أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شامل عبد العزيز - التطرف والأعتدال ؟















المزيد.....

التطرف والأعتدال ؟


شامل عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 3185 - 2010 / 11 / 14 - 13:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدين أقنع الناس فعلاً بأن هناك شخصاً خفياً يعيش في السماء ويراقب كل ما تفعل في كل لحظة من كل يوم وهذا الشخص الخفي لديه لائحة بعشرة أشياء لا يريدك أن تفعلها وإن فعلت أيّاً منها فإن لديه مكاناً خاصاً ملئياً بالنار والدخان والحريق والتعذيب والألم وسيرسلك لهناك حيث تعيش وتعاني وتحترق وتختنق وتصيح وتصرخ إلى أبد الآبدين وإلى نهاية الزمن ولكنه يحبك / جورج كالتن / .
ياعيني على هيك حب ؟
الأعتدال والوسطية التي ينادي بها العقلاء في العالم وعلى صفحات الحوار المتمدن نجد بعض المقالات التي تتحدث عن ذلك , من وجهة نظر شخصية هي الأسلوب الأمثل للحوار بدون تعصب , لا أريد أن أكون ضمن هذا التصنيف علماً بأنني أكره التشدد والتطرف وأميل إلى الأعتدال ولكن شهادتي مجروحة .
في الفصل الذي يحمل عنوان / ما هي مشكلة الدين / ما سبب كل هذه العدوانية , من كتاب ريتشارد داوكنز / وهم الإله / والذي تناولناه أنا وأخي وزميلي رعد الحافظ في عدة مقالات سابقة , يقول داوكنز :
لا أظن أنّ المعاداة طريقة مناسبة للوصول للحقيقة .
داوكنز لا يرغب بلقاء رجال الدين , ولكنه في بعض الأحيان كان يدخل في نقاشات مع أولئك الرجال , أصدقاء داوكنز سألوه ؟
لماذا أنت بهذا العداء , ما هو الخطأ في الدين , لماذا لا نعيش نحنُ الملحدون ونترك الآخرين يعيشون ؟
قال : عداء الملحدين تجاه الدين لا يتعدى كلمات .
أنا لن أفجر أحداً أو أقطع رأسه أو أرجمه أو أحرقه على السيخ أو أصلبه أو أصدم طائرة بناطحات السحاب التابعة له .
فقط أنا لا أتفق مع فكره الديني .
أليست هذه حقيقة ؟ هل رأيتم ملحداً يفعل ذلك ؟ بل على العكس المتدّين أشد قسوة من الملحد .
ما العيب في ذلك , أين الخلل في هذا الطرح ؟ أنا لا أتفق مع فكرك الديني هذه هي المسألة ومن حقي أن لا أعتقد و لا أومن بما تقول فلماذا العداء ولماذا التهديد ولماذا الوعيد ؟
بهذه الصورة يظهر الملحد أفضل من المتدّين . وكذلك من خلال هذه الصورة نستطيع أن نسأل أين يكمن الخلل عند المتطرفون أم عند الملحدون ؟
المتطرفون يعلمون بأنهم على حق لأنهم قراءوا الحقيقة في الكتب المقدسة , ويعرفون بأن لا شيء ممكن أن يحرفهم عن إيمانهم , الكتب صحيحة .
كيف يكون الدليل ؟
حقيقة الكتب المقدسة من / البديهيات / , وليست نتيجة لعملية عقلية , فالمتدّين أبعد شخص عن التفكير وعن إستعمال العقل وتوارث إيمانه عن والديه والبيئة التي عاش فيها دون أن يستخدم عقله وفكره في ذلك الدين وذلك الإيمان . والأمثلة شاخصة لا تحتاج لجهد وعناء .
ولكن عندما تبدأ الأدلة وكأنها متناقضة فعندها يجب رمي الأدلة خارجاً وليس الكتب المقدسة / مع العلم أن العكس هو الصحيح .
أما بالنسبة للعلم فالعكس هو الذي يحصل .
نظرية التطور ( يقول داوكنز ) :
أنا كمشتغل بالعلم أومن به ليس لأنني قرأتُ كتاباً مقدساً بل لأنني درستُ الأدلة وهذا موضوع مختلف تماماً .
