اشرف المقداد
الحوار المتمدن-العدد: 3189 - 2010 / 11 / 18 - 14:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما هي الطائفية؟
قبل أن أغامر بتعريف الطائفية أريد أن أعترف أنني لست خبيرا نفسيا ولا اجتماعيا
لكنني مراقب للنفس البشرية وعشت واعيش حول العالم وأمارس حريتي الكاملة في معتقدي
وقناعاتي السياسية والدينية ولدت مسلما سنّيا سوريا وراقبت وعايشت طائفية النظام وطائفية "ملتي" وطائفية العديد من ما يشكل النسيج السوري وأعيش في دولة أعتبر بها أقلية أكانت دينية أو عرقية أو حتى فكرية .
الإنسان حيوان إجتماعي بحكم الحاجة أو البيئة أو الطبع أو حتى التطبع ,
وحاجة الإنتماء والهوية تخلق فورا الإختلاط فالإنسان وحتى مع حاجاته الإجتماعية يحتاج بالإحساس بخصوصيته وفرديته.
فنبدأ بالإنتماء إلى العائلة الصغرى وهي اسرتنا التي ولدنا بها وهذه الأسرية تفرض علينا الكثير من هويتنا,
ففي هذه الأسرة نكتسب لغتنا وطرق التعبير عن أنفسنا وفي هذه الأسرة نكتسب الكثير من أخلاقنا وما يسمى بإنتمائنا الروحي ونتعلم طرق الحياة ومعالجة صعابها.
لكن هذه الاسرة هي نفسها خلقت في ظروف تحدد انتمائها وموقعها في مجتمعها المباشر
فعادة تتشكل هذه الأسرة من شخصين متشابهين بخلفيتهما (لغة . عادات, عقيدة,طريقة تفكير,)
وعادة ما تعيش هذه الأسرة في بيئة مماثلة لهذه الأسرة بحيث تنتمي اليها
وهنا تتكون العشيرة والقبيلة أو الحارة أو المدينة أو حتى البلد كقومية
حتى الآن لا تكون مشكلة وتكون البقعة الجغرافية التي تقيم بها هذه الأسر المتشابه وطنا لهم والعيش المشترك يكون سهلا ومتعبا بأقل الدرجات ولا يتحدى مشاعرنا أو عقائدنا التي تقريبا نتشارك جميعا بها
المشاكل والتحديات تبدا دقيقة أن نتخطى الحدود الجغرافية التي تتواجد بها هذه الأسر المتشابهة (وطن , قرية, ضيعة, حارة, وحتى خارج باب المنزل)
ففجأة نصطدم بطرق جديدة يعيش بها "الغير" وقناعات غريبة عن قناعاتنا وحتى بأعراق غريبة عن ما تعودنا عليه
وبحكم اندفاعية الإنسان لحب البقاء والإستقرار وكره المجهول الذي لا نضمن سلامته
نواجه العديد من الخيارات الصعبة:
_منها العودة للحدود الجغرافية "الأمينة والأليفة " وما تعودنا عليه ورفض التعامل مع أي شيء جديد أو غبر مألوف.
_ومنها التعامل مع الوضع الجديد ولكن بأقل ما يمكن من الإختلاط والتبادل والتقوقع في حياتنا الخاصة حول المألوف والمتعود عليه ومع من مثلنا بالطبع.
_ومنها التعامل وبشكل مفتوح مع الوضع الجديد وتبادل الأفكار والعقائد وتشكيل ما يسمى بوتقة تنصهر بها الأفكار المختلفةويتمخض عنها مجتمع جديد وقوانين عيش جديدة تلائم جميع العائشين تحت مظلتها
_ومنها بالطبع رمي نفسك في وتبني الطريقة الجديدة كاملا ومتكملا وانصهارك تماما بالطريقة الجديدة وتختفي أي مشكلة عند ئذ.
مشكلة مجتمعاتنا انها انفتحت على بعضها حديثا جدا ووجدت بعض مجتمعاتنا انها أقلية عددية في الجغرافية الأكبر منها ولاقت نفسها بلا أي خيار للتعامل مع المجتمع الأكبر منها
ولاقت الأكثرية صعوبة بالتعامل مع هذه الأقليات ولم تتفهم الأكثرية أسباب اختلاف هذه الأقليات حيث أعتبرت هذه الأكثرية أن كبر العدد هو اثبات على صحة الطريقة
في سورية عدد كبير من الاقليات الدينية والروحية والقومية واللغوية
تجتمع هذه الأقليات مع أكثرية دينية-روحية عرقية لغوية
وبين هذه الأقليات والأكثرية تاريخ طويل بعدم الثقة وبعض الأحيان بالمحاربة والتمييز والمعاملة القاسية.
تمخض عن التخالط الإجتماعي والفكري طبقة جديدة آمنت بضرورة فصل الدين عن الدولة ليتاح للجميع العيش في داخل حدود جغرافية واحدة
وهي طبقة ما يسمى بالعلمانيين الذين يريدون حرية المعتقد للجميع ويريدون للجميع العيش تحت سقف واحد يبنيه القانون وليس الشريعة(الروحانية) بأنواعها
هؤلاء العلمانيين انبثقوا من كل أقليات سورية كموقف دفاع للنفس أمام أغلبية واثقة من نفسها لا وبل مغرورة بعددها وأبنائها يعتقدون أنهم "مولودون ليسودوا" أي يحكموا البقية يحكم العدد وبحكم ايمانهم بصحة طريقتهم التي تأتي بقوة العدد .
وبحكم انتشار التعليم والسفر الذي أصبح متاحا دخل الى صفوف العلمانيين الكثير الكثير من "الأكثرية" التي أصبحت تتسائل وتسال نفسها عن صحة معتقاداتها وعن عقلانية الحكم بالشريعة السائدة وعن حكمة عيش حتى الاكثرية تحت هذه الشريعة القائمة.
فحتى تقنع هذه الطبقة الجديدة من العلمانيين البقية بحكمة خيار فصل الدين عن الدولة كان لابد للعلمانيون من مهاجمة الطريقة السائدة ومن تحليلها وتبيين نواقصها
ولكن لللأسف كانت الطريقة الوحيدة التي تهاجم هي طريقة الاكثرية!!!
فوجد العلمانيون المنحدرون من الأغلبية أنهم الوحيدون الذين يهاجمون طريقة أهلهم وبقية العلمانيون من الأقليات تكتفي بمهاجمة طريقة الاكثرية وتصمت صموت القبور عن مهاجمة وتعرية طرق الاقليات؟؟!!
وتحدى علمانيون الاكثرية علمانيوا الأقلية أن يقوموا بواجبهم أيضا بتعرية طرقهم أيضا ولتصبح جميع الطرق الروحانية للحكم لاغية ومفضوحة ومفلسة ولكن!!!
اختفى علمانيو الأقليات عندما وصل الطريق الى هنا وتحججوا بالأكثرية التي سوف تستخدم تناولهم لطرق الأقليات" الى المزيد من الأسباب لإحتقار من قبل الأكثرية اذا تم فضحها
وفجأة يجد علمانيوا الاكثرية أنهم خدعوا وانهم قد خدموا أغراض الاقليات بتعرية وتفليس طريقة الاكثرية ولم يلتزموا بالعمل الى آخر الطريق بتأسيس مجتمع علماني للجميع
لا وبل المصيبة الأكبر والجلل الأعظم وبما أن الجكم اليوم بيد ديكتاتورية لكنها بيد أقلية
فهؤلاء العلمانيون من الاقليات يعتبرون هذه الديكتاتورية الفاسدة والظالمة ضمانة لحرية الأقليات وفجأة سقط مطلب الديموقراطية من مشروعهم وبحجة أن الديموقراطية ستجلب الاكثرية وبما أن الأكثرية من "الاكثرية" فلا نريدها وهي ستكون غير ديموقراطية!!!!
فالديموقراطية على حسبهم هي تسلم الأقليات الحكم ولو بالبصطار العسكري وبالديكتاتورية
وهنا أتوقف وابدي قرفي ودهشتي من مواقف علمانيين معروفين من الأقليات والذين فضحوا أنفسهم مؤخرا وكشفوا عن وجهم الطائفي البشع
فاعترف أحدهم وبكل وقاحة أن انتخاب علماني ولكنه ينحدر من الأكثرية هو مرفوض
ويقرر أن أي شخص من الاكثرية هو مذنب بأنه من " الاكثرية"
وأنه لا يمكن أن يتواجد شخص علماني من الاكثرية أو بالأحرى هو لا يصدق أن يكون هناك علمانيون من الأكثرية.
فالاكثرية مذنبة بحكم أنها "أكثرية"!!!!!
أتسائل عن اذ اننا خدعنا هنا؟ واتسائل عن حقيقة علمانية هؤلاء؟
,اشعر كما شعر الضباط البعثيون من الاكثرية وعندما خدعهم ضباط اللجنة العسكرية المكونة بكاملها من طائفة واحدة وجروهم وأحلامهم الوردية الى مجاهل السجون ليتحول الحكم من حكم للطبقة الكادحة لجميع السوريين لحكم طبقة كادحة من لون وطائفة واحدة
فهل هذا ما حصل؟
العلماني
أشرف المقداد
#اشرف_المقداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