أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نجيب الخنيزي - محنة المسيحيين .. أم محنة العراق ؟















المزيد.....

محنة المسيحيين .. أم محنة العراق ؟


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 3184 - 2010 / 11 / 13 - 21:08
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


المجزرة البشعة التي تعرض لها جمعا من المصلين داخل كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في حي الكرادة في بغداد في نهاية شهر اكتوبر/ تشرين الماضي أدت إلى مصرع 46 من المصلين و7 من عناصر الأمن كما أصيب 60 آخرون بجروح مختلفة ، في حين قتل 9 من المسلحين . وكانت "دولة العراق الإسلامية" المرتبطة بالتنظيم الإرهابي ( القاعدة ) قد ادعت مسؤوليتها عن العملية في بيان نشرته في موقعها الالكتروني. وجاء في البيان ان المسيحيين العراقيين "سيصفون" ما لم يطلق سراح سيدتين مسلمتين في مصر ذكر انهما محتجزتين من قبل السلطات الدينية القبطية بعد اعتناقهن الإسلام. وقال بيان صادر عن التنظيم ان "المهلة التي أعطيت للكنيسة القبطية في مصر المسلمة لتكشف مكان شقيقتينا الأسيرتين وتطلق سراحهما انتهت". وأضاف "بالتالي يعلن المجلس الحرب في دولة العراق الإسلامية . ان كل المراكز والمنظمات والقادة والمؤمنين المسيحيين أصبحت أهدافا مشروعة للمجاهدين حيث يستطيعون الوصول اليهم". لقد أثارت المجزرة تنديد واستنكار العديد من الجهات والأطراف في داخل العراق وخارجها . اللافت هنا دعوة رجل الدين المسيحي العراقي البارز المقيم في العاصمة البريطانية لندن المطران اثاناسيوس داود مسيحيي العراق بترك بلادهم والهجرة الى الخارج حيث قال لبي بي سي، بعد ترؤسه قداسا للمسيحيين الارثوذكس العراقيين في العاصمة البريطانية: "اذا بقينا سيقتلوننا، فأيهما افضل؟ الهرب ام البقاء؟ أن نقتل أم ان نبقى على قيد الحياة؟ ولكن عندما أقول لرعيتي "اخرجوا"، فإني أقولها بقلب مجروح." ولكن غالبية الزعماء الدينيين والسياسيين المسيحيين في العراق الذين يشاطرونه القلق على مصير ومستقبل المسيحيين في العراق لا يشاركون المطران الرأي . نذكر من بينهم أسقف بغداد للسريان الكاثوليك اغناطيوس متي ميتوك الذي فقد نصف ابرشيته في المجزرة الذي صرح : "يقول لي الناس: تريد منا البقاء بعد الذي حصل؟ قد يحصل نفس الشيء ثانية، ومن الذي سيحمينا آنئذ؟" مضيفا "إن الكنيسة تعارض الهجرة. فعلينا المكوث هنا مهما غلت التضحيات لنكون شهودا لديننا. ولكن الناس بشر، ولا يمكننا منعهم اذا كانوا مصممين على الرحيل." في حين قال يونادم كنة، وهو عضو مسيحي في مجلس النواب العراقي: "هذا بلدنا الذي عشنا فيه جنبا الى جنب مع المسلمين لمئات السنين. هذا قدرنا، وسنبقى هنا سوية." وردا على دعوة المسيحيين العراقين للهجرة ذكر كنة "هذه الدعوات موازية تقريبا لما تفعله القاعدة بنا. فالقاعدة تدفعنا دفعا للخروج، بينما يقوم الغربيون بسحبنا - وكلاهما ضد شعبي وضد بلدي وضد مصالحي." من جانبها، قالت وزيرة حقوق الإنسان في العراق وجدان ميخائيل ( مسيحية ) لدى زيارتها مكان الهجوم: "ما حدث هنا كان أكثر من حادث مأساوي وكارثي. برأيي كان محاولة لاجبار المسيحيين العراقيين على ترك بلادهم وإفراغ العراق من أبنائه المسيحيين."
السؤال الذي يطرح نفسه هنا لمصلحة من ما يحدث من جرائم ومجازر وحشية التي تعرض ويتعرض لها مواطنون مدنيون عراقيون كل جريمتهم أنهم ينتمون إلى أديان ومذاهب واثنيات أخرى ؟ بالتأكيد السجل الإرهابي للقاعدة وما يسمى دولة العراق " الإسلامية " حافل بالجرائم البشعة التي لم توفر أحدا بما في ذلك مجاميع كبيرة من السنة التي تدعي زورا وبهتانا تمثيلها لهم وحماية مصالحهم ، فقد قتلت الآلاف من رجال الدين وزعماء العشائر وقادة و أفراد جماعات الصحوة ( السنية ) ناهيك عن المكونات المذهبية والدينية المختلفة . إثر مجزرة الكنيسة قتل 90 عراقيا كما جرح المئات و جلهم من المسلمين ، في هجمات متعددة طالت أحياء شيعية ومختلطة ببغداد بعد يوم واحد من الهجوم الذي استهدف كتدرائية سيدة النجاة وهو ما يعكس المنحى الإجرامي العام الذي لا يفرق بين الأديان والمذاهب .
بالتأكيد هذه المجزرة والمئات من المجازر المماثلة التي ترتكبها منظمة القاعدة والمليشيات الطائفية المتنافسة على اختلافها تندرج ضمن منحى تسعير وتأجيج الصراع الديني والطائفي بقصد إنهاك وإضعاف كافة القوى والمكونات العراقية و الإجهاز على ما تبق من مكونات ووجود الدولة التي فقدت الكثير من مقوماتها، تمهيدا لقيام دولة العراق " الإسلامية " الصافية على جماجم ملاين العراقيين من الطوائف والمذاهب المختلفة . بالطبع لا نستطيع ان نتجاهل هنا ذيول استمرار الأزمة السياسية والاحتقان الداخلي الناجم من عجز الأطراف والكتل الطائفية و السياسية العراقية للتوصل إلى اتفاق على تشكيل الحكومة وتسمية رئيسها ، بل وعدم التئام مجلس النواب الجديد رغم مضي قرابة 8 أشهر على إجراء الانتخابات الأخيرة ( قبل حدوث اتفاق اللحظة الأخيرة وفقا لنظام المحاصصة الطائفية والأثنية السيئ الذكر ) في شهر مارس الماضي ، والذي عمل على خلق فراغ سياسي وأمني خطير، استفادت منه القوى المعادية لمصالح العراق وشعبة في تحقيق التنمية و الاستقرار والأمن والسلام . الوجود المسيحي في العراق قديم جدا ويعود إلى حوالي الفي سنة تقريبا . وفي الواقع المسيحيون الكلدان والأشوريين هم من أقدم الشعوب في العالم ، كما يمثلون سكان العراق القدماء والأصليين ، والحضارتين الكلدانية والأشورية هما من أقدم الحضارات في المنطقة والعالم ، وسادتا العراق قبل وصول العرب والإسلام اليه بعشرات القرون . لا يمكن بأي حال إغفال الدور المشرق والريادي الهام الذي أضطلع به المسيحيين في المشرق العربي. فقد كان منهم روادا بارزين في شتى مجالات الفكر والعلم و المعرفة منذ أواسط القرن التاسع عشر في ما عرف بعصر النهضة ، وقد نشط العديد من الزعامات المسيحية في قيادة العمل الوطني والقومي في العالم العربي ، كما عملوا على تحقيق وحفظ اللغة العربية و آدابها و التراث الإسلامي على وجه العموم .
قدر عدد المسيحيين في العراق قبيل حرب الخليج الأولى 1991 بحوالي مليون وربع شخص يمثلون حوالي 3 في المائة من إجمالي السكان ، غير أن عددهم تراجع خلال فترة الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق في التسعينيات ، كما شهدت الفترات السابقة هجرة مجاميع كبيرة منهم الى دول أمريكا وأوربا لأسباب اقتصادية واجتماعية في المقام الأول . وفي حين قدر عددهم عشية الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003 بحوالي 900 ألف فقد تقلص عددهم في الوقت الحاضر إلى النصف . وقد اضطر الكثير من المسيحيين بسبب التدهور الأمني المخيف إلى مغادرة مناطق سكنهم والانتقال نحو مناطق أخرى أكثر أمنا داخل العراق أو الهجرة إلى خارج البلاد. كما يتعرض رجال الدين المسيحيين ممن قرروا البقاء داخل العراق لتهديدات بالاختطاف والقتل من قبل جماعات متطرفة. هذه الممارسات المقرفة والشنيعة التي تقترفها الجماعات الإسلامية المتطرفة والإرهابية في العديد من البلدان العربية والإسلامية ، وما تمارسه بعض النظم العربية والإسلامية، من قمع وإرهاب ومصادرة لحقوق شعوبها عموماً، وحقوق أقلياتها الدينية، المذهبية، الإثنية، والعرقية خصوصاً، تعطي الذرائع والمسوغات للقوى المتطرفة في الغرب بوصم الإسلام والمسلمين بالفاشية والعنصرية والتوحش ومعاداة الغرب والحضارة المعاصرة والديانة المسيحية وغيرها من الديانات. بطبيعة الحال لا نستطيع أن نغض الطرف عن ما يسمى موجة الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام) التي اجتاحت الولايات المتحدة ودول الغرب عموماً وخصوصاً منذ عمليات 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية، وما تلاها من عمليات إرهابية استهدفت دولا أوروبية عدة من بينها بريطانيا، فرنسا، وإسبانيا، ناهيك