إن الإيمان بكتب التطور لا يأتي من كونها مقدسة بل لأنها تقدم أدلة دامغة كثيرة ومُسندة بشكل متبادل , وكمبدأ فإن أيّ قارىء يستطيع أنّ يفحص الأدلة وعندما يُخطىء كتاب علمي ما فإن شخصاً ما سيكتشف الخطأ وسيُصحح في كتاب يليه .
من الواضح أنّ ذلك لا يحصل في الكتب المقدسة .
( شهد التاريخ الإنساني عدداً من الرواد ذوي عقول جبارة أعطونا نظريات حول الكون والتطور تتعارض مع العقيدة الدينية , توصل غاليلو إلى أنّ الأرض تدور حول الشمس وليس العكس وتحدى داروين نظرية الخلق بكتابه تطور الأنواع وأعطى كارل ساغان العالم أحدث تحدياته في كتابه / بلايين وبلايين / أكسبريس نيوز – سان أنطونيو ) .
بعض الفلاسفة حسب رأي داوكنز وخصوصاً الهواة المصابين بما يُسمى – الثقافة النسبية – يبدأون بشكوك منهكة وعلى الشكل التالي ( فما بالك بالعوام الذين نقرأ لهم هنا وهناك ) :
إن إيمان المشتغلين بالعلوم بالأدلة هو بحد ذاته إيمان متطرف .
كلنا نؤمن بالأدلة ولكن يقول داوكنز :
أنا لن أكون متطرفاً عندما أقول أنّ التّطور حقيقي أكثر من قولي بأن نيوزيلندا تقع في القسم الجنوبي من الكرة الأرضية .
الإيمان بالتّطور لأن الأدلة تدّعم ذلك وسوف يتم إهمالها عندما تظهر أدلة تنفيها .
هل المتطرف الحقيقي يستطيع أنّ يقول ذلك عن الكتب المقدسة ؟ مستحيل , لأن الإيمان التقليدي قد أعماه أنّ ينظر في تلك الأدلة العلمية وأصبح من مُلاك الحقيقة المطلقة , وهؤلاء مساكين ..
لا خوف منهم إذا التزموا بحدود هذا الإيمان الغيبي كعبادات واعتباره تراث ودون أن يحشروه في كل شيء . واتمنى لهم أن يتغنوا طول العمر بهذا الإيمان ومناداة الإله .
رجل العلم يحمل العداء للتطرف الديني لأنه يتهم الهئيات العلمية بالفسوق مع العلم أنّ الفسوق بحد ذاته مصدره التطرف الديني ولكنهم لا يفقهون .
إنهم يريدون أنّ لا نغير رأينا و لا يريدون أنّ نتعلم المعلومات المثيرة المتوفرة للمعرفة .
إنهم يخربون العلم ويستنزفون الفكر .
الباحث الأمريكي – كيرت وايز – كان بإمكانه أن يحقق حلم صباه في أن يكون أستاذاً للجيولوجيا في جامعة عادية من أهدافها الحث على – التفكير النقدي – بدلاً عن – التفكير البليد –
سوف اختصر لكم قصة / كيرت وايز / المأساوية والتي تُثير الشفقة :
حصل على شهادته الجامعية من جامعة شيكاغو – حصل على درجتي دكتوارة في الجيلوجيا وعلم المستحاثات من هارفارد ( وبس ؟؟ ) .
كان مؤهلاً وواعداً بمستقبل علمي كباحث شاب وعلى الطريق الصحيح ليحقق حلمه بالتدريس وإجراء الابحاث في جامعة محترمة لكن شيئاً / تراجيدياً / اعترض طريقه , لم يأت من الخارج بل من داخل عقله , عقل أضعفته وخربته نشأة دينية متطرفة طلبت منه أن يصدق بأن الأرض ( موضوع دراسته ) عمرها أقل من 10000 عام .
لقد كان أكثر معرفة من أن يتجاهل التناقض بين دينه وعلمه .
في إحدى الأيام أتى بمقص وأخذ الكتاب المقدس وبدأ بقراءته من الأول وهو يقص ويرمي كل جملة يتوجب رميها فيما لو كان العلم صحيحاً , في نهاية تلك المحاولة الأمينة بشكل هائل والمتطلبة لجهد كبير لم يتبقى الكثير من كتابه المقدس .
لا اعتقد بأن القرآن أوفر حظاً من الكتاب المقدس فيما لو تعرض لمقص عاقل .
