سواه
- كيف نسي الكرز؟
- ردا على مختار ملساوي.. نعم، السلطة تتحمل المسؤولية أكثر..
- إضعاف مستوى التعليم في الجزائر..كيف تم؟ ولصالح من؟
- ما صار.. ما سيصير
- إسلام الواقع تحدده المصالح
- شبر الخفارين
- الشجاع الأقرع في انتظاركم يا تاركي الصلاة
- شهوات
- رسالة مفتوحة إلى مسؤولي التربيةب (أُذُن مكاننا)
- ناقة قديشة
- المنتظمات الديكتاتورية أفقدتنا تذوق طعم الحياة
- أكواخ وولائم
- عبيد وجوارٍ
- مقابر عربية
- غيم لأعشاب الجفاف
- لماذا لا يهدي الله المسلمين الطريق المستقيم؟
- متى تصير القراءة ركنا إسلاميا..؟


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - الخطاب الإسلامي الراهن يرسخ التخلف والاستبداد اكثر؟