عن بعض التنظيرات والأفكار الغربية التي تستظهر صراع الحضارات والأديان والثقافات، وتركيزها على الإسلام كعدو رئيس للحضارة والقيم الغربية. غير أن مواجهة هذه الظاهرة بقدر ما هي مسؤولية الحكومات والإعلام والنخب ومنظمات المجتمع المدني في الغرب، فإنها مسؤولية الحكومات والمجتمعات العربية والإسلامية ونخبها السياسية والفكرية، وبما في ذلك الجاليات الإسلامية في الغرب، المعنية بعدم التركيز على الجوانب المعتمة في التراث الإسلامي وإبراز الجانب المضيء والمتسامح والمنفتح والمتفاعل مع الآخر، الذي يتسم به الإسلام المتحرر من سطوة الجمود ، التحجر ، الأدلجة، وتكفير واستحلال دماء المختلف ، سواء في مجتمعاتها الأصلية، أو في المجتمعات الغربية وغيرها التي تعيش فيها.
ينبغي هنا عدم تجاهل أن عدد المسلمين في دول الاتحاد الأوروبي فقط يتراوح بين 15 و20 مليون نسمة، يضاف إلى هذه الأرقام وجود 30 مليون مسلم أخرى، في دول القارة الأوروبية خارج الاتحاد الأوروبي، خصوصاً روسيا، وبذلك يشكلون نحو 10 % من سكان القارة الأوروبية. ألمانيا على سبيل المثال و التي حدثت فيها جريمة اغتيال مروة الشربيني في نهاية شهر يونيو / حزيران 2009 على يد متطرف ألماني من اصل روسي بدوافع عنصرية بغيضة ، و أطلق عليها " شهيدة الحجاب " ، ونظمت المسيرات والمظاهرات الغاضبة في المدن المصرية وغيرها من البلدان العربية والإسلامية بل وفي داخل ألمانيا نفسها . ألمانيا وفقا لتقديرات العام 2009، تضم حوالي أربعة ملايين مسلم، يشكلون نسبة 5% من تعداد سكان ألمانيا. ومن بينهم نحو 35 إلى 50 ألف مصري، وتشير الإحصاءات إلى أن 45% من أفراد الأقلية المسلمة بالبلاد يحملون الجنسية الألمانية (نحو 1.9 مليون نسمة) في حين يحتفظ 55 % منهم بجنسيات بلدانهم الأصلية كما أن هناك نحو 15 ألفاً من الألمان قد تحولوا إلى اعتناق الإسلام. وفقا للتقديرات الألمانية الرسمية ، هناك 2500 مصلٍّ في ألمانيا، إضافة إلى أكثر من 300 مسجد، ونحو 400 هيئة ومؤسسة إسلامية، وعشرات من المراكز الإسلامية منتشرة في المدن الألمانية الكبرى حالياً. لنقارن الحال في ألمانيا بحال غالبية البلدان والمجتمعات العربية والإسلامية ، والواقع المرير التي تعانيه الأقليات الدينية والمذهبية والأثنية فيها . ينبغي التوقف ملياً أمام حقيقة أن هجرة غالبية العرب والمسلمين ناهيك عن المسيحيين وغيرهم للدول الغربية، جاءت على خلفية الأوضاع المتدهورة والمتفاقمة في بلدانهم الأصلية وعلى المستويات الاقتصادية، السياسية، الدينية، المذهبية، الأمنية، والحقوقية كافة.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الحوار المتمدن ؟
- - الرياض 6 نوفمبر - علامة مضيئة في نضال المرأة السعودية ( 1 ...
- حركة الشاي في المشهد السياسي الأمريكي
- انتخابات الرئاسة البرازيلية .. وتركة لولا
- فرنسا «العمالية» تنتفض
- البعد العربي لقضية فلسطين !
- الطريق المسدود لمفاوضات «السلام» الإسرائيلية الفلسطينية !
- جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( الحلقة الأخيرة )
- جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( 3 )
- جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( 2 )
- العرب والعولمة .. انكفاء أم اندماج
- جدل العلاقة بين الوطني والقومي
- العرب والحضارة الغربية..تبعية أم مشاركة ( الحلقة الأخيرة )
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ (5)
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ (4)
- العرب والحضارة الغربية..تبعية أم مشاركة (3)
- رحيل المفكر الكويتي الدكتور أحمد البغدادي
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ (2)
- هل تموت النخلة في غياب غازي القصيبي؟
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ ( 1 )


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نجيب الخنيزي - محنة المسيحيين .. أم محنة العراق ؟