أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - غرفة الإنعاش .. بين الموت والضحك !















المزيد.....

غرفة الإنعاش .. بين الموت والضحك !


صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)


الحوار المتمدن-العدد: 2971 - 2010 / 4 / 10 - 21:36
المحور: الادب والفن
    


هل ثمةَ ما يُضحكْ ؟
هذا بالضبط ما كنت أفكر به وأنا أُشاهد هذا العرض!
منذ اللحظة الأولى التي وضع فيها مخرج مسرحية "غرفة إنعاش" وهي المسرحية التي عرضت في بغداد مؤخراً تأليف جماعي وإخراج كحيل خالد.
على خشبة المسرح أجزاء من سيارة ودراجة نارية، في باحة المسرح الوطني.. ذلك المكان الذي مازال يحتفظ ببعض جماله.
كانت القطع موحشة، وكيف لا تكون موحشة وهي عبارة عن سيارة كانت مفخخة وإنفجرت لتقتل عشرات الأبرياء ثم لتتحول الى ركام من الحديد الصدئ، كلنا نعلم أن هذه المشاهد باتت مألوفة لدى الشارع العراقي، ولكن ما يلفت الانتباه هو الفكرة التي أراد المخرج أن يعبر من خلالها عن رأيه بما يجري وما يمكن أن يجري لو إستمر الوضع بهذا السوء.
إستفاد المخرج من الصور الكثيرة التي تنشرها الصحف داخل العراق لعدد كبير من السياسيين في البرلمان العراقي وقادة الكتل والأحزاب، وإستفاد من التصريحات النارية لبعض القادة ولتحويل حوارهم السياسي الى مهاترات كلامية على صفحات الجرائد صباح كل يوم، فقام بوضع تلك الصور والمانشيتات العريضة للسياسيين على تلك الأكوام من الحديد الذي كان فيما مضى سيارة مفخخة، في إشارة منه الى ان هذه السيارة وغيرها من أعمال القتل والتفجيرات العشوائية سوف تطال الجميع بلا إستثناء كما يقول المثل المصري (لافرق بين وزير او غفير) حتى ان المنتخب الوطني لكرة القدم الذي قدم لنا الهزيمة على طبق من ذهب في البطولة الأخيرة لم يسلمْ من مانشيتات كحيل خالد فقد نقل عن إحدى الصحف قولها : المنتخب الوطني يغادر ............ ولا نعرف أين هي وجهة المغادرة فما نسمع به عن المنتخب لا يسر عدو او حبيب.
إن هذا الوصف للحال الذي يمر به الشارع العراقي الان يقودنا الى التفكير ومنذ اللحظات التي سبقت العرض الى التساؤل عن شكل العرض داخل المسرح إذا كانت الأفكار التي طرحتْ قبل العرض تشير الى هجوم على الجريمة والإرهاب بكل أنواعه، وفي إشارة واضحة الى أن هذه الجرائم سوف تطال الجميع من سياسيين الى فنانين الى لاعبي كرة قدم ورجال دين، فماذا سيقول هذا العرض ؟ هل ستكون مشاهد الدم التي التي صارت جزء من ألوان الشارع العراقي كل يوم معادة هذه المرة من على خشبة المسرح الوطني، أم أن أفكاراً اخرى أراد المخرج أن نتنبه لها في "غرفة الإنعاش".
هذه المسرحية تشكيلة منوعة لنبض الشارع في الوقت الحاضر، هذا الشارع الذي امتلأ بالقسوة وكثرت فيه الألآم والجراح ، وإبتعدت عنه كل صفات الطيبة والتسامح التي يحكي لنا التاريخ أنها من صفات هذا الشعب.
شخصيات هذه المسرحية متنوعة إلا أن الحيز الأكبر كان للشخصيات الثقافية والتي أراد المخرج التركيز عليها وذلك للدور السلبي الذي تلعبه في المجتمع، والذي أدى الى تكاثر ثقافة الجهل وإنتشارها بديلاً عن ثقافة الوعي والحضارة والرقي كما في المجتمعات المتحضرة، وقد إنحسر دور المثقف في المجتمع الى ما يقرأه من كتب دون أي محاولة منه الى الالتصاق بالشارع ومحاولة معالجة هذه الظواهر السلبية، فكان النقد الموجه من قبل الشخصيات التي ترتدي ثوب الثقافة على المثقف العراقي يحمل الشيء الكثير من القسوة ، ولكنه يعبر في ذات الوقت عن الحالة التي يمر بها هذا المثقف.
تظهر لنا شخصية الشاعر الذي أدى به غروره الى الاعتقاد بأنه أمير الشعر الحديث، حيث نراه وهو يحاول دائماً ان يكون بؤرة الحدث فيتدخل في كل التفاصيل ولكنه لا يتمكن من معالجة أبسط الأمور.
