أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - جلسة مسرحية في الجحيم !














المزيد.....

جلسة مسرحية في الجحيم !


صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)


الحوار المتمدن-العدد: 3170 - 2010 / 10 / 30 - 11:02
المحور: الادب والفن
    


ان التحولات السياسية والاقتصادية التي يمر بها العالم في العصر الحديث تلقي بظلالها الكثيفة على جميع ميادين الآداب والفنون .. ويعد فن المسرح أحد أهم تلك الفنون بوصفه المؤثر والمتأثر بما يدور حوله من أحداث ومتغيرات ، تدفع بالقائمين على هذا الفن من كتاب ومخرجين ومنظرين وممثلين وغيرهم الى التواصل مع تلك المتغيرات بحثاً عن فرضيات فكرية وجمالية تمنح المتلقي فرصة لاستثارة عقله وتطوير مدركاته الحسية والتي تدفعه الى البحث قيم عاطفية تعزز التفاعل الإنساني .
الأمر الذي يدفع بالمخرج المسرحي بوصفه قائدا لأوركسترا الفضاء الجمالي الى البحث عن أساليب تعبيرية جديدة، من اجل خلق حالة من التفاعل مع العصر ، ولكي لاتبقى الأفكار حبيسة الكتب التي يمر عليها الزمن دون ان يحرك فيها اي ساكن ، يقرر المخرج وفريقه العودة الى تلك النصوص التي طالما كانت مؤثرة في زمن كتابتها .
ان البحث في اغوار النص المسرحي بشكل عام يتطلب جهداً وقوة ملاحظة ،اما اذا كان هذا النص لفيلسوف بحجم (سارتر) فإن الامر يحتاج الى جرأة كبيرة ذلك ان ما يكتبه سارتر ليس مسرحاً بالشكل المتعارف عليه وإنما هو فلسفة بشكل مسرحي ، بمعنى ان نظرية سارتر (الوجودية) والتي ملأت الكتب والتي اراد ان يحولها الى شريحة يثق بفاعليتها في المجتمع ألا وهي شريحة المسرح ،لذلك فإن الجرأة الاولى التي اختار فريق هذا العرض الدخول فيها هي في اختيارهم لنص بهذا التعقيد الفلسفي .
ان قراءة مسرحية (جلسة سرية) على خشبة المسرح يتطلب وعيا وادراكاً بأن كل مقطع فيها يحتوي على محمولات تأويلية يمكن لها ان تنقل العرض الى فضاءات بعيدة عن تلك التي تبثها الشخصيات من خلال الحوار، ذلك أن نص (سارتر) يمنح القارئ كل شيء ولا يمنحه أي شيء كذلك ،إذ أن الجحيم الذي يقصده (سارتر) في فلسفته ونصه المسرحي هذا يختلف عن ما تذكره الكتب السماوية، ذلك أن سارتر ينادي بوجود الجحيم على الارض يدور بين الناس ويعبر عن شخصياتهم ، فجحيمنا هو الاخرون الذين يضغطون من اجل ان تبقى الانا التي يحملونها عاليا ولا يعنيهم من الآخرين أي شي.
ان المخرج في هذا العرض اراد ان يختزل النص المسرحي لينطلق من فكرة الجحيم الارضي الذي ينادي به سارتر عبر النص متمثلا بجملة (الجحيم هو الاخرون) ويبدأ العرض بملامح بصرية تكشف عن تشكيلات لجحيم من نوع اخر
متمثلا بسلطة الدين التي تقمع كل من لا ينتظم تحت لواءها ، رافضة العقل الانساني وقدرته على الخلق الابداع ، وقد عبر المخرج عن هذه الافكار بصور بصرية وسمعية خلق من خلالها اجواءا طقسية تمنح لكلا العالمين خصوصيته فقد كان توظيف الاجراس والازياء الكهنوتية والتي يصاحبها أداء تعبيري للممثلين قد منح العرض ميزة الطقوس وقد عبر عنها في إشارات حركية وصرخات يبثها الممثل الذي يؤدي دور قمة الهرم السلطوي بين الحين والأخر تمنح الجو المسرحي شيئاً من الإيقاع الذي استمر ممسكاً بزمام العرض حتى النهاية.
اما قراءة المخرج للعالم الآخر ألا وهو عالم العقل والمعرفة والمتمثلة بشخصية صاحب الكتاب الذي يرفض ان يضحي بعلمه ومعرفته ، على الرغم من محاولات السلطة الكثيرة مرة بالترغيب وأخرى بالترهيب وثالثة بالاغواء رابعة بالسخرية ، إلا أن صاحب الكتاب يرفض ذلك الأفق الضيق الذي تنادي به سلطة العالم الاخر ويتمسك بعقيدة المعرفة.
وقد اعطى الكتاب الذي تتمسك به الشخصية علامة مزدوجة على خشبة المسرح فهو من جهة علامة مرتبطة بالعلم والمعرفة ، ومن جهة اخرى ومن زاوية نظر سلطة الدين علامة على كتاب للكفر والالحاد ، كون السلطة الدينية ترفض الاقتراب منه والنظر الى الافكار الموجودة داخل هذا الكتاب لتتبين الحقيقة ، وتنظر اليه بوصفه رجس من عمل الشيطان، ليكشف لنا البطل ان كتابه هذا ماهو الا كتاب معرفة ، وان الشخصية تطلب العلم والتطور ، ولا تبحث عن الوجود والعدم كما يدعي الاخرون، وبهذه الحقيقية التي يعبر لنا المخرج من خلالها عن فرضية جحيم سارتر الأرضي والمتمثل بتدخلات الاخرين في حياتنا تلك التدخلات التي تحول حياتنا الى جحيم اكثر قساوة من ذلك الجحيم الغيبي الذي ينتظر المذنبين في الآخرة.



#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)       Samem_Hassaballa#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -نصوص خشنة- : تقرأ الماضي بعيون المستقبل
- المعنى المفقود في الأسطورة*
- ذاكرة المكان الخالي(*)
- فلم (أبن بابل) العراقي : قراءة في وحشة الموت
- حامد خضر .. صورة للروح الحية
- سيمياء براغ المسرحية ... ونظرية العرض المسرحي(*)
- رحلة الانثربولوجيا في مسرح ايوجينيو باربا(*)
- المحنة العراقية في نص مسرحي من أميركا اللاتينية ..اين العذرا ...
- الدراماتورج .. وتعدد المفاهيم !!(*)
- رؤى كلكامش ....خدعة الحلم !!
- بعد الطوفان 2003 .. حرية في الحركة.. هروب من المعنى !!
- تحت فوق / فوق تحت .. المسرح واللامسرح ؟
- الكتابة ودلالات المعنى واللامعنى؟
- ساعات الصفر….التجريب – التخريب ؟
- العراق مسرحاً للأحداث !
- ذاكرة الابرياء ؟
- ورشة كاليكولا.. محاولة للبحث عن المدهش !!
- غرفة الإنعاش .. بين الموت والضحك !
- مسرحية : -نساء في الحرب-
- -كاسبار- حلم بالموت


المزيد.....




- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - جلسة مسرحية في الجحيم !