أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلال محمود - شموخ ,صبي ,عراقي














المزيد.....

شموخ ,صبي ,عراقي


دلال محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3166 - 2010 / 10 / 26 - 14:38
المحور: الادب والفن
    


شموخ ,صبي ,عراقي
الساعة هي الآن حسب توقيت الألمان,السابعة ,صباحاً,خرجت بمعية أبني سيراً على الأقدام,فاليوم ستجرى له عملية ليده اليمنى,,ستستفسرون عن سبب العملية,لاتستعجلوا الجواب,فنحن كلانا نسير على الأقدام,المشفى قريب جداً,في السيارة ولكنا نقطعه مشياً بعشرين دقيقة ,,هو قريب وليس بقريب,مشيد على قمة جبل,سيكون المشي متعباً قليلاً

ها ان الجو بدأ يزداد برودةً,والرياح تسرع كي تلسعنا بلسعات برد جميلة وقاسية نوعا ما,الغيوم اليوم كريمة جداً وليس بغريب هذا الأمر فعطاؤها كل يوم تقريباً بنفس المقدار ,لدرجة تجعلك تكره دموعها ,ياالهي كل حياة الترف هنا وغيومهم تبكي طيلة ايام السنة,وغيوم اهلي في العراق,رغم قساوة الأيام وقحط السنين لكنها عصية,أبية لاتذرف الدموع الا اسبوع او اكثر بقليل في كل العام,يبدو الامر غريب في هذه المعادلة.

حبيبي هل انت فرح بمصيرك هذا؟ سألت ابني

اجابني جداً,وهل يُفترض ان اقف مكتوف الايدي والالماني الذي يكبرني باربعة اعوام ينهال علي ضرباً,رغم انني لامعرفة لي به ,لاأُصدق هذا ,كيف ينهال عليك بالضرب وهو لايعرفك,صدقيني يااماه,اذاً,انت محظوظ ياحبيبي فبمجرد ان تخبر المعنيين بمثل تلك الامور فانهم سيلزموه بدفع غرامة ضخمة اليك,لانه اعتدى عليك دون سبب,أضحكتيني يااماه وهل لي الصبر ان انتظر دفع غرامة؟لو دفعوا لي كل كنوز الدنيا فان نار غضبي لن تهدأ,والآن هل هدأ عضبك؟ نعم اخذت حقي بيدي تلك,لقد غيرت ملامح وجهه,وحولت لون الدم فيه الى ازرق واصفر يعني قوس قزح,صحيح انني تأذيت والعملية ستتعبني ولكن لاعليكِ, سيتذكرني كلما نظر الى وجهه في المرآة.

في المشفى نحن الان جاءت الممرضة لتجري الفحوصات قبل البدء بالعملية,اعطته حبة ليتناولها ,تركتنا انا وهو في الغرفة لتأتي بعد ساعه ونصف حين يكون موعد العملية,حبيبي تلك اللحظة نائم ,على الكرسي المتحرك,أحسست انه شعر ببرد مما جعلني اخلع معطفي ,كي اغطي جسده,مسدت على جبينه,اخذت الكرسي الاخر ووضعته امام ساقيه ورفعتها على الكرسي وهو نائم,عيونه قد تشبع من النوم,وعيوني خاصمها الكرى علها تشبع وهي تمعن في ادق تفاصيل وقسمات وجهه الاخاذ.

هاديء قلبه الان,وشريان قلبي ينفجر الان.

حاولت ان أوقظه لكنه لازال في نوم عميق,او هكذا يبدو لي فهو حين يسمع نبرات صوتي تنادي اليه يطمئن ولايعنيه شيء في الحياة,ربما نوع من الدلال كي اظل الهج باسمه ,ادلعه ,أُصغره ,اتفنن في قلب حروف اسمه الوهاج.
حالما سمع صوت الممرضة تيقظ وضحكنا جميعاً.
اواه ياقلبي الصغير عليك الانتظار على جمرات القلق والخوف البطيء,لقد دخل صالة العمليات ,رباه ليس لي سواك.هلا تحولني الان كي اكون هو,ويكون هو انا الان؟بصدق يارب السماء والارض والحياة والانسان,علني اعاني بدلا عنه واتالم عوضا عنه.
جزء مني قد راح كيف لي ان استرجعه ,محطمة انا ووحيدة ,لم اتعود ان اخبر احدً بتفاصيل اشجاني.لااتوق كي يشاركني غيري الاحزان,
ارتاح كثيرا حين اشارك الاخرين احزانهم,لكنه لااهواه لغيري,ابنتي فقط اخبرتها وهي الان في المدرسة,تتصل بي بين الحين والاخر.
المخدر سيكون موضعي كما قيل لنا ,لكني مُربكة انا ياليتني في غرفة العمليات لكن هذا محال .
لقد كان حبيبي متعباً صباح هذا اليوم,حزيناً لم ارى حزنا له بكم حزن اليوم.قبل موعد العملية اردت ان يكون قوياً,ذكرت له مقولة للامام علي عليه السلام,بما معناها ان ننظر لمن هم دوننا كي نكون سعداء ,وننظر لمن هم اعلى منا ان اردنا ان نكون تعساء,ولااعني الادنى منا علما او رفعة او منزلة حاشا لاهلنا الطيبين ولكن كوضع سياسي واجتماعي فرضه الحكام على مر العصور وجاء ليكمله الاحتلال الاميركي اللعين.
منذ ساعات الفجر الاولى انتابتني اعاصير شجية وعواصف ملأت احداقي بكم هائل من الآلآم ,لم اعد اقوى على التفكير بأي امر سوى بولدي والعملية التي تنتظره,كنت انانية العقل والقلب في تفكيري ومشاعري,لكن دون وعي مني تخايلت تلك الام العراقية التي فجعت ببلاء وبمرض ابنها بمرض خبيث لاسامح الله كما هو حاصل الان,تذكرت الامهات اللواتي لايمتلكن سعر دواء لاولادهن,غادر تفكيري هناك رغم انه لم يكن يبتعد عنهم الا بالجسد.تراءت صور تفجيرات الامس في مدينة الثورة قديما ومدينة صدام سابقا ومدينه الصدر الان ,وكيف تهان ارواح الناس بعبوات ناسفة صنعت خصيصاً لقتل اهلي في العراق.
باغتني ولدي ليقول لي هل تعلمين كم جميلة الالوان في العراق يااماه؟
اظهرت اندهاشي واخفيت فرحي الغامر في تلك الثواني وهو يستذكر العراق,معركتي مع نفسي ومع الغربة في ان ازرع حب العراق في قلوب فلذات اكبادي قد اينعت ثمارها ,,ساكمل في مقال اخر مادار من نقاش بيننا...



#دلال_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوقفوا مسلسل( أمان ,أمان) كي يعم الأمان
- شهر رمضان,وفُقراءُالعراق
- أريد الكفن بلون الراية
- كرهت ضعفك.....ياعراق
- اه....عليك أيُها المنفى
- في دوامة زمن ما
- ها ...هي الشرارة, من البصرة الجبارة
- أمواج القلب
- أ.....بنيتي ....حبيبتي
- ياأيها المباح على مدى العصور.
- الكويت......؟
- سيان , هي الحياة كما الممات
- ,قلب ابي كان , وطن
- اكتب محاسن الزوجة العاشرة)
- قانون غسل العار,ام عار الغسل؟؟


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلال محمود - شموخ ,صبي ,عراقي