بعد التجربة بالنسبة ل كيرت وايز حتى بوجود الهوامش السليمة على الصفحات يقول : وجدتُ أنه من المستحيل أن ألتقط الكتاب المقدس دون أن ينفرط . وعليّ أن أقرر بين التطور والكتاب المقدس
إما أن الكتاب المقدس / الغيبي وبدون أدلة / صحيح وأن التطور خطأ , أو أنّ التطور / بالأدلة العلمية / صحيح وعليّ أنّ أهمل الكتاب المقدس , ويا للمأساة :
( وفي ذلك الوقت قررت أنّ أتقبل كلام الله وأرفض كل ما يتعارض معه متضمناً التطور , وبحزن شديد رميت العلم وآمالي العلمية كلها في النار ) .
( معليش بقى ربنّا هيعوضك يوم القيامة ) ؟
أيّ حزن شديد ينتابك وأنت تقرأ ما قاله كيرت وحزنه وتناقضه مع نفسه , ما هو الشيء الذي يجعل كيرت يترك جميع الأدلة العلمية والتي يؤمن بها في قرارة نفسه والتي تتناقض مع الكتاب المقدس ؟
إنها البيئة – النشأة الأولى – ( إنا وجدنا أباءنا على أمة وإنّ على آثارهم مقتدون ) , والتي لم يستطع أن يتخلص منها وهو شيء يدعو للأسف حقيقة .
قصة مأساة تُثير الشفقة , كل ما كان عليه أن يفعله هو أن يترك الكتاب المقدس أو تفسيره بشكل رمزي – مجازي – وبدلاً عن ذلك فعل كيرت ما فعله المتطرفون ورمى العلم والأدلة والعقلانية ومعها كل أحلامه وآماله .
قصة كيرت الواقعية تشبه قصة / ونستون سميث / في 1984 / جورج أورويل / والذي يسعى ويعاني لتصديق أنّ 2 + 2 لابد أن يكون النانج 5 إذا قال الأخ الكبير ذلك . ( انها الكارثة ) .
جميع المتدّينين ( ونستون سميث ) ويريدون أن يصدقوا بأن الناتج خمسة .
انه الإيمان الديني والذي هو حسب تعبير داوكنز ( كتعذيب عقلي ) .
الآن فكر فقط بما يمكن أن يفعله الإيمان الديني بأخرين أقل قدرة على التفكير وأقل قابلية على التعقل وأقل علماً وأقل تجربة الخ من كيرت ؟ ماذا سوف يكون مصير العالم بين أيديهم ؟ هل لكم أن تتصوروا ثم بعد ذلك تقولوا رأيكم ؟
التطرف الديني هو نزعة جحيمية لتخريب الثقافة العلمية لاعداد لا تحصى من الأبرياء ذوو النوايا الطيبة والعقول الشابة المندفعة .
الاعتدال والوسطية لا يفعلان ذلك , ولكنهما يجعلان الطريق ممتداً للمتطرفين عندما يُدرس الأطفال منذ أعوامهم الأولى بأن :
الإيمان بدون سؤال فيه قيم عليا .
وهذه كارثة الكوارث , العاقل من أتعظ بغيره ..
/ ألقاكم على خير / .



#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوضع العراقي في دفاتر قديمة .
- فضيحة التعليقات المؤدلجة .
- سلسلة المقالات 8 / الأخيرة / .
- الأستاذ فؤاد النمري والديمقراطية .
- معايير التقدّم !!
- الحسد والسحر !!
- قصة الطوفان 1 - 5 ..
- من ملائكة سيمون إلى زهور مرثا !!
- الأخلاق بين الإيمان والإلحاد !!
- هل مصر وهابية أم فرعونية ؟
- فرسان القديس يوحنا ؟
- بيروقراطية ستالين !!
- سولجنستين وثورة أكتوبر ؟
- الثوار والثورات !!
- إلى السيد فؤاد النمري ورفاقه !!
- ما هي أسباب قوة الفكر الديني ؟
- الجمود العقائدي عند الماركسيين . الأخيرة !!
- الجمود العقائدي عند الماركسيين 1
- الجمود العقائدي عند الماركسيين !!
- الأوهام الثلاثة ؟


المزيد.....




- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شامل عبد العزيز - التطرف والأعتدال ؟