أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسلام احمد - العنف فى المجتمع المصرى















المزيد.....

العنف فى المجتمع المصرى


اسلام احمد

الحوار المتمدن-العدد: 3186 - 2010 / 11 / 15 - 15:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لسبب ما لا اقرأ اخبار الحوادث , ربما لأن اخبار من قبيل اب اغتصب ابنته واتفقت مع عشيقها على قتل زوجها , من شأنها ان تصيبنى بالاحباط , غير ان المرء ليس بحاجة الى متابعة اخبار الحوادث فيكفي ان تسير فى الشارع المصري لكي ترى بنفسك ما يحدث من كوارث لاسيما فى المناطق الشعبية والعشوائية وهذا ما حدث معى مؤخرا اذ كنت اتجول باحدى الاسواق الشعبية ثم فوجئت بطفل صغير يقف على عربة فاكهة , مكمن المفاجأة ليس فى انه يقف وحده ليبيع رغم سنه الصغيرة فهذا امر مألوف فى تلك المناطق الشعبية ولكن مكمن المفاجأة فى تلك الندبة التى رأيتها تشوه النصف الايسر من وجهه بالكامل! , ولأننى شخص اميل للهدوء بطعبي كما اكره العنف ولا الجأ اليه الا مضطرا فضلا عن حياتى الهادئة فقد كان وقع الصدمة على عنيفا للغاية ما دفعنى الى الاتجاه الى الصبي بشكل لا ارادي ثم سألته بلهجة صارمة وملامح وجهي تستشيط غضبا مشيرا بسبابتى الى وجهه : ما هذا؟؟!
ارتبك الطفل من اسلوبي فى توجيه السؤال حيث نظر الى طويلا يتفحص وجهي ثم اجاب بلهجة متلعثمة : شكلة
انا : مع من؟؟
هو : مع واحد
انا : أين؟؟
هو : هنا فى السوق
انا : كم عمرك؟!
هو : 11 سنة!
انا : والذى ضربك كم عمره؟!
هو : فى مثل عمري!
انا : اين ابوك؟!
هو : ذهب ليجلب بضاعة
انا : هل تذهب الى المدرسة؟!
هو : كنت اذهب الى المدرسة ثم تركتها
انا : لماذا؟!
هو : اكل العيش يا بيه
هنا وجدت نفسى اربت على وجنة الطفل بحنان _بعد ان لانت ملامحي قليلا_ ونهيته عن العنف قائلا : لا عليك ما تحزن ولكن لا تتشاجر مع احد ثانية , ابتسم الصبى واومأ برأسه ايجابا , ثم انصرفت حزينا محبطا

الموقف ذو ابعاد اذ يحتوى على قضايا عديدة مهمة مثل عمالة الاطفال والتهرب من المدرسة فضلا عن اطفال الشوارع الا ان ما اود الحديث عنه هنا وهو ما اثار سخطي ذلك العنف فى المجتمع المصري الذى امتد ليشمل الاطفال ما يدفعنا الى التساؤل عن سر هذا العنف والبحث فى اسبابه؟ من اجل الوصول لعلاجها

العنف نوعان فردى كواقعة الطفل السالفة الذكر وجماعى منظم مثل التنظيمات الارهابية , وفى تقديرى ان اسباب العنف بنوعيه فى المجتمع المصرى تتلخص فيما يلى :

1_الفقر حيث يقول الدكتور احمد عكاشة رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي ان الفقر والظروف المادية والاجتماعية التى يعانى منها اغلب المصريين فى الاونة الاخير قد ادت الى اختلال منظومة القيم فى المجتمع اذ اصبح الناس اكثر عصبية واقل صبرا فى التعامل مع بعضهم البعض كما باتت المشاكل تنشب بينهم لاتفه الاسباب بل ان الاخ من الممكن ان يقتل اخاه فى النسب بسبب المال او غيره , واخبار الحوادث مليئة بعشرات الامثلة

2_الجهل حيث اثبتت الدراسات ان المجتمعات الامية او التى يقل فيها نسبة التعليم تكثر فيها نسبة جرائم العنف عن غيرها

3_البعد عن الله ومن ثم غياب الوازع الديني ذلك اننى اعتقد جازما ان من يقتل لو انه يعلم عاقبة جريمته لفكر الف مرة قبل ان يقدم عليها اذ قال تعالى : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد لها عذابا عظيما " كما ان من يمارس البلطجة فى المجتمع لو انه استمع الى قول رسول الله : " من رفع على اخيه حديدة لعنته الملائكة " لتردد كثيرا قبل ان يقدم على ما يفعل , ولاصلاح هذا الخلل فان المسئولية تقع على عاتق الدعاة والعلماء ومن هنا انتقل الى النقطة التالية

4_تشدد الخطاب الديني اذ ان المتابع للخطاب الديني فى الاونة الاخيرة يدرك بسهولة انه تحريضي ضد الاخر بشكل عام , قد يفسر هذا كثير من الجرائم التى تنشب بين المسلمين وغيرهم من اصحاب الديانات المختلفة , وليس ببعيد حادث نجع حمادي

