أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا














المزيد.....

فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3203 - 2010 / 12 / 2 - 07:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اليوم السابع. في فترة الحكم العثماني لمصر، كان الكثير من الممارسات العنصرية يتم مع غير المسلمين، مثل إجبارهم على الصوم في رمضان، وارتداء ثياب محددة لتمييزهم، وكذا قَصْر تسمية مواليدهم بأسماء معينة، ليتم التعرّف على ديانتهم من الوهلة الأولى. إضافة إلى سخافات أخرى من إجبارهم على السير على الجانب الطريق الأيسر، إلى حرمانهم من ركوب الخيل، وإجبار المسيحيين، قسرًا، على تعليق صليب حديدي ضخم من أعناقهم، تلك التي كانت تضغط بقسوة على عظام الرقبة، ومن هنا توارث المسيحيون النعتَ الركيك الذي يطلقه عليهم بعض الركيكين: "عضمة زرقا"! ثم جاء محمد علي باشا، الرجل المثقف المستنير ليحكم مصر من 1805 إلى 1848، ويؤسس نهضتنا الحديثة. مآثرُه على مصر أكثر من أن تُحصى في مقال، لكن أجمل ما صنعه هو إلغاء كل الأحكام العثمانية المتعسفة ضد أقباط مصر، كما سمح لهم ببناء كنائس جديدة، وهو ما كان محظورًا طوال الحكم العثماني، كما أمر بانخراطهم في الجيش المصري وحمْل السلاح، والترقّي في الرتب العسكرية، والمناصب الحكومية العليا. ثم جاء ابنه محمد سعيد باشا، الذي لم يكن على مستوى رقي أبيه واستنارته، إذ ارتكب حماقات كبرى مثل إغلاق الكليات والمدارس العليا التي أنشأها والده قائلا: "أمّةٌ جاهلةٌ أسلسُ قيادةً من أمّة متعلّمة." على أنه، رغم ذلك، تُحسب له أعمال طيبة مثل تأسيس البنك المصري، ومنحه الفلاحين حقَّ تملّك الأراضي، وتخفيف الضرائب على الأراضي الزراعية، وإصدار قانون المعاشات للموظفين المتقاعدين. لكنّ أجمل ما صنعه هو إضافته المزيد من القرارات المُنصفة لأقباط مصر، فألغى الجزيةَ التي فرضها عليهم عمرو بن العاص اثني عشر قرنًا! كما صدر في عهده بمصر القانون الرفيع الذي وضعه السلطانُ عبد المجيد الأول عام 1856، سلطان الدولة العثمانية، وهو ما سُمّي بالخطّ الهمايوني. وهو القانون العدل الذي لم تَشُبْه إلا شائبةٌ واحدة، لا غير. الغرض الأول من القانون هو تنظيم بناء دور العبادة، لكافة الملل والعقائد غير الإسلامية، في جميع الولايات التابعة للدولة العثمانية. يتكون القانون من عشرة بنود تردّ لمواطني مصر المسيحيين حقَّهم الطبيعي العادل في تشييد دور يتعبدون فيها لله. وفيما يلي نصُّ بنوده العشرة.
1. المساواة بين كل مواطني الدولة العثمانية في كافة الحقوق والواجبات.
2. تُنتخب بطاركة الكنائس من كل الملل، وتكون فترة انتخابهم حتى مماتهم ولا يحق لأحد نزع سلطة البابا إلا من كنيسته.
3. السلطان شخصيًّا، وفقط، له الحق في ترخيص بناء الكنائس وترميمها، وكذا المقابر الخاصة بغير المسلمين.
4. إعفاء الكنائس من الضرائب.
5. تشكيل مجلس مكون من رجال الكنيسة (كهنة أو رهبان)، مع رجال من خارج الكنيسة (مسيحيين من غير الرهبان والكهنة)، لإدارة شئون المِلّة. وهو المعروف باسم المجلس الملي العام؛ مثل المجلس الملي القبطي الأرثوذكسي والمجلس الملي الكاثوليكي، الخ.
6. عدم إجبار أي شخص على ترك دينه.