وهناك شخصيتان متقاربتان من حيث المجال الفني الذي ينتميان إليه.
الأول: ممثل يعتقد بأنه أهم ممثلي عصره.
والثاني: المخرج وهو أكثر واقعية من الممثل فنراه قد ترك الإخراج المسرحي وتحول إلى ماسح للأحذية وبيع السكائر وغير ذلك لكسب لقمة عيشه.
أن هذه الأفعال هي إشارات واضحة على ضعف دور المثقف وابتعاده عن نبض الشارع وعدم قدرته على مواجهة تحديات الواقع، وهناك شخصيات أخرى في هذا العرض تعاني من الفقر والجهل منها شخصية الشاب الذي أصيب بالجنون بسبب خيانة حبيبته، وشخصية الباحث عن هويته المفقودة والتي يتعرض بسببها الى الكثير من الإهانات فصارت هويته المفقودة هي كل همومه في هذا العالم وليذهب الجميع الى الجحيم، وهناك رجل العصابة ( الشقاوة) الذي يحاول جاهداً إعادة المجتمع الى عصر الفتوات وفرض سلطته بالقوة على البسطاء في إشارة واضحة الى ما يجري الآن في الشارع حيث إرتفع صوت الجهل وصار أعلى من صوت القانون، وهناك الشخصية البسيطة ( الفتاة الجميلة) طالبة المدرسة التي تعرف كيف تغني باللغة الإنكليزية ولكنها فقدت إحدى ساقيها في أحد الانفجارات فصارت تتمنى لو إنها ذهبت مع ساقها المبتورة بدلاً من بقائها دون ساق.، وشخصيات متنوعة أخرى ترتبط بشكل واضح بحياة البسطاء من هذه المدينة .
إن الأسلوب الفني الذي إتبعه مخرج هذه المسرحية هو أسلوب " الكوميديا السوداء" الذي يُضحك المتفرج والدموع تملأ عينيه حزناً على ما يشاهد من وضع حقيقي يعيش فيه.ان هذه المسرحية بما تحتوي من طاقات شابة من ممثلين ومخرج يقف وراءهم استطاعوا أن يضعوا أيديهم على جراح عميقة في هذا المجتمع.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يكفي أن نشير إلى الجرح ؟ ألا ينبغي أن نحاول وضع المعالجات التي ربما تساعد في جعل أصحاب القرار يتنبهون إلى وجود جيل مثقف من الشباب الباحث عن مكامن الخطأ من خلال محاولاته الدائمة في إيقاف هذا النزيف والنزاعات التي تسحق الأبرياء دون سبب يستحق كل هذا الموت؟
ان هذه التجربة تحمل الكثير من الأفكار المهمة التي استطاعت ان تشير بإصبع النقد القاسية على كل القائمين على هذه الدولة الجديدة تحتاج الى رعاية ودعم مستمرين لتحقيق التواصل مع الفن والحياة بعيداً عن الموت والدمار لأن الشباب في النهاية يشكلون جسراً بين الماضي والمستقبل لأنهم الحاضر المهم الذي يحتاج الى كل الجهود لجعله ثمرة ناضجة ، ولا بد لنا أن نذكر الدعم الذي قدمته دائرة السينما والمسرح بفرقها المسرحية العريقة منها والفتية لهؤلاء الشباب والسماح لتجربتهم بأن ترى النور لتكون هذه المؤسسة هي المنفذ الوحيد لأفكار المسرحيين الشباب الجادة.



#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)       Samem_Hassaballa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية : -نساء في الحرب-
- -كاسبار- حلم بالموت
- أضغاث أحلام تعود بالمسرح الي الواقعية
- مقال للنشر
- الحداد لا يليق بالطغاة
- أسرار العرض المسرحي وحرية التلقي
- جدلية العلاقة بين الممثل المسرحي .. والآخر الاجتماعي
- سبتمبر يطرق الابواب..!
- الفرق المسرحيةالعراقية وحلم العودة الى الواقع
- المسرح العراقي.. والعروض المهاجرة
- الاغواء والضحية.. نهاية لاقتباسات متعددة .. أسئلة ترتقي إلي ...
- -المسرح جنتي-
- بوح الخطاب المسرحي
- مسرحية -غرفة الإنعاش-
- مسرحية -قلب الحدث-:
- مسرحية الظلال : عندما يكون البطل نصاً مسرحياً
- مسرحية -هنا بغداد- : موت في النص .. تشويه في العرض !!
- تحولات المكان المسرحي .. وسوء الفهم !!


المزيد.....




- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - غرفة الإنعاش .. بين الموت والضحك !