5_ترهل الدولة المصرية المتمثل فى تراجع دور الامن فى المجتمع , وهو فى اعتقادى من اهم اسباب انتشار العنف فى المجتمع , فضلا عن فساد بعض ضباط الشرطة وتواطؤهم مع منظمات اجرامية , وهنا مفارقة كبرى اذ بالرغم من وجود حالة الطوارئ الا ان العنف والجريمة يزدادان فى المجتمع! وهو ما يسوغ لنا القول ان حالة الطوارئ انما تهدف لحماية النظام الحاكم فى الاساس

6_غياب سلطة القانون اذ ان من يقدم على جريمة القتل او غيرها من جرائم العنف خاصة تلك المتعلقة بالثأر لديه قناعة ما بأن القانون لن يعيد اليه حقه وبالتالى يجب ان ينتزعه بيده , وهنا ادعو الى تشديد عقوبة جرائم العنف والاغتصاب كما اهيب بنشطاء حقوق الانسان الذين يدعون الى الغاء عقوبة الاعدام ان يتراجعوا عن دعواهم حتى لا تزداد جرائم العنف فى المجتمع

7_العنف فى السينما المصرية قد تسبب بشكل كبير فى زيادة نسبة جرائم العنف فى المجتمع اذ ان كثير من الاطفال والصبية يهوون التقليد بطبيعتهم ناهيك عن تصوير العنف على انه شئ جيد وليس ببعيد فيلم ابراهيم الابيض بطولة احمد السقا الذى يؤرخ لبلطجى كما يروج للعنف بشكل واضح

8_ حالة الفراغ الفكرى والسياسى , فى ظل عدم وجود هدف قومى , خلقت اجيالا مغيبة من الشباب اتجهوا الى بدائل كالجنس والمخدرات ومن ثم العنف بالتبعية

9_ تراجع دور الاسرة والمدرسة فى القيام بواجبهم نحو التربية ما ادى الى تخريج اجيال سيئة السلوك

10_اضطهاد وتهميش بعض الفئات فى المجتمع كبدو سيناء وغيرهم مما خلق بداخلهم نوع من العداء تجاه الدولة والمجتمع ومن ثم مزيد من العنف

11_العنف الاسرى من جانب الاب تجاه الأم او الابناء كثيرا ما ينعكس سلبا على الابناء بعد الكبر اذ يخلق بداخلهم ميول عدوانية

12_التعذيب الذى تمارسه اجهزة الامن فى السجون واقسام الشرطة يؤدى بشكل كبير الى تغذية مشاعر العداء لدى السجناء والمواطنين ضد المجتمع بشكل عام واجهزة الامن بشكل خاص , وقد كتب الاستاذ منتصر الزيات الخبير بشئون الجماعات الاسلامية دراسة بحثية فى هذا الصدد حيث يرى ان العنف الذى مارسته الجماعات الاسلامية خلال السبعينات والتسعينات من القرن الماضى كان نتاجا لما لاقاه هؤلاء من تعذيب فى المعتقلات ابان الستينيات , بمعنى اخر فان عنف الجماعات الاسلامية فى مصر كان فى اصله رد فعل لعنف مارسته اجهزة الدولة المختلفة ضدهم وعلى سبيل الخصوص الاجهزة الامنية فى اوقات سابقة من الثمانينات والتسعينات

13_ناهيك عن تشجيع بعض السياسيين (الفاسدين) للعنف والبلطجة من خلال تأجير بلطجية فى موسم الانتخابات للسيطرة على العملية الانتخابية بالقوة

بديهي انه لكى يتم اصلاح العوامل السالفة الذكر فلابد من تضافر جميع الجهود الرسمية والمدنية وفى مقدمتها دور الدولة بالاضافة الى المثقفين ومن هنا ادعو جميع النخب الفكرية والسياسية للبحث فى اسباب العنف فى المجتمع وصولا الى علاجها فمصر لم تعد تحتمل مزيدا من التمزق.



#اسلام_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الظلم فى مصر
- نظام ايل للسقوط
- نفاق الرئيس 3
- لعبة سياسية قذرة
- المشهد العراقى
- ثورة يوليو من التحرر الى الاستبداد!
- اشكالية المصالحة الفلسطينية
- مأزق القضية الفلسطينية
- هل انتهى الدور المصرى لصالح تركيا؟ 2_2
- هل انتهى الدور المصرى لصالح تركيا؟ 1_2
- ازمة الطلاق بالكنيسة
- توحش السلطة
- نحو هزيمة اسرائيل


المزيد.....




- زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي بعد إعلان إحباط مؤامرة ...
- الرئيس الصيني يعتبر زيارة المجر فرصة لنقل الشراكة الاستراتيج ...
- جنوب أفريقيا تستضيف مؤتمرا عالميا لمناهضة -الفصل العنصري الإ ...
- الاحتلال يقتحم مدنا وبلدات بالضفة ويعتقل طلبة بنابلس
- بعد اكتشاف بقايا فئران.. سحب 100 ألف علبة من شرائح الخبز في ...
- رئيس كوريا الجنوبية يعتزم إنشاء وزارة لحل أزمة انخفاض معدل ا ...
- مصادر تكشف لـCNN ما طلبته -حماس- قبل -توقف- المفاوضات بشأن غ ...
- ماذا قال الجيش الإسرائيلي بشأن تعليق الأسلحة الأمريكية والسي ...
- -توقف مؤقت- في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. ومصادر توضح ال ...
- فرنسا: رجل يطلق النار على شرطيين داخل مركز للشرطة في باريس


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسلام احمد - العنف فى المجتمع المصرى