7. محو كل الألفاظ التي تمسّ فئة من الناس مثل الدين أو الملة.
8. يكون حق التعيين في مناصب الدولة المدنية والعسكرية تبعًا للكفاءة، بدون تمييز في الدين.
9. إلزام كل مواطني الدولة بالخدمة العسكرية.
10. الدعاوى القضائية بين المسيحيين والمسلمين تتمّ في محاكم خاصة يرأسها قضاة من الطرفين.
بوسعنا رؤية عدالة تلك البنود، باستثناء البند الثالث المجحف، الذي وإن كان له ما يبرره في عصره، فإن لا مبرر لاستمراره حتى اليوم. على أن الطريف أن ذلك البند ربما هو الوحيد الذي وصل إلينا بكامل صيغته في عصرنا الحالي! في حين اختفت بنود رفيعة أخرى مثل الأول والرابع والسابع والثامن. فلا نحن نرى مساواة بين المسلمين والأقباط، ولا نرى إعفاء من ضرائب على الكنائس، بل أن مجرد بنائها يقترب من الاستحالة، ولا مُحيت ألفاظ رديئة تنعت المسيحيين، ننطقها ببلاهة وعدم مسؤولية مثل: "لا مؤاخذة كنيسة، وعضمة زرقا، وكوفتس، مسيحي بس طيب، إخوانا البُعدا، وهلم جرا. ولا نحن نرى المسيحيين يترقون للمناصب السيادية العليا إلا فيما ندر!
ظل الخط الهمايوني ساريًا حتى عام 1933، حين تشكلت وزارة عبد الفتاح يحيى باشا، الذي عيّن القربي باشا وزيرًا للداخلية، ذاك الذي وضع عشرة بنود شبه تعجيزية لبناء الكنائس، أبطلت الخط الهمايوني وتسببت في الكوارث التي نعيشها الآن. لشدّ ما نحتاج اليوم إلى العودة إلى بنود الخط الهمايوني العشرة، إلا قليلا. إلا البند الثالث. لشد ما نحتاج اليوم إلى قانون موحد لبناء دور العبادة، تساوي بين المسجد والكنيسة. فعدد سكان أقباط مصر يفوق عدد سكان عدة دول مجتمعة مثل عُمان وتونس والكويت والبحرين معًا. ويساوي عدد سكان دولة إسلامية مثل السعودية. فكيف نعوّق عبادتهم في بلادهم على هذا النحو المخجل؟! وبالرغم من أن الرئيس مبارك أصدر قرارًا جمهوريًّا عام 1998، بنقل اختصاص ترميم الكنائس للمحافظين، إلا أنه احتفظ بقرار بناء الكنائس لرئيس الجمهورية. وحتى بعدما يوقّع بالموافقة، بوسعنا أن نتخيل عشرات التعقيدات التي يمرّ بها الترخيص من قِبل الموظفين الصغار والكبار في مراحل التشييد المختلفة من بناء وتوريد مواد ومياه وكهرباء الخ. أولئك الذين يعوّقون بناء دار عبادة وهم يظنون أنهم يحسنون صنعًا، ويرضون الله! .



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنها دارُ عبادة يا ناس!
- بِدّي خبِّركم قصة صغيرة
- غاضباتٌ وغاضبون
- أنيس منصور، حنانيك!
- «أغنية إلى النهار» للشاعر المصري السمّاح عبدالله تحيي المسرح ...
- أحمد عبد الفتاح، الفنانُ المَنسيّ
- القتلُ الرحيم
- الزمن الأخير، اللعبةُ على نحوها الصحيح
- حبيبتان، من مصر!
- الأحدبُ في مصعد العمارة
- لستُ إرهابيًّا، بل مريضٌ بالجمال
- في صالون الرئيس مبارك
- ولاد العمّ- دراما تنتصر لكل ما هو إسرائيلي، ضد كل ما هو مصري ...
- تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب
- رغم إن اللصَّ مازال طليقًا! شكرًا وزارة الداخلية
- آسف على الإزعاج- مضطرون أن نعيش الحُلمَ مادام الواقعُ مُرًّا
- سأختارُ دينَ الحرامي
- سوزان مبارك، والبرادعي
- صور آل البرادعي على فيس-بوك
- فليحاسبْني القانونُ على ذلك